تراجع طلبات اللجوء بألمانيا وسط انتقادات لإصلاح قانون اللجوء
علي المخلافي د ب أ، إ ب د
٢ نوفمبر ٢٠٢٥
أفادت وزارة الداخلية الألمانية بوجود تراجع حاد في طلبات اللجوء بعد تشديد الرقابة على حدود ألمانيا، فيما انتقدت نقابة الشرطة الألمانية خطط وزير الداخلية ألكسندر دوبرينت بشأن إصلاح قانون اللجوء الأوروبي في صيغته الحالية.
صورة أرشيفية – طالبو لجوء في ألمانيا. ترى نقابة الشرطة الألمانية أن إصلاح قانون اللجوء الأوروبي غير قابل للتطبيق بصيغته الحالية.صورة من: Patrick Pleul/dpa/picture alliance
إعلان
واصل عدد طالبي اللجوء في ألمانيا تراجعه، إذ بلغ عدد الطلبات المقدمة لأول مرة 97 ألفا و277 طلبا خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري 2025، مقارنة بـ 199 ألفا و947 طلبا في الفترة نفسها من العام الماضي 2024، بحسب ما أفادت به وزارة الداخلية الألمانية.
من جانبها، ترى نقابة الشرطة الألمانية أن خطط وزير الداخلية الألماني الاتحادي ألكسندر دوبرينت (وهو من الحزب الاجتماعي المسيحي) المتعلقة بتنفيذ إصلاح قانون اللجوء الأوروبي غير قابلة للتطبيق في صيغته الحالية.
وقال وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبرينت لصحيفة "بيلد" واسعة الانتشار في تصريحات نشرت اليوم الأحد (الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني 2025): "تحولنا في ملف الهجرة يؤتي ثماره. لقد قلصنا بشكل كبير عامل الجذب والتأثير المغناطيسي لألمانيا".
تكثيف التفتيش على حدود ألمانيا
وأشار متحدث باسم الوزارة إلى تكثيف عمليات التفتيش على الحدود، موضحا أن نحو 18 ألفا و600 شخص منعوا من دخول البلاد أو أعيدوا عند الحدود منذ شهر مايو/ أيار 2025.
وكان دوبرينت، فور توليه منصبه في مايو/ أيار 2025، قد أصدر تعليمات برفض طالبي اللجوء عند الحدود. وقد تكون الإجراءات التي اتخذتها دول البلقان أيضا لعبت دورا في انخفاض الأعداد.
تغيرات سوريا من عوامل رفض طلبات اللجوء
ومن العوامل الأخرى التي ساهمت في ذلك، التغير في الأوضاع بسوريا، التي كانت في السابق مصدرا رئيسيا لطالبي اللجوء، بعد الإطاحة بنظام حكم الرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر/ كانون الأول 2024.
وتستمع لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان الألماني (بوندستاغ) يوم غدٍ الإثنين إلى خبراء حول تنفيذ إصلاح نظام اللجوء الأوروبي المقترح. وقد وجهت نقابة الشرطة مسبقا انتقادات حادة لخطط وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبرينت.
نقابة الشرطة تنتقد خطط وزير الداخلية
وفي بيان قدمته نقابة الشرطة الألمانية تمهيدا لجلسة الاستماع في بوندستاغ المقررة غدا الإثنين (الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني 2025) حول مشروع القانون، انتقدت النقابة وجود غموض بشأن دور الشرطة الاتحادية في إجراءات اللجوء بالمطارات، بالإضافة إلى مشكلات الموارد داخل الشرطة. وطالبت النقابة بـ"إجراء تعديلات عاجلة" على مشروع القانون، مشيرة - في قائمة من المطالب التفصيلية - إلى ضرورة "حماية سيادة القانون في إجراءات اللجوء".
وجاء في بيان نقابة الشرطة المنشور أيضا على موقع البرلمان الألماني أن المسودة تقترح أن تكون الشرطة الألمانية الاتحادية مسؤولة بشكل أكبر عن عملية اللجوء عند بدء تقديم الطلب، غير أنه "ليس واضحا بما فيه الكفاية" إن كان من شأن ذلك أن "يؤدي فعليا إلى تحويل المهام" إلى الشرطة الاتحادية. وأوضح بيان نقابة الشرطة أن المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين "بامَف" BAMF - وهو الجهة المسؤولة عن إجراءات اللجوء في ألمانيا - "غير موجود في المطارات" في حين أن هذا هو النقطة الأساسية التي تركز عليها الإصلاحات.
إعلان
نقص في أماكن الإيواء بمطارات ألمانيا
ويهدف النظام الأوروبي الموحد للجوء "غياس" GEAS إلى تنظيم دخول اللاجئين بشكل أفضل وضمان توزيعهم بشكل أكثر عدلا بين دول الاتحاد الأوروبي. ومن المقرر أن يُتخذ القرار مستقبلا - بشأن طلبات اللجوء لذوي فرص البقاء المنخفضة - على حدود الاتحاد الأوروبي الخارجية مباشرة.
قوانين جديدة في ألمانيا تعيق لم شمل العائلات
03:32
This browser does not support the video element.
وذكرت نقابة الشرطة في بيانها أن أماكن الإيواء - اللازمة للإجراءات المخطط لها - غير متوفرة حاليا، وأنه وسيتعين احتجاز طالبي اللجوء المعنيين في المطارات طوال فترة النظر بطلباتهم. وكتبت النقابة: إن "الإجراءات التي تشبه الاحتجاز - مع توفير استشارات قانونية ورعاية وإشراف قضائي - ليست قابلة للتنفيذ عمليا في هذه المواقع".
جلسة استماع في البرلمان
ويتعين على دول الاتحاد الأوروبي تنفيذ إصلاح النظام الأوروبي الموحد للجوء "غياس" بحلول منتصف عام 2026. ويسعى وزير الداخلية الألماني دوبرينت إلى أن تدخل بعض أجزاء التنفيذ الألماني لهذه الإصلاح حيز التطبيق في وقت أبكر. وتستمع لجنة الشؤون الداخلية في بوندستاغ يوم غد الإثنين إلى الخبراء بشأن خطط دوبرينت.
تحرير: عماد غانم
ألمانيا واللاجئون.. كيف تغير الحال منذ الترحيب الكبير في 2015؟
أغلبية الألمان كانت في عام 2015 مع استقبال اللاجئين ومنحهم الحماية. ولكن الأمور لم تستمر كذلك، حيث تراجعت نسبة التأييد للاجئين بشكل متسارع اعتباراً من مطلع عام 2016. نستعرض ذلك في هذه الصور.
صورة من: Odd Andersen/AFP/Getty Images
ميركل وعبارتها الشهيرة
"نحن قادرون على إنجاز ذلك". عبارة قالتها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في هذا المؤتمر الصحفي للحكومة، الذي عقد بتاريخ 31 أغسطس/آب 2015. لم تكن تعرف حينها أن الجملة ستدخل التاريخ الألماني الحديث، وتسبب استقطاباً في البلاد، ويتحول الرأي العام الألماني من مرحب بنسبة كبيرة باللاجئين، إلى تناقص هذه النسبة بمرور السنوات.
صورة من: Imago/photothek/T. Imo
تأييد كبير لاستقبال اللاجئين
حتى مع ارتفاع أعداد طالبي اللجوء إلى ألمانيا من حوالي 41 ألف طلب لجوء في عام 2010 إلى 173 ألف طلب لجوء في 2014، كانت الأغلبية الساحقة من الألمان، في مطلع عام 2015، مع استقبال اللاجئين وتقديم الحماية لهم.
صورة من: Martin Meissner/AP Photo/picture alliance
أول محطة ترحيب
صيف وخريف 2015 شهد ذروة موجة اللجوء الكبيرة. فبعد أخذ ورد على المستوى السياسي الألماني، ومع الدول الأوروبية المجاورة، سمحت ألمانيا ودول أوروبية أخرى بدخول طالبي اللجوء إليها. مئات الآلاف دخلوا البلاد خلال أسابيع قليل. وظهرت صور التعاطف معهم من جانب السكان الألمان. وكان ذلك واضحاً للعيان في محطات القطارات وفي مآوي اللاجئين.
صورة من: Sven Hoppe/dpa/picture alliance
التأييد حتى على مدرجات الملاعب
وحتى على مدرجات ملاعب كرة القدم، في مباريات الدوري الألماني (بوندسليغا)، شاهد العالم عبارات الترحيب باللاجئين، كما هنا حيث رفعت جماهير بوروسيا دورتموند هذه اللافتة العملاقة بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين أول 2015.
وبالمجمل وصل إلى ألمانيا خلال عام 2015 وحده حوالي 890 ألف طالب لجوء.
صورة من: picture-alliance/G. Chai von der Laage
الرافضون لاستبقال اللاجئين أقلية في 2015
بنفس الوقت كان هناك رافضون لسياسة الهجرة والانفتاح على إيواء اللاجئين، وخاصة من أنصار حركة "بيغيدا" (أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب)، الذين كانوا يخرجون في مسيرات، خصوصاً في شرق البلاد، للتعبير عن رفضهم لاستقبال اللاجئين. كما كانت تخرج مظاهرات مضادة لحركة "بيغيدا" وداعمة لاستقبال اللاجئين.
صورة من: Reuters/F. Bensch
ليلة الانعطاف الكبير
وبقي الرأي العام منفتحاً على استقبال اللاجئين حتى ليلة حاسمة، مثلت علامة فارقة في قضية الهجرة واللجوء في ألمانيا. فبينما كان العالم يودع عام 2015 ويستقبل 2016، والاحتفالات السنوية تقام أيضا في المدن الألمانية، وردت أنباء متتالية عن عمليات تحرش بالكثير من الفتيات في موقع احتفال برأس السنة في مدينة كولن (كولونيا). أكثر من 600 فتاة تعرضن للتحرش والمضايقات.
صورة من: DW/D. Regev
تعليق لم الشمل لحملة الحماية المؤقتة
من تلك اللحظة بدأ المزاج العام في التغير وأخذ حجم التأييد لاستقبال اللاجئين يتراجع في الرأي العام الألماني. وبدأ التشديد في قوانين الهجرة واللجوء، كتعليق لم الشمل لمدة عامين للاجئي الحماية الثانوية (المؤقتة)، بموجب القانون الذي صدر في ربيع عام 2016، والذي صدر في عهد وزير الداخلية آنذاك توماس دي ميزير.
صورة من: Getty Images/AFP/J. McDougall
الهجوم على سوق عيد الميلاد في برلين 2016
وقبل أن يودع الألمان عام 2016 بأيام قليلة، أتت كارثة جديدة صدمت الرأي العام: هجوم بشاحنة على سوق لعيد الميلاد في العاصمة برلين، نفذه اللاجئ التونسي سميح عمري. 13 إنسان فقدوا حياتهم في الهجوم، وأصيب 63 آخرون. حصيلة مؤلمة ستترك ندوباً في المجتمع.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
حزب البديل يدخل البرلمان للمرة الأولى
استفاد من هذه الأحداث حزب البديل لأجل ألمانيا اليميني المناهض لسياسة الهجرة واللجوء الحالية والرافض لاستقبال اللاجئين كلياً. ليدخل الحزب البرلمان الألماني لأول مرة في تاريخه، محققاً المركز الثالث في الانتخابات البرلمانية الاتحادية التي أقيمت في سبتمبر/أيلول 2017، بنسبة 12.6 بالمئة.
صورة من: Reuters/W. Rattay
استمرار الاستقطاب
شهدت السنوات اللاحقة استمرار الاستقطاب في المجتمع، خصوصاً مع بعض الهجمات التي نفذها لاجئون، بدوافع إرهابية. أمر قلص الدعم الشعبي للهجرة. إلى أن تراجعت الشعبية، وبات قرابة ثلثي الألمان في استطلاعات الرأي يريدون استقبال أعداداً أقل من اللاجئين أو وقف استقبالهم كلياً.