تراجع حاد في عدد الأسر التقليدية في ألمانيا
١ ديسمبر ٢٠٠٧تعتبر الأسرة بمفهومها الوظيفي اللبنة الأساسية الأولى في أركان البنية الاجتماعي وخاصة في المجتمعات التقليدية، إذ تشكل الأسرة الحاضنة الأولى للفرد، منتميا إليها ينهل منها ثقافته وخبرته وعاداته وتقاليده. ومع تغير معطيات العصور والأزمان تبدلت وظيفة الأسرة بمفهومها الواسع وأشكالها المتنوعة. ولعل مجتمعات الدول الصناعية أكثر من طالتها مظاهر التغير هذه.
ففي ألمانيا لم تعد الصورة التقليدية للأسرة تجد لها تمثيلا واسعا، إذ أخذ عدد الأسر الألمانية التي لا يرتبط فيها الزوجان بوثيقة زواج بالتزايد، بالإضافة إلى تزايد الأسر التي تقوم فيها الأم بمفردها أو الأب بمفرده بتربية الأبناء. وهذه التغيرات أوضح ما تكون في شرق ألمانيا، خاصة في ضوء بلوغ أول أطفالها الذين ولدوا بعد سقوط سور برلين الذي أعقبه إعادة توحيد شطري ألمانيا سن البلوغ في التاسع من تشرين ثان/نوفمبر الجاري. وعن ذلك قال فالتر رادرماخر، رئيس هيئة الإحصاء الألمانية: "لقد بلغت الوحدة الألمانية سن الرشد ورغم ذلك فهناك فروق كبيرة بين غرب ألمانيا وشرقها". وجاء ذلك خلال تقديم رادرماخر تقريرا للإحصاء العشوائي السنوي لعام 2006 في برلين.
"في برلين أكثر من نصف الأسر من دون أم أو من دون أب"
وحسب ما ورد في التقرير فقد بلغت نسبة "الأسر البديلة"، حسب تسمية هيئة الإحصاء الألمانية 26 بالمائة من إجمالي الأسر في ألمانيا، منها 18 بالمائة من دون أب أو من دون أم و 8 بالمائة من الأسر، التي لا يرتبط شريكا الزوجية فيها بعقد زواج رغم أن لهما أبناء مشتركين، في الوقت الذي لم تكن نسبة هذه الأسر تتعدى 19 بالمائة قبل عشر سنوات.
أما في برلين فإن أكثر من نصف الأسر من دون أم أو من دون أب أو لا يرتبط شريكا الزوجية فيها بزواج رسمي رغم إنجابهما أبناء بشكل مشترك، يليها في ذلك ولاية ميكلينبورج فوربومرن ثم سكسونيا وسكسونيا أنهالت ثم براندنبورج وتورينجن. وجميع هذه الولايات من ولايات ألمانيا الشرقية سابقا. ولكن ذلك لا يخفي حقيقة تزايد تراجع الأسر التقليدية في ولايتي هامبورج وبريمن وهما من ولايات غرب ألمانيا.
تراجع واضح للأسر التقليدية في شرق ألمانيا
وثمة تزايد واضح في تراجع عدد الأسر التقليدية في شرق ألمانيا، فقد بلغ هذا التراجع 630 ألف أسرة منذ عام 1996 ليصبح إجمالي هذه الأسر 6ر1 مليون أسرة. أما في ولايات غرب ألمانيا فكان مقدار التراجع في عدد الأسر التقليدية 37 ألف أسرة، ليصبح عدد هذه الأسر 2ر7 مليون أسرة وهو تراجع طفيف نسبيا. ومع ذلك فإن أكثر المناطق التي تعيش فيها أسر تقليدية تقع في شرق ألمانيا وهي المناطق التي تتوفر فيها الشقق المناسبة للأسر الكبيرة وكذلك دور الحضانة الملائمة لأطفال هذه الأسر وأماكن قضاء وقت الفراغ.
كما أن هذه المناطق تتقدم على غيرها من بقية المناطق في ألمانيا فيما يتعلق بمدى إمكانية توفيق سكانها بين العمل والواجبات الأسرية وفرص تحقيق هذا التوفيق. وتعتبر أسرة وزيرة شئون الأسرة في ألمانيا أورزولا فون دير لاين أسرة نموذجا يقل حدوثه في هذا البلد، حيث تتقدم أسرة فون دير لاين بأبنائها السبعة على متوسط عدد الأبناء في ألمانيا إجمالا والذي لا يتعدى 61ر1 طفل تحت 18 عاما لكل أسرة.
المساعدات الحكومية المقدمة للأسرة
ولا تستبعد وزيرة الأسرة الألمانية زيادة المساعدات المقدمة للأسر كثيرة الأطفال إذا تم اعتماد زيادة الدعم المالي المقدم للأطفال. وقالت فون دير لاين:"رغم كل محاولات التثبيط لأصحاب الأسر، إلا أن بناء الأسرة مازال يلقى إقبالا في ألمانيا". الجدير بالذكر أن البرنامج الجديد الذي سيقره الحزب المسيحي الديمقراطي الذي تنتمي إليه الوزيرة في مؤتمره الحزبي يوم الاثنين المقبل في هانوفر ينص على أن الأسرة مازالت هي الشكل المثالي للحياة المشتركة بين الرجل والمرأة. ومع ذلك فإن الحزب يقبل أيضا بأي أشكال أخرى من الحياة المشتركة بين الجنسين.