ترحيل آلاف المهاجرين المصريين من ليبيا.. خفايا تحت الضوء!
٦ يونيو ٢٠٢٣خلال الأيام القليلة الماضية، قامت قوات شرق ليبيا بترحيل آلاف المصريين وعدد من الجنسيات الإفريقية الأخرى المتواجدين في البلاد قالت إنهم دخلوا بشكل غير قانوني.
أظهرت مقاطع فيديو وصور -تم التحقق من صحتها- أن السلطات الليبيبة قامت بترحيل آلاف الأشخاص سيراً على الأقدام عبر الحدود البرية بين مصر وليبيا، وفق ما أعلن مصدران أمنيان مصري وبشرق ليبيا. فيما اختلف المصدران في عدد المهاجرين المرحلين.
وقال مصدر أمني مصري وآخر ليبي إن قوات شرق ليبيا طردت آلاف المهاجرين المصريين المتواجدين في البلاد بشكل غير قانوني في الأيام الأخيرة ورحلتهم إلى بلادهم عبر الحدود البرية بين البلدين.
وقال المصدر الأمني الليبي إن القوات عثرت على أربعة آلاف مهاجر خلال مداهمات على مهربي البشر، مشيراً إلى أنه جرى ترحيلهم جميعاً.
أما المصدر الأمني المصري، فأفاد بأن نحو 2200 مهاجر فقط من أصل أربعة آلاف كانوا موجودين في ليبيا بشكل غير قانوني هم من جرى ترحيلهم. وأضاف أن معظم المرحلين من المصريين بينما كان بعضهم يحمل جنسيات إفريقية أخرى. وأشار إلى أنهم نُقلوا إلى موقع قريب من الحدود ثم ساروا لمسافة كيلومترين في اتجاه مصر، وفق ما نقلت وكالة رويترز.
ونشرت عدة حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي (مصرية وليبيبة) فيديوهات لآلاف الأشخاص يسيرون في اتجاه معبر امساعد الحدودي بين مصر وليبيا.
وتشير مصادر إعلامية ليبية مختلفة إلى أن عمليات ترحيل المزيد من اللاجئين متواصلة، وخاصة من تقول السلطات الليبية إنهم تم تحريرهم من قبضة مهربي البشر وذلك خلال الحملة الأمنية الليبية المكثفة التي تشهدها البلاد منذ الأربعاء (01يونيو/حزيران) الماضي في محاولة لضبط الأمن والحدّ من تدفقات الهجرة غير النظامية.
وبحسب وسائل إعلام ليبية محلية، فقد داهمت قوات حرس الحدود التابعة لخليفة حفتر، مقرات في بلدة أمساعد، واحتجزت أطنانًا من البضائع المهربة والممنوعات، كما أوقفت مئات المهاجرين المصريين غير النظاميين لإعادتهم إلى مصر عبر حدود السلوم، بحسب شبكة أخبار ليبيا وبوابة الوسط الليبية.
وتنشط في ليبيا عصابات متخصصة في تهريب المهاجرين غير النظاميين، ويدير أفرادها أنشطتهم بعيداً عن أعين الأجهزة الأمنية فيما يقول آخرون إن العمل يتم بالتواطؤ مع بعضها.
ومؤخراً أطلقت السلطات الليبية عدة حملات أمنية في مناطق مختلفة لملاحقة تلك العصابات وتفكيك شبكاتها في محاولة للتصدي لأزمة الأعداد المتزايدة من المهاجرين غير النظاميين الذين ينطلقون نحو أوروبا قادمين من ليبيا وهو الأمر الذي يثير قلقاً أوروبياً كبيراً خصوصاً لدى إيطاليا.
غضب مصري وترحيب ليبي
وأثارت مشاهد آلاف الأشخاص - وخصوصاً المصريين منهم - وهم يسيرون على الأقدام في شكل طوابير طويلة حاملين أمتعتهم على ظهورهم غضباً عارماً على مواقع التواصل الاجتماعي.
ووصف مغردون مصريون الواقعة بالكارثة
يقول الكاتب والروائي المصري البارز إبراهيم عبد المجيد إن إعادة هذه الأعداد من المصريين من ليبيا تم بتنسيق أمني مع مصروأن هؤلاء الأشخاص غادروا مصر لليبيا بطريقة غير شرعية في محاولة للوصول إلى أوروبا وأن عصابات تهريب البشر كانت تحتجز بعضهم
وأشار نشطاء ومغردون إلى أن المشهد بدا أقرب إلى طوابير أسرى الحرب، خاصة وأن الأشخاص بدوا مرهقين للغاية وهم يسيرون في أجواء تبدو شديدة الحرارة متجهين إلى الحدود المصرية برفقة قوات ليبية للإشراف على عملية خروجهم من البلاد.
وفي الوقت الذي انتقدت فيه مؤسسات حقوقية عمليات الترحيل، أكد مغردون ليبيون أن الأمر "لا يوجد فيه أي طرد تعسفي"، وأبدوا تأييدهم لما قامت به الأجهزة الامنية، وقالوا إن مصر تفرض علي الليبيين التسجيل و دفع مبالغ دخول و خروج منها و أنه "من حق الدولة الليبية المحافظة علي حدودها والتركيبة الديمغرافية" .
على الجانب الآخر، نشرت حسابات ليبية فيديوهات مختلفة تظهر فيها علامات الترحيب بترحيل المهاجرين المصريين
ووصف بعضهم تلك الأعداد من المصريين بأنها "احتلال رسمي"
فيما قالت منصات إعلامية ليبية إن الترحيل بسبب دخول البلاد بصورة غير قانونية
ما أوضاع المصريين في ليبيا؟
بحسب وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء European Union Agency for Asylum فإن نحو نصف المصريين في ليبيا يتواجدون في الشرق فيما يتواجد نحو 43% في الغرب ونحو 5% في الجنوب، كما أشار التقرير إلى أن بعض المصريين يستقرون في ليبيا لفترات قد تتعدى العامين قبل الهجرة إلى أوروبا.
وفقًا لتقديرات تتبع عمليات النزوح الصادرة عن المنظمة الدولية للهجرة (IOM) لعام 2022 ، فإن هناك ما مجموعه 144,543 مهاجرًا مصريًا في ليبيا، وهو ما يمثل 21 في المائة من إجمالي السكان المهاجرين في البلاد وثاني أكبر حصة بين جميع الجنسيات بعد النيجيريين بحسب التقرير الصادر العام الماضي.
ووفق الجهاز المركزي المصري للتعبئة والإحصاء، فقد تجاوز إجمالي عدد العاملين المصريين في ليبيا في عام 2011 مليوني عامل، ولكن بعض التقديرات تشير إلى أن الرقم أكبر من ذلك ويتوقع أن يزيد بشكل كبير مع توقيع مصر وليبيا قبل عامين اتفاقية ضمن ملف إعادة إعمار ليبيا.
ووفقًا لوزارة الخارجية المصرية، تستضيف ليبيا حوالي 1.6 مليون مصري. لكن بسبب تصاعد النزاع المسلح داخل ليبيا، والعنف ضد العمال المهاجرين المصريين ، وخاصة بعد إعدام 21 مواطنًا مصريًا في منتصف فبراير/شباط 2015 ، اضطر آلاف المصريين إلى ترك وظائفهم وممتلكاتهم والعودة إلى مصر.
يذكر أنه في أغسطس/آب 2014، وصل ما يقرب من 50 ألف مصري إلى معبر امساعد-السلوم الحدودي وقام برنامج الغذاء العالمي بدعم عودتهم إلى مصر، وقالت الحكومة المصرية إن عدد المهاجرين الاقتصاديين العائدين إلى مصر سيصل إلى 500 ألف شخص بنهاية عام 2015.
وبحسب التقارير الدولية فإنه في أعقاب سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 أصبحت ليبيا نقطة انطلاق رئيسية لعمليات الهجرة غير النظامية إلى السواحل الأوروبية، كما أنها أصبحت الوجهة الأكثر تفضيلاً للمصريين الراغبين في الوصول إلى أوروبا.
وتفيد تقارير متعددة بوجود تصاعد ملحوظ في أعداد المصريين الذين يدخلون إلى الأراضي الليبية، سواء بهدف العمل والإقامة داخلها بطريقة غير قانونية، أو بهدف عبور البحر المتوسط نحو أوروبا.
شكاوى إيطالية من تزايد أعداد المهاجرين المصريين
تقول إيطاليا التي تعد هي الجهة المفضلة لأغلب المهاجرين القادمين من ليبيا إن عدد من يعبرون إلى أوروبا ارتفع بشكل حاد هذا العام وأن أعداد المصريين بينهم في تزايد.
من جانبها، تقول السلطات الإيطالية إنها استقبلت في عام 2022 أكثر من 100 ألف مهاجر، منهم نحو 20 ألف مصري بحسب وزارة الداخلية الإيطالية. وتراجعت أعداد المهاجرين انطلاقاً من السواحل المصرية بشدة بين عامي 2016 و 2020 بعد أن تبنت القاهرة تشريعات صارمة للغاية ضد الاتجار بالبشر منها السجن المشدد وغرامات تتراوح بين 10 آلاف و 25 ألف يورو.
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة فإن نحو 15887 مصرياً قد وصلوا إيطاليا في الفترة ما بين عامي 2020 وحتى مارس/آذار 2023 وأن السبب الرئيسي وراء هجرتهم هو البحث عن مستقبل أفضل وخصوصاً في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية في مصر في أعقاب أزمة كوفيد.
وحذرت المنظمة الدولية من أن أعداد المصريين الواصلين إلى إيطاليا عبر البحر قد ترتفع بشدة لعدة عوامل منها عدم الاستقرار السياسي في المنطقة إضافة إلى تراجع إمكانية سفر المصريين عبر الطرق القانونية إلى أوروبا.
ووفقاً لوكالة الاتحاد الأوروبي للجوء فإن البيانات تشير إلى أن معظم المهاجرين المصريين يسافرون إلى الاتحاد الأوروبي بالقوارب من ليبيا على طول طريق وسط البحر الأبيض المتوسط. وقد بلغ عدد الوافدين المصريين واحد من كل ثلاثة أشخاص كنسبة من إجمالي عمليات الإنزال التي بلغت ذروتها في فبراير/شباط 2022.
وتسيطر مجموعة من الفصائل المسلحة المتنافسة على الأراضي في المناطق الغربية من ليبيا بينما يسيطر الجيش الوطني الليبي (قوات شرق ليبيا) بقيادة اللواء خليفة حفتر على شرق البلاد.
وتلقي الأعداد المتزايدة من المهاجرين غير النظامين في ليبيا الضوء على تفشي عمليات تهريب البشر في ظل مخاوف متصاعدة من تواجد المزيد من المهاجرين غير النظاميين في مناطق أخرى من لييبا لم تصل لها القوات الليبية.
وتقول وكالات الهجرة إن ليبيا بها نحو نصف مليون مهاجر يأمل كثيرون منهم في عبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، فيما يستقر آخرون فيها بحثاً عن عمل في البلد الغني بالنفط.
مهاجر نيوز 2023 ـ عماد حسن