تركيا: إحالة مشروع إصلاحات دستورية تعزز سلطات أردوغان
١٠ ديسمبر ٢٠١٦
حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم، الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان، يطرح مشروع إصلاحات دستورية تحوّل البلاد من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي وتنقل الكثير من صلاحيات رئيس الوزراء إلى رئيس الجمهورية.
صورة من: picture-alliance/AA/E. Top
إعلان
أحال حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا السبت (العاشر من ديسمبر/ كانون الأول 2016) مقترح إصلاح دستوري إلى البرلمان يعزز صلاحيات الرئيس رجب طيب أردوغان، بعد أقل من خمسة أشهر من محاولة انقلاب على حكمه.
ونقلت وكالة أنباء الأناضول الحكومية أن هذا المشروع الهادف إلى اعتماد نظام رئاسي بدلاً من النظام البرلماني الحالي أحيل إلى رئيس البرلمان إسماعيل كهرمان. ويتكون نص المقترح من نحو عشرين مادة وينص على نقل الجزء الأكبر من السلطة التنفيذية المناطة برئاسة الوزراء إلى رئيس الجمهورية، الذي يشغل منصباً فخرياً حسب الدستور الحالي.
غير أن فكرة تعزيز صلاحيات أردوغان تثير قلق معارضيه، الذين يتهمونه بالميل إلى الاستبداد، خصوصاً بعد المحاولة الانقلابية التي جرت في الخامس عشر من يوليو/ تموز. غير أن القادة الأتراك يؤكدون أن هذا النوع من النظام ضروري لضمان استقرار رأس الدولة، في الوقت الذي تواجه فيه تركيا وضعاً أمنياً مضطرباً وتباطؤاً اقتصادياً بالموازاة مع خوضها عملية عسكرية في سوريا.
وقال أردوغان في خطاب السبت باسطنبول، قبل إحالة المشروع: "إن شاء الله ستكون بداية عصر جديد" في تركيا، مضيفاً: "آمل أن يعبر (المشروع) بنجاح (...) مرحلة البرلمان".
ويجب أن يحصل النص على موافقة 330 من أصل 550 نائباً على الأقل ليعرض للتصويت عليه في استفتاء. ويبلغ مجموع نواب حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية التي تدعم النص 355 نائباً. وصرح نائب رئيس الوزراء، نور الدين جانيكلي، في مقابلة مع قناة "خبر" أمس الجمعة أنه يمكن إجراء استفتاء شعبي اعتباراً من مارس/ آذار.
وكان رئيس الوزراء بن علي يلدريم قد أكد الجمعة أن "النظام الرئاسي (...) سينهي مرحلة الائتلافات" الحكومية بحيث سيكون لتركيا سلطة "تنفيذية قوية".
وبعد تجاهل مطول لتلميحات الحكومة، قرر رئيس الحركة القومية دولت بهجلي الشهر الماضي دعم مبادرة حزب العدالة والتنمية شرط مراعاة "حساسياته". يشار إلى أن هذا الإصلاح الدستوري يلقى رفضاً قاطعاً لدى حزب الشعوب الديمقراطي المعارض المؤيد للأكراد، وحزب الشعب الجمهوري، كمالي التوجه، ما يفاقم الاستقطاب السياسي في البلد. واعتبرت ميرال دانيس بيشتاش، النائبة عن حزب الشعوب الديمقراطي والعضوة في اللجنة البرلمانية، أن النظام الرئاسي "سيضع البلاد تحت وصاية" و"إرادة شخص واحد".
كما قال رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو: "لا يمكن إعداد دستور (جديد) في مطبخ حزب ما"، مضيفاً أن الإصلاح الدستوري المقترح يهدد "التقليد البرلماني الذي يعود إلى 140 عاماً" والموروث من إصلاحات أجريت مع نهاية الإمبراطورية العثمانية.
كما تلقى هذه الإصلاحات المقترحة معارضة قوية من قبل منظمات غير حكومية، والتي تخشى من تعزيز سلطات أردوغان المتهم بتبني نزعة تسلطية تفاقمت حدتها بعد محاولة الانقلاب، والذي نسبته السلطات إلى الداعية التركي فتح الله غولن المقيم في منفاه بالولايات المتحدة.
ي.أ/ هـ.د (أ ف ب، رويترز)
العلاقات التركية الأوروبية ـ محطات من الاتفاق والاختلاف
العلاقات التركية الأوروبية، والتركية الألمانية على وجه الخصوص، لم تكن يوما في غاية التناغم، لكنها شهدت خلال السنة الماضية فترة تقارب مصالح، أعقبتها توترات بلغت أوجها عقب محاولة الانقلاب الفاشلة ضد أردوغان.
صورة من: picture-alliance/dpa/Sagolj/Zivulovic/Kombo
أفضت أزمة تدفق اللاجئين على أوروبا إلى تقارب المصالح بين أنقرة وبروكسل، حيث عول الأوروبيون على أنقره في وقف هذا التدفق عبر أراضيها، فيما وجدت تركيا فرصتها في الاستفادة من هذه الفرصة التي قلما جاد بها الزمن.
صورة من: Getty Images/M. Cardy
يقضي الاتفاق باستقبال تركيا اللاجئين الذين يتم إعادتهم من اليونان مقابل استقبال أعضاء الاتحاد الأوروبي للاجئين سورين بطريقة قانونية، لكن هذا الاتفاق تضمن شروطا ما تزال خلافية منها إعفاء الموطنين الأتراك من تأشيرة الدخول إلى الاتحاد الأوروبي، وقيام تركيا بتعديل التشريعات المتعلقة بمكافحة الإرهاب. وهنا كانت العقد في المنشار أمام هذا الاتفاق.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/L. Pitarakis
المستشارة أنغيلا ميركل، التي تتحمل بلادها العبء الأكبر لتدفق اللاجئين، تزعمت جهود تقريب وجهات النظر بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
لكن العلاقات بين برلين وأنقرة توترت بعد تبني البرلمان الألماني قرارا يصنف مجازر الأرمن عام قبل مئة بأنها "إبادة جماعية".
صورة من: Getty Images/AFP/S. Gallup
وما تزال العلاقات بين تركيا وألمانيا فاترة إثر قرار البرلمان الألماني فضلا عن إحباط أنقرة مما اعتبرته تضامنا فاترا معها في أعقاب الانقلاب العسكري الفاشل في 15 يوليو/ تموز، والذي بدأ على خلفيته فصلا جديدا من التوتر بين أنقرة والاتحاد الأوروبي.
صورة من: picture-alliance/dpa/T. Bozoglu
فإثر حملة الاعتقالات وما أسمي بحملة "التطهير" التي نفذتها وتنفذها أنقرة على خلفية محاولة الانقلاب تلك وتكميم الأفواه، تصاعدت الانتقادات الأوروبية لأنقرة، ما أفضى مجددا إلى توترات في العلاقات وعرض الاتفاق بشأن اللاجئين للجمود وربما للفشل قريبا.
صورة من: picture-alliance/Zuma/T. Adanali
وكرد على محاولة الانقلاب رفضت أنقره تعديل قانون مكافحة الإرهاب المثير للجدل، كما أنها تسعى لاستصدار تشريع لإعادة العمل بعقوبة الإعدام التي كانت أنقره قد ألغتها بطلب من الاتحاد الأوروبي ضمن شروط مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد. وهذا ربما يشكل رصاصة الرحمة على هذه المفاوضات. (الصورة لأردوغان مع رئيس البرلمان الأوروبي مارتين شولتز)
صورة من: picture-alliance/epa/J. Warnand
وظهرت دعوات من داخل الاتحاد الأوروبي لوقف محادثات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، حيث شككت النمسا في قدرة تركيا على الوفاء بالمعايير الأوروبية الخاصة بالديمقراطية. لكن الاقتراح النمساوي لم يحظ سوى بدعم ضئيل داخل الاتحاد رغم الاستياء داخل التكتل إزاء أنقره.
صورة من: picture-alliance/AA/E. Atalay
في بداية سبتمبر/أيلول الماضي سعى الاتحاد الأوروبي مع تركيا لاختبار الأجواء لعودة التقارب بين الجانبين عقب التوتر منذ الانقلاب الفاشل، وقال وزير خارجية لوكسمبورج جان أسيلبور "نحتاج لتقارب ونحتاج لتطبيع الوضع". وقد عقد أول اجتماع بين وزراء خارجية التكتل مع وزير شؤون الاتحاد الأوروبي في تركيا عمر جليك، كما زارت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني تركيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/F.Aktas
لكن التوتر عاد مجددا بين أنقره والاتحاد الأوروبي وبينها وبين برلين على خلفية تضييق أنقره على حرية الصحافة واعتقال صحفيين، وكذلك اعتقال نواب معارضين مؤيدين للأكراد. ووصل الأمر بأردوغان مؤخرا إلى اتهام برلين بـ "إيواء إرهابيين"، وهو ما رفضته برلين.