تركيا تنفي إهانة فون دير لاين والبرلمان الأوروبي يطلب تفسيرا
٨ أبريل ٢٠٢١
أكدت أنقرة أن طريقة جلوس رئيسة المفوضية الأوروبية خلال لقائها مع الرئيس التركي جاءت تمشيا مع مطالب ومقترحات الاتحاد الأوروبي، نافية تعمد إهانتها. في حين طلب البرلمان الأوروبي تفسيرا للموقف الذي أثار غضبا شديدا في فرنسا.
إعلان
أكد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو اليوم الخميس (8 ابريل/نيسان 2021) أن استقبال الرئيس رجب طيب أردوغان لرئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين جاء متماشيا مع "مطالب ومقترحات الاتحاد الأوروبي"، رافضا الاتهامات التي تم توجيهها لأنقرة بتعمدها التقليل من شأن زعيمة الاتحاد الأوروبي.
وقال تشاووش أوغلو إن الجانبين التركي والأوروبي اتفقا على البروتوكول قبل الاجتماع الذي عُقد مع أردوغان أمس الأول. وأكد أن ترتيب المقاعد جاء وفقا لمقترحات الجانب الأوروبي، واصفاً الانتقادات الموجهة لبلاده بأنها "جائرة للغاية". كما أكد أوغلو أن الاجتماع كان "مثمرا للغاية".
جاءت تصريحات الوزير التركي بعدما أعربت المفوضية الأوروبية عن خيبة أملها من اضطرار رئيستها للجلوس على أريكة جانبية، بينما دُعي رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، الذي كان يرافقها في الزيارة، للجلوس على الكرسي الوحيد الذي كان بجوار كرسي أردوغان خلال زيارتهما للقصر الرئاسي التركي.
ودفعت ترتيبات الجلوس غير المتكافئة إلى انتشار مزاعم عبر وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن وجود تمييز على أساس الجنس أو تعمد إهانة المفوضية.
وعبرت الكتل السياسية الكبرى في البرلمان الأوروبي عن أسفها لمشهد عدم الوحدة الذي ظهر في أنقرة الثلاثاء بين رئيسي المفوضية والمجلس خلال لقائهما الرئيس التركي رجب طيب ارودغان وطلبا منهما المجيء لتفسير الوضع في جلسة عامة.
وقال الألماني مانفريد فيبر رئيس كتلة الحزب الشعبي الأوروبي (يمين مؤيد لاوروبا) إن "اللقاء في أنقرة الذي عقده الرئيسان فون دير لاين وميشال كان يفترض أن يوجه رسالة حزم ووحدة المقاربة الأوروبية حيال تركيا". وأضاف "للأسف أظهر رمز شقاق، لم يعرف الرئيسان كيف يقفان جبهة موحدة حين كان يلزم الأمر. ننتظر المزيد من السياسة الخارجية لأوروبا". وطلب فيبر عقد نقاش في جلسة عامة.
من جهتها طلبت رئيسة كتلة الاشتراكيين والديموقراطيين الإسبانية ايراتشي غارسيا بيريز جلسة استماع لرئيسي المفوضية والمجلس "لتوضيح ما حصل" ومعرفة "كيفية فرض احترام المؤسسات الأوروبية".
لماذا تنتقد أوروبا رئيس تركيا رجب طيب إردوغان بانتظام؟
04:46
غضب في فرنسا
وفي باريس، دانت الطبقة السياسية الفرنسية بالإجماعما أسمته بــ "الإهانة البروتوكولية" التي تعرضت لها رئيسة المفوضية الأوروبية اورزولا فون دير لاين ووصفتها بأنها "صادمة" و"فاضحة". وقال كليمان بون وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية "انها صور مؤلمة! أرفض فكرة أوروبا ساذجة وضعيفة". وأضاف لقناة "بي أف أم بيزنس" مساء الأربعاء "إنها إهانة سنعمد إلى تصحيحها لكن يجب ألا نسمح بحدوث مثل هذه الأمور". وأضاف: "نتعامل مع محاورين في تركيا ومنهم الرئيس التركي الذي يعرف قوة الصور وقيمة الرمز. وعلينا أن نكون أقوى وأكثر حزما في هذا الخصوص".
وقالت رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو لإذاعة "ار تي ال": "إنه مشهد صادم! (...) لم يكن يفترض برئيسة المفوضية البقاء في هذا الوضع"، وأضافت "هناك نوع من الإذلال ونرى في ذلك أيضا صلة مع خروج تركيا مؤخرا من معاهدة حقوق المرأة".
وقالت فاليري رابو رئيسة كتلة نواب الحزب الاشتراكي إن "الإذلال الذي تعرضت له فون دير لايين غير مقبول بتاتا"، مضيفة أنه "إذا أرادت أوروبا أن تتمتع بمصداقية فعليها أن تفرض نفسها أيضا كقوة عظمى وأن تؤكد قيمها. طالما لم تفعل ذلك سنجد صعوبة في اكتساب مصداقية حقيقية دبلوماسيا".
ع.ح./ع.ج. (د ب أ، ا ف ب)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP