تداعيات سقوط محافظة الرقة بيد "داعش"
٢٧ أغسطس ٢٠١٤رغم المقاومة الشديدة التي أبان عليها الجيش السوري، إلا أنه وفي نهاية المطاف تمكن تنظيم "الدولة الإسلامية" المتطرف من السيطرة على قاعدة الطبقة الجوية العسكرية ذات الأهمية الإستراتيجية وتوسيع مجال نفوذه في شرق سوريا. وهكذا سقط آخر معقل لقوات الر ئيس بشار الأسد في محافظة الرقة في يد "تنظيم الدولة الإسلامية".
وبعد السيطرة على قاعدة الطبقة الجوية، من المتوقع أن يواصل تنظيم "الدولة الإسلامية" زحفه نحو المدن السورية على غرار حماة وحمص وحلب، حسب سيفيم داغديلين، المتحدثة في شؤون العلاقات الدولية في جناح حزب اليسار في البرلمان الألماني، وهي تحذر قائلة: "هذا الزحف يعني مجازر جديدة بحق العلويين والمسيحيين والأكراد والشيعة والإزيدين والدروز وغيرهم من الأقليات الدينية. الملايين مهددون بالموت".
توقعات بمواصلة الزحف نحو المدن
من جهته، يرى غونتر ماير، رئيس مركز الأبحاث حول العالم العربي، التابع لجامعة ماينز، أن السيطرة على قاعدة الطبقة الجوية يعد بمثابة هزيمة رمزية وإستراتيجية لنظام الأسد. وبعد أن تمكن تنظيم "الدولة الإسلامية" خلال الأسابيع الماضية من السيطرة على قاعدتين عسكريتين تابعتين للنظام بالقرب من عاصمة محافظة الرقة، ها هي المحافظة بأكملها تخضع لسيطرته، كما "أزيلت كل الموانع التي من شأنها أن تحول دون تقدم الإسلاميين المتطرفين نحو حلب"، يقول الباحث الألماني. ولأن تنظيم "الدولة الإسلامية" يسيطر على مساحات شاسعة في شمال وغرب العراق، بات بإمكانه وبدون أي عائق، تمرير المقاتلين والعتاد عبر حدود البلدين و تأمين الإمدادات لقاعدة الطبقة الجوية، على ما يقول رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمان.
وكانت القاعدة الجوية تمثل مركزا للعمليات العسكرية لقوات الأسد لوقف زحف الجهاديين. وتوجد بها وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان طائرات حربية ومروحيات ودبابات ومدفعيات وذخيرة. ومن المؤكد أن الجيش السوري قد قام، قبل أن يفقد السيطرة على القاعدة الجوية، بنقل الطائرات الحربية والمروحيات إلى مطارات أخرى. بيد أن تنظيم "الدولة الإسلامية" استطاع بدلا من ذلك الحصول على الدبابات والمدفعيات وكميات هامة من الذخيرة، يمكن له استخدامها "لتحقيق أهدافه التوسعية" كما يقول البروفسور ماير، موضحا أن ذلك "ظهر بوضوح بعد السيطرة على قواعد عسكرية في كل من سوريا والعراق على وجه التحديد".
الأسد يدعو إلى مشاركته الحرب ضد "داعش"
ولعل العدد الهائل من القتلى الذين سقطوا من كلا الطرفين، سواء من بين صفوف قوات الأسد أو من تنظيم "الدولة الإسلامية"، يبرز مدى أهمية السيطرة على القاعدة الجوية في الرقة ومدى مرارة الهزيمة التي مُني بها الجيش السوري النظامي. لكن هذا لا يعني ضعفه، على ما يقول البروفسور ماير الذي لا يستبعد أن تستعيد قوات الأسد قواها بسرعة، لافتا إلى أن خزائنها مليئة بالسلاح بالإضافة إلى الإمدادات العسكرية التي تصلها من روسيا وإيران. لكنه استبعد في الوقت نفسه أن تكرس قوات الأسد جهودها على استعادة قاعدة الطبقة الجوية. ويقول ماير: "إنها ستكرس جهودها لدعم تواجدها في المناطق الغربية وخاصة في المدن الكبيرة والمناطق المحيطة بها". ويتوقع الباحث أن يشهد الوضع تغييرا جذريا إذا ما استجاب المجتمع الدولي لدعوات الأسد في مشاركته الحرب ضد تنظيم "الدولة الإسلامية". يذكر أن دمشق أكدت في الأيام الأخيرة استعدادها للتعاون مع الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا لدحر مقاتلي "الدولة الإسلامية" الإرهابي.
من جهتها، تؤيد سفيم داغديلين رفع العقوبات عن سوريا لمكافحة تنظيم "الدولة الإسلامية" بشكل مشترك. وتؤكد أن هذه العقوبات إنما تقوّي من شوكة التنظيم، مطالبة بضرورة وقف سياسة "تغيير الأنظمة" ذات التداعيات الكارثية في الشرق الأوسط. كما دعت إلى وقف التعاون العسكري مع من اعتبرتهم "ممولي تنظيم الدولة الإسلامية" في إشارة إلى قطر والسعودية وتركيا. يذكر أن هناك اتهامات لعدد من دول الخليج بدعم وتمويل تنظيم "الدولة الإسلامية" من خلال التبرعات.