تركيا تواصل القصف واشنطن تدعو لـ"وقف للتصعيد" شمالي سوريا
٢٤ نوفمبر ٢٠٢٢
في أقوى تنديد بالعمليات الجوية التركية في شمال سوريا، قالت واشنطن إن الضربات الجوية هددت سلامة العسكريين الأمريكيين، مطالبة بـ"وقف فوري للتصعيد" رغم "تفهم المخاوف الأمنية التركية".
إعلان
دعت الولايات المتحدة الخميس (24 تشرين الثاني/نوفمبر 2022) إلى "وقف فوري للتصعيد" في شمال سوريا حيث تنفّذ تركيا منذ نهاية الأسبوع ضربات جوية طالت عشرات المواقع في مناطق نفوذ القوات الكردية التي تعد واشنطن داعمتها الرئيسية.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس لصحافيين "تحضّ الولايات المتحدة على وقف فوري للتصعيد في شمال سوريا. نشعر بقلق بالغ إزاء الأعمال العسكرية الأخيرة التي تزعزع استقرار المنطقة.. وتعرّض المدنيين والأفراد الأميركيين للخطر". وتابع "نتفهّم أن لدى تركيا مخاوف أمنية مشروعة في ما يتعلّق بالإرهاب. لكننا في الوقت ذاته عبرنا باستمرار عن مخاوفنا الجديّة إزاء تأثير التصعيد في سوريا" على مواجهة "تنظيم الدولة الإسلامية وعلى المدنيين على جانبي الحدود".
وفيما يتعلق بالوضع على الأرض، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم ، بسقوط أربعة قتلى و13 جريحا جراء قصف المسيرات التركية مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية وقوات النظام السوري شمال غربي الحسكة خلال الـ 24 ساعة الماضية.
"تهديد مباشر لسلامة عسكريينأمريكيين"
وفي أشد تنديد أمريكي بالعمليات الجوية التركية، قالت وزارةالدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن الضربات الجوية التي نفذتها تركيا في شمال سوريا هددت سلامة العسكريين الأمريكيين، وإن الوضع المتصاعد يعرِض للخطر التقدم الذي أُحرز على مدى سنوات ضد مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية". وقال المتحدث باسم البنتاغون، بات رايدر، في بيان "الضربات الجوية الأخيرة في سوريا هددت بشكل مباشر سلامة العسكريين الأمريكيين الذين يعملون في سوريا مع شركاء محليين لهزيمة تنظيم الدولة الإسلامية والاحتفاظ باحتجاز أكثر من عشرة آلاف معتقل من التنظيم المتشدد".
وللولايات المتحدة قرابة 900 جندي في سوريا، لا سيما في شمالها الشرقي، يعملون مع قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها مقاتلون أكراد من وحدات حماية الشعب، لمحاربة فلول "الدولة الإسلامية".
وتشنّ تركيا منذ فجر الأحد حملة جوية ضد المقاتلين الأكراد في سوريا والعراق قالت إنها تأتي رداً على هجوم بعبوة ناسفة في 13 تشرين الثاني/نوفمبر في اسطنبول أوقع ستة قتلى، واتهمت حزب العمال الكردستاني الناشط في شمال العراق، ووحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديموقراطية، بالوقوف خلفه. ونفى الطرفان الكرديان أي علاقة لهما.
وهذه ليست المرة الأولى التي تهدد فيها العمليات التركية في شمال سوريا العسكريين الأمريكيين. ففي عام 2019، تعرضت القوات الأمريكية في المنطقة لقصف مدفعي من مواقع تركية بينما شنت أنقرة هجوما على المسلحين الأكراد المتحالفين مع الولايات المتحدة في ذلك الوقت.
ا.ف/ ع.ج.م (أ.ف.ب، رويترز، د.ب.أ)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP