شد وجذب هي العلاقة بين طرفي الأطلسي منذ مجيئ ترامب. رئيس تاجر يحسب العلاقة حتى مع الحلفاء بالناتو بمنطق الدفع والمشاركة، ويعتبر" ألمانيا أسيرة في يد روسيا"، لكن برلين ترد بأنها "مستقلة القرار وضامنة للعالم الحر".
إعلان
مسائية DW: إلى متى سيصمد حلف الناتو أمام تهديدات ترامب؟
49:28
رفض وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، الانتقاد القاسي الذي وجهه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتعاون بين ألمانيا وروسيا. وقال ماس اليوم الأربعاء (11 تموز/ يوليو) في بروكسل "لسنا أسرى في يد روسيا ولا الولايات المتحدة، ونحن أحد ضامني العالم الحر، وسنبقى كذلك".
وكان ترامب قد انتقد بشدة التعاون بين ألمانيا وروسيا في قطاع الطاقة، إذ قال اليوم الأربعاء خلال قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في بروكسل، إن "ألمانيا خاضعة تماما لسيطرة روسيا"، وذلك في إشارة إلى خط نورث ستريم 2، وأضاف أن "ألمانيا أسيرة في يد روسيا".
كذلك سبقت المسشارة الألمانية أنغيلا ميركل وزير الخارجية وردت على انتقادات ترامب بتأكيدها على استقلالية القرار الألماني بقولها "يمكننا اعتماد سياساتنا الخاصة ويمكننا اتخاذ قرارات مستقلة".
ويوجه ترامب انتقاداته إلى ألمانيا أيضا بسبب عدم رفعها نفقاتها العسكرية إلى ما يعادل 2 بالمائة من إجمالي ناتجها المحلي، حسب ما تم الاتفاق عليه في قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في ويلز عام 2014.
يشار إلى أن ألمانيا منذ ذلك التاريخ، رفعت نفقاتها العسكرية من 1,18 بالمائة إلى 1,24 بالمائة، وقال ماس إن بلاده سترفع نفقاتها الدفاعية بحلول عام 2024 بنسبة 80 بالمائة مقارنة بنفقاتها في عام 2014 "وهذا مقدار، فيما أرى، يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار".
مضاعفة النفقات العسكرية
لكن يبدو أن ترامب ليس مقتنعا بهذه النسبة، إذ اقترح خلال القمة أن ترفع الدول الأعضاء في الحلف نفقاتها العسكرية إلى 4 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي لكل دولة. جاء ذلك وفقا لما أكدته سارة ساندرز المتحدثة باسم ترامب. وأوضحت ساندرز أن ترامب اقترح خلال جلسة الأعضاء الـ29، ألا تحقق الدول الأعضاء الأخرى هدف الـ2 بالمائة المتفق عليه في قمة 2014 في ويلز وحسب، بل أن ترفع هذه النسبة إلى 4 بالمائة. وأشارت إلى أنه كان تحدث عن هذا الموضوع بالفعل في العام الماضي، وقالت إن ترامب " يريد أن يتقاسم حلفاؤنا جزءا أكبر من الأعباء وأن يفوا على الأقل بالالتزامات التي تم تحديدها بالفعل".
ورغم انتقاداته للشركاء الأوروبيين أكد الرئيس الأمريكي خلال لقاء مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أنه "لم تكن هناك يوما قطيعة" بين الولايات المتحدة وأوروبا رغم التوترات خلال قمة الحلف الأطلسي في بروكسل بحسب الاليزيه.
وخلال اللقاء الذي دام أربعين دقيقة مع ماكرون في مقر الحلف ذكّر ترامب "بتمسكه الشحصي بأوروبا" و"بعث رسائل إيجابية وبناءة عن أوروبا" حسبما قالت الرئاسة الفرنسية في ختام الاجتماع. وأضافت أنه بالنسبة لترامب "لم تقطع العلاقات بين الولايات المتحدة وأوروبا".
ع.ج/ ع.خ (أ ف ب، د ب أ، رويترز)
محطات تاريخية - أوروبا والسعي الدائم للخروج من العباءة الأمريكية!
بعد الحرب العالمية الثانية عملت أمريكا على تقديم مساعدات لأوروبا والحد من التوسع السوفيتي فوق أراضيها. لكن المتتبع للعلاقات عبر الأطلسي يجد أن الدول الأوروبية بدأت تنأى بمواقفها عن مواقف حليفتها واشنطن في ملفات كثيرة.
صورة من: picture alliance/C.Ohde
مشروع مارشال
لم تخرج أمريكا من الحرب العالمية الثانية بخسائر على عكس نظيرتها أوروبا التي فقدت الكثير على كل المستويات، ولهذا جاءت خطة مارشال بهدف إعادة بناء الاقتصاد الأوروبي عن طريق تقديم المساعدات. ويعود اسم المشروع إلى وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جورج مارشال الذي أطلق المشروع في حزيران/ يونيو 1947، أمام طلاب جامعة هارفرد. مشروع مارشال عُلقت عليه آمال مهمة، كتعزيز الاستقرار السياسي والسلام في العالم.
صورة من: picture-alliance/dpa
تعاون يورو- أمريكي
شكل حلف الأطلسي خطوة مهمة في تاريخ العلاقات بين الجانبين الأوروبي والأمريكي. وقد اجتمعت القوتان في 1949 وأنشأت المنظمة تحت اسم "منظمة حلف شمال الأطلسي"، اختصارا "الناتو". وكان الهدف من المنظمة هو التصدي لخطر الاتحاد السوفيتي حينها. يشكل الناتو نظاماً للدفاع الجماعي، إذ تتفق فيه الدول الأعضاء على الدفاع المتبادل رداً على أي هجوم من قبل أطراف خارجية.
صورة من: picture-alliance/akg-images
فرنسا تنسحب..
في 1966 انسحبت فرنسا من قيادة حلف شمال الأطلسي "الناتو" ما شكل زلزالاً هز وحدة حلف الناتو في وقت مبكر من تاريخ قيامه، وذلك بسبب أزمة وقعت خلال فترة رئاسة شارل ديغول لفرنسا. وأحتج ديغول على الدور القوي الذي تقوم به الولايات المتحدة في المنظمة، وهو ما اعتبره علاقة خاصة بينها وبين المملكة المتحدة، قائلاً إن فرنسا تريد انتهاج خط مستقل عن الحلف وسياسة واشنطن.
صورة من: AFP/Getty Images
خطوة إلى الأمام
من بين المحاولات المهمة التي قامت بها دول الاتحاد الأوربي لتبتعد عن "وصاية" واشنطن، الشراكة الأورومتوسطية. إذ بدأت عام 1995 من خلال مؤتمر برشلونة الأورومتوسطي الذي اقترحته إسبانيا وقام الاتحاد الأوروبي بتنظيمه لتعزيز علاقاته مع البلدان المطلة على المتوسط في شمال أفريقيا وغرب آسيا. الشراكة لم تستمر طويلاً، إلا أنها وضعت أسس لعلاقات إقليمية جديدة، وشكلت نقطة تحول في العلاقات الأورومتوسطية.
صورة من: AP
رفض ومعارضة
في 2003، أعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمستشار الألماني غيرهارد شرودر معارضتهما الشديدة لقرار أمريكا وحلفائها باحتلال العراق. شكل هذا الموقف لحظة قوية عبرت فيها الدولتان الأوربيتان الكبيرتان عن رفضهما سياسة "العم سام" في الشرق الأوسط. وقادتا الاتحاد الأوربي في هذا الاتجاه، حيث أعلن الاتحاد الأوربي معارضته مبدئياً للجوء للقوة، واشترط أن تتم أي عملية عسكرية بتفويض من مجلس الأمن.
صورة من: HECTOR MATA/AFP/Getty Images
اتفاقية "بيسكو"
في 2017، وقع 23 عضوا في الاتحاد الأوروبي على اتفاقية "بيسكو" الرامية لتعزيز التعاون بمجال الدفاع. وشكل توقيع هذه الاتفاقية أبرز خطوة أقدمت عليها دول الاتحاد في اتجاه تشكيل ذراع عسكري تتخلص بفضله من التبعية العسكرية للولايات المتحدة، وتعتمد عليه في تنفيذ سياستها وخصوصاً في منطقة حوض البحر المتوسط وشمال أفريقيا والشرق الأوسط وغيرها من مناطق الجوار الأوروبي.
صورة من: Reuters
الانسحاب من الاتفاق النووي
انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي الإيراني لاقى رفضاً من قبل الدول الأوروبية الثلاث الكبرى. ويشير هذا الرفض إلى سياسة الاتحاد الأوروبي الذي يسعى لنهج استراتيجية مستقلة عن واشنطن، خاصة وأن الاتفاق النووي واحد من أكثر الملفات الحساسة ليس فقط في الشرق الأوسط، وإنما في العالم بأسره.
صورة من: Imago/Ralph Peters
السفارة الأمريكية في القدس
رفضت دول من الاتحاد الأوروبي فتح السفارة الأمريكية في القدس. وكان هذا الرفض دليلاً على تزايد الاختلافات بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين، ما يدفعهم للسعي نحو الخروج من دارة "التبعية" لأمريكا. وكان عدد من وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي قد وصفوا نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس بـ "الخطوة غير الحكيمة التي قد تؤدي إلى تصعيد حدة التوتر".
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Yefimovich
ملفات أخرى...
ملف الشرق الأوسط ليس الجانب الوحيد الذي تبرز فيها رغبة أوروبا في فك من ارتباطها بأمريكا. ويمكن الوقوف عند آخر نقطة في الملف، حيث رفعت أمريكا الرسوم الجمركية على الحديد والألمنيوم. وتشكل هذه الرسوم الجمركية تحدياً كبيراً وضعه ترامب في طريق الأوروبيين. وكانت دول أوروبية قد طالبت بضرورة الحصول على إعفاء دائم من هذه الرسوم، إلا أن الأمر ما يزال عالقاً. إعداد: مريم مرغيش.