تركيا وروسيا تبحثان الوضع في إدلب مع فرار الآلاف من القصف
٢٤ ديسمبر ٢٠١٩
أزمة إنسانية كبيرة يعيشها عشرات الآلاف من سكان إدلب عقب القصف الذي يشنه جيش النظام السوري بدعم من القوات الروسية ما أدى إلى تدفق عشرات الآلاف إلى تركيا. الرئيس التركي أكد أن بلاده لا تحتمل قدوم المزيد من اللاجئين.
إعلان
وصل وفد تركي إلى روسيا لبحث قضيتي سوريا وليبيا بعد تقارير عن تدفق عشرات الآلاف من السوريين إلى تركيا تحت وطأة قصف مدعوم من موسكو.
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده لا تتحمل تدفق مزيد من اللاجئين وإنها تطلب من روسيا وقف الضربات الجوية التي تتعرض لها محافظة إدلب في شمال غرب سوريا. وتستضيف تركيا نحو 3.7 مليون لاجئ سوري حالياً.
أزمة إنسانية متصاعدة
وقالت مؤسسة الإغاثة الإنسانية (آي.آي.إتش) التي تتخذ من تركيا مقراً لها مساء الإثنين (23 ديسمبر/كانون الأول) إن عدد السوريين الفارين من الهجمات على إدلب والذين يتجهون صوب حدود تركياوصل إلى 120 ألفاً وهو عدد يفوق بكثير تقديراً أعلنه أردوغان.
وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمم المتحدة إن الأمين العام للمنظمة انطونيو غوتيريش دعا إلى وقف فوري للقتال الذي قال إنه شرد 30 ألف شخص في الأسبوع الماضي وحده، مضيفاً في بيان "أن الأمين العام ذكَر كل الأطراف بالتزاماتها بحماية المدنيين وضمان حرية الحركة".
وتعهد الرئيس السوري بشار الأسد باستعادة السيطرة على إدلب، وهي آخر منطقة كبيرة في سوريا لا تزال تحت سيطرة المعارضة المسلحة بعد ثماني سنوات ونصف السنة من الحرب الأهلية.
وتدعم روسيا وإيران قوات الحكومة السورية في الحرب بينما تدعم تركيا مقاتلي المعارضة الذين يحاربون الأسد.
وقال نشطاء ومنظمات إغاثة إن الطائرات السورية والروسية تستهدف قوافل المدنيين الذين يحاولون الفرار من مدينة معرة النعمان في إدلب مما أدى إلى حصار مئات الأسر هناك.
وكانت وزارة الخارجية الألمانية قد أدانت وبشدة الهجمات الجوية العنيفة على محافظة إدلب شمالي سوريا، وطلبت إنهاء فوريا للهجمات. وقالت متحدثة باسم الخارجية: "إننا قلقون للغاية بشأن تكثيف أعمال القتال في إدلب خلال الأيام الماضية... إننا ندين الهجمات المتكررة من النظام السوري وحلفائه على البنية التحتية المدنية مثل المرافق الصحية بأشد العبارات. الوضع الإنساني في إدلب لا يزال كارثيا".
وقال محمد رشيد وهو ناشط في المنطقة إن وضع المدنيين الباقين في المدينة مأساوي، مشيراً إلى أن الطائرات الروسية تقصف أي قافلة تخرج من معرة النعمان بينما لا يجد من يقتربون من الحدود مأوى.
فراس سعد الذي فر من المدينة مع أسرته ووجد مأوى في قرية حربنوش الحدودية أكد لوكالة أنباء رويترز أن "الناس ملقون على الأرض وينامون في العراء دون أغطية وتحت المطر والبرد".
وتنفي موسكو ودمشق مزاعم القصف العشوائي للمناطق المدنية وتقولان إنهما تحاربان إسلاميين متشددين يستلهمون فكر تنظيم القاعدة.
ليبيا على طاولة المباحثات
من جهته أكد مصدر دبلوماسي تركي أن الوفد الموجود في روسيا سيناقش أيضاً احتمال نشر قوات تركية في ليبيا والدعم العسكري التركي لطرابلس بعد أن وقع البلدان اتفاقاً للتعاون العسكري الشهر الماضي.
وقالت روسيا إنها قلقة جداً إزاء النشر المحتمل للقوات التركية.
وتعتزم أنقرة زيادة الدعم العسكري لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج والتي تتصدى لهجوم قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة خليفة حفتر المستمر منذ شهور.
ع.ح./ع. أ.ج. (رويترز)
المدنيون يتحملون العبء الأكبر للهجوم التركي في سوريا
يحاول من نزح جراء المعارك في شمال شرق سوريا النجاة بالاحتماء في منازل ومدارس مهجورة. ومع رحيل المنظمات الدولية غير الحكومية، يصطف المواطنون لساعات من أجل كسرة خبز. أما القلة القليلة التي تبقت من الأطباء فغارقة في عملها.
صورة من: DW/K. Zurutuza
المحطة الأولى رأس العين
تشير مصادر أممية إلى وجود أكثر من مائتي ألف نازح داخل شمال شرق سوريا منذ بداية الهجوم التركي، الذي بدأ في التاسع من تشرين الأول / أكتوبر 2019. وكان لمدينة رأس العين الحدودية النصيب الأكبر إثر هجوم مشترك لميليشيات مدعومة من تركيا التركية وقصف جوي. وستبقى المدينة تحت السيطرة التركية وفق اتفاق سوتشي الذي توصلت إليه روسيا وتركيا.
صورة من: DW/K. Zurutuza
"فقدنا كل شيء"
وتفيد تقارير بأن أغلب الفارين ينتمون إلى الأكراد. أما ما تبقى في المدينة من مدنيين فهم غالبًا من العرب الذين لا يزالون على تواصل هاتفي بجيرانهم القدامى. وقال هذا الرجل لـ DW (دويتشه فيله): "لقد أخبروني أمس أن الإسلاميين كانوا ينهبون منزلنا؛ لقد فقدنا كل شيء".
صورة من: DW/K. Zurutuza
كل كَسرة خبز تساعد
قوات النظام السوري تتمركز على مسافة كيلومترات قليلة من تل تمر بمحافظة الحسكة. ومن ثم، فقد فرَّت على مدار الأيام القليلة الماضية منظماتٌ دولية غير حكومية كانت تتخذ المنطقة مركزًا لها في السابق. ويعتمد النازحون داخليًّا من رأس العين والقرى المجاورة على عمل المنظمات غير الحكومية التي تكافح لمواكبة الأزمة.
صورة من: DW/K. Zurutuza
قرى خاوية ومخاطر عديدة
وبخلاف تل تمر، تستقبل قرى متاخمة أخرى مئات النازحين، الذين يعتمدون على منظمات محلية غير حكومية. وأوضح حسن بشير، منسق محلي لمنظمة غير حكومية، في تصريحات لـ DW أنهم "يعيشون في قرى خاوية، يوجد كثيرٌ منها بالقرب من مواقع أخرى خاضعة لسيطرة المليشيات المدعومة من الأتراك أو خلايا نائمة لداعش".
صورة من: DW/K. Zurutuza
وجبة واحدة لكل أسرة
لهذا النازح العربي القادم من رأس العين أربع زوجات وسيكابدون جميعا مشقة الحصول على ما يكفي لإطعام جميع أطفالهم، إذ تقول المنظمات غير الحكومية إنها لا تستطيع توزيع أكثر من وجبة غذائية واحدة لكل أسرة. وقال لـ DW بعد أن حصل على وجبة غذائية واحدة: "ليس ذنبهم أنهم مجرد أطفال".
صورة من: DW/K. Zurutuza
المدارس مغلقة.. إلى الأبد؟
منذ بداية الهجوم في شمال شرق سوريا والمدارس مغلقة، ويستقبل كثيرٌ منها الآن نازحين داخليًّا من رأس العين. وسينتقل من يستطيع تحمل التكلفة إلى مدن مثل الحسكة، التي تقع على بعد 80 كيلومترًا نحو الجنوب، أما البقية فسيتعين عليهم التكيف مع الظروف القاسية في مدينة حدودية تواجه المزيد من الهجمات من الشمال.
صورة من: DW/K. Zurutuza
"استمرار الوضع ينذر بكارثة كبرى"
تعيش حاليًا 50 أسرة كردية من رأس العين في هذه المدرسة المهجورة بتل تمر، وسط غيابٍ للمياه والكهرباء. ومع تدهور الأوضاع الصحية، يخشى أطباءٌ محليون والمستشفى في تل تمر من تفشي الكوليرا وغيرها من الأمراض، إذ أخبر أحد الأطباء المحليين DW: "إذا استمر الوضع هكذا، يجب أن نستعد لكارثة إنسانية كبرى".
صورة من: DW/K. Zurutuza
مرضى تقطعت بهم السبل
على الرغم من أن المشفى في تل تمر يعالج الجرحى، فإنه لا يستطيع مساعدة أولئك الذين يعانون من أمراض مثل السرطان. وأخبر نازحان DW أنهما كانا من المفترض أن يتلقيا علاجًا كيميائيًّا في دمشق قبل بدء الهجوم، إلَّا أن الوضع الأمني الحالي يجعل الوصول إلى هناك مستحيلًا.
صورة من: DW/K. Zurutuza
نوع آخر من أماكن اللعب
منذ سيطرة تنظيم "داعش" على تل نصري، بقيت القرية المسيحية الواقعة على أطراف تل تمر خاوية، إذ رحل أغلب سكانها السابقين خلال حصار داعش عندما دمَّرت المليشيات الكنائس بمتفجرات، قبل سقوط "الخلافة" المزعومة. ومع عدم وجود مكان آخر يذهبون إليه، يعيش العديد من النازحين داخليًّا من رأس العين في تل نصري.
صورة من: DW/K. Zurutuza
العيش على الصلاة
هؤلاء الفِتيانٌ من بين عشرات العالقين في تل نصري، إلَّا أن أوضاع المعيشة القاسية هي أبسط مشكلاتهم. فقبل التقاط الصورة مباشرة، أخبر نازحون DW أنهم تعرضوا لهجوم من قرية مجاورة يُقال إنها واقعة في قبضة إسلاميين، وأوضح مقاتلٌ بقوات سوريا الديمقراطية لـDW: "بدأوا بإطلاق النار علينا واشتبكنا [معهم] لأكثر من ساعة".
كارلوس زوروتوزا (تل تمر) / ج.ا