أثارت تصريحات دونالد ترامب المدافعة عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي جدلا واسعا، خاصة مع عودة بن سلمان إلى واشنطن لإعادة بناء علاقة تضررت منذ حادثة 2018 الدامية.
أثار حفل الاستقبال الذي حظي به ولي العهد السعودي وأيضا دفاع ترامب عنه في تجاوبه مع الصحافة الكثير من النقاشصورة من: Nathan Howard/UPI Photo/Newscom/picture alliance
وكان خاشقجي معارضا للقيادة السعودية ومقيما في الولايات المتحدة ويكتب لصحيفة واشنطن بوست، وتصاعد الجدل بخصوص مقتله مجددا مع قيام الأمير محمد بن سلمان بأول زيارة له إلى البيت الأبيض منذ أكثر من سبع سنوات، سعيا منه لتحسين صورته العالمية التي شوهتها الواقعة.
"حليف رئيسي خارج الناتو"
وأعلن ترامب في وقت لاحق من يوم أمس الثلاثاء (17 نوفمبر تشرين الثاني 2025) أنه صنف السعودية حليفا رئيسيا من خارج حلف شمال الأطلسي، وكشف الجانبان عن اتفاقيات بشأن مبيعات الأسلحة والتعاون النووي المدني والذكاء الاصطناعي والمعادن الحرجة.
وخلصت المخابرات الأمريكية إلى أن ولي العهد وافق على اعتقال أو قتل خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول. ونفى الأمير محمد إصدار الأمر بتنفيذ العملية، لكنه أقر بمسؤوليته بصفته الحاكم الفعلي للمملكة.
وقال ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي، بينما كان الأمير محمد جالسا إلى جواره "الكثير من الناس لم يُعجبهم ذلك الرجل الذي تتحدثون عنه، سواء أحببتموه أم لا. حدثت أمور، لكنه لم يكن يعلم شيئا عنها، ويمكننا أن نترك الأمر عند هذا الحد".
إشادة كبيرة بالضيف
وقال الأمير محمد بن سلمان إنه "تألم" لسماع خبر وفاة خاشقجي، لكن حكومة المملكة "اتخذت جميع الإجراءات اللازمة للتحقيق". وقال للصحفيين "لقد حسّنا نظامنا لضمان عدم حدوث أي شيء كهذا. إنه لأمر مؤلم وخطأ فادح".
وأشاد ترامب، الذي وبخ الصحفية التي سألته عن خاشقجي و"أحرجت الضيف"، بولي العهد السعودي لجهده "المذهل" في مجال حقوق الإنسان، وذلك دون الخوض في تفاصيل.
وأثارت معاملة ترامب للأمير محمد بن سلمان استياء أرملة خاشقجي. وكتبت حنان العتر خاشقجي على إكس "لا يوجد مبرر لقتل زوجي. كان جمال رجلا صالحا وشفافا وشجاعا. إلا أن الكثيرين ربما لم يتفقوا مع آرائه ورغبته في حرية الصحافة". وأضافت أنها كانت تتمنى أن تلتقي بترامب حتى تتمكن من تعريفه "بجمال الحقيقي".
وتعرض الأمير محمد بن سلمان لانتقادات شديدة من قبل جماعات لحقوق الإنسان، ليس فقط بسبب مقتل خاشقجي، بل أيضا بسبب حملته على المعارضة في الداخل. لكن ولي العهد أطلق أيضا إصلاحات اجتماعية كبرى أزالت بعض الأعراف الاجتماعية الصارمة.
استقبال له ما بعده
ويُمثل الاستقبال الحافل الذي حظي به الأمير محمد في واشنطن نقطة تحول في العلاقات الأمريكية السعودية التي تضررت بشدة على خلفية واقعة قتل خاشقجي. وتوجه الرئيس السابق جو بايدن إلى المملكة والتقى بالأمير السعودي لكنه لم يستقبله في البيت الأبيض.
في مستهل الزيارة، حظي ولي العهد باستقبال حافل بمظاهر الفخامة في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض بحضور ترامب، وشمل استعراض حرس الشرف ودوي طلقات المدافع وعرضا جويا نفذته طائرات حربية أمريكية.
وقال ترامب إنه تلقى "ردا إيجابيا" بشأن آفاق تطبيع السعودية علاقاتها مع إسرائيل. لكن ولي العهد أوضح أنه رغم رغبته في الانضمام إلى "اتفاقات إبراهيم"، فإنه متمسك بضرورة أن تتيح إسرائيل مسارا نحو إقامة دولة فلسطينية، وهو ما ترفضه إسرائيل حتى الآن.
وخلال عشاء رسمي في البيت الأبيض في وقت لاحق من الثلاثاء، قال ترامب إنه "يرتقي بتعاوننا العسكري إلى مستويات أعلى" بتصنيف السعودية حليفا رئيسيا من خارج حلف شمال الأطلسي، وهو وضع يمنح امتيازات عسكرية واقتصادية، لكنه لا يترتب عليه التزامات أمنية. وأضاف ترامب أن الضربات الأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية في يونيو/ حزيران جعلت السعودية أكثر أمانا.
وذكرت صحيفة حقائق صادرة عن البيت الأبيض أن الجانبين وقعا اتفاقية دفاع استراتيجي، "تعزز الردع في جميع أنحاء الشرق الأوسط"، وتسهل على شركات الدفاع الأمريكية العمل في المملكة، وتضمن "تمويلا جديدا لتقاسم الأعباء من السعودية لتغطية التكاليف الأمريكية".
إعلان
تسليم طائرات إف- 35
وأعلن البيت الأبيض لاحقا أن ترامب وافق على تسليم طائرات مقاتلة إف-35 مستقبلا للمملكة، وأن السعوديين وافقوا على شراء 300 دبابة أمريكية. وستمثل صفقة بيع الطائرات المقاتلة "الشبح" للمملكة، التي طلبت شراء 48 من هذه الطائرات المتطورة، أول صفقة من نوعها تبرمها واشنطن مع الرياض، وهو تحول سياسي كبير.
وقد تغير هذه الصفقة التوازن العسكري في الشرق الأوسط، وتختبر مفهوم واشنطن للحفاظ على ما وصفته الولايات المتحدة "بالتفوق العسكري النوعي" لإسرائيل. وإسرائيل حتى الآن هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تملك طائرات إف-35.
ووقع البلدان كذلك إعلانا مشتركا بشأن استكمال مفاوضات التعاون في مجال الطاقة النووية المدنية، والذي قال البيت الأبيض إنه سيُرسي الأساس القانوني لشراكة طويلة الأمد في مجال الطاقة النووية.
وتعهد الأمير محمدبن سلمان، وهو جالس إلى جوار ترامب، بزيادة استثمارات المملكة في الولايات المتحدة إلى تريليون دولار، بعدما كان قد تعهد سابقا خلال زيارة ترامب إلى السعودية في مايو/ أيار باستثمار ما مجموهه 600 مليار دولار. لكنه لم يقدم أي تفاصيل أو جدول زمني.
تحرير: عادل الشروعات
ترامب في ولايته الثانية.. قرارات صادمة وتصريحات غير دبلوماسية
هذه هي الولاية الثانية لدونالد ترامب، لكنه عازم على أن تكون فارقة في تاريخ بلاده، مجموعة من القرارات المثيرة للجدل، بلغت حد خلق صراع مع حلفائه و"انتهاك" مسلمات في السياسة الداخلية والخارجية لبلاده.
صورة من: Brendan Smialowski/AFP
ريفييرا "الشرق الأوسط"
خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بداية فبراير/شباط، أعلن ترامب عن رؤيته "المذهلة" لقطاع غزّة المدمر نتيجة الحرب. خطة ترامب تقضي بـ"السيطرة" على القطاع الفلسطيني وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط". فاجأت هذه التصريحات الصحافيين الحاضرين وأثارت موجة غضب دولية وعربية، خصوصا أن ترامب طالب بتهجير الفلسطينيين قسريا إلى أماكن أخرى.
صورة من: Chip Somodevilla/Getty Images
حرب تجارية شاملة
أعلن ترامب عن حرب تجارية شاملة، وقودها رسوم جمركية، قام بفرضها على الكثير من الدول، ما أثار انتقادات كبيرة خصوصا من الحلفاء الأوروبيين، بينما كانت التداعيات أكبر مع الصين التي أعلنت بدورها عن إجراءات ضد المنتجات الأمريكية. لكن ترامب لم يتوقف عند هذا الحد، بل تباهى بأنّ عشرات الدول اتصلت "تقبل مؤخرته" على حد تعبيره، طالبة التفاوض.
صورة من: Nathan Howard/REUTERS
مهاجمة القيادة الأوكرانية
من أكبر المشاهد إثارة للجدل، مشهد التنابز اللفظي بين ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، حين شن الرئيس الأمريكي ونائبه جاي دي فانس هجوما لاذعا على زيلينسكي خلال اجتماع انتشرت مشاهده على نطاق واسع، إذ طالباه أن يكون أكثر امتنانا لدور أمريكا في الحرب مع روسيا وخصوصا توفير الأسلحة، كما اتهماه أنه لا يريد مفاوضات سلام جادة. وتعاطف الكثيرون مع زيلينسكي، وخاصة في أوروبا.
صورة من: Saul Loeb/AFP/Getty Images
تناغم وتقارب مع بوتين
في الوقت نفسه، انخرط ترامب في محادثات مع موسكو، متجاوزا الأوروبيين، وأجرى مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الذي "لطاما كانت تربطه به علاقة جيدة" والذي يعتبره "ذكيا". وأكد ترامب على استمرار الاتصالات مع بوتين، وتحدث عنه بكثير من الإيجابية عكس سلفه جو بايدن، وظهر ترامب باحثا عن خطب ود بوتين بأي طريقة.
صورة من: Maxim Shipenkov/Alex Brandon/AP Photo
مهاجمة الاتحاد الأوروبي
من جانب آخر، هاجم ترامب مراراً الاتحاد الأوروبي، وقال إن سبب إنشائه هو "استغلال" الولايات المتحدة، متّهما الأوروبيين بأنهم "انتهازيون"، كما دعاهم إلى استثمار 5% من ناتجهم الاقتصادي في الدفاع في المستقبل. أدت هجومات ترامب المتكررة إلى حذر كبير وسط الأوروبيين الذين أكد عدد من قادتهم عن ضرورة التفكير في علاقة مختلفة مع الولايات المتحدة.
صورة من: Spencer Platt/Getty Images
طموح توسعي
أعلن ترامب مرارا رغبته في جعل كندا "الولاية الأمريكيّة الحادية والخمسين"، واصفا الحدود مع الجارة الشماليّة للولايات المتحدة بأنها "خطّ مصطنع"، ما خلق أزمة بينه وبين كندا. ولم يتوقّف الرئيس الأمريكي عند هذا الحدّ، بل قال أيضا "نحن بحاجة" إلى غرينلاند التابعة للسيادة النرويجية، كما أعلن أنه يرغب باستعادة قناة بنما.
صورة من: Alex Brandon/AP/picture alliance
سياسة هجرة صارمة
باشر ترامب تنفيذ سياسة صارمة للغاية لترحيل المهاجرين غير النظاميين من الولايات المتحدة، وطرد أكثر من 200 شخص إلى سجن شديد الحراسة في السلفادور، وشن حربا ضد عصابات المخدرات المكسيكية التي وصفها بأنها منظمات إرهابية أجنبية، لكن ترامب واجه أحكاما قضائية وقفت ضد عددا من مخططاته ومن ذلك تشديد الهجرة.
صورة من: Alex Brandon/AP/dpa/picture alliance
الانسحاب من معاهدات وهيئات دولية
مباشرة بعد بدء فترته الرئاسية، سحب ترامب بلاده من منظمة الصحة العالمية التي سبق أن وجه لها انتقادات كبيرة بسبب طريقة مواجهتها لفيروس كورونا، وأعلن عن عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بسبب إصدارها أمر قبض على نتنياهو ووزير دفاعه السابق غالانت، كما انسحب من اتفاقية باريس للمناخ، بسبب رفضه انخراط بلاده في سياسة خفض الغازات الدفيئة المسببة لتغير المناخ.
صورة من: Thomas Müller/dpa/picture alliance
العفو عن مثيري الشغب في الكونغرس
كما قام ترامب بالعفو عن مثيري الشغب الذين اقتحموا مبنى الكابيتول في مطلع العام 2021 احتجاجا على عدم انتخابه، كما أقر الرئيس الأمريكي تخفيضات هائلة في ميزانية المساعدات الخارجية، بذريعة مكافحة الهدر والبرامج التي تعزز التنوع والمساواة والشمول، ومن ذلك وقف المساعدات الموجهة إلى بلدان فقيرة كاليمن وأفغانستان.
صورة من: Roberto Schmidt/AFP/Getty Images
مناهضة الأقليات الجنسية
خلال حملته الانتخابية، وعد ترامب بـ"وضع حدّ لـ"جنون التحوّل الجنسي". وأعلن في حفل تنصيبه أنه "اعتبارا من هذا اليوم ستكون السياسة الرسميّة لحكومة الولايات المتحدة الاعتراف بوجود جنسَين فقط؛ الذكر والأنثى". ووقّع لاحقا أوامر تنفيذيّة تمنع المتحوّلين جنسيا من الخدمة في الجيش أو ممارسة الرياضات النسائيّة.
صورة من: Andrew Caballero-Reynolds/AFP
مواجهة داعمي الفلسطينيين
دخلت إدارة ترامب في نزاع مع بعض الجامعات الكبري مثل هارفارد موجهة اتهامات لها بالتساهل مع "معاداة السامية" لسماحها بإقامة تظاهرات في الأحرام الجامعية، تنتقد إسرائيل على خلفية حرب غزة، وبدأت إجراءات ترحيل طلبة فلسطينيين أو مؤيدين للفلسطينيين للتهم ذاتها، وتعد قضية محمود خليل ومحسن مهداوي من أبرز هذه القضايا، إذ استندت واشطنن على بند قانوني غامض يتيح ترحيل من "يهددون السياسة الخارجية الأمريكية".
صورة من: Ben Curtis/AP/dpa/picture alliance
تقليض حجم القطاع الحكومي
أوكل ترامب لصديقه الميلياردير إيلون ماسك الإشراف على هيئة مستحدثة مهمتها خفض التكاليف الفدرالية وتقليص حجم القطاع الحكومي. من أكبر ضحايا هذه السياسة كانت مؤسسات إعلامية كمؤسسة "صوت أمريكا" وشبكة "الشرق الأوسط للإرسال" التي سرحت جل موظفيها، ما أثار مخاوف كبيرة من استغلال روسيا والصين للوضع بحكم أن هذه المؤسسات موجهة للخارج.