تركيا: أنفقنا 7.6 مليار دولار لاستضافة لاجئين سوريين
١٨ سبتمبر ٢٠١٥
مع بداية الأزمة السورية أعلنت الجارة تركيا "سياسة الباب المفتوح" تجاه السوريين الفارين من الحرب. وتستقبل تركيا حاليا أكبر عدد من اللاجئين السوريين في العالم. وقالت إنها أنفقت أكثر من سبعة مليار دولار لاستضافة السوريين.
إعلان
قال نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش اليوم الجمعة (18 سبتمبر/ أيلول) إن تركيا، التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين في العالم، أنفقت 7.6 مليار دولار حتى الآن لرعاية 2.2 مليون لاجئ سوري.
وتجد تركيا نفسها في الخطوط الأمامية في مواجهة أكبر أزمة لاجئين في العالم منذ الحرب العالمية الثانية. ولها حدود طولها 900 كيلومتر مع سوريا وأعلنت منذ بدء الأزمة تبنيها "سياسة الباب المفتوح" تجاه الفارين من الحرب الأهلية السورية التي دخلت عامها الخامس.
ويرى متابعون أن اللاجئين في تركيا "يواجهون أوضاعا اقتصادية واجتماعية متفاقمة مما يجعل أوروبا تبدو وكأنها جنة." ومع هذا فإن الطريق إلى "الجنة" يبدو في عيون البعض محفوفا بالمخاطر الشديدة في الوقت الحالي.
وتشهد أوروبا هذا الصيف تدفقاً لا سابق له للاجئين الهاربين من الحرب والاضطهاد والضائقة الاقتصادية. ووصل عدد قياسي من السوريين وغيرهم من المهاجرين إلى اليونان بلغ نحو 300 ألف شخص أو أكثر أبحر معظمهم من ساحل بحر إيجه التركي وفقا للمنظمة الدولية للهجرة. وصرح قورتولموش في مؤتمر صحفي بأن خفر السواحل التركي أنقذ أكثر من 53 ألف مهاجر بينما لقي 274 شخصا حتفهم في المياه التركية.
ص.ش/ ح.ز (رويترز)
"سوريا الصغيرة" في تركيا
في بلدة ريحاني الحدودية التركية، يكاد عدد اللاجئين السوريين يفوق عدد سكان البلدة. هؤلاء اللاجئون أسسوا ما يشبه سوريا مصغرة في تلك البلدة، وهذا بات يقلق السكان من احتمال استقرارهم هناك لفترة طويلة للغاية.
صورة من: DW/G. Anderson
تجارة رائجة
محل الحلاقة الذي يديره أحمد، البالغ من العمر 13 عاماً، عبارة عن غرفة ومقبس للكهرباء لشحن آلة الحلاقة. أحمد هو أحد آلاف اللاجئين السوريين الذين يعيشون في بلدة ريحاني، الواقعة على الجانب التركي من الحدود مع سوريا. ويبلغ تعداد سكان هذه البلدة 62 ألف نسمة، إلا أن عدد اللاجئين السوريين قد يزيد عن عدد السكان المحليين قريباً. كثيرون من اللاجئين قاموا بافتتاح محلات صغيرة تشبه ما كانوا يمتلكونه في موطنهم.
صورة من: DW/G. Anderson
كسب لقمة العيش
وحتى شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، كان أنس عبد الجواد يقسّم وقته بين العمل في مخبز عائلته بمدينة إدلب والمحاربة ضد الجيش النظامي السوري. لكن ذلك تغير بعدما قدم "الشبيحة" إلى المخبز وأمروا بتحويل كل إنتاجه إليهم، وفتحت النار على أصحاب المخبز والزبائن، ما أدى إلى إصابة ثلاثة أشخاص. ويقول أنس إنه سعيد بتقديم المساعدة لعائلته في سوريا من خلال عمله في تركيا.
صورة من: DW/G. Anderson
المضي قدماً
"سوريا الصغيرة" التي أنشئت في ريحاني خلقت توترات مع السكان المحليين، بسبب ازدياد حدة المنافسة وارتفاع إيجارات المحلات. لذلك، اضطر أحمد عبدو زكريا لنقل مطعمه إلى الجانب الآخر من الشارع بسبب الارتفاع الكبير في الإيجارات، وهو ثمن زهيد مقابل هروبه وعائلته من سوريا، فمطعمه في إدلب تعرض للتدمير من قبل مليشيات محلية.
صورة من: DW/G. Anderson
ذكريات من الماضي
أعادت عائلة زكريا افتتاح مطعمها في ريحاني تحت نفس الاسم "الفروج الذهبي"، وقائمة الطعام هي ذات القائمة من مطعمهم في إدلب – نوعان من الدجاج المشوي بالبطاطا المقلية المقطعة يدوياً، بالإضافة إلى سلطة مخللات وصلصة الثوم. ويقول عبد الغني، شقيق أحمد، إن الطعام في ريحاني يذكر السكان المحليين بطبخ جداتهم، إذ كانت بلدة ريحاني جزءاً من سوريا تحت الاستعمار الفرنسي لعقدين تقريباً بين الحربين العالميتين.
صورة من: DW/G. Anderson
حلويات تركية وعربية
أصحاب الأعمال المحليون، مثل ياسين ساكين، استغلوا تدفق اللاجئين على البلدة. ساكين قام بافتتاح محل للحلويات في قلب "سوريا الصغيرة". وبضائعه تهدف إلى إرضاء أذواق السوريين والأتراك على حد سواء. ومن بين العمال في محله سوريون علموه تحضير الحلويات العربية. ورغم تفاؤله، فإن ياسين ساكين يعتقد بأن هذا النوع من المحلات لن يدوم أكثر من خمس سنوات.
صورة من: DW/G. Anderson
افتتاح فروع
لدى أحمد كابوغا، ابن بلدة ريحاني، فكرة أخرى عن كيفية تطوير المحلات، إذ بعد أن قام بافتتاح مطعم تركي لتقديم الحساء ووجبة الفطور، أدرك أنه إذا قام بإعطاء السوريين الطعام الذي يريدونه، فإن مطعمه سيزدهر. وبعد ذلك بفترة وجيزة، أصبح أخوان من إدلب شركاء في مطعمه، وقاما بتوسيع قائمة الطعام لتشمل وجبات سورية. ويفكر كابوغا بافتتاح فروع لمطعمه في أنحاء مختلفة من تركيا.
صورة من: DW/G. Anderson
فرصة للعودة
لم يكن الاستثمار في المستقبل يدور في مخيلة عبد الله البيطار، الذي انشق عن الجيش النظامي. فالهدف الأساسي من وراء افتتاحه لمحله كان دعم عائلته، وتوفير أي نوع من الدخل، سواء من خلال المتاجرة بالهواتف النقالة أو الصرافة أو خدمات سيارات الأجرة أو توفير الأجهزة الكهربائية. وتطمح عائلة البيطار إلى العودة إلى مسقط رأسها في محافظة اللاذقية، حيث كانت تمتلك معرضاً لبيع الأثاث.
صورة من: DW/G. Anderson
البدء من الصفر
وعلى بعد مسافة قصيرة من قلب "سوريا الصغيرة"، يدير محمود محلاً لبيع شطائر الفلافل، ويقول إنه لا يريد العودة إلى سوريا بعد انتهاء الصراع. وبعد أن قام بادخار المال لأكثر من عشر سنوات، عاد محمود إلى مسقط رأسه في إدلب كي يتزوج خطيبته ويؤسس عائلة. كما قام بشراء بيت، إلا أنهم فقدوا كل شيء بعد اندلاع القتال.
صورة من: DW/G. Anderson
ثمن الاستقلال
تدير زاهدة قنديل محلاً لبيع الملابس الداخلية في ريحاني، وتعتبر أن صاحبات المحلات السوريات يواجهن صعوبة في الحصول على أماكن بإيجارات مناسبة. وكان جارها يمتلك محلاً لبيع تذكارات الثورة السورية، إلا أنه اضطر لإقفال محله وإسكان عائلته في المحل لأنه لم يكن يقدر على دفع إيجارين. وتضيف قنديل أن جارها لا يمتلك مطبخاً حتى، وأنها على الأقل مستقلة بذاتها وتستطيع الاستثمار فيما تريد.
صورة من: DW/G. Anderson
الجمع بين المصلحة والمنفعة العامة
تخطى علي عتيق مرحلة توفير لقمة العيش لعائلته من خلال محله في تركيا، فهو استغل المهارات التي اكتسبها من عمله السابق كتاجر سيارات وقام بافتتاح محل "استيراد وتصدير"، فهو يشتري بضائع مثل لحوم الدجاج وغاز الطهي والأدوية من تركيا ويقوم ببيعها في سوريا. وبعد ذلك يقوم علي باستثمار دخله في شراء مواد أساسية يتم توزيعها على مخيمات اللاجئين في محافظة إدلب.
صورة من: DW/G. Anderson
المشاركة في الكعكة
تمتد الحدود السورية-التركية بين محافظة إدلب على الجانب السوري ولواء الإسكندرون على الجانب التركي، حيث تقع بلدة ريحاني. والصراع في سوريا يعد تحدياً جديداً لروح الأخوة بين سكان ريحاني واللاجئين السوريين. والمأمول هو إيجاد نوع من التوازن بين الطرفين، وهذا مرهون فقط بالنوايا الحسنة لكليهما.