صادرت السلطات التركية شركات قابضة ومحطات تلفزيونية، وذلك للاشتباه في تشكيل منظمات إجرامية وتهم طالت أصحابها كغسيل الأموال والاحتيال. فما القصة؟ وما أبرز ردود الفعل داخل تركيا؟
استهدف أمر التوقيف من النيابة العامة إدارة شركة "جان القابضة" المعروفة بأصولها في قطاعات الطاقة والتعليم، والتي اشترت العام الماضي عدة قنوات تلفزيونية بارزة صورة من: DHA
إعلان
صادرت النيابة العامة التركية اليوم الخميس (11 سبتمبر/ أيلول 2025)، مجموعة من 121 شركة تشمل ثلاث محطات تلفزيونية رئيسية، وأمرت بتوقيف 10 من مدرائها بتهم الاحتيال.
تهم خطيرة
وبدأ مكتب المدعي العام في إسطنبول تحقيقات حول تشكيل منظمة إجرامية والتهريب والاحتيال وغسيل الأموال واستهدف أمر التوقيف إدارة شركة "جان القابضة" المعروفة بأصولها في قطاعات الطاقة والتعليم، والتي اشترت العام الماضي عدة قنوات تلفزيونية بارزة، بينها "خبر تورك" و"شو تي في" و"بلومبرغ إتش تي" التابعة لشبكة "بلومبرغ نيوز".
وأفادت النيابة العامة في منطقة كوجك جكمجة التابعة لإسطنبول، في بيان نشره الإعلام التركي، بأنها عثرت على أدلة على أن "منظمة تأسست لارتكاب جرائم عبر شركات تابعة لـ "جان القابضة"، بما في ذلك الاحتيال والتهرب الضريبي وغسل الأموال".
أردوغان يتخلص من منافسه أكرم أوغلو باعتقاله
02:36
This browser does not support the video element.
وأمرت النيابة العامة بتوقيف عشرة أشخاص بينهم مالكو "جان القابضة" ووضع أصول شركاتها الـ121 تحت تصرّف طرف ثالث، هو صندوق تأمين الودائع الادخارية في تركيا. وتعد "بلومبرغ إتش تي" المحطة الرئيسية الناطقة بالتركية التي تركّز على المال والأعمال والاقتصاد.
أبرز الاعتقالات
واعتقلت الشرطة في عمليات خلال الصباح، أبرز ثلاثة مدراء في مجموعة "جان"، هم: محمد شاكر جان وكمال جان وكنان تيكداغ، بحسب ما ذكرت محطة "إن تي في" الخاصة. ويرأس تيكداغ "مجموعة سينر الإعلامية" التي استحوذت عليها المجموعة في كانون الأول/ ديسمبر وأعلن جان أنه سيكون المسؤول عن جميع شبكاتها الإعلامية.
وأتت الخطوة في وقت تشدد الحكومة قبضتها على الإعلام، ما أثار تحذيرات من منظمة "مراسلون بلا حدود" المعنية بمراقبة حرية الصحافة.
تعد "بلومبرغ إتش تي" المحطة الرئيسية الناطقة بالتركية التي تركّز على المال والأعمال والاقتصادصورة من: DHA
أبرز ردود الفعل
وقال ممثل تركيا لدى منظمة "مراسلون بلا حدود" إرول أونديروغلو: "قد تكون للعملية مبرراتها، إذ أنه لا يمكن لأحد أن ينكر الفساد في القطاع. لكن العملية قد تخدم تشديد القبضة على ملكية وسائل الإعلام بهدف ترسيخ الصوت الواحد".
لكن يعقوب كوتشوكايا، أستاذ الاقتصاد لدى "جامعة قرة دنيز التقنية"، قال إن الخطوة تتجاوز مصادرة منصات إعلامية، ويبدو أن لها علاقة "بتهم خطرة" مثل غسل الأموال. وأفاد فرانس برس بأن "هذه قنوات معروفة وتحظى بمتابعة واسعة. بلومبرغ إتش تي هي القناة الأشهر للشؤون الاقتصادية لكن هناك اتهامات أخطر بكثير خلف عمليات المصادرة هذه".
وأضاف بأنه "تمّت مصادرة حوالي 120 شركة، لذا سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن هذه العملية هي مجرّد محاولة للسيطرة على الإعلام المتخصص في الاقتصاد" والأعمال.
تحرير: عارف جابو
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP