تسريع الترحيل- برلين تسعى لتنفيذ نظام اللجوء الأوروبي الجديد
١٢ أكتوبر ٢٠٢٤
بعد إقرار بروكسل تعديلات على نظام اللجوء الأوروبي، تعمل برلين على تنفيذ تلك التعديلات، عبر طرح مشاريع قوانين جديدة تتضمن تسريع ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين، وحتى الترحيل الفوري في حالات تهدد الأمن العام.
إعلان
طرحت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، مشاريع قوانين لتنفيذ إصلاح نظام اللجوء الأوروبي. وأوضحت وزارة الداخلية أنه يمكن الآن للولايات الاتحادية والجمعيات المعنية اتخاذ موقف من هذه المشاريع.
ووفقًا لهذه المقترحات، سيتم تسريع إجراءات إعادة طالبي اللجوء المرفوضين كواحد من بين إجراءات أخرى. وتنص المقترحات على أنه في الحالات التي تنطوي على وجود مخاطر تهدد الأمن أو النظام العام، لن يتم منح مهلة للمغادرة الطوعية، بل سيتم تