تمخضت المحادثات الشاقة بعد ظهر اليوم الاثنين عن الإعلان عن بدء المباحثات الرسمية لإنضمام تركيا إلى الإتحاد الأوروبي، وذلك بعد إقناع الوفد النمساوي بالتخلي عن مطالبه الرامية إلى إجراء تعديلات على نص اتفاقية بدء المباحثات تترك مجالأ أمام بدائل سياسية للعضوية الكاملة مثل "الشراكة المميزة". لكن أنقرة نجحت في الاحتفاظ بحقها في العضوية الكاملة، فيما تراجعت النمسا في اللحظة الأخيرة عن مطلبها السابق الذكر مقابل أن يترك للاتحاد الأوروبي تحديد الوقت الذي سيقرر فيه إنضمام تركيا إليه.

بدء رسمي للمفاوضات

وبعد الإعلان عن التوصل إلى هذا الإتفاق أعلن وزير الخارجية التركي عبد الله غول اليوم الاثنين انه سيتوجه إلى لوكسمبورغ اليوم لحضور حفل افتتاح المفاوضات. وقال غول للصحافيين: "تم التوصل إلى اتفاق وسنتوجه إن شاء الله إلى لوكسمبورغ". وأدلى الوزير التركي بتصريحه للصحافيين أمام مقر حزب العدالة والتنمية في أنقرة حيث ناقش أعضاء الحكومة التركية ونواب الحزب الحاكم وثيقة نقلها إليهم وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المجتمعون في لوكسمبورغ. ويرجح المراقبون للمشهد السياسي الأوروبي أن الانفراج في الأزمة اليوم جاء بعد اتصالات هاتفية عديدة جرت بين رئاسة الاتحاد والمسئولين في العاصمة التركية تم خلالها التوصل إلى اتفاقية جديدة على شروط ضم تركيا للاتحاد الأوروبي.

مفاوضات ماراثونية صعبة...

يأتي هذا الإتفاق بعد أن وصلت المفاوضات ببين تركيا والمفاوضين الأوروبيين إلى طريق شبه مسدود وهو ما عبر عنه وزير الخارجية البريطاني جاك سترو اليوم قبل ساعات قليلة من انطلاق المراسم الرسمية لبدء محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي حين أعلنعن تأجيل هذه المراسم. كما أعلن رئيس الوزراء التركي طيب رجب أوردوغان أنه طلب من وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس التدخل لصالح بلاده في المحادثات الشاقة التي يخوضها وزراء خارجية الدول الأوروبية في لوكسمبورغ منذ أمس الأحد. وقال أوردوغان بعد مكالمة هاتفية مع وزيرة الخارجية الأمريكية إن الجهود التي تبذلها رايس "ما زالت مستمرة" وأنه على اتصال مباشر مع الوزيرة الأمريكية.

...وإصرار تركي على العضوية الكاملة

ويذكر أن حكومة أنقرة رفضت بشدة على لسان متحدث باسم وزارة الخارجية التركية بعد ظهر اليوم الاثنين في أنقرة إجراء أية تعديلات على نص اتفاقية بدء مفاوضات انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي. وقال ناميك تان إن رئيس الوزراء التركي طيب رجب أردوغان "رفض جميع المقترحات الأوروبية" الرامية إلى إجراء تغييرات على اتفاقية بدء محادثات الانضمام مع حكومة بلاده. جاء ذلك بعد خطاب تلفزيوني وجهه رئيس الوزراء التركي إلى شعبه وأعلن فيه بإصرار عن تمسك بلاده بمصالحها الوطنية التي تتطلب، حسب رأيه مواصلة الجهود الرامية إلى الحصول على عضوية كاملة في الاتحاد الأوروبي. وأكد أردوغان في الخطاب ذاته أن الاتحاد الأوروبي "يحتاج إلى تركيا مثلما تحتاج تركيا إليه." وناشد المسئول التركي وزراء خارجية الدول الأوروبية الـ 25 المجتمعين في لوكسمبورغ بالسعي إلى توطيد أواصر السلام والاستقرار في العالم من خلال مواصلة طريق المفاوضات مع الحكومة التركية.

أسباب المعارضة النمساوية

وتعطلت جلسة الأزمات الخاصة التي خاض فيها وزراء خارجية الدول الأوروبية مساء أمس السبت في لوكسمبورغ محادثات شاقة بخصوص بدء محادثات الانضمام مع البلد المسلم اليوم الاثنين مرارا بسبب إصرار وزيرة الخارجية النمساوية أورسولا بلاسنيك على إجراء تعديلات على اتفاقية المحادثات. وفي حين وافق وزراء خارجية 24 دولة على بدء محادثات الانضمام مع تركيا في موعدها المحدد اليوم الاثنين، أصرت وزيرة الخارجية النمساوية على إجراء تغييرات ترفض عضوية كاملة لتركيا في الاتحاد الأوروبي. ونسبت مصادر دبلوماسية في لوكسمبورغ إلى الوزيرة النمساوية قولها إن بلادها "مصرة على إجراء التغييرات المقترحة." ووصفت بلاسنيك المحادثات مع نظيرها البريطاني بأنها "لم تتوصل إلى نتائج تذكر" معربة في الوقت ذاتها عن أملها في الخروج بنتائج واضحة في المفاوضات.

وساطة بريطانية وأمل ألماني

وكان وزير الخارجية البريطاني جاك سترو قد تحدث في فترة المحادثات الثنائية الحرجة مع نظيرته النمساوية عن "مرحلة صعبة" في المحادثات، قائلا إنه "لا يعرف النتائج التي ستتمخض" عنها المحادثات في نهاية المطاف. ووصف سترو المحادثات التي بدأت مساء أمس الأحد أنها "محبطة"، معربا في الوقت ذاته عن أمله في التوصل إلى اتفاق مع ممثلي الحكومة النمساوية. وأكد الوزير البريطاني أنه على اتصال دائم مع وزير الخارجية التركي عبد الله غل. أما وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر (حزب الخضر) فقد أكد على أنه يجب "بذل جميع الجهود" لكي يتم اليوم افتتاح مراسم بدء المحادثات. واستند فيشر في تأييد بلاده لبدء المحادثات مع البلد المسلم في موعدها المحدد إلى اتفاق رؤساء وزراء وحكومات الدول الأوروبية في ديسمبر الماضي على ضرورة بدء المحادثات اليوم الاثنين وإلى أنها ترمي في نهاية المطاف إلى عضوية كاملة لتركيا في الاتحاد الأوروبي.

ناصر جبارة ـ دويتشه فيله