1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تركيا والسعودية .. ربيع علاقات تجارية مربحة

٣٠ نوفمبر ٢٠٢٤

السعودية وجهة استثمارية مفضلة لرجال أعمال أتراك تعاني بلادهم من أزمة اقتصادية. شركات تركية دخلت على خط استثمارات كبيرة خاصة في مجالي البنية التحتية والبناء. لكن خبراء يتحفظون بشأن فترة "السلام والرخاء" على المدى الطويل.

تحاول الرياض وأنقرة تجاوز السنوات الاقتصادية غير المثمرة والتركيز على تحسين العلاقات الاقتصادية. وهو نهج يتماشى مع الاستراتيجيات التجارية البراغماتية لولي العهد محمد بن سلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ولي العهد محمد بن سلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مصالحة بعد مفارقة.صورة من: Burhan Ozbilici/AP/picture alliance

سادت العلاقات بين تركيا والسعودية لسنوات طويلة حالة من الجمود. خلال السنوات الست التي تلت  مقتل  الصحفي السعودي جمال خاشقجي  عام 2018 في القنصلية السعودية بإسطنبول، لم تكن العلاقات التجارية - كما السياسية - في أفضل حالاتها. وعلى مدى هذه السنوات، قاطعت السعودية بشكل غير رسمي المنتجات التركية، ودعت الحكومة السعودية المواطنين إلى الامتناع عن السفر إلى تركيا أو شراء عقارات فيها.

واليوم يبدو أن فصلاً جديداً أشبه بـ"ربيع علاقات" قد فتح بين البلدين؛ إذ تحاول الرياض وأنقرة تجاوز السنوات الاقتصادية غير المثمرة والتركيز على تحسين العلاقات الاقتصادية. وهو نهج يتماشى مع الاستراتيجيات التجارية البراغماتية  لولي العهد محمد بن سلمان  والرئيس التركي رجب طيب أردوغان .

خطوات التقارب في عام 2024

شهد عام 2024 عدة اجتماعات جمعت العديد من ممثلي القطاع الاقتصادي وصنّاع القرار السياسي من كلا البلدين للتباحث حول فرص التعاون.

في منتدى "الاستثمار والأعمال السعودي التركي" الذي عُقد في 16 شباط/ فبراير، قال وزير الاقتصاد التركي محمد شيمشك: "(السعوديون) يتوجهون إلى رجال الأعمال الأتراك ويرغبون في العمل مع الشركات التركية". وبعد شهر، انعقد المنتدى الدولي الـ27 للأعمال التابع لـ "جمعية رجال الأعمال والصناعيين المستقلين" التركية الإسلامية المحافظة (MÜSIAD) في الرياض. وبعد حوالي شهرين ونصف، زار ممثلو أكبر جمعية اقتصادية تركية "TÜSIAD" السعودية. وأخيراً، التقى أردوغان وبن سلمان في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر في الرياض.

رقم قياسي في الصادرات التركية

انخفض حجم التجارة بين تركيا  والسعودية  عام 2021 إلى 265 ألف دولار أمريكي فقط نتيجة مقتل خاشقجي، لكنه عاد اليوم إلى مستواه السابق بحوالي 5 مليارات دولار. في عام 2022، ارتفعت الصادرات التركية إلى السعودية بنسبة 450% مقارنة بالعام السابق لتصل إلى 1.5 مليار دولار، وبلغت 2.3 مليار دولار في عام 2023. أما بين تشرين الثاني/يناير وايلول/سبتمبر 2024، فقد سُجل رقم قياسي للصادرات بقيمة 2.9 مليار يورو.

تركز  تركيا  في صادراتها إلى السعودية على الآلات والسجاد والأثاث، بينما تركز السعودية على تصدير المنتجات الكيميائية إلى تركيا.

وأكد ممثلو القطاع الاقتصادي أهمية التجارة الثنائية المتزايدة. قال بولنت أيمن، نائب رئيس رابطة مصدري منتجات الأثاث والورق والغابات في منطقة البحر المتوسط (AKAMIB)، لـDW "نزيد صادراتنا إلى السعودية بنسبة تقارب 80% شهرياً. نحن ننظم باستمرار معارض ومحادثات. هناك اهتمام كبير في السعودية بالمنتجات التركية". وأضاف أيمن بولنت أن تركيا تحتل المركز الثالث عالمياً في إنتاج الأثاث بعد الصين وإيطاليا: "هذا الاتجاه هو دليل على الإمكانات الواعدة لتركيا".

جمال خاشقجي قُتل في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2018 داخل القنصلية السعودية في مدينة إسطنبول.صورة من: Emrah Gurel/AP Photo/picture alliance

الأتراك يستثمرون بشكل متزايد

وفق "مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية في تركيا" (DEIK)، تنشط اليوم حوالي 200 شركة تركية في  السعودية ، خاصة في مجالات مثل البناء، والطاقة، والصحة، والغذاء، والأثاث، والسياحة. وبعد المصالحة بين قيادتي الدولتين، حصلت الشركات التركية في السعودية على عقود بنية تحتية متنوعة بقيمة إجمالية تبلغ حوالي 10 مليارات دولار. وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024، حصلت شركات البناء التركية على أكبر عدد من العقود عالمياً من السعودية، بقيمة تصل نحو 2.3 مليار دولار.

يشهد الاستثمار في مجال البنية التحتية طفرة حالية، بعد تحقيق السعودية هدف "رؤية 2030" المتمثل في استقبال 100 مليون سائح في السنة. وفي إطار هذه الرؤية، تُجرى حالياً مشاريع مختلفة في 12 مدينة سعودية لتحسين جودة الحياة وتعزيز التنمية الاقتصادية. ومن المتوقع أن تحقق الشركات التركية عائدات تبلغ 20 مليار دولار من هذه المشاريع خلال السنوات المقبلة.

مشاريع كبرى بأيدي الأتراك

حصلت شركة IC İçtaş İnşaat التركية على عقد تنفيذ أكبر مشروع لبناء الجسور في المملكة. وقال عضو مجلس إدارة الشركة، إلكر أوكسوز لـDW: "نقوم ببناء جسرين قرب الرياض بقيمة 500 مليون دولار. بعد ذلك، سنقوم ببناء أعلى جسر في البلاد، وهو جسر وادي لبن، خلال 36 شهراً فقط".

وأضاف أن شركته نفذت أول محطة للطاقة النووية في تركيا، "أكويو"، والجسر الثالث فوق مضيق البوسفور. كما قامت الشركة ببناء مبنى الركاب في مطار الملك خالد بالرياض، بقيمة 1.5 مليار دولار.

جزء مهم من "رؤية 2030" يتمثل في تعزيز قطاع السياحة.صورة من: Amr Nabil/AP Photo/picture alliance

الوجهة القادمة: الطاقة؟

يقول هاشم سنغو، رئيس "مجلس الأعمال التركي السعودي"، لـDW: "تتقدم الشركات التركية بشكل ملحوظ، خاصة في مجالي البنية التحتية والبناء. هذه الاستثمارات تعزز أسواق العمل في كلا البلدين". وأضاف أن العلاقات التجارية الإيجابية ما زالت في بداياتها وتحتاج إلى مزيد من التطوير. وتوقع أن تتعاون الدولتان في المستقبل القريب في مجال الطاقة، مشيراً إلى: "تجربة السعودية في النفط والغاز الطبيعي واهتمامها بالطاقة المتجددة، إلى جانب خبرة تركيا في هذه المجالات، تفتح الباب لمشاريع مشتركة. سيكون التركيز على مشاريع في مجالي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. من خلال مشاريعهم المشتركة، تهدف الدولتان إلى دعم توفير الطاقة وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة".

هل يستمر الربيع؟

رغم التفاؤل، لا يشارك جميع الخبراء هذا الحماس. يعتقد أيوب فورال أيدين، مستشار في المركز الوطني للتخصيص والشراكة بين القطاعين العام والخاص (NCP) في السعودية، أن فترة "السلام والرخاء" في العلاقات التجارية قد لا تستمر على المدى الطويل.

وأشار إلى أن تركيا تفتقر إلى "خطة استراتيجية" للحصول على حصة أكبر من السوق السعودي. وأضاف أن المنافسة الكبرى في السوق السعودي تتركز بين الولايات المتحدة، الصين، وفرنسا، ويضيف: "نعم، هناك فرص كبيرة أمام تركيا. لكن سيكون من الأفضل لجميع الأطراف إذا تعاونت الشركات والهيئات التركية في إطار خطة مدروسة. على سبيل المثال، وقّعت الصين قبل ثلاثة أشهر اتفاقية استثمار مع السعودية بقيمة 50 مليار دولار. تركيا تحتاج إلى اتخاذ خطوات مشابهة".

أعده للعربية: عباس الخشالي

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW