ألمانيا- تدهور الوضع الوبائي يدفع بإلزامية اللقاح للواجهة
٢١ نوفمبر ٢٠٢١
الارتفاع غير المسبوق لإصابات كورونا، بدأ يسائل إلزامية اللقاح داخل ألمانيا. النقاش بين القوى السياسية لا يزال محتشما بهذا الخصوص لكن أصواتا بدأت تطالب بذلك بعد أن قامت الجارة النمسا بهذه الخطوة.
إعلان
أعلن معهد "روبرت كوخ" الألماني صباح اليوم الأحد (21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021)، زيادة معدل الإصابة الأسبوعي بفيروس كورونا المستجد مجدداً ووصوله إلى مستوى قياسي منذ تفشي الوباء.
وأوضح المعهد اليوم أن هذا المعدل، وهو عدد حالات الإصابة بالعدوى لكل 100 ألف شخص على مدار سبعة أيام، بلغ صباح الأحد 372,7، بينما كان المعدل ذاته قبل أسبوع بلغ 289,3، وقبل شهر 85,6.
وأضاف المعهد أن مكاتب الصحة في ألمانيا سجلت إجمالي 42 ألفا و727 حالة إصابة جديدة بالفيروس خلال 24 ساعة، فضلا عن 75 حالة وفاة.
وتشير بيانات المعهد، إلى إجمالي حالات الإصابة بالفيروس منذ بدء تفشيه في البلاد في ربيع العام الماضي خمسة ملايين و354 ألفا و942 حالة إصابة. وحذر المعهد من أن إجمالي العدد الفعلي لحالات الإصابة قد يكون أعلى من ذلك كثيرا؛ نظرا لعدم اكتشاف وتسجيل الكثير من حالات الإصابة.
وكانت الآمال معلقة على اجتياز المرحلة الحرجة من الوباء بتلقي أكثر من 70 بالمائة من السكان للقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد، لكن الإصابات عاودت ارتفاعها مع بداية الخريف بشكل غير مسبوق.
وبعد أن لجأت الجارة النمسا إلى إغلاق شامل لأسبوعين مع فرض إجبارية التلقيح، انتقل الأمر إلى قضية في النقاشات العامة بألمانيا. ولم يستبعد مفوض الحكومة لشؤون السياحة بأن تفرض برلين إلزامية التطعيم. وقال توماس بارايس المفوض لدى الحكومة الحالية لتسيير الأعمال في ألمانيا، لوكالة الأنباء الألمانية إن وضع تفشي الفيروس الذي يزداد احتداما بصورة مستمرة يجعل من الواضح أنه لا يمكن تجنب فرض إلزام تلقي اللقاح عاجلا أو آجلا، وأضاف: "بتأمل الماضي كان خطأ عدم رؤية ذلك من البداية".
وقال بارايس: "بالنسبة لي لم يعد ممكناً سياسياً تحمل مسؤولية أن قطاعات بأكملها وتجار تجزئة ومشغلي مطاعم وحانات وقطاع دور العرض السينمائي وأوساطا ثقافية ومنظمي فعاليات يعيشون لمدة 20 شهرا في حالة طوارئ تفرضها الحكومة ويواجهون مخاوف وجودية كبيرة، بينما يتمتع آخرون بحرية عدم تلقي اللقاح".
وأشار إلى أنه تسنى حتى الآن إنقاذ كثير من رواد الأعمال من خلال إجراءات تاريخية وضخ أموال كثيرة، ولكن "ذلك لن يستمر دائما".
الشي ذاته ذهب إليه رئيس حكومة ولاية بافاريا ماركوس زودر، معربا عن اعتقاده "بأنه لن يمكن تجنب ذلك في النهاية". أما الاشتراكيون المرشحين لقيادة الحكومة المقبلة في ائتلاف ثلاثي يضم حزبي الخضر والليبرالي الحرّ، فلا يزالون يرفضون إلزامية اللقاح.
وبحسب استطلاع تم إجراؤه بتكليف من صحيفة "بيلد أم زونتاغ" الألمانية الأسبوعية ونشرته في عددها الصادر اليوم الأحد، يرحب 52 المائة من الألمان بفرض إلزام عام بتلقي لقاح كورونا، فيما عارض 42 المائة ذلك، وأحجم 7 بالمائة عن الإدلاء برأيهم أو لم يحسموا أمرهم.
و.ب/م.س (د ب أ، أ ف ب)
"موجة رابعة" من كورونا.. حقائق عن معركة ألمانيا مع الجائحة
موجة جديدة من كورونا في ألمانيا تدق ناقوس الخطر. مخاوف واسعة من عودة الإغلاق العام كحل أخير وارتفاع نسبة الوفيات والضغط على النظام الصحي، لكن مع ذلك تظهر ألمانيا أنها قد تعلمت بعض الدروس من الأشهر السابقة.
صورة من: Daniel Bockwoldt/dpa/picture alliance
أرقام قياسية للإصابات الجديدة
دخلت ألمانيا "الموجة الرابعة" من جائحة كورونا بأرقام قياسية، بلغت الخميس 11 نوفمبر/ تشرين الثاني حوالي 50.196 ألف إصابة و235 حالة وفاة. ولم تسجل ألمانيا على الإطلاق رقماً مماثلاً في الإصابات منذ بداية الجائحة، لكن أرقام الوفيات تظل نسبياً أقلّ مما سجل نهاية عام 2020، ما يؤكد الاستنتاجات بكون التطعيم لا يمنع من الإصابة بالفيروس، لكنه يخفض أرقام الإصابات الحرجة وبالتالي أرقام الوفيات.
صورة من: Rüdiger Wölk/imago images
موجة بدون صرامة المواجهة
ألمانيا لا تخطط هذه المرة لإجراءات صارمة كما فعلت ما بين نهاية 2020 وبداية 2021. فقد سمحت عدة مدن بإقامة احتفالات الكرنفال، كما لا توجد خطط لإغلاق عام ولا لتشديد القيود. وسبق لوزير الصحة ينس شبان أن أيد إنهاء إجراءات الوضع الوبائي الموحدة على الصعيد الفيدرالي نهاية نوفمبر 2021، ما يتيح رفع عدد من الإجراءات كارتداء الكمامات، لكن القرار قد لا يصادق عليه البرلمان بسبب ارتفاع الإصابات مجددا.
صورة من: Henning Kaiser/dpa/picture alliance
بين قاعدة 3G وقاعدة 2G
سمحت ألمانيا باستئناف الكثير من الخدمات كدخول المطاعم والمقاهي وصالونات الحلاقة وأماكن الترفيه المغلقة وفق قاعدة 3G التي تعني ضرورة التطعيم، أو إثبات عدم الإصابة بالفيروس عبر كشف سريع، أو التعافي من الفيروس بعد الإصابة به. وبدأت مكاتب وإدارات كذلك باعتمادها، لكن عدة ولايات بدأت تعتمد قاعدة 2G التي تستثني الكشف السريع لأجل مواجهة الموجة الرابعة، ما أثار جدلاً كبيرا بين رافضي التطعيم.
صورة من: Ying Tang/NurPhoto/picture alliance
مجانية الكشف السريع
أتاحت ألمانيا بشكل مجاني اختبارات الكشف السريعة عن الفيروس لكل السكان، وكان الطلب عليها شديدا عند إطلاقها بسبب عدم تقدم حملة التطعيم حينها، لكن مع مرور الوقت، قررت السلطات إلغاء مجانيتها لدفع عدم المطعمين إلى الإسراع بذلك. لم تنجح الفكرة كثيراً، وعادت الحكومة الاتحادية للتفكير في إعادة المجانية، خصوصًا أن معهد روبرت كوخ أوصى بهذه الاختبارات حتى للمطعمين في حالة حضورهم للفعاليات الكبرى كالاحتفالات.
صورة من: Sean Gallup/Getty Images
حملة التطعيم لم تبلغ أهدافها
أرادت الحكومة الألمانية بلوغ نسبة تطعيم تصل لـ 75 بالمئة من العدد الإجمالي للسكان نهاية صيف 2021، غير أن الرقم لم يتجاوز إلى حدود شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 67,5 في المئة. نجحت ولايات في الاقتراب أو حتى تجاوز النسبة المستهدفة، خصوصا في شمال وغرب البلاد كبريمن (81.6 بالمئة)، لكن ولايات في الشرق لم تتجاوز حتى 60 بالمئة كسكسونيا (59.5 بالمئة)، ويعود ذلك لانتشار الحركات المنكرة لكورونا في هذه المناطق.
صورة من: Jens Schlueter/Getty Images
أوضاع المستشفيات تحت السيطرة
تفتخر ألمانيا بنظامها الصحي القادر على مواجهة الضغط، لكنها تعرّضت لاختبار قاسٍ خلال موجة كورونا الثانية بسبب الطلب الكبير على وحدات العناية المركزة الذي اقترب من 6 آلاف حالة في ديسمبر/ كانون الأول 2020. حاليا يبقى في الرقم ما بين 2000 و 3000 آلاف، وتخطط الحكومة الاتحادية لتوزيع الحالات الحرجة على مجموع التراب الألماني حتى لا يقع الضغط على ولاية لوحدها، خصوصا في الشرق.
صورة من: Waltraud Grubitzsch/dpa/picture alliance
جائحة في قلب الانتقال السياسي
الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال فقط في انتظار تشكيل الحكومة الجديدة بقيادة محتملة بقيادة أولاف شولتس. وُجهت انتقادات كبيرة لحكومة ميركل في التعامل مع الجائحة، خصوصا إثر بطء عملية التطعيم والتردد الكبير في اتخاذ القرارات والتراجع عنها. ويرغب شولتس بتجاوز هذه الأخطاء ووضع استراتيجية أقوى، لكن المشاورات المطولة لتشكيل الحكومة قد تؤثر على النقاش الخاص بكورونا.
صورة من: Kay Nietfeld/dpa/picture alliance
الجائحة غيرّت المشهد
أضحت الكمامات جزءا أساسيا من المشهد العام في البلد، كما اتخذت عدة مؤسسات إجراءات بتشجيع العمل من البيت أو تقليل نسبة حضور الموظفين في المكاتب. وأدت الجائحة إلى التفكير في تغيير نمط الحياة، خصوصا التباعد الاجتماعي مع التركيز على اللقاءات الافتراضية. كما أثرت الجائحة على النظام التعليمي بسبب اعتماد التعليم عن بعد وإغلاق المدارس في بعض الفترات، ما خلق مخاوف من تأثير ذلك على الأجيال الصاعدة.
صورة من: Sebastian Kahnert/dpa-Zentralbild/dpa/picture alliance
توقعات بتعافي الاقتصاد
تضررت قطاعات كثيرة من الجائحة وخسر ناس كثر أعمالهم وتراجع النمو الاقتصادي كما ارتفعت نسبة التضخم ومعدل إفلاس الشركات، لكن مع ذلك حافظت ألمانيا على ريادتها الاقتصادية في أوروبا، وأظهرت عدة مؤشرات إمكانية تعافي تدريجية للبلد. وتوقع معهد الاقتصاد الألماني أن يعود الوضع الاقتصادي إلى ما كان عليه قبل الأزمة، ابتداء من 2022، كما أن الوضع لم يصل في تدهوره إلى أزمة عام 2009 التي تم في النهاية تجاوزها.