تركيا.. اعتقالات بأنقرة واحتجاجات بإسطنبول ضد انهيار الليرة
١٢ ديسمبر ٢٠٢١
وسط أزمة العملة في تركيا، تظاهر العديد من الأشخاص في العاصمة أنقرة، حيث ألقي القبض على 90 طالباً على الأقل، وكذلك في مدينة اسطنبول التي شهدت خروج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع وفقاً للمنظمين.
إعلان
أردوغان يسعى لتقارب "تدريجي" مع مصر وإسرائيل.. هل ينجح؟
22:36
تظاهر أكثر من خمسة آلاف شخص الأحد (12 ديسمبر/ كانون الأول 2021) في اسطنبول احتجاجاً على التضخم وتراجع القدرة الشرائية، في أول تجمّع كبير على خلفية الاضطرابات التي يمرّ بها الاقتصاد التركي منذ أسابيع. وتجمّع المتظاهرون تلبية لدعوة النقابات الرئيسية واحتجاجاً على تدهور قيمة الليرة التركية ونسبة التضخم التي بلغت بحسب الأرقام الرسمية، 21,31% على أساس سنوي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي في تركيا.
بيد أن المعارضة ومراقبين عدة يشكّكون في صحة الأرقام الرسمية، متّهمين المكتب الوطني للإحصاءات بسوء تقدير التضخم. وقد تكون نسبة التضخّم الحقيقية أكثر من 58%، بحسب دراسة أجرتها مجموعة البحث حول التضخم المؤلفة من خبراء اقتصاد مستقلين.
وما ساهم في تفاقم هذا المشهد، تراجع قيمة الليرة التركية بأكثر من 45% مقابل الدولار منذ مطلع العام، قرابة 30% منها منذ نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وقالت الأمينة العامة لاتحاد نقابات العمال الثوريين أرزو جركس أوغلو في خطاب خلال التظاهرة، "نحن نزداد فقرًا كل يوم، لكن كل شيء على ما يرام بحسب السادة الذين يديرون البلاد. نحن نقول إنه لم يعد بإمكاننا توفير احتياجاتنا، يدّعي المكتب الوطني للإحصاءات أن نسبة التضخم تبلغ 21% فقط (...) لا تستخفّوا بذكاء الطبقة العاملة".
وقالت سيبل جيليك الموظفة في مصنع قطع غيار سيارات وكانت تشارك في التظاهرة، "لم يعد لدينا الإمكانات للاهتمام بمنازلنا بشكل صحيح (...) لم يعد بإمكاننا تدبر أمورنا". وطالب المتظاهرون خصوصاً برفع صافي الحدّ الأدنى للأجور الذي يبلغ حالياً 2825 ليرة (179 يورو)، إلى 5200 ليرة (331 يورو).
وفاروق قارا أحمد العامل في مجال النسيج، هو من بين كثر ينبغي عليهم التعامل مع ارتفاع الأسعار رغم أنهم يجنون الحدّ الأدنى للأجور. وقال "نحن شخصان يعملان في عائلتي: واحد من راتبَينا نستخدمه لدفع إيجار (المنزل) والثاني ندفع به الفواتير. هذا الأمر صعب في الوقت الحالي. لو يُرفع الحدّ الأدنى للأجور، يصبح بإمكاننا العيش بكرامة أكثر".
وهتف المتظاهرون بشعارات تطالب باستقالة الحكومة. وقالت فاطمة وهي موظّفة في البلدية، "على الحكومة أن ترحل لأنهم يفرغون جيوبنا لملء جيوبهم. لهذا السبب نحن في الشارع، لنقول كفى".
في الوقت نفسه، أُلقي القبض على 90 طالبا على الأقل في أنقرة، حسبما قالت مبادرة "لن نجد مأوى". وكان الطلاب قد حاولوا التجمع في العاصمة التركية على الرغم من حظر التظاهر بأمر المحافظ. وكان الطلاب يحتجون على ارتفاع الإيجارات، وللمطالبة بإسكان بتكلفة معقولة منذ الصيف المنتهي. وجاءت الاحتجاجات بسبب التراجع المطرد للعملة الوطنية. ويقول منتقدون إن أزمة الليرة تأتي، من بين أمور أخرى، بسبب تدخل الرئيس رجب طيب أردوغان في السياسة النقدية للبنك المركزي.
ع.ش/ع.غ (أ ف ب، د ب أ)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP