تدريب الأئمة في الجامعات الألمانية خطوة نحو تكريس الاندماج
١ فبراير ٢٠١٠رحبت عدة أطراف في المجتمع الألماني بالتوصية التي قدمها مجلس العلم والتي يطالب فيها بتطوير علوم الدين الإسلامي في الجامعات الألمانية، حيث أكد المجلس، في تقرير أعده خبراء ألمان على مدى عامين من البحث والتنسيق، أنه يتعين بناء مراكز تدريب في اثنين أو ثلاث من الجامعات الألمانية لأبحاث علوم الدين الإسلامي.
وطالب المجلس بأن يتم إجراء دراسات وأبحاث في علوم الدين الإسلامي بالإضافة إلى تدريب مدعوم مالياً لعلماء الدين الإسلامي في جامعات حكومية، كما دعا إلى تأسيس مجالس استشارية مختصة بعلوم الدين في الجامعات التي تقدم مناهج دراسية مطابقة، من أجل تحقيق التعاون الضروري بين الدولة والمسلمين في ألمانيا على أساس موثوق.
ترحيب مجلس المسلمين في ألمانيا بالتوصية
ومن جانبه، رحب المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا بهذه التوصية، معتبراً إياها فرصة لتمكين المسلمين الناشئين في ألمانيا والمتحدثين باللغة الألمانية من التعرف على أصول الدين الإسلامي بطريقة أقرب إلى محيطهم.
و يرى نديم إلياس، رئيس مجلس الأمناء في المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا أن إعداد وتكوين الأئمة والخطباء ومدرسي الدين الإسلامي في الجامعات الألمانية مهم جدا، مؤكدا في الوقت نفسه "أن عدم المضي في هذه المبادرة يعني أن المسلمين في ألمانيا سيبقون معتمدين دائما على الأئمة الوافدين من الخارج"، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هؤلاء الأئمة لا يتكلمون اللغة الألمانية، و ليس لديهم معرفة كافية بخصائص المجتمع الألماني.
يذكر أن هيئة الشؤون الدينية في تركيا ترسل بانتظام علماء دين إلى أكثر من 800 مسجد في ألمانيا. ويرى توماس ايش الخبير في الدراسات الإسلامية والأستاذ في جامعة توبينغن أن أغلبية هؤلاء الأئمة لا يمكثون في ألمانيا إلا ثلاث سنوات، و هذا ما لا يساعدهم على تعلم اللغة الألمانية أو التعرف بشكل تام على خصائص الحياة في ألمانيا.
خطوة نحو تكريس الاندماج
ويرى توماس ايش أن تطبيق توصيات مجلس العلم الألماني "سيمكن المسلمين من رؤية أنفسهم كجزء لا يتجزأ من المجتمع الألماني"، ويضيف أنها خطوة هامة جدا على طريق الاندماج، وهو ما ذهب إليه نديم إلياس الذي رأى أن ازدياد عدد المسلمين في ألمانيا والمقدر بحوالي أربعة ملايين، يزيد من متطلبات الاندماج.
وكانت وزيرة التعليم والبحث العلمي في ألمانيا أنيته شافان قالت إنها ستدعم الجامعات المهتمة بهذا الأمر خلال عملية التنفيذ، مؤكدة أنها تعتبر تدريب الأئمة وعلماء الإسلام جزءا من سياسة اندماج مقنعة في مجتمعات حديثة.
من جانبها، قالت نائبة رئيس نقابة التربية والعلوم الألمانية ماريانه ديمر في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) اليوم: "إن هذا الإجراء الضروري جاء متأخراً عن أوانه لإدماج المسلمين في المجتمع الألماني". وذكرت ديمر أن الدستور الألماني ينص على أن كل جماعة دينية لديها الحق في تلقي محاضرات دينية خاصة بعقيدتها ، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن الأوساط السياسية في ألمانيا أهملت هذا الأمر لعقود طويلة وسمحت "بأن يقوم علماء دين مسلمين بإعطاء محاضرات عن الدين الإسلامي في المساجد خارج نطاق المدرسة"، وأضافت قائلة: "هذا الأمر ساهم بالتأكيد في انقسام المجتمع أكثر من اندماجه".
"تحصين الجيل الجديد من النزعات المتطرفة"
من ناحية أخرى، رأى توماس ايش أنه من الضروري إشراك الجهات الإسلامية المعنية في إعداد البرامج التدريبية التي سيتلقاها الأئمة وعلماء الدين الإسلامي في الجامعات الألمانية، مضيفاً أنه يجب مناقشة كل الأمور المتعلقة بالأساتذة والمحاضرين الذين سيتولون مهمة التدريب، و هو الأمر الذي ركز عليه نديم إلياس من مجلس المسلمين في ألمانيا والذي قال: "إن الاختيار السليم للأساتذة من شأنه أن يجنبنا كل النتائج السلبية التي قد تحدث في المستقبل"، وشدد إلياس على أن الهدف الأساسي من هذه المبادرة هو "تحصين الجيل الجديد من النزعات المتطرفة والأفكار المخالفة للإسلام ولطبيعة الحياة في ألمانيا"، مضيفاً أنه ما من شك أن الإعداد الصحيح للأئمة والمعلمين والمربيين يعتبر الخطوة الأولى لتوجيه المسلمين في هذه البلاد.
وأوضح نديم إلياس أن هذا التدريب والتكوين لا يهدف إلى فرض رقابة على ما يقوله الأئمة على منابرهم أو في محاضراتهم طالما كان الإمام ملتزماً بالقوانين ومحترماً لطبيعة الحياة في ألمانيا.
الكاتب: يوسف بوفيجلين
مراجعة: سمر كرم