تركيا- اعتقال عشرة ضباط كبار بسبب بيان ينتقد مشروعا لأردوغان
٥ أبريل ٢٠٢١
اعتقلت السلطات في تركيا عشرة ادميرالات متقاعدين وقعوا على بيان يؤكد أهمية اتفاقية مونترو بالنسبة لأمن البلاد، وفق ما أكدته وكالة الأناضول، التي نقلت تصريحات لمسؤولين كبار اعتبروا أن الرسالة "أسلوب يستحضر انقلاباً".
إعلان
أوقفت السلطات التركية اليوم الاثنين (الخامس من أبريل/ نيسان 2021) عشرة أدميرالات متقاعدين غداة نشر رسالة مفتوحة وقعها مئات من الضباط السابقين تنتقد مشروعاً للرئيس رجب طيب أردوغان لبناء قناة في إسطنبول قد تهدد برأيهم حرية الملاحة. وأفاد مكتب المدعي العام في أنقرة أن الأدميرالات العشرة المتقاعدين وضعوا في الحبس على ذمة التحقيق. ولم يُوقف أربعة ضباط سابقين آخرين بسبب سنهم لكن طلب منهم المثول أمام شرطة أنقرة في الأيام الثلاثة المقبلة.
وبوشر تحقيق في حق العسكريين المتقاعدين الموقعين على الرسالة بتهمة "الاجتماع للمساس بأمن الدولة والنظام الدستوري" على ما أوضح مكتب المدعي العام.
وجاء في تغريدة لرئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين التون أنه "ليس فقط من وقّعوا بل أيضا من شجّعوهم على ذلك سيمثلون أمام القضاء".
معاهدة مونترو
وتضمنت الرسالة المفتوحة الموقعة الدعوة إلى الالتزام بمعاهدة مونترو التي تضمن حرية عبور السفن المدنية عبر مضيقي البوسفور والدردنيل في السلم والحرب.
وجاء في البيان أنه تم استقبال النقاش حول الانسحاب المحتمل من المعاهدة بقلق. كما قال إنه يجب على القوات المسلحة التركية التمسك بمبادئ الدستور الذي ينص على الالتزام بالعلمانية، على سبيل المثال.
وتأتي هذه الرسالة ضمن الجدل الذي أعقب مصادقة تركيا الشهر الماضي على مشاريع لتطوير قناة للشحن البحري في إسطنبول أسوة بمشاريع قنوات بنما والسويس، مما أدى إلى جدل حول اتفاقية "مونترو" الموقعة في العام 1936.
ويعد شق قناة إسطنبول أحد أبرز مشاريع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي يصفها بأنها "مشاريع جنونية" لإحداث تحوّل على صعيد البنى التحتية من مطارات وجسور وطرق وأنفاق خلال عهده المستمر منذ 18 عاما.
ويعتبر مسؤولون أتراك أن القناة الجديدة تكتسي أهمية حيوية لتخفيف الضغط عن مضيق البوسفور في إسطنبول، الذي يعد ممراً أساسيا للتجارة العالمية عبرته العام الماضي أكثر من 38 ألف سفينة. وحركة عبور المجرى المائي بين أوروبا وآسيا كثيفة وشهدت مؤخرا حوادث كثيرة.
أسلوب "انقلاب"
وأثار البيان الذي وقع عليه 104 من كبار ضباط البحرية السابقين رد فعل من مسؤولين رأوا أنه يمثل تحدياً مباشراً من الجيش للحكومة المدنية. فقد اعتبرها المتحدث باسم الرئاسة ابراهيم قالن إنها "تذكّر بزمن الانقلابات". كما قال عنها وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو إنها "أسلوب يستحضر انقلاباً".
ونفى تشاووش أوغلو في حوار مع وكالة "الأناضول" التركية اليوم الاثنين أن تكون قناة إسطنبول التي تعتزم تركيا فتحها، ستؤثر على اتفاقية "مونترو" (الخاصة بحركة السفن عبر المضائق التركية)، وأن الاتفاقية ليس لها تأثير كذلك على مشروع القناة.
كما دافع مولود تشاووش أوغلو عن عن "الوطن الأزرق" (المياه الواقعة تحت السيادة التركية) وعن مصالح البلاد، مشيراً إلى أن الذين يقفون وراء البيان لا يعنون منه اتفاقية "مونترو"، وإنما يستهدفون الرئيس أردوغان وحكومته وتحالف الشعب (يضم حزب العدالة والتنمية، وحزب الحركة القومية).
و.ب/ ع.غ (رويترز، أ ف ب، د ب أ)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP