أدانت وزارة الخارجية التركية قراراً ألمانياً بالسماح بتنظيم مسيرة مؤيدة للأكراد في مدينة كولونيا، ووصفتها بـ"ازدواجية المعايير". يذكر أن السلطات الألمانية منعت اثنين من الساسة الأكراد المعارضين من إلقاء كلمة في المسيرة.
المسيرة المؤيدة للأكراد في كولونياصورة من: picture-alliance/dpa/H. Kaiser
إعلان
قالت وزارة الخارجية التركية السبت (26 أيار/ مايو 2018) إنها تندد بقرار ألمانيا بالسماح لمسيرة مؤيدة للأكراد في كولونيا وفي نفس الوقت منع سياسيين من الحزب الحاكم في تركيا من عقد لقاءات جماهيرية هناك، ووصفت الخطوة بأنها تعكس "ازدواجية المعايير".
وقالت الوزارة في بيان: "هذا النهج المزدوج الذي ندينه بشدة لا يمكن أن يتسق مع الديمقراطية.. والحرب ضد الإرهاب وتوقعات التطبيع في العلاقات التركية الألمانية".
من جانبها، أشارت السلطات الألمانية إلى أن المظاهرة التي سمحت للأكراد بتنظيمها بعد ظهر السبت في كولونيا كانت احتجاجاً على العملية العسكرية التركية في شمال سوريا. وأضافت السلطات أنها حظرت السبت ظهور سياسيين ينتميان إلى حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد، وهو ما أكدته صحيفة "راينيشه بوست" الألمانية، التي ذكرت أن شرطة كولونيا منعت اثنين من الساسة المعارضين الأتراك من إلقاء كلمة أثناء المسيرة خوفاً من استغلالهما الفرصة للحديث عن الانتخابات التركية.
وأوضحت الصحيفة أن عضوي البرلمان عن حزب الشعوب الديمقراطي أحمد يلدريم وطوبى هيزر كانا يرغبان في الحديث أثناء المظاهرة احتجاجاً على تورط تركيا في الصراع السوري. وتلاحق تركيا السياسية هيزر على خلفية اتهامات بالإرهاب متعلقة بحزب العمال الكردستاني المحظور، ما دفع هيزر إلى الفرار للخارج. وفي حال عودتها إلى تركيا، ستصبح مهددة بالسجن لسنوات عدة.
العلاقات التركية الأوروبية ـ محطات من الاتفاق والاختلاف
العلاقات التركية الأوروبية، والتركية الألمانية على وجه الخصوص، لم تكن يوما في غاية التناغم، لكنها شهدت خلال السنة الماضية فترة تقارب مصالح، أعقبتها توترات بلغت أوجها عقب محاولة الانقلاب الفاشلة ضد أردوغان.
صورة من: picture-alliance/dpa/Sagolj/Zivulovic/Kombo
أفضت أزمة تدفق اللاجئين على أوروبا إلى تقارب المصالح بين أنقرة وبروكسل، حيث عول الأوروبيون على أنقره في وقف هذا التدفق عبر أراضيها، فيما وجدت تركيا فرصتها في الاستفادة من هذه الفرصة التي قلما جاد بها الزمن.
صورة من: Getty Images/M. Cardy
يقضي الاتفاق باستقبال تركيا اللاجئين الذين يتم إعادتهم من اليونان مقابل استقبال أعضاء الاتحاد الأوروبي للاجئين سورين بطريقة قانونية، لكن هذا الاتفاق تضمن شروطا ما تزال خلافية منها إعفاء الموطنين الأتراك من تأشيرة الدخول إلى الاتحاد الأوروبي، وقيام تركيا بتعديل التشريعات المتعلقة بمكافحة الإرهاب. وهنا كانت العقد في المنشار أمام هذا الاتفاق.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/L. Pitarakis
المستشارة أنغيلا ميركل، التي تتحمل بلادها العبء الأكبر لتدفق اللاجئين، تزعمت جهود تقريب وجهات النظر بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/K. Nietfeld
لكن العلاقات بين برلين وأنقرة توترت بعد تبني البرلمان الألماني قرارا يصنف مجازر الأرمن عام قبل مئة بأنها "إبادة جماعية".
