1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تزايد قلق سكان شمال إسرائيل من "حرب شاملة" مع حزب الله

تانيا كريمر
٤ يوليو ٢٠٢٤

تصاعدت مؤخرا وتيرة تبادل إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله. وعلى وقع ذلك، تزايد قلق الإسرائيليين الساكنين قرب المناطق الحدودية من اندلاع حرب شاملة مع حزب الله، فيما يتوقع خبراء أن تشن إسرائيل ضربة استباقية.

تتزايد المخاوف من اندلاع حرب وشيكة بين حزب الله وإسرائيل على وقع تصاعد التوتر
تتزايد المخاوف من اندلاع حرب وشيكة بين حزب الله وإسرائيل على وقع تصاعد التوتر صورة من: Taher Abu Hamdan/Xinhua/picture alliance

من وقت لآخر، يزعج دوي القصف تنزه جلعاد يهودي في الأيام التي تتسم عادة بالهدوء، وللقيام بالتنزه يقصد دائما تلة تقع في ضواحي "كيبوتس شامير" بمنطقة الجليل الأعلى في شمال إسرائيل، حيث لا تتجاوز المسافة بين المنطقة ومرتفعات الجولان المحتلة سوى بعض الأمتار، فيما يقع إلى الشمال الغربي "الخط الأزرق" الفاصل الذي رسمته الأمم المتحدة بين إسرائيل   ولبنان.

وفي مقابلة مع DW، قال جلعاد، البالغ من العمر 45 عاما، إن الهدوء النسبي لا يعكس الواقع، مضيفا " يشهد الجليل الأعلى والمناطق الحدودية مع لبنان، حربا مع سماع دوي الصواريخ والمسيرات وصفارات أجهزة الإنذار مترافقة مع تحليق الطائرات طوال الوقت ليس فقط على الجانب اللبناني وإنما أيضا على الجانب الإسرائيلي". وأشار إلى أنه يشعر بالقلق إزاء تفاقم الوضع، قائلا: "لا يشعر سكان وسط إسرائيل بالحرب التي نعاصرها. أنا أكره أن أقول ذلك، لكني آخذ تهديدات [حزب الله] على محمل الجد وأثق في أنه سوف يمضي قدما في تهديداته".

وشهدت الأسابيع الأخيرة تزايد  وتيرة الهجمات الحدودية بين إسرائيل ومليشيات حزب الله، إذ أطلق الأخير مسيرات من جنوب لبنان إلى داخل عمق شمال إسرائيل فيما شنت الطائرات الإسرائيلية غارات داخل عمق جنوب لبنان. تزامن هذا مع قيام الطرفين بتصعيد خطاباتهما وتهديداتهما، مما أثار مخاوف من احتمال اندلاع "حرب شاملة" بين  حزب الله  وإسرائيل.

وخلال لقائه وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت مؤخرا في واشنطن، قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إنّ "الحرب بين إسرائيل وحزب الله يمكن أن تتحول بسهولة إلى حرب إقليمية، ستكون عواقبها وخيمة على الشرق الأوسط". وفي رده، قال غالانت إن إسرائيل تفضل الدبلوماسية، لكن الحكومة الإسرائيلية "تستعدّ لكلّ السيناريوهات".

يعيش جلعاد وأسرته قرب الحدود مع لبنان، لكنه مستعد للمغادرة حال صدور أوامر بالإخلاءصورة من: Tania Kraemer/DW

صعوبة العودة

وعلى وقع ذلك، مازال أكثر من 60 ألف إسرائيلي غير قادرين على العودة إلى ديارهم منذ إصدار السلطات أوامر إخلاء إلى سكان المناطق المتاخمة للحدود عقب   هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأفادت مصادر بمقتل ما لا يقل عن 25 إسرائيليا بين مدني وعسكري في شمال البلاد جراء الهجمات الحدودية.

وعلى الجانب اللبناني، نزح عشرات الآلاف من سكان الجنوب فيما قُتل نحو 400 شخص جُلهم من مسلحي حزب الله المدعوم من إيران، بالإضافة إلى 50 مدنيا.

وتشير التقديرات إلى امتلاك حزب الله ترسانة أسلحة تضم 150 ألف صاروخ وقذيفة قادرة على استهداف أي مكان في إسرائيل. في غضون ذلك، أكد غالانت أنّ إسرائيل لا تريد حربا مع حزب الله، لكنها قادرة على   إعادة  لبنان  "إلى العصر الحجري" إذا فشلت الدبلوماسية.

وتعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ "منظمة إرهابية".

ميدانيا، يستعد العمال في محطة إطفاء "حتسور" للسيناريو الأسوأ. فرغم أن الصيف يمثل ذروة عملهم بسبب حرائق الغابات، إلا أنهم باتوا يخمدون الآن حرائق كبيرة ناجمة عن عمليات اعتراض الصواريخ والقذائف مما ألحق أضرارا بالمحميات الطبيعية والحدائق والغابات.

وقال جادي أزولاي، قائد خدمات الإطفاء في المحطة، "إننا ندرك أن الأمر سيكون أصعب بكثير، لذلك نجهز أنفسنا من حيث العتاد والمعدات ونحن على أهبة الاستعداد وننتظر حدوث الموجة التالية. لكني آمل ألا تقع".

ويقول خبراء إن استراتيجية حزب الله خلال الأشهر الأولى من الحرب  كانت ترمي إلى دعم حركة حماس مع مساعي الربط بين أي وقف للأعمال العدائية على الجبهة الشمالية من جهة وإحلال هدنة في قطاع غزة من جهة أخرى.

وأرجع هاريل شوريف، المؤرخ والخبير في الشؤون الفلسطينية في مركز موشيه ديان لأبحاث الشرق الأوسط وأفريقيا بجامعة تل أبيب، انخراط حزب الله في الصراع "إلى الاستراتيجية الإيرانية الرامية إلى توحيد القوات حول حدود إسرائيل". وأضاف "رسالة حزب الله مفادها: طالما أنكم تقاتلون قطاع غزة، فإننا سوف نضايقكم وسنُبقي على أسلوب حرب الاستنزاف على حدودكم الشمالية".

يعمل رجال الإطفاء الإسرائيليين في المناطق الحدودية على إخماد الحرائق الناجمة عن اعتراض الصواريخ والقذائفصورة من: Tania Kraemer/DW

محللون: إسرائيل قد تشن ضربة استباقية على حزب الله

يأتي التصعيد الأخير بعد فترة اتسمت بالهدوء النسبي لم تشهد سوى هجمات حدودية على فترات متباعدة، فيما أعاد التوتر الأخير إلى الأذهان آخر حرب مفتوحة بين حزب الله وإسرائيل دارت رحاها لشهر عام 2006 وانتهت بقرار أممي.

بيد أن جهود الوساطة الراهنة التي يبذلها عاموس هوشستين، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي جو بايدن، لم تكلل بالنجاح حتى الآن في نزع فتيل الأزمة أو التوصل إلى اتفاق دبلوماسي على الرغم من أن كلا الطرفين شددا على رفضهما الانزلاق صوب حرب شاملة. وقال شوريف إن عقيدة إسرائيل بعد السابع من أكتوبر / تشرين الأول ترتكن لحاجتها إلى إعادة بناء قوة الردع  و"التأكد من أن حزب الله لن ينفذ عملية مماثلة".

وفي ضوء ذلك، يذهب بعض المحللين إلى القول بأن إسرائيل قد تختار توجيه ضربة استباقية ضد حزب الله لطرد عناصره من المنطقة الحدودية. وقال شوريف "باتت الأغلبية في إسرائيل تؤيد خيار الحرب ضد حزب الله لتدميره بطريقة تمنعه [من تنفيذ] خططه والتي تتمثل في اقتحام شمال إسرائيل والاستيلاء على مستوطنات إسرائيلية واحتجاز الرهائن."

وأضاف أن "استطلاعات الرأي تشير إلى أن هذا النهج يعد السائد. ورغم أننا ندرك الثمن الذي سوف ندفعه، إلا أننا في حاجة إلى ضرب (حزب الله) الآن". وألقى تصاعد التوتر الحدودي  بظلاله على مظاهر الحياة قرب المناطق المتاخمة للحدود إذ باتت الشوارع شبه فارغة فيما تقوم السلطات الإسرائيلية بأعمال تشويش على إشارات نظام تحديد المواقع العالمي المعروف اختصار بـ "جي بي إس" في المنطقة لمنع استخدامه في توجيه إي هجمات.

وتخبر تطبيقات الملاحة مستخدميها بأن مواقع تواجدهم في مكان ما في بيروت.

ورغم أن جلعاد يهودي يعيش في منطقة ليست ضمن المناطق التي طلبت السلطات من سكانها الإخلاء، إلا أنه قرر وزوجته وطفليهما وكلبهم في بادئ الأمر مغادرة المكان في أكتوبر/تشرين الأول الماضي عقب أول هجوم يشنه حزب الله.

ورغم عودتهم، إلا أن حقائب الأسرة مجهزة وتقف عند باب المنزل. وأشار يهودي الذي يقول إنه ليبرالي ويميل للأفكار اليسارية، إلى أنه يستعبد حدوث حل دبلوماسي للأزمة الراهنة.

وأضاف "أعلم أن من يتمركزون على الطرف الآخر من الحدود يريد قتلي. وأعلم أنه يمتلك القدرة على ذلك ويمكنه القيام بالأمر الآن"، مشيرا إلى أن التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل  وحزب الله لن يقضي على هواجسه.

وتساءل: "هل سيمنحني هذا الثقة للبقاء هنا في ضوء يقيني أن الطرف الأخر يمكنه أن يغير نواياه في أي لحظة؟"

وشدد على أنه لم يكن يتخيل أن الوضع المتوتر سوف يستمر لتسعة أشهر فيما لا زالت التحذيرات من حدوث حرب شاملة وشيكة مع حزب الله تدور في ذهنه، قائلا: "في كل ليلة وفي كل صباح، نفكر فيما إذا كان ينبغي علينا البقاء أم الرحيل. لا نعرف ماذا سيحدث في مقبل الأيام؟"

أعده للعربية: محمد فرحان

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW