قبيل ساعات من اجتماع تركي-ألماني في برلين، صرح رئيس الوزراء التركي أن مبلغ ثلاث مليارات كدعم أوروبي لمواجهة أزمة اللاجئين قد لا تكفي، في وقت تسعى فيه المستشارة الألمانية لانتزاع ضمانات أكبر من أنقرة لمنع تدفق اللاجئين.
إعلان
حذر رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو من أن مبلغ الثلاثة مليارات يورو (3,2 مليار يورو) التي وعد بها الاتحاد الأوروبي تركيا، قد تكون غير كافية للتعامل مع أزمة اللاجئين.
ويأتي ذلك قبيل اجتماع مقرر اليوم الجمعة (22 يناير/ كانون الثاني 2016)، بين المستشارة أنغيلا ميركل ورئيس الوزراء التركي في العاصمة الألمانية برلين. وتوصلت تركيا والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق في تشرين ثان/نوفمبر الماضي يهدف إلى وقف تدفق المهاجرين إلى التكتل. وقد توجه أكثر من مليون مهاجر، بينهم الكثير من اللاجئين، إلى أوروبا عبر طرق غير نظامية.
وقال داود أوغلو إن "السبب الجذري لأزمة اللاجئين ليس تركيا أو أي شيء يتعلق بتركيا. تركيا أكثر بلد تأثر. نحن لا نصدر أزمة، بل تم تصدير أزمة إلى تركيا، وقد أصبحت الآن أزمة أوروبية". وتقول الحكومة التركية إن نحو ثلاثة ملايين لاجئ معظمهم من السوريين قد دخلوا البلاد.
لاجئون سوريون تقطعت بهم السبل على ضفتي البوسفور
في إسطنبول يعيش حاليا عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين. جلهم يشعرون بأنهم محاصرين في المدينة التركية الضخمة بين الحرب في وطنهم الأم وبين حلم الوصول إلى أوروبا.
صورة من: DW/C. Roman
يعيش حاليا في مدينة إسطنبول التركية حوالي 400 ألف لاجئ سوري، ويقترب هذا العدد من أعداد اللاجئين السوريين في أوروبا بأكملها. ويتم التعامل معهم من قبل السلطات التركية بصفتهم "مسافرين" أي أنهم ضيوف مؤقتون، وبالتالي فلا حق لهم في اللجوء أو العمل.
صورة من: DW/C. Roman
علي، صبي عمره 13 عاما، يتحدث عن تجربته في القدوم إلى تركيا قائلا: "بلدي سوريا لم يعد موجودا، لأن بشار الأسد دمره، لذلك هربت قبل عامين مع عائلتي من حلب. على الحدود أطلقت الشرطة التركية النار علينا، فانبطحنا على الأرض واختبئنا لحين قدوم المهربين الذين أحضرونا إلى إسطنبول."
صورة من: DW/C. Roman
ويضيف علي "يتحتم أن أساعد عائلتي، والداي وستة إخوة وأخوات." وبدلا من أن يذهب إلى المدرسة، يعمل علي بشكل غير قانوني في سوبر ماركت في إحدى ضواحي مدينة إسطنبول، حيث يحصل على حوالي 47 يورو أسبوعيا ، مقابل ساعات عمل طويلة تصل إلى 14 ساعة يوميا. ويقول الصبي السوري: "أفتقد بيتي وأصدقائي، وأفتقد لعب الكرة معهم."
صورة من: DW/C. Roman
أما غيث، البالغ من العمر 22 عاما، فيقول: "كنت متشوقا دائما لدراسة الهندسة الكهربائية في مسقط رأسي، حمص. لكن بعد اندلاع الأحداث تم زجي في قوات الجيش السوري، وذلك لمقاتلة أبناء شعبي، ما اضطرني للهروب. أحلم أحيانا بعودتي لمدينتي حمص، وأن أجد فيها الحياة والسلام، اللذين عشناهما سابقا، لكن أعتقد أنني سأهرم قبل معايشتي ذلك مرة أخرى."
صورة من: DW/C. Roman
مارس غيث العديد من المهن ليتمكن من العيش، كان منها مهنة بواب في أحد الفنادق، المخصصة للسياح ويقول: " ألتقي هنا بالعديد من الأوروبيين، وأستمع باهتمام لقصصهم وحكاويهم، إلا أنني لا أعتقد أنهم يفهمون قصصي وتجاربي، مصطلحات الحرب والموت يعايشونها في الأفلام فقط."
صورة من: DW/Ch.Roman
ولا يرى الأخوان إبراهيم وغسان أي مستقبل في تركيا، لأنهما لا يملكان أي وضع قانوني كما يقولان. ويقول غسان الذي يعمل مع أخيه في أحد المخابز "هذا الوضع يشعرنا بالقلق. في سوريا كنت أعمل محاسبا، أما هنا فأنا لا شيء."
صورة من: DW/C. Roman
وتقول إليسار (32 عاما): "ما يشغل السوريين هنا، هو الطريق الأفضل للوصول إلى أوروبا، وهل هو بحرا بركوب القارب المطاطي؟ أم عن طريق البر؟" إليسار أنشأت محطة إذاعية في إسطنبول، موجهة للسوريين، الذين لم يهربوا بعد من مناطق إدلب وحماة وحلب، إلا أن إذاعتها أصبحت مصدرا مهما للمعلومات للكثير من اللاجئين في تركيا أيضا.
صورة من: DW/C. Roman
وتقول إليسار: "طفلتي ولدت هنا في تركيا، لكن ما حصلت عليه كغيرها من الأطفال، الذين يولودون هنا، مجرد ورقة إثبات تركية، لا تعني شيئا." وتتابع: "لا نستطيع الحصول أيضا على أية وثيقة سورية هنا، ما يعني أن الطفلة ليست سورية كما أنها ليست تركية."
صورة من: DW/C. Roman
يقول محمد، البالغ 19 عاما: "هربت بمفردي منذ عامين، عائلتي لا زالت تعيش في دمشق." ويتابع الشاب السوري: "أمنيتي كانت أن أكون مصورا محترفا، إلا أنه هنا لا أملك أي فرصة لذلك، ولم أتمكن من الحصول على أي عمل." ويضيف محمد: "أتعلم الآن اللغة التركية، وأعتقد أنه قد يكون من الأفضل أن أهرب إلى أوروبا."
صورة من: DW/C. Roman
قبل ثلاثة أسابيع كان محمد على وشك الانطلاق بقارب مطاطي للوصول إلى الشواطئ اليونانية، حيث طلب منه المهربون مبلغ 1200 دولار أمريكي من أجل ذلك. واضطر محمد إلى بيع آلة التصوير الثمينة، التي كانت بحوزته، من أجل تمويل هذه الرحلة، إلا أن الخوف تملكه في النهاية، ما اضطره إلى تأجيل السفر. "المرة القادمة لابد من أن أنجح"، يقولها محمد وهو لا يجيد حتى السباحة.
صورة من: DW/C. Roman
10 صورة1 | 10
وقال داود أوغلو: "ثلاثة مليارات يورو هي فقط لإظهار الإرادة السياسية لتقاسم العبء. سوف نعيد النظر في ذلك مرارا وتكرارا لأنه لا أحد يعلم إلى مدى ستطول"، مشيرا إلى الحرب الأهلية في سورية التي بدأت عام 2011. وشدد في المنتدى الاقتصادي في دافوس "نحن لا نطلب أموالا ولا نتفاوض حول أموال (...) بالنسبة لنا إنه امر أنساني وليس مسألة مساعدة مالية"، ليتابع "إنها ليست مشكلة ألمانية ولا مشكلة تركية ولا حتى مشكلة سورية، بل مشكلة عالمية".
وذكرت صحيفة دي فيلت المحافظة أمس الخميس إن برلين يمكن أن تمدد الجمعة هذه المساعدة وان تدفع بنفسها "مزيدا من الأموال"، دون أن تفصح الصحيفة عن أي أرقام.
في المقابل تسعى ميركل من خلال اجتماعها اليوم مع الجانب التركي إلى الحصول على دعم أكبر من أنقرة لخفض التدفق المستمر للاجئين على ألمانيا حيث يتزايد استياء الرأي العام وحتى معسكرها السياسي. وقالت ميركل إن المشاورات الألمانية التركية التي ستعقد بهذه الصيغة غير المسبوقة ظهر الجمعة ستلعب "دوار أساسيا" لتسوية أزمة المهاجرين. وسيعقد مؤتمر للمانحين حول سوريا في الرابع من شباط/فبراير في لندن ثم قمة أوروبية في منتصف الشهر ذاته. وقالت ميركل "بعد ذلك يمكن وضع حصيلة للأعمال".
وتلعب تركيا التي يمر عبرها العدد الأكبر من المهاجرين إلى أوروبا دورا أساسيا في إستراتيجية ميركل التي تريد هذه السنة خفض عدد اللاجئين إلى ألمانيا بعد رقم قياسي بلغ مليون شخص سجل في 2015. وما زالت ميركل ترفض إغلاق الحدود في وجه اللاجئين أو تحديد سقف لعددهم، وتعد الرأي العام الألماني بحل دولي يمر عبر مراقبة أفضل لتدفقهم من قبل تركيا وتوزيعهم وفق نظام الحصص الأوروبي.