في تطور مثير، أعلن رئيس الوزراء المصري الأسبق أحمد شفيق أن الامارات العربية، منعته من مغادرة أراضيها بعد عزمه الترشح للرئاسة المصرية. فما هي المخاطر التي يشكلها شفيق على مصالح الإمارات وعلى حظوظ إعادة انتخاب السيسي؟
إعلان
في فصل جديد من فصول العبث في الشرق الأوسط وبعد الاستقالة "المتريثة" لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، ظهرت دولة خليجية أخرى تمنع شخصية عربية من السفر لأسباب سياسية، على الأقل حسبما يدعيه أحمد شفيق رئيس الوزراء المصري الأسبق والمرشح الرئاسي الذي واجه مرسي بعد ثورة يناير 2011. شفيق أكد، في شريط فيديو بثته قناة الجزيرة القطرية، أن قرار المنع يرتبط بعزمه خوض الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل، كما أصر شفيق على العودة لمصر "خلال الأيام المقبلة".
وبهذا الشأن، وفي حوار مع DW عربية أكد وليد الشيخ الإعلامي والخبير في الشأن المصري المقيم في ألمانيا أن طموح أحمد شفيق الرئاسي يشكل تحديا لشرعية عبد الفتاح السيسي بحكم الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها رئيس الوزراء الأسبق ليس فقط لدى الرأي العام المصري، ولكن أيضا داخل المؤسسة العسكرية. المثير أيضا أن الإمارات، الحليف المقرب من نظام السيسي، أقدمت على خطوة تذّكر بسيناريو استقالة الحريري، ما يؤكد أن الحسابات الإقليمية لعبت دورا أساسيا في هذه القضية، رغم أن الإمارات نفت ما ادعاه شفيق واتهمته بـ"نكران الجميل".
منافس مزعج للسيسي
في شريط الفيديو تحدث شفيق عن "خبرته الطويلة في القوات المسلحة" و"النجاح الذي شهد به الجميع" أثناء توليه وزارة الطيران المدني". وسبق لشفيق أن قاد قوات سلاح الجو المصري، وبرز اسمه بعد أن عينه حسني مبارك رئيسا للوزراء. وارتبط اسمه بشكل خاص بخسارته للانتخابات الرئاسية عام 2012 أمام محمد مرسي الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين في أول انتخابات ديموقراطية تعرفها البلاد وكان الفرق بينه وبين مرسي ضئيلا جدا من حيث الأصوات، بل إن شفيق ذهب لحد التشكيك في نتائج الانتخابات آنذاك وقال إنه تم التلاعب بها.
أحمد شفيق يعلن ترشحه لرئاسة مصر..فهل ينجح في منافسة السيسي؟
02:08
الدكتور معتز سلامة خبير شؤون الخليج والباحث بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية له رأي آخر إذ أوضح في حوار مع DW عربية أنه "لو تقدم شفيق اليوم للانتخابات لتبدد الكثير من الصورة التي رسمها لنفسه أو رسمت حوله عام 2012". ويتابع "المصريون مهتمون اليوم باستعادة الدولة الوطنية بعكس المرحلة السابقة التي كان فيها خطر داهم هدد الدولة ما أدى لانقسام في أصوات الشعب بين أنصار الدولة وأنصار النظام السابق ثم أنصار الإخوان المسلمين". إلا أن وليد الشيخ يرى أن الوزن السياسي لشفيق حاليا يكمن في كونه "مرشح احتجاجي محتمل ضد السيسي".
ابن الدولة العميقة...ولكن؟
عرف شفيق بانتقاداته لسياسة السيسي سواء من حيث تخليه عن تيران وصنافير أو من حيث مشاريعه الاقتصادية الفاشلة في قناة السويس وغيرها. وإضافة لوقوفه ضد جماعة الإخوان المسلمين دعا شفيق في فيديو إعلان ترشحه إلى تطبيق الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. وأوضح أن "الديمقراطية الحقة والحقوق الإنسانية الطبيعية ليست بمنحة من أحد كما أنها لا تمنح أو تطبق تدريجيا إطلاقا" في إشارة لتصريحات السيسي التي لا تعتبر الديموقراطية أولوية. ولكلام شفيق وزنه خصوصا وأن المنظمات الحقوقية تشتكي بطش نظام السيسي فيما تعتبره أسوأ حملة قمع في تاريخ البلاد.
غير أن شفيق يبقى ابنا بارا من أبناء الدولة العميقة حيث شغل مناصب حساسة في الحكومة وداخل المؤسسة العسكرية في عهد الرئيس السابق حسني مبارك. ولربما استطاع شفيق إعادة انتاج وجه آخر للدولة المصرية مختلف عن الذي يقدمه السيسي حيث هناك من يرى أن "شخصية كشفيق ستحظى بدعم الغاضبين والمستائين من سياسة السيسي حتى من قيادات المخابرات العامة التي أطاح السيسي بالعديد منهم، وحتى داخل بعض قيادات الجيش" على حد تعبير الشيخ.
مصر تدشن قناة السويس الجديدة وسط مراسم احتفالية
دشن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخميس "قناة السويس الجديدة" التي تعقد عليها الآمال لإنعاش الاقتصاد المصري، بعرض جوي وبحري وبمشاركة دولية واسعة.
صورة من: picture-alliance/dpa/Str
احتفالاً بافتتاح القناة الجديدة علق كثير من المصريين أعلام بلدهم على سياراتهم وشرفات منازلهم، وسط تركيز إعلامي كبير على الإنجاز الذي صنعه المصريون خلال عام واحد.
صورة من: Reuters/M. Abd El Ghany
دشن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخميس "قناة السويس الجديدة" التي تعقد عليها الآمال لإنعاش الاقتصاد المصري بعرض جوي وبحري، وبمشاركة دولية واسعة.
صورة من: Reuters/The Egyptian Presidency
من جانبه أشاد نائب المستشارة ووزير الاقتصاد الألماني زيغمار غابرييل، المشارك في حفل الافتتاح، بجهود مصر في إنجاز المشروع العملاق، قائلاً: "إن توسيع قناة السويس يعد إنجازاً هندسياً رائعاً تم النجاح في إتمامه في وقت قياسي بفضل مشاركة شركات ألمانية وخبرتها".
صورة من: Getty Images/S. Gallup
وكانت أولى تجارب تشغيل قناة السويس الجديدة قد كللت بالنجاح. وانطلقت التجارب يوم السبت الماضي وشاركت فيها قافلتان من السفن العملاقة. وتعد القناة الجديدة جزءا من مشروع بمليارات الدولارات يهدف إلى تحفيز التجارة بين أوروبا وآسيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
يبلغ طول قناة السويس الجديدة 72 كلم، وهي عبارة عن فرع للقناة الأصلية التي يعود تاريخ بنائها إلى 145 عاما. ويمر الفرع الجديد بالموازاة مع قناة السويس التي يبلغ طولها 190 كلم وتشكل محورا هاما للتجارة العالمية، حيث عبرتها نحو 17100 سفينة خلال عام 2014، وفق الأرقام الرسمية للهيئة المديرة للقناة.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
الهدف من تشغيل المجرى الجديد هو مضاعفة القدرة الاستيعابية لحركة الملاحة في القناة وتتوقع هيئة قناة السويس أن يكون بوسع حوالي 97 سفينة عبور القناة يومياً بحلول 2023 مقابل 49 سفينة حالياً.
صورة من: Reuters/M. Abd El Ghany
ويزيد افتتاح القناة الجديدة إيرادات القناة السنوية من 5.3 مليارات دولار (حوالي 4.7 مليار يورو) متوقعة لعام 2015 إلى 13.2 مليار دولار ( 11.7 مليار يورو) عام 2023.
صورة من: Getty Images/AFP
مثل القناة الأولى تربط قناة السويس الجديدة بين البحر الأحمر والبحرالمتوسط، حيث يمكن الإبحار في كلا الاتجاهين، أي من الجنوب عبر البحر الأحمر إلى البحر المتوسط وفي الاتجاه المعاكس من الشمال أيضا. ومن المنتظر أن تساهم القناة في تخفيض فترة انتظار عبور السفن من 18 إلى 11 ساعة.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
بلغت تكلفة أعمال بناء قناة السويس الجديدة التي انطلقت في الخامس من آب/ أغسطس 2014 نحو أربعة مليارات دولار، وفق تقديرات للحكومة المصرية.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
شاركت في تجارب تشغيل قناة السويس الجديدة ست سفن حاويات عبرت القناة في قافلتين: القافلة الأولى قدمت من السويس وضمت سفنا حملت أعلام سنغافورة ولوكسمبورغ والبحرين. أما الثانية فجاءت من بورسعيد، الواقعة شمالا على البحر المتوسط، وقد ضمت سفنا تحمل أعلام ليبيريا وهونكونغ وسنغافورة أيضا.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Shaker
تمت عملية التشغيل التجريبي لقناة السويس الجديدة في ظل تأمين جوي وبحري مكثف من خلال استخدام طائرات الهليكوبتر والمنشآت البحرية التابعة للجيش المصري.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
مشروع تطوير قناة السويس هو أحد المشاريع الكبيرة للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أصر على ألا تتجاوز عملية البناء مدة عام. وبالفعل تم الافتتاح الرسمي كما خُطط له من قبل. ويأمل السيسي في أن يعوض هذا المشروع العجز الذي تسبب فيه تراجع قطاع السياحة والاستثمارات الأجنبية منذ ثورة يناير/ كانون الثاني 2011.
صورة من: picture-alliance/dpa/Office Of The Egyptian President
تم البدء في حفر قناة السويس الأولى عام 1859 ودامت مدة بنائها عشرة أعوام. وتعد القناة مصدرا حيويا للعملية الصعبة في مصر. وقد كانت القناة في ملك شركة فرنسية-بريطانية قبل أن يعلن الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر عام 1956 تأميمها. وقد تتسبب ذلك في اندلاع حرب عرفت بـ"العدوان الثلاثي" على مصر.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
إلى جانب القناة الجديدة تخطط الحكومة المصرية لبناء مركز صناعي ولوجيستي وتجاري بالقرب منها، حيث من المقرر بناء عدة موانئ تعمل على تقديم خدمات للأساطيل التجارية التي تعبر القناة.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
كما تخطط الحكومة المصرية لإقامة قناة جانبية بميناء شرق بورسعيد على البحر المتوسط والبدء في تنفيذه بعد افتتاح قناة السويس الجديدة بهدف مساعدة السفن على الدخول مباشرة إلى الميناء. ومن المقرر أن يبلغ طول هذه القناة الجانبية 9.5 كيلومترا عمقها 18.5 مترا، وعرضها التحتي 250 مترا.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Elfiqi
ارتياح وفرح لدى المهندسين والعمال الذين شاركوا في عملية حفر وبناء قناة السويس الجديدة بعد نجاح تجارب التشغيل الأولى، وفقا للمسؤولين المصريين.
صورة من: picture-alliance/dpa/Str
16 صورة1 | 16
حاجز الحسابات الاقليمية
"يرى وليد الشيخ في "الخطوة الإماراتية محاولة لمنع شفيق من المضي قدما في الترشح للانتخابات الرئاسية المصرية، فالإمارات استضافت شفيق، بعدما تم توجيه اتهامات له في مصر وصفها البعض بأنها اتهامات سياسية، هدفها منعه من العودة لمصر وتهديد شرعية عبد الفتاح السيسي". ويذهب الشيخ إلى القول أن الأمر يتعلق بعملية اقليمية تقوم على تحالف الصقور "ترامب، ابن سلمان، إبن زايد والسيسي". وبالتالي، فإن ترشح شخصية كشفيق من شأنها إرباك معادلات إقليمية في طور التشكل بالمنطقة.
الشيخ خلص إلى أن هناك مقاربتان: الأولى تقول إن الإمارات ضد ترشح شفيق بسبب تحالفها مع السيسي. وهناك رأي آخر يقول إن الإمارات تخشى أن تتهم بأنها تلعب بورقة شفيق لصالحها خصوصا وأن الكثيرين قالوا إن شفيق لن يترشح إلا بقبول إماراتي.