ترامب وعام 2025.. خمسة تحديات اقتصادية تنتظر العالم
٧ يناير ٢٠٢٥عودة ترامب
في العشرين من يناير/كانون الثاني، سوف يعود دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مجددا ليشرع في رئاسته الثانية على رأس أكبر اقتصاد في العالم. ويقول خبراء إن الغموض بشأن قراراته سوف يكون التحدي الأبرز، مشيرين إلى أن تأثير مبدأ ترامب الذي يرتكز على شعار "أمريكا أولاً" سوف يتجاوز حدود الولايات المتحدة في ضوء رغبته في إعادة تشكيل النظام العالمي الراهن.
وعلى وقع ذلك، سوف تحدد العاصمة الأمريكية واشنطن القرارات المتعلقة بالازدهار الاقتصادي و العولمة وحتى انتشار الحروب أو إخمادها. ويقول الخبراء إن هذا الأمر ليس بالجديد، فطالما كانت واشنطن بمثابة عاصمة الحسم، لكن حالة عدم اليقين في ظل رئاسة ترامب هي الأمر الجديد.
فقد ألقى ترامب بظلال من الشكوك حيال التعاون الدولي وانتقد حلفاء الولايات المتحدة، خاصة أعضاء حلف شمال الأطلسي/الناتو. وسوف تثير أي قرارات حيال الاتفاقيات التجارية الدولية والثنائية مع الولايات المتحدة التي ستكون منغلقة على ذاتها خلال رئاسة ترامب، عواقب كبيرة. وسوف يترك أي تضاءل لدور الولايات المتحدة على الساحة العالمية مساحات يمكن أن تستغلها دول مثل الصين و الهند و روسيا.
حرب الرسوم الجمركية
تقع الكثير من الشركات في ولع التخطيط المسبق وتكره أي قرارات مفاجئة، لذا فإن التهديد بفرض رسوم جمركية يعد أمرا مزعجا للكثير من الشركات. ويروج ترامب إلى طرح الرسوم الجمركية على كثير من الواردات، إذ قال في منتصف ديسمبر/كانون الأول إن "الرسوم الجمركية ستجعل بلدنا غنيا". وسبق ذلك قوله في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إن "كلمة رسوم جمركية هي أجمل كلمة في القاموس".
وإبان التنافس على الانتخابات الرئاسية الأمريكية، هدد ترامب بفرض رسوم جمركية تتراوح ما بين 10 إلى 20 بالمائة على جميع السلع الداخلة إلى الولايات المتحدة، فيما قد تصل النسبة إلى 60 بالمائة على السلع الصينية في اليوم الأول لدخوله البيت الأبيض.بيد أنه مؤخرا، قال إنه سوف يفرض رسوما جمركية بنسبة 25 بالمائة على جميع المنتجات من المكسيك وكندا وتعريفات جمركية إضافية بنسبة بالمائة على السلع من الصين.
وفي ردها، تعهدت المكسيك باتخاذ إجراءات مضادة، فيما قد تفعل الصين الشيء ذاته. وكان رئيس وزراء كندا، جاستن ترودو، قد زار ترامب في فلوريدا مؤخرا لمحاولة تجنب فرض رسوم جمركية على السلع الكندية.
وترى الشركات العالمية أن قضية رفع الرسوم الجمركية نذير شؤم.
وسوف يتعرض جيران الولايات المتحدة في حالة فرض ترامب الكثير من الرسوم الجمركية، لعواقب اقتصادية صعبة لأنها سوف تعني وأد اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك. يُشار إلى أن حوالي 80 بالمائة من صادرات المكسيك وأكثر من 75 بالمائة من صادرات كندا تذهب إلى الولايات المتحدة.
وتشير الأرقام إلى أن أكثر من نصف واردات الولايات المتحدة من الفواكه والخضروات تأتي من المكسيك، بينما تستورد الولايات المتحدة الأخشاب وملايين البراميل من النفط الخام يوميا من كندا. وفي حالة تنفيذ ترامب تعهداته، فسوف ينجم عن ذلك ارتفاع في أسعار السلع داخل المتاجر، فيما يرى البعض أن ترامب يلوح بعصا الرسوم الجمركية كوسيلة للتفاوض مع هذه الدول، لكن خبراء يؤكدون أن مثل هذه التهديدات قد تثير تدابير انتقامية وتؤدي إلى زيادة شبح اندلاع حرب تجارية عالمية.
ملف الهجرة.. قضية سياسية
يرى خبراء أن القيود لن تفرض على دخول السلع وحسب، بل حتى على المهاجرين كذلك؛ إذ باتت قضية الهجرة تتصدر الأولويات السياسية حيث يشعر القادة في جميع أنحاء العالم بالحاجة إلى إظهار أنهم يسيطرون على حدودهم من خلال فرض تدابير أكثر صرامة مع المهاجرين.
ويلقى هذا النهج انتقادات حيث يحذر البعض من أنه سوف يجعل العالم أقل انفتاحا وديناميكية. وخلال الانتخابات الأمريكية، تعهدت حملة ترامب بتنفيذ "أكبر عملية ترحيل في تاريخ" الولايات المتحدة فضلا عن فرض تدابير حدودية صارمة مع المكسيك. وفي مطلع ديسمبر/كانون الأول، تعهد ترامب بإلغاء حق المواطنة بالولادة الذي يقضي بحصول أي شخص يُولد في الولايات المتحدة على جنسيتها تلقائيا.
ويتمتع الرئيس الأمريكي بسلطة كبيرة عندما يتعلق الأمر بالهجرة غير النظامية، لكن معظم مقترحاته يجب أن تُحسم داخل أروقة المحاكم.
ويمتلك الرئيس القدرة على تعطيل تدابير الهجرة القانونية من خلال تحديد عدد اللاجئين أو جعل الحصول على التأشيرات أو البطاقات الخضراء أكثر صعوبة. وسوف تلقي أية تدابير بتقليل أعداد المهاجرين في الولايات المتحدة أو ترحيلهم بظلالها على سوق العمل في البلاد بشكل سلبي.
ولا تقف الإدارة القادمة في الولايات المتحدة وحدها إلى جانب تشديد الهجرة؛ إذ تعهدت حكومات في الاتحاد الأوروبي بالحد من الهجرة غير النظامية. في هذا الصدد، جرى طرح تنفيذ فكرة "البلدان الثالثة الآمنة" التي تتضمن نقل طالبي اللجوء في أوروبا إلى "بلد ثالث آمن" خارج الاتحاد الأوروبي لمعالجة عملية اللجوء. وفي هذا السياق، تستقبل ألبانيا طالبي اللجوء الذين يصلون إلى إيطاليا عبر البحر المتوسط حيث يتم معالجة طلبات لجوئهم في هذا البلد الواقع في الجنوب الشرقي لقارة أوروبا. ومع قرب إجراء الانتخابات في ألمانيا، كشفت استطلاعات الرأي عن أن سياسة الهجرة واللجوء في أوروبا باتت من أهم القضايا بالنسبة للناخبين الألمان.
الحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا
ويبدو أن العالم سيشهد العالم خلال العام الجديد استمرار الصراعات المسلحة في عدد من الدول التي تخلف دمارا كبيرا وكوارث إنسانية. ويدعي ترامب أنه قادر على إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا في غضون 24 ساعة. ويمكن لترامب وقف الدعم الأمريكي الذي قدمته بلاده وساعد أوكرانيا على الوقوف أمام الدب الروسي منذ بدء الحرب أواخر فبراير/شباط عام 2022.
وتعد الولايات المتحدة أكبر داعم لأوكرانيا ما يعني أن ترامب يمكنه الضغط على كييف لدفعها إلى طاولة المفاوضات. وفي الشرق الأوسط، ما زالت حرب إسرائيل ضد حماس مستمرة في غزة. وفي آسيا، تواصل الصين مطالبها بالسيادة على تايوان التي تخشى أن تُقدم بكين على شن غزو عسكري يستهدفها.
وساعدت زعامة الولايات المتحدة على الساحة العالمية في تحقيق التوازن الدولي. وفي ضوء شكوك ترامب، فإن هذه السياسة التي امتدت لعقود قد تذهب إلى أدراج الرياح وقد يشجع إنشاء نظام عالمي جديد دولا مثل إيران وكوريا الشمالية على اختبار قدراتهما العسكرية.
تنامي قوة الذكاء الاصطناعي
مثل عام 2022 العام الذي شهد إطلاق شركة "أوبن إيه آي" تطبيق الذكاء الاصطناعي "تشات جي بي تي" ليدشن بذلك بداية استخدام الذكاء الاصطناعي على أرض الواقع. وفي غضون أسابيع فقط، تجاوز عدد مستخدمي التطبيق عتبة المئة مليون مستخدم. وبدأت "أوبن إيه.آي" وهي من بين الشركات الناشئة الأكبر قيمة في العالم، في 2015 كمؤسسة غير ربحية تركز على البحث، ولكنها تسعى منذ ذلك الحين إلى إجراء تعديلات هيكلية لجذب المزيد من الاستثمارات لتمويل الأبحاث المكلفة في مجال الذكاء الاصطناعي.
ومع تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، تعالت الأصوات التي تحث على وضع معايير وضوابط لتحديد طرق استخدام الذكاء الاصطناعي فضلا عن ضرورة تشجيع الموظفين على استخدامه. ومن أجل مواكبة التطور الكبير في مجال الذكاء الاصطناعي، تضخ الشركات استثمارات في سوق مراكز البيانات العالمية التي تحتاج إلى مصادر طاقة كبيرة.
وتقف مايكروسوفت وراء خطط ترمي إلى إعادة تشغيل محطة للطاقة النووية في بنسلفانيا، فيما تراهن غوغل على المفاعلات النووية الصغيرة لتشغيل مراكز بياناتها.
وخلال "قمة الويب" في لشبونة مطلع ديسمبر/كانون الأول، قال رئيس "مايكروسوفت" براد سميث إن "الذكاء الاصطناعي هو التكنولوجيا التخريبية الجديدة الكبرى"، بمعنى أنها قادرة على إحداث تغيير جذري في كل قطاعات المجتمع، على غرار ما فعلت الكهرباء قبله.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت شركات "بلاك روك" و "غلوبال إنفرستراكتشر بارتنرز (بي.آي.جي)" و "مايكروسوفت" و "إم. جي. إكس" مبادرة تحمل اسم "الشراكة الاستثمارية العالمية للاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي" (جي.أيه.آي.آي.بي) للاستثمار في إقامة مراكز بيانات جديدة وتوسيع المراكز القائمة. وستدعم المبادرة تصميما مفتوحا ونظاما بيئيا واسع النطاق، كما ستتيح الوصول الكامل وعلى أساس غير حصري لهذه البنية التحتية لمجموعة لمتنوعة من الشركاء والشركات، بحسب رويترز.
أعده للعربية: محمد فرحان