بعد لهجة تصعيدية من الاتحاد الأوروبي، تم الاتفاق مع إسرائيل على إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة. فما الخطط التي أعدها الاتحاد للضغط على الدولة العبرية في حال فشل الاتفاق؟
كانت من بين التدابير المخطط لها تشديد شروط الدخول للمواطنين الإسرائيليين وفرض عقوبات على السياسيين الذين يعتبرون مسؤولين عن الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزةصورة من: Saeed M. M. T. Jaras/Anadolu/picture alliance
جاء ذلك بعدما تم الإعلان في وقت سابق، أن الاتحاد الأوروبي يحضر لحملة ضغط ضد إسرائيل في حال فشل اتفاقيات المساعدات الجديدة لقطاع غزة، حسبما أفاد دبلوماسيون في بروكسل لوكالة الأنباء الألمانية (د ب أ). وقال الدبلوماسيون إن مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس، أرسلت إلى الدول الأعضاء قائمة بالتدابير التي يمكن استخدامها نظريا للضغط على الحكومة الإسرائيلية.
تدابير صارمة
كُلفت كالاس بصياغة قائمة التدابير المحتملة خلال اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في يونيو/حزيران الماضي.
وشملت هذه التدابير المزايا التجارية، وفرض حظر على الأسلحة، ومنع وصول إسرائيل إلى برنامج تمويل الأبحاث "هورايزون" التابع للاتحاد الأوروبي.
ويمكن أن تشمل التدابير أيضا تشديد شروط الدخول للمواطنين الإسرائيليين وفرض عقوبات على السياسيين الذين يعتبرون مسؤولين عن الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة.
كما تم ذكر اتفاق النقل الجوي بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، الذي فتح السوق للرحلات الجوية المباشرة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، كنقطة ضغط محتملة.
وتتطلب بعض التدابير موافقة بالإجماع من جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، وتنتقد دول مثل ألمانيا بشدة العقوبات ضد إسرائيل. ومع ذلك، يمكن تنفيذ الإجراءات المتعلقة بالتجارة بأغلبية الأصوات.
امتعاض من عقوبات واشنطن المفروضة على حقوقية أممية
أعرب الاتحاد الأوروبي عن "أسفه العميق" حول العقوبات الأمريكية المفروضة على فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الخاصة للأمم المتحدة التي انتقدت سياسة واشنطن إزاء الحرب في غزة واتهمت إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية".
وقال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية أنوار العوني الجمعة "يؤيد الاتحاد الأوروبي بقوة منظومة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ونبدي أسفنا العميق لقرار فرض عقوبات على فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة".
إعلان
مراجعات ونبرة مختلفة
أجرى الاتحاد الأوروبي مراجعة خلصت إلى أن أفعال إسرائيل في قطاع غزةانتهكت مبدأ احترام حقوق الإنسان. وهذا المبدأ هو شرط للتعاون الوثيق بموجب اتفاق شراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل ساري المفعول منذ عام 2000.
وتم اتهام إسرائيل بالقيام بتقييد شديد على تسليم المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة خلال الأشهر الأخيرة. وقد بررت إسرائيل ذلك بادعاء أن منظمة حماس الفلسطينية المسلحة تستفيد من المساعدات.
وأكدت إسرائيل يوم أمس الخميس أنها وافقت على اتفاق مع الاتحاد الأوروبي يهدف إلى تحسين إمداد المساعدات للسكان المدنيين المتضررين في قطاع غزة المحاصر.
ووفقا للاتحاد الأوروبي، يتضمن الاتفاق زيادة كبيرة في عدد شحنات المواد الغذائية والمساعدات اليومية بالشاحنات. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع فتح المزيد من المعابر الحدودية إلى القطاع الساحلي، وسيجري استخدام طرق المساعدات عبر الأردن ومصر مرة أخرى.
ومن المقرر أن تدخل التدابير حيز التنفيذ في الأيام المقبلة، مع وضع ضمانات لضمان عدم وصول المساعدات إلى حماس.
معبر رفح.. تحديات كبيرة تواجه شريان الحياة الوحيد لسكان غزة
الوضع الإنساني في غزة كارثي حسب تأكيدات منظمات مستقلة. المساعدات الإنسانية بدأت بالتدفق أخيراً عبر معبر رفح، لكن حجمها يبقى "ضعيفا" بسبب الحاجيات الكبيرة، خاصة مع خروج عدة مستشفيات عن الخدمة وارتفاع حصيلة القتلى والجرحى.
صورة من: Mahmoud Khaled/Getty Images
بدء تدفق المساعدات لقطاع محاصر
عشرات الشاحنات، المحملة بالمساعدات الإنسانية، دخلت إلى غزة عبر معبر رفح قادمة من مصر. الشاحنات محملة بالأدوية والمستلزمات الطبية وكميات من الأغذية. الأمم المتحدة تقول إن 100 شاحنة على الأقل يجب أن تدخل غزة بشكل يومي لتغطية الاحتياجات الطارئة، وسط تأكيدات أن ما دخل بعد فتح المعبر يبقى قليلاً للغاية، بينما تؤكد مصادر مصرية وجود العشرات من الشاحنات التي تنتظر دورها للعبور.
صورة من: Mahmoud Khaled/Getty Images
شريان الحياة الوحيد في زمن الحرب
معبر رفح هو المعبر الرئيسي لدخول غزة والخروج منها في الفترة الحالية، بعد فرض إسرائيل "حصاراً مطبقاً" على القطاع، وقطع الكهرباء والماء والتوقف عن تزويده بالغذاء والوقود، في ظل الحرب الدائرة مع حركة حماس. لا تسيطر إسرائيل على المعبر لكنه توقف عن العمل جراء القصف على الجانب الفلسطيني منه. وبتنسيق أمريكي، تم الاتفاق على إعادة فتح المعبر لدخول المساعدات، بشروط إسرائيلية منها تفتيش المساعدات.
صورة من: Ahmed Gomaa/Xinhua/IMAGO
"ليست مجرد شاحنات"
الخلافات على تفتيش الشاحنات أخذت وقتاً كبيرا، ما أثر على وصول سريع للمساعدات. الأمم المتحدة أكدت أن العمل جارِ لتطوير نظام تفتيش "مبسط" يمكن من خلاله لإسرائيل فحص الشحنات بسرعة. أنطونيو غوتيريش صرح من أمام معبر رفح: "هذه ليست مجرد شاحنات، إنها شريان حياة، وهي تمثل الفارق بين الحياة والموت لكثير من الناس في غزة"، واصفاً تأخر دخول المساعدات (لم تبدأ إلّا بعد أسبوعين على بدء الصراع) بـ"المفجع".
صورة من: Ahmed Gomaa/Xinhua/IMAGO
إجراءات مشددة منذ زمن
تشدد مصر بدورها القيود على معبر رفح منذ مدة، ويحتاج المسافرون عبره إلى تصريح أمني والخضوع لعمليات تفتيش مطولة ولا يوجد انتقال للأشخاص على نطاق واسع، خصوصاً في فترات التصعيد داخل غزة. دعت القاهرة مؤخراً جميع الراغبين في تقديم المساعدات إلى إيصالها إلى مطار العريش الدولي، لكنها رفضت "تهجير" الفلسطينيين إلى أراضيها ودخولهم عبر معبر رفح، واقترحت صحراء النقب.
صورة من: Majdi Fathi/apaimages/IMAGO
توافق أمريكي - إسرائيلي على معبر رفح
بعد أيام على الحرب، توافق جو بايدن وبنيامين نتانياهو على استمرار التدفق للمساعدات إلى غزة . بايدن قال إن "المساعدات الإنسانية حاجة ملحة وعاجلة ينبغي إيصالها"، وصرح مكتب نتياهو أن "المساعدات لن تدخل من إسرائيل إلى غزة دون عودة الرهائن"، لكنها "لن تمنع دخول المساعدات من مصر" بتوافق أمريكي - إسرائيلي على عدم استفادة حماس منها، التي يصنفها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كحركة إرهابية.