صورة من: Getty Images/AFP/S. Gallup
وما تزال العلاقات بين تركيا وألمانيا فاترة إثر قرار البرلمان الألماني فضلا عن إحباط أنقرة مما اعتبرته تضامنا فاترا معها في أعقاب الانقلاب العسكري الفاشل في 15 يوليو/ تموز، والذي بدأ على خلفيته فصلا جديدا من التوتر بين أنقرة والاتحاد الأوروبي.
صورة من: picture-alliance/dpa/T. Bozoglu
فإثر حملة الاعتقالات وما أسمي بحملة "التطهير" التي نفذتها وتنفذها أنقرة على خلفية محاولة الانقلاب تلك وتكميم الأفواه، تصاعدت الانتقادات الأوروبية لأنقرة، ما أفضى مجددا إلى توترات في العلاقات وعرض الاتفاق بشأن اللاجئين للجمود وربما للفشل قريبا.
صورة من: picture-alliance/Zuma/T. Adanali
وكرد على محاولة الانقلاب رفضت أنقره تعديل قانون مكافحة الإرهاب المثير للجدل، كما أنها تسعى لاستصدار تشريع لإعادة العمل بعقوبة الإعدام التي كانت أنقره قد ألغتها بطلب من الاتحاد الأوروبي ضمن شروط مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد. وهذا ربما يشكل رصاصة الرحمة على هذه المفاوضات. (الصورة لأردوغان مع رئيس البرلمان الأوروبي مارتين شولتز)
صورة من: picture-alliance/epa/J. Warnand
وظهرت دعوات من داخل الاتحاد الأوروبي لوقف محادثات انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي، حيث شككت النمسا في قدرة تركيا على الوفاء بالمعايير الأوروبية الخاصة بالديمقراطية. لكن الاقتراح النمساوي لم يحظ سوى بدعم ضئيل داخل الاتحاد رغم الاستياء داخل التكتل إزاء أنقره.
صورة من: picture-alliance/AA/E. Atalay
في بداية سبتمبر/أيلول الماضي سعى الاتحاد الأوروبي مع تركيا لاختبار الأجواء لعودة التقارب بين الجانبين عقب التوتر منذ الانقلاب الفاشل، وقال وزير خارجية لوكسمبورج جان أسيلبور "نحتاج لتقارب ونحتاج لتطبيع الوضع". وقد عقد أول اجتماع بين وزراء خارجية التكتل مع وزير شؤون الاتحاد الأوروبي في تركيا عمر جليك، كما زارت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني تركيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/F.Aktas
لكن التوتر عاد مجددا بين أنقره والاتحاد الأوروبي وبينها وبين برلين على خلفية تضييق أنقره على حرية الصحافة واعتقال صحفيين، وكذلك اعتقال نواب معارضين مؤيدين للأكراد. ووصل الأمر بأردوغان مؤخرا إلى اتهام برلين بـ "إيواء إرهابيين"، وهو ما رفضته برلين.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Suna
10 صورة1 | 10
من جانبه، قال الرئيس رجب طيب أردوغان في تجمع انتخابي في شرق تركيا بمحافظة إيرزورم: "الحكومات في أوروبا التي تسمح لحزب الشعوب الديمقراطي، وهي المرشح الأول لمنظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية ووحدات حماية الشعب الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، لن تعطي لحزب العدالة والتنمية (الحاكم) مقعداً في القاعات الموجودة هناك". وكان الآلاف من المغتربين الأتراك في ألمانيا وهولندا والنمسا ودول البلقان قد شاركوا في مؤتمر انتخابي أقامه أردوغان في البوسنة الأسبوع الماضي.
وقالت ألمانيا، التي يعيش فيها نحو ثلاثة ملايين شخص من أصول تركية، إنها لن تسمح للساسة الأجانب بالقيام بحملات على أراضيها قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية المقررة في 24 حزيران/ يونيو. واتخذت برلين هذا القرار بعد تصاعد التوترات بين ألمانيا وتركيا العام الماضي عندما منع المسؤولون الألمان سياسيين أتراك من التحدث في ألمانيا قبيل الاستفتاء على الدستور التركي. ومنذ ذلك الحين، قررت وزارة الخارجية الألمانية منع ظهور مسؤولين أجانب في فعاليات انتخابية بألمانيا قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات في بلدانهم. وقالت مصادر بالخارجية الألمانية لوكالة الأنباء الألمانية أمس الجمعة أن الحظر يشمل نواب البرلمان أيضاً.