تراجع في عدد المهاجرين إلى إيطاليا وتونس تشكل مفاجأة
٢٥ ديسمبر ٢٠١٩
تراجع عدد المهاجرين إلى إيطاليا بنسبة تفوق 90% عما كان عليه الأمر قبل عامين. وجاء معظمهم هذا العام من تونس. كما تراجعت حالات الدخول غير الشرعي على الحدود الأوروبية لكن عدد الأفغان المتجهين إلى أوروبا ارتفع بشكل ملحوظ.
إعلان
أفادت إحصائية نشرتها وزارة الداخلية الإيطالية اليوم الأربعاء (25 كانون الأول/ ديسمبر 2019) بتراجع عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى إيطاليا عبر البحر في العام الحالي، بواقع النصف مقارنة بعددهم عام 2018. وفي نفس السياق، أوضحت الوزارة أن عدد المهاجرين في العام الحالي، تراجع بنسبة تزيد على 90% مقارنة بعددهم في عام 2017.
وأوضحت الإحصائية أن غالبية المهاجرين (2654 شخصا) جاءوا هذا العام من تونس، تلاهم 1180 شخصا من باكستان و1135 شخصا من كوت ديفوار (ساحل العاج).
وأظهرت الإحصائية أن السبب الرئيسي في هذا التراجع القوي في عدد المهاجرين إلى إيطاليا يتمثل في الاتفاقية المثيرة للجدل التي وقعتها الحكومة الإيطالية السابقة مع ليبيا في 2017. ووفقا لتقارير إعلامية، فإن مذكرة الاتفاقية مصحوبة باتفاقات غير رسمية مع ميليشيات مختلفة في ليبيا لمنع المهاجرين من الانطلاق من السواحل الليبية عبر البحر صوب إيطاليا.
ويصل القسم الأكبر من المهاجرين القادمين إلى السواحل الإيطالية، على متن قوارب خاصة بهم أو عن طريق مهربين.
"تراجع قوي للدخول غير الشرعي لحدود أوروبا"
وفي سياق متصل، أعلن رئيس وكالة حماية الحدود الأوروبية "فرونتكس" عن تراجع قوي في عدد حالات العبور غير الشرعي على الحدود الخارجية بالاتحاد الأوروبي خلال عام 2019.
وقال فابريس ليجيري لصحيفة "فيلت" الألمانية في عددها الصادر اليوم إنه من المحتمل أن يبلغ العدد حتى نهاية العام الجاري 120 ألف حالة دخول غير شرعي إلى الاتحاد. وأوضح أن هذا العدد يقل على ما تم رصده العام الماضي بنسبة 10 بالمئة، ويقل كثيرا على ما تم رصده في عام 2015 الذي بلغت فيه الأعداد رقما قياسيا، عندما سجلت الوكالة آنذاك 1.2 مليون حالة عبور غير مصرح به.
وقال ليجيري للصحيفة الألمانية: "صحيح أن الأعداد تتراجع، إلا أن ضغط الهجرة إلى أوروبا لا يزال ضخما... كما أننا منشغلون أيضا بالمهاجرين الكثيرين الذين جاءوا إلى الاتحاد الأوروبي خلال الأعوام الماضية"، لافتا إلى أن عددا كبيرا نسبيا يواصل السفر داخل منطقة شينغن التي لا يوجد بها مراقبة على الحدود.
وأضاف رئيس وكالة حماية الحدود الأوروبية أن عدد الأفغان الذين يتوجهون إلى أوروبا ارتفع بشكل واضح أيضا، وأوضح: "لا يتعلق الأمر فقط بأشخاص يهربون من موطنهم، إننا نلاحظ كثيريين عملوا في إيران، وفقدوا مكان عملهم حاليا خلال الأزمة الاقتصادية ويرغبون في السفر إلى أوروبا عبر تركيا.
ص.ش/أ.ح (د ب أ)
المهاجرون غير النظاميين بإيطاليا- من أين جاؤوا وإلى أين يذهبون؟
يقصد الآف اللاجئين والمهاجرين غير النظاميين إيطاليا. بعضهم يراها منفذا نحو دول أوروبا وآخرون يفضلون البقاء فيها بشكل غير نظامي لإنهاء رحلة معاناة بدأت في بلدانهم وتستمر في غياب وضع قانوني يسمح لهم بالإقامة في إيطاليا.
صورة من: Reuters
من كل حدب وصوب
المهاجرون غير القانونيين الى إيطاليا لا تقتصر أصولهم على جنسية واحدة، إذ يتدفقون إليها من كل من دول أفريقيا. من نيجيريا وبنغلاديش وغينيا، ومن ساحل العاج وغامبيا والسنغال. كما يهاجر إليها كثيرون من المغرب ومالي وإريتريا، فضلا عن السودان والصومال ومصر وتونس وليبيا... وفي السنين الأخيرة أضيف السوريون إلى قائمة القاصدين لهذا البلد، سواء من ليبيا أو عن طريق تركيا.
صورة من: Getty Images/M. Di Lauro
أفواج كبيرة
عام 2006، بلغ عدد المهاجرين غير القانونيين الآتين عبر البحر 22 ألفا. وفي 2014، وصلوا إلى 220 ألفا؛ أي بزيادة 296 في المائة. عام2017، قالت وزارة الداخلية الإيطاليّة، إن أعداد المهاجرين غير القانونيين تجاوزت الـ94 ألفًا منذ بداية 2017، وهو ما يعني التزايد المهول في عدد المهاجرين غير النظاميين القاصدين للبلد، إذ يشكلون ما يقارب 8.3 في المائة من السكان هنالك. آلاف من هؤلاء يعيشون في مخيمات مؤقتة.
صورة من: Gaia Anderson
أرقام مهولة
أشارت بيانات أصدرها المعهد القومي للإحصاء في روما، عام 2015، إلى أن عدد المهاجرين غير القانونيين القادمين إلى إيطاليا لا يقل عن ألف من كل وجهة. فمن المغرب، هاجر 449 ألف شخص. في حين تم استقبال حوالي 104 آلاف شخص من مصر. ومن رومانيا، دخل إلى البلد 2.1 مليون مهاجر. أما بالنسبة للفلبين وتونس وبنغلاديش وباكستان فيناهز عدد القادمين منها 90 ألف. وأوضحت البيانات، أن معظمهم يسكنون روما، ميلانو وتورينو.
صورة من: picture-alliance/dpa/Italian Navy/Handout
مجرد معبر
ليس كل المهاجرين إلى إيطاليا ينوون الاستقرار فيها أو الإقامة على أراضيها. جزء مهم منهم يريد الوصول إلى مدن أوروبية أخرى كفرنسا والسويد وألمانيا التي يرونها أكثر ترحيبا باللاجئين. وتعتبر منطقة فانتيمي الحدودية إحدى الوجهات التي يعقد عليها هؤلاء أملا في العبور إلى فرنسا. كما أن القطارات التي تسمح بالتنقل داخل الإتحاد الأوروبي، تمثل حلا لبعض هؤلاء المهاجرين الذين يركبونها للوصول إلى وجهاتهم.
صورة من: picture alliance/AA/Tacca
طريق الفردوس والموت واحد!
رحلة قدوم المهاجرين غير القانونيين إلى إيطاليا، لا يمكن وصفها سوى بالقاتلة والخطيرة. فكثير من المهاجرين يركبون البحر، وهو ما يعرضهم لمتاعب قد تصل حد الموت. وإلى جانب انقلاب قواربهم الصغيرة والمتهالكة نتيجة رداءة الطقس أحيانا، يتعرض كثير منهم للابتزاز والنهب من طرف المهربين. الرحلة لا تقتصر على جنس معين ولا تقف عند سن، لذلك تتضرر النساء غالبا، وخاصة الحوامل الواتي يصعب عليهن إكمال الرحلة.
صورة من: Reuters/E. Gaillard
دوافع اقتصادية وسياسية
يشكل الفقر والمجاعة والبطالة أسباباً رئيسية للهجرة غير القانونية، وحتى لو اختلفت جنسيات المهاجرين فإن أسبابهم تبقى واحدة. في السنين الأخيرة، أضيف إلى هذا الجانب ما هو أمني وسياسي. فقد هرب البعض خوفا من الإرهاب والحرب والدمار في بلدانهم الأصلية، أو بهدف البحث عن سبل تحسين ظروفهم الاقتصادية الصعبة وضمان العيش الكريم لعائلاتهم.
صورة من: REUTERS
ظروف مؤسفة وتحديات كثيرة
يضطر المهاجرون إلى إيطاليا في غالب الأحيان إلى العيش في ظروف مؤسفة، تصفها بعض الجهات بـ"غير الإنسانية". بعضهم يتوسد الطرقات ويأكل من بقايا النفايات. في حين يقصد آخرون مخيمات تنعدم فيها إمكانية الحصول على أكل وشرب ولباس. وفي مرات عديدة خرج هؤلاء للتنديد بوضعهم المزري، كما تحدثوا عن غياب مرافق مهمة بهذه المخيمات كالمدارس والدورات المهنية المدفوعة، وفرص العمل التي قدموا من أجلها.
صورة من: picture alliance / landov
طلبات اللجوء في تزايد
بعد الوصول إلى إيطاليا يسعى مهاجرون كثر إلى البحث عن طرق تعفيهم من وصف "غير قانوني"، فيعتمدون تقديم طلبات اللجوء. ووفق تقرير لمنظمة العفو الدولية، فإن السلطات الإيطالية توصلت بـ130 ألف طلب لجوء في 2017 . وحصل 40 بالمئة منهم في العام الجاري على الحماية منذ الفترة الأولى. إلا أن عدد المهاجرين الذين يستقبلهم المركز من يوم لآخر يتغير بين الفينة والأخرى.
صورة من: D. Cupolo
آليات العمل تعيق طلبات اللجوء
يواجه طالبو اللجوء في إيطاليا عراقيل بيروقراطية، سبق لمنظمات عديدة أن أدانتها ونددت بالتعقيدات الإدارية التي تشمل طالبي اللجوء والحاصلين على الحماية الدولية. وأشارت هذه المنظمات إلى عامل اشتراط توفر المسكن من أجل إصدار أو تجديد تصريح الإقامة، مثلا، وهو ما لا يتوافر للعديد ممن يعيشون خارج نظام الاستقبال، على عكس ما ينص عليه القانون الإيطالي، الذي يضمن التسجيل السكاني كحق للشخص الأجنبي.
صورة من: Reuters/A. Bianchi
جرائم وعنف ترافق المشهد
تعتبر بعض التقارير فتح إيطاليا الباب أمام المهاجرين غير القانونيين، يضعها وجها لوجه أمام مشاكل يتسبب فيها بعضهم. فقد قدرت بعض التقارير نسبة المسؤولين عن الجرائم في البلد، والذين ينتمون إلى شريحة المهاجرين غير الشرعيين بـ50 بالمائة من الجرائم، و40 بالمائة من حوادث السرقة. كما يتسببون في 37 بالمائة من العنف الجنسي، فضلا عن 25 بالمائة من جرائم القتل، و50 بالمائة من الجرائم الأخرى كالبغاء.
صورة من: ANSA/A. Carconi
وجود دائم رغم تناقص أعداد الوافدين
سجلت إيطاليا في الربع الأول من 2018 وصول 6161 مهاجرا غير قانوني إلى جبال الأبينيني، بينما في الربع الأول من العام الماضي بلغ عددهم أكثر من 24 ألف مهاجر، حسب تقرير الداخلية الإيطالية. كما سجلت السلطات الإيطالية انخفاضا حادا في تدفق المهاجرين إليها من ليبيا، فقد وصل في الربع الأول من العام الجاري 4.4 آلاف مهاجر، أي أقل بنسبة 81٪ مقارنة بالربع الأول من عام 2017. لكن ذلك لا ينفي استمرارية توافدهم.
صورة من: Getty Images/AFP/V. Hache
وصول اليمين ومخاوف من المستقبل
تقدم اليمين المتطرف في الانتخابات بإيطاليا، زاد مخاوف دول أوروبية فيما يخص مستقبل اللاجئين والمهاجرين غير القانونيين في إيطاليا وبقية أوروبا. ويخشى البعض من أن يشكل صعود اليمين المتطرف في إيطاليا عائقا كبيرا أمام المشروع الفرنسي الألماني لإصلاح الاتحاد الأوروبي وقضية اللاجئين، خاصة مع رواج خبر طرد اللاجئين المرفوضة طلباتهم للبقاء، وترحيل 500 ألف مهاجر غير قانوني. إعداد: مريم مرغيش.