صورة من: Evelyn Hockstein/REUTERS
غزة بحاجة إلى وقود
رفضت إسرائيل أن تشمل المساعدات الوقود، وهو ما انتقدته وزارة الصحة التابعة لحماس في غزة، قائلة إن القرار "سيُبقي أرواح المرضى والمصابين في غزة في خطر". وكالة الأونروا أكدت أن الوقود المتوفر لديها في القطاع غزة "سينفد قريباً، ودونه لن يكون هناك ماء ولا مستشفيات ولا مخابز ولا وصول للمساعدات". لكن مدير إعلام معبر رفح البري قال إن ستة صهاريج وقود دخلت يوم الأحد (22 تشرين الأول/ أكتوبر).
صورة من: Said Khatib/AFP
دعم أوروبي لإسرائيل مع ضمان المساعدات لغزة
بعد جدل حول تجميدها للمساعدات، ضاعفت المفوضية الأوروبية مساعداتها الإنسانية لغزة ثلاث مرات لتصل إلى أكثر من 75 مليون يورو، مع "تأييدها حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد إرهابيي حماس". الاتحاد الأوروبي أكد أنه يدرس فرض "هدنة إنسانية للسماح بتوزيع المساعدات". ألمانيا علقت المساعدات التنموية للفلسطينيين لكنها أبقت على الإنسانية منها، وأولاف شولتس رحب ببدء إرسال المساعدات، قائلا: "لن نتركهم وحدهم".
صورة من: FREDERICK FLORIN/AFP
مطالب عربية بوقف إطلاق النار
ربطت عدة دول عربية بين دخول المساعدات وبين وقف إطلاق النار. وأعلنت دول الخليج دعماً فورياً لقطاع غزة بقيمة 100 مليون دولار، فضلاًَ عن مبادرات منفردة لعدة دول في المنطقة. الدول العربية التي شاركت في "قمة القاهرة للسلام" دعمت بيان مصر، الذي دعا إلى "وقف الحرب الدائرة التى راح ضحيتها الآلاف من المدنيين الأبرياء على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي".
صورة من: Khaled Desouki/AFP/Getty Images
"عدم التخلي عن المدنيين الفلسطينيين"
وزيرة التنمية الألمانية سفنيا شولتسه بعثت بخطاب إلى كتل أحزاب الائتلاف الحاكم قالت فيه إن احتياجات ومعاناة الناس في غزة وفي أماكن أخرى يمكن أن تزداد. وأدانت هجوم حماس ووصفته بأنه هجوم وحشي وغادر. وقالت :" نحن لا نواجه حركات نزوح كبيرة ووضع إمدادات منهارا وحسب بل إننا نواجه أيضا أعمالا حربية نشطة وكان من بينها التدمير الأخير للمستشفى الأهلي في غزة الذي كانت تشارك وزارة التنمية الألمانية في دعمه".
صورة من: Leon Kuegeler/photothek.de/picture alliance
ضريبة إنسانية باهظة للحرب
بدأت الحرب بهجوم دموي لحماس في السابع من أكتوبر، خلّف مقتل أكثر من 1400 إسرائيلي أغلبهم من المدنيين، فضلاً عن اختطاف أكثر من مئتين. ردت إسرائيل بقصف متواصل للقطاع، ما أوقع أكثر من خمسة آلاف قتيل وتدمير بنى تحتية وتضرّر 50 بالمئة من إجمالي الوحدات السكنية في القطاع، بينما نزح أكثر 1,4 مليون شخص داخل غزة حسب الأمم المتحدة، فضلا عن مقتل العشرات في الضفة الغربية وسط مخاوف من تمدد الصراع إقليمياً.
صورة من: YAHYA HASSOUNA/AFP/Getty Images
هجوم حماس الإرهابي
مشهد يبدو فيه رد فعل فلسطينيين أمام مركبة عسكرية إسرائيلية بعد أن هاجمها مسلحون تسللوا إلى مناطق في جنوب إسرائيل، ضمن هجوم إرهابي واسع نفذته حماس يوم 07.10.2023، وخلّف مقتل أكثر من 1400 إسرائيلي أغلبهم من المدنيين واختطاف أكثر من مائتين. ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية. إ.ع/ ع.خ / م.س.