الكثير من المواطنين في العالم العربي سعيدون جدا بتأدية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليمين الدستورية، لولاية رئاسية جديدة بصلاحيات واسعة. لكن علاقته مع زعماء الدول العربية متوترة، وهذا يعكس تناقض السياسة التركية.
إعلان
لو خاض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان انتخابات في العالم العربي، فإن فرصته جيدة جدا للنجاح والحصول على نسبة عالية من الأصوات، حتى أعلى من التي حصل عليها في تركيا نفسها، لأن له هناك الكثير من المؤيدين بين العرب. والأسباب واضحة، كما يظهر في تحقيق أجراه موقع "عربي21. فأردوغان قضى نهائيا على ما تبقى من هيمنة المؤسسة العسكرية، وفي السنوات الأولى من حكمه تمكن من تحسين الوضع الاقتصادي لتركيا.
وهذا التقدم والإصلاحات التي حققها تعتبر حلما للكثيرين في العالم العربي، حيث أن غالبية الناس بعد انطلاق ما يعرف "بالربيع العربي" عام 2011، لا تزال تعيش تحت سلطة حكومات مستبدة. وعليه فإن الكثيرين من العرب يرون في أردوغان ضامنا لحداثة إسلامية لا يجدونها في بلدانهم الأصلية.
البحث عن "أردوغان عربي"
حتى نهج أردوغان القاسي لأردوغان تجاه خصومه السياسيين لم يؤثر على شعبيته في العالم العربي، فقد جاء في تحليل لموقع ميدل ايست مونيتور، أن "الرغبة في فوز أردوغان بالانتخابات الرئاسية لم تكن فقط تجسيدا لرغبات مقموعة وأحلام فاشلة. ويأمل الناس في أن يجدوا أردوغان عربيا في بلدانهم".
وبهذه النشوة يتميز المواطنون العرب بوضوح عن ممثليهم السياسيين الذين تربطهم في الغالبية ولأسباب مختلفة، علاقة فاترة ومتوترة مع الرئيس التركي الذي أدى يوم الاثنين (9 يوليو/تموز 2018) اليمين الدستورية لولاية رئاسية جديدة بصلاحيات واسعة. وفي هذا السياق التقى قبل أسابيع ممثلون عن الحكومة الأردنية وسلطة الحكم الذاتي الفلسطينية مع نظرائهم الإسرائيليين للتشاور حول الوجود التركي المتزايد في القدس.
الحضور التركي في القدس الشرقية
يجب الانتباه، كما أعلن الأردنيون والفلسطينيون، حسب تقرير لصحيفة هآرتس الإسرائيلية بداية شهر يوليو/ تموز الجاري، قدمت تركيا هبات لحركة حماس الإسلامية المتشدة التي تسيطر على قطاع غزة. كما تم رصد مشاركة أكبر لنشطاء أتراك في مظاهرات حول المسجد الأقصى، كما يقول الأردنيون. وأشار الفلسطينيون إلى أن مواطنين أتراك يشترون عقارات لم يسبق لها مثيل من حيث الحجم في القدس الشرقية. ويخشى الأردنيون، حسب التقرير أن تتطلع تركيا إلى منافستهم كحامين للمقدسات الإسلامية في القدس. وفي إسرائيل يتم تفسير الأنشطة التركية كمحاولة للتأثير، إذ أنهم "هم يحاولون اقتناء عقارات وتقوية حضورهم السياسي"، حسب ما تنقل صحيفة هآرتس عن متحدث للشرطة الإسرائيلية.
دعم الإخوان المسلمين
غالبية الحكومات العربية علاقاتها متوترة مع حكومة أردوغان لأسباب أخرى، كما يقول غونتر ماير، مدير مركز بحوث العالم العربي في جامعة ماينتس الألمانية. إذ أن أردوغان قريب سياسيا من الإخوان المسلمين ويدعم أنشطتهم في عدد من الدول العربية.
وأردوغان تربطه علاقة خاصة مع قطر التي تُعد أيضا داعما قويا للإخوان المسلمين، حسب غونتر ماير الذي يقول إن "هذا يعني توترا واضحا مع خصوم قطر الكبار المتمثلين في المجموعة الرباعية: السعودية والإمارات والبحرين ومصر. وهذه جبهة تقليدية عمل في إطارها أردوغان على توطيد الحضور العسكري لتركيا في قطر". وهذه الاستراتيجية سيواصلها أردوغان حتى بعد فوزه الانتخابي الأخير.
" التوترات يمكن أن تزداد"
و"العلاقات بين العالم العربي وتركيا حاليا ليست في أحسن حالاتها"، حسبما أعلن أنور قرقاش، وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية. كما أعلن مؤخرا ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أن السعودية لها ثلاثة أعداء: إيران وتركيا والمجموعات السنية المسلحة مثل حماس والإخوان المسلمين.
ومن هنا ليس غريبا أن تكون تركيا على رأس قائمة خصوم السعودية حسب رأي غوتتر ماير الذي يقول إن "الإسلام السياسي، كما تمثله جماعة الإخوان المسلمين، تعتبره الأنظمة المتسلطة في شبه الجزيرة العربية أكبر خطر. وهذا قد يؤدي إلى ازدياد التوترات مع الحكام المستبدين في العالم العربي".
وفي بعض أنحاء العالم العربي ابتعد الناس بعض الشيء عن أردوغان. فالتدخل التركي في شمال سوريا لم يقلق فقط الأكراد هناك، بل أيضا الكثير من السوريين. وحتى في العراق ازداد القلق في العراق من احتمال تدخل تركيا، ليس لدى الأكراد فقط وإنما لدى غيرهم أيضا.
كرستن كنيب/ م.أ.م
فوز أردوغان: حلفاء يهنئون وخصوم يسخرون
بمجرد إعلان فوز أردوغان بالانتخابات الرئاسية التركية، انطلق حلفاؤه يهنئونه بالولاية الثانية، بالمقابل، احتفظ خصوم الرجل برسائلهم، وسخروا من استمراره في الرئاسة. في صور: ردود الفعل العربية للانتخابات التركية.
صورة من: Reuters/U. Bektas
السيسي وأردوغان - علاقة عُقدتها الأخوان المسلمون
مصر من بين الدول التي لم يصدر عنها أي رد فعل تجاه فوز أردوغان بالولاية الثانية في الانتخابات الرئاسية. العلاقة بين البلدين تعرف عداءً منذ عزل مرسي. ففي الوقت الذي يقول فيه أردوغان إن عبد الفتاح السيسي صعد إلى الحكم عبر الانقلاب على الشرعية، واصفا إياه بـ"الطاغية"، ترى القاهرة أن أردوغان هو أكبر داعم لما تصفه بـ"إرهاب الإخوان".
صورة من: Reuters
آل زايد وأردوغان- عداء مزمن
يبدو جليا أن العلاقات التركية الإماراتية تتسم بتوتر ناتج عن اختلاف حول ملفات قديمة وأخرى جديدة، يأتي في مقدمتها ملف الأزمة الخليجية، وموضوع الإسلام السياسي، فضلا عن الاتهامات التي يوجهها الإعلام التركي لبعض الجهات، إذ يتهمها بالمساهمة في الانقلاب الفاشل على أردوغان. الإمارات لم تهنئ رجب طيب أردوغان بفوزه في الانتخابات الرئاسية، بل استهزأت شخصيات سياسية من هذا الفوز ودونت في حساباتها ساخرة منه.
صورة من: picture-alliance/AP/Y. Bulbul
محمد بن سلمان وأردوغان- تنافس على الزعامة
السعودية بدورها لم تصدر أي بيان تهنئة بعد فوز أردوغان، كما لم تبعث أية رسالة بهذا الخصوص. مراقبون يشيرون إلى التنافس الدفين؛ غير الظاهر بين البلدين على زعامة العالم الإسلامي. وتجدر الإشارة إلى الاختلافات التي لا تجمع موقف البلدين، وكان أبرزها: ملف الإسلام السياسي والأزمة الخليجية.
صورة من: picture-alliance/AP Images/N. Asfouri
بشار الأسد- خصم أردوغان اللدود!
العلاقة بين سوريا وتركيا هي الأخرى، لا تسلم من توتر وتشنج. ويبدو أن بشار الأسد لن يهنئ أردوغان بفوزه، خاصة وأنه طالب في مرات كثيرة بإسقاط الأسد. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد قال في في خطاب الفوز في الانتخابات: "إن تركيا ستواصل "تحرير الأراضي السورية"، حسب تعبيره، حتى يتسنى للاجئين العودة لسوريا بأمان".
صورة من: picture-alliance/dpa
العبادي- لا تهنئة حتى الآن!
لم يصدر لحدود الساعة أي تهنئة عراقية لأردوغان بمناسبة فوزه في انتخابات الرئاسة. العلاقات تتسم بكثير من التوتر بين البلدين، و يعود تاريخ احدثها إلى عام 2016 بعد وصف العراق استمرار وجود القوات التركية في شمال البلاد بالاحتلال، يبدو أنه ما يزال مستمرا، بالرغم من التقارب الذي يحاول البلدان خلقه، إلا أن طابع التوتر هو الطاغي على العلاقات بين العراق وتركيا.
صورة من: Reuters TV
الشيخ تميم أول المهنئين
كانت قطر أولى المهنئين لأردوغان. وقد اتصل الأمير تميم بن حمد آل ثاني بالرئيس التركي بأردوغان فور ظهور النتائج وهنأه على النجاح الذي حققه في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. تجدر الإشارة إلى أن العلاقة بين البلدين، يطبعها تحالف بين الجانبين في المجال العسكري والاقتصادي. كما أن تركيا وقفت لجانب قطر خلال الأزمة الخليجية، وهو دليل على متانة العلاقة بين بلدين توحدت مواقفهما في قضايا كثيرة.
صورة من: picture-alliance/C. Oksuz
الغنوشي- تهنئة بنكهة التحالف
هنأ راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة التونسية أردوغان بفوزه. وقال في تدوينة على فيسبوك: "أتقدم بتهاني حزب حركة النهضة التونسية للشعب التركي على نجاح انتخاباته الرئاسية والتشريعية، كما نتقدم بالتهنئة للرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية وحلفائه على الثقة المتجددة التي حصلوا عليها من شعبهم". يشار إلى أن حركة النهضة وحزب العدالة والتنمية التركي تجمعهما نقاط مشتركة، كالمرجعية الإسلامية للطرفين.
صورة من: picture-alliance/AA/K. Ozer
سعد الدين العثماني- تهنئة بأمنية دوام العلاقة
يعتبر المغرب من بين الدول التي تربطها علاقة حسنة بتركيا. إذ لا تعرف تشنجات بقدر ما تعرف اتفاقيات وشراكات مستمرة بين الطرفين. ويعتبر حزب العدالة والتنمية المغربي، من الجهات التي تظهر دعمها لحزب العدالة والتنمية التركي. ويعرف الاستثمار التركي في المغرب طريقا نحو التطور في كل مرة. وكان سعد الدين العثماني من بين المهنئين الأوائل لأردوغان في الولاية الأولى، في انتظار تهنئته له بهذه الولاية.
صورة من: Getty Images/AFP/P. Domingo
عمر حسن البشير- حليف أردوغان القديم
عمر حسن البشير، رئيس السودان، كان من أول المهنئين لأردوغان بفوزه في الانتخابات الرئاسية. وبعث الرئيس السوداني، برقية تهنئة لأردوغان. كما أن البلدين تجمعها علاقات اقتصادية مهمة، تتمثل بالأساس في الاستثمار التركي، فضلا عن التعاون العسكري بين الجانبين. إعداد مريم مرغيش.