بعد حملة انتخابية طغت عليها الانتقادات الحادة، تعهّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس بلدية نيويورك المنتخب زهران ممداني العمل معا، وقد تبادلا الابتسامات والمجاملات في لقاء عقد في المكتب البيضاوي.
وُصِفَت أجواء اللقاء الذي جمع الرئيس ترامب بممداني بالإيجابية إذ كانت تصريحاتهما إيجابية صورة من: Jonathan Ernst/REUTERS
إعلان
استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الجمعة (21 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025) رئيس بلدية مدينة نيويورك المُنتخب زهران ممداني بترحاب حار في البيت الأبيض، وأشاد بما حققه في الانتخابات.
إشادة غير متوقعة
قال الرئيس الجمهوري ترامب في حديثه "أعتقد أنكم ستحصلون، وآمل ذلك، على رئيس بلدية ممتاز"، مشيرا إلى أنه "سيزداد سعادة" كلما حقق ممداني الديموقراطي "نجاحات"، معربا عن سروره للاهتمام الذي أثاره هذا اللقاء وتوافد عدد كبير من الصحفيين إلى البيت الأبيض لتغطية الحدث.
ترامب الذي سبق أن وصف ممداني بأنه "شيوعي"، قال في تصريح لصحافيين عقب اللقاء "سنساعده في تحقيق حلم الجميع، ألا وهو أن تكون نيويورك قوية وآمنة للغاية". وأمام الكاميرات، بدا ترامب وهو من نيويورك، وكأنه يعوّل على الديموقراطي البالغ 34 عاما، إذ توقّع أن "يفاجئ بعض المحافظين".
وهنّأ الرئيس الأميركي ضيفه على حملته "المذهلة" التي بدأها مغمورا تماما، ليصبح في نهاية المطاف رئيسا للبلدية ونجما صاعدا للتقدميين الأمريكيين. وعندما سُئل عن تصريحات سابقة لممداني وصفه فيها بأنه "مستبد"، قال ترامب ممازحا "لقد قيلت عني أشياء أسوأ بكثير من مستبد. ليست إهانة كبيرة. ربما يغيّر رأيه".
وجلس ترامب أمام مكتبه مبتسما لممداني، الذي كان يقف على يمينه، وهنأه على فوزه في انتخابات رئاسة البلدية التي جرت في وقت سابق من الشهر الجاري قائلا "أبلى بلاء حسنا في السباق الانتخابي ضد منافسين أقوياء وأذكياء للغاية".
إعلان
ممداني يهادن
من جهته، وصف ممداني اللقاء بأنه "مثمر للغاية"، مشدّدا على أن الاجتماع "لم يتطرّق إلى نقاط الخلاف، وهي كثيرة"، بل ركّز على "هدفهما المشترك" أي "خدمة سكان نيويورك" في مكافحة غلاء المعيشة، وهو وعد قطعه في حملته الانتخابية.
قبل اللقاء، قال ممداني "أعتزم أن أوضح للرئيس ترامب أنني سأعمل معه على أي برنامج يفيد سكان نيويورك. وإذا أضرّ أي برنامج بسكان نيويورك، فسأكون أيضا أول من يعلن ذلك"، مؤكدا استعداده "لاستكشاف جميع السبل" التي من شأنها "جعل الحياة في مدينتنا أكثر يسرا".
وقال ممداني "عقدنا اجتماعا مثمرا ركز على مدينة نيويورك، التي تجمعنا بها مشاعر الإعجاب والمحبة وعلى ضرورة توفير حياة ميسرة التكلفة لسكانها".
وطلب السياسي الاشتراكي الديمقراطي وعضو مجلس النواب ممداني، الذي فاز في انتخابات رئاسة بلدية نيويورك في وقت سابق من هذا الشهر، مقابلة ترامب لمناقشة قضايا تكلفة المعيشة والسلامة العامة.
وبعد تبادل الانتقادات اللاذعة والإهانات تناولتها وسائل الإعلام على مدى أشهر، بدا أن رئيس البلدية المنتخب والرئيس نحيا خلافاتهما جانبا، وسرعان ما نشأ بينهما تفاهم في المكتب البيضاوي.
فترة من التوتر
كان ترامب أعلن تأييده لمنافس ممداني الرئيسي أندرو كومو، وهو الحاكم الديموقراطي السابق لولاية نيويورك. ولكن في الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر، فاز زهران ممداني بأكثر من 50 بالمئة من الأصوات ضد منافسيه الاثنين، مع مشاركة قياسية تجاوزت مليوني ناخب، وهو أمر لم تشهده المدينة منذ عام 1969.
رغم الخلافات، لا يمكن لممداني تحمل تبعات انقطاع العلاقات تماما مع الرئيس الأمريكي، الذي هدد بقطع الأموال الفدرالية المخصصة لنيويورك وأمر بنشر الحرس الوطني في معاقل ديموقراطية عدة.
وبانتظار تسلّمه رئاسة بلدية نيويورك، يحاول ممداني أيضا طمأنة منتقديه. ففي مواجهة انتقادات شديدة لقلة خبرته، إذ إنه لم يتول سابقا سوى منصب نائب حي في برلمان ولاية نيويورك، عمل على إحاطة نفسه بشخصيات بارزة.
وبعد اختياره لرجل السياسة المحلية المخضرم دين فوليهان (74 عاما) ليكون معاونه الأساسي، قرر الديموقراطي يوم الأربعاء إعادة تعيين جيسيكا تيش على رأس شرطة المدينة، وهي تتمتع بسمعة طيبة، وأشيد بها لنجاحها في الحد من الجريمة في نيويورك. هذا الخيار تطرّق إليه ترامب عقب اللقاء، قائلا "إنها إشارة جيدة"، مشيرا إلى الصداقة التي تربط تيش بابنته إيفانكا.
تفكير في قضايا مستقبل نيويورك
وقال ممداني، الذي سيؤدي اليمين رئيسا لبلدية نيويورك في الأول من يناير/ كانون الثاني، خلال مؤتمر صحفي قبل يوم من توجهه إلى واشنطن، إن لديه "خلافات عدة مع الرئيس".
وذكر ممداني: "ما أقدره حقا بشأن الرئيس هو أن الاجتماع الذي أجريناه لم يركز على مواضيع الخلاف، التي هناك الكثير منها، وركز أيضا على الهدف المشترك الذي يجمعنا في خدمة سكان نيويورك".
بينما قال الرئيس عن ممداني فيما يخص قضايا التضخم: "بعض أفكاره هي نفس الأفكار التي أتبناها بالفعل". وتجاهل الرئيس انتقادات ممداني له بشأن عملية المداهمة لترحيل المهاجرين التي قامت بها إدارته ومزاعم أن ترامب كان يتصرف كحاكم مستبد.
وبدلا من ذلك، قال ترامب إن مسؤولية تولي منصب تنفيذي في الحكومة تتسبب في تغيير الشخص، قائلا إن هذا هو الحال بالنسبة له. وبدا في بعض الأحيان أنه يحمي ممداني، وتدخل نيابة عنه في عدة نقاط عندما طرح عليه الصحفيون أسئلة صعبة.
تحرير: عارف جابو
ترامب في ولايته الثانية.. قرارات صادمة وتصريحات غير دبلوماسية
هذه هي الولاية الثانية لدونالد ترامب، لكنه عازم على أن تكون فارقة في تاريخ بلاده، مجموعة من القرارات المثيرة للجدل، بلغت حد خلق صراع مع حلفائه و"انتهاك" مسلمات في السياسة الداخلية والخارجية لبلاده.
صورة من: Brendan Smialowski/AFP
ريفييرا "الشرق الأوسط"
خلال استقباله رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بداية فبراير/شباط، أعلن ترامب عن رؤيته "المذهلة" لقطاع غزّة المدمر نتيجة الحرب. خطة ترامب تقضي بـ"السيطرة" على القطاع الفلسطيني وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط". فاجأت هذه التصريحات الصحافيين الحاضرين وأثارت موجة غضب دولية وعربية، خصوصا أن ترامب طالب بتهجير الفلسطينيين قسريا إلى أماكن أخرى.
صورة من: Chip Somodevilla/Getty Images
حرب تجارية شاملة
أعلن ترامب عن حرب تجارية شاملة، وقودها رسوم جمركية، قام بفرضها على الكثير من الدول، ما أثار انتقادات كبيرة خصوصا من الحلفاء الأوروبيين، بينما كانت التداعيات أكبر مع الصين التي أعلنت بدورها عن إجراءات ضد المنتجات الأمريكية. لكن ترامب لم يتوقف عند هذا الحد، بل تباهى بأنّ عشرات الدول اتصلت "تقبل مؤخرته" على حد تعبيره، طالبة التفاوض.
صورة من: Nathan Howard/REUTERS
مهاجمة القيادة الأوكرانية
من أكبر المشاهد إثارة للجدل، مشهد التنابز اللفظي بين ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، حين شن الرئيس الأمريكي ونائبه جاي دي فانس هجوما لاذعا على زيلينسكي خلال اجتماع انتشرت مشاهده على نطاق واسع، إذ طالباه أن يكون أكثر امتنانا لدور أمريكا في الحرب مع روسيا وخصوصا توفير الأسلحة، كما اتهماه أنه لا يريد مفاوضات سلام جادة. وتعاطف الكثيرون مع زيلينسكي، وخاصة في أوروبا.
صورة من: Saul Loeb/AFP/Getty Images
تناغم وتقارب مع بوتين
في الوقت نفسه، انخرط ترامب في محادثات مع موسكو، متجاوزا الأوروبيين، وأجرى مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الذي "لطاما كانت تربطه به علاقة جيدة" والذي يعتبره "ذكيا". وأكد ترامب على استمرار الاتصالات مع بوتين، وتحدث عنه بكثير من الإيجابية عكس سلفه جو بايدن، وظهر ترامب باحثا عن خطب ود بوتين بأي طريقة.
صورة من: Maxim Shipenkov/Alex Brandon/AP Photo
مهاجمة الاتحاد الأوروبي
من جانب آخر، هاجم ترامب مراراً الاتحاد الأوروبي، وقال إن سبب إنشائه هو "استغلال" الولايات المتحدة، متّهما الأوروبيين بأنهم "انتهازيون"، كما دعاهم إلى استثمار 5% من ناتجهم الاقتصادي في الدفاع في المستقبل. أدت هجومات ترامب المتكررة إلى حذر كبير وسط الأوروبيين الذين أكد عدد من قادتهم عن ضرورة التفكير في علاقة مختلفة مع الولايات المتحدة.
صورة من: Spencer Platt/Getty Images
طموح توسعي
أعلن ترامب مرارا رغبته في جعل كندا "الولاية الأمريكيّة الحادية والخمسين"، واصفا الحدود مع الجارة الشماليّة للولايات المتحدة بأنها "خطّ مصطنع"، ما خلق أزمة بينه وبين كندا. ولم يتوقّف الرئيس الأمريكي عند هذا الحدّ، بل قال أيضا "نحن بحاجة" إلى غرينلاند التابعة للسيادة النرويجية، كما أعلن أنه يرغب باستعادة قناة بنما.
صورة من: Alex Brandon/AP/picture alliance
سياسة هجرة صارمة
باشر ترامب تنفيذ سياسة صارمة للغاية لترحيل المهاجرين غير النظاميين من الولايات المتحدة، وطرد أكثر من 200 شخص إلى سجن شديد الحراسة في السلفادور، وشن حربا ضد عصابات المخدرات المكسيكية التي وصفها بأنها منظمات إرهابية أجنبية، لكن ترامب واجه أحكاما قضائية وقفت ضد عددا من مخططاته ومن ذلك تشديد الهجرة.
صورة من: Alex Brandon/AP/dpa/picture alliance
الانسحاب من معاهدات وهيئات دولية
مباشرة بعد بدء فترته الرئاسية، سحب ترامب بلاده من منظمة الصحة العالمية التي سبق أن وجه لها انتقادات كبيرة بسبب طريقة مواجهتها لفيروس كورونا، وأعلن عن عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بسبب إصدارها أمر قبض على نتنياهو ووزير دفاعه السابق غالانت، كما انسحب من اتفاقية باريس للمناخ، بسبب رفضه انخراط بلاده في سياسة خفض الغازات الدفيئة المسببة لتغير المناخ.
صورة من: Thomas Müller/dpa/picture alliance
العفو عن مثيري الشغب في الكونغرس
كما قام ترامب بالعفو عن مثيري الشغب الذين اقتحموا مبنى الكابيتول في مطلع العام 2021 احتجاجا على عدم انتخابه، كما أقر الرئيس الأمريكي تخفيضات هائلة في ميزانية المساعدات الخارجية، بذريعة مكافحة الهدر والبرامج التي تعزز التنوع والمساواة والشمول، ومن ذلك وقف المساعدات الموجهة إلى بلدان فقيرة كاليمن وأفغانستان.
صورة من: Roberto Schmidt/AFP/Getty Images
مناهضة الأقليات الجنسية
خلال حملته الانتخابية، وعد ترامب بـ"وضع حدّ لـ"جنون التحوّل الجنسي". وأعلن في حفل تنصيبه أنه "اعتبارا من هذا اليوم ستكون السياسة الرسميّة لحكومة الولايات المتحدة الاعتراف بوجود جنسَين فقط؛ الذكر والأنثى". ووقّع لاحقا أوامر تنفيذيّة تمنع المتحوّلين جنسيا من الخدمة في الجيش أو ممارسة الرياضات النسائيّة.
صورة من: Andrew Caballero-Reynolds/AFP
مواجهة داعمي الفلسطينيين
دخلت إدارة ترامب في نزاع مع بعض الجامعات الكبري مثل هارفارد موجهة اتهامات لها بالتساهل مع "معاداة السامية" لسماحها بإقامة تظاهرات في الأحرام الجامعية، تنتقد إسرائيل على خلفية حرب غزة، وبدأت إجراءات ترحيل طلبة فلسطينيين أو مؤيدين للفلسطينيين للتهم ذاتها، وتعد قضية محمود خليل ومحسن مهداوي من أبرز هذه القضايا، إذ استندت واشطنن على بند قانوني غامض يتيح ترحيل من "يهددون السياسة الخارجية الأمريكية".
صورة من: Ben Curtis/AP/dpa/picture alliance
تقليض حجم القطاع الحكومي
أوكل ترامب لصديقه الميلياردير إيلون ماسك الإشراف على هيئة مستحدثة مهمتها خفض التكاليف الفدرالية وتقليص حجم القطاع الحكومي. من أكبر ضحايا هذه السياسة كانت مؤسسات إعلامية كمؤسسة "صوت أمريكا" وشبكة "الشرق الأوسط للإرسال" التي سرحت جل موظفيها، ما أثار مخاوف كبيرة من استغلال روسيا والصين للوضع بحكم أن هذه المؤسسات موجهة للخارج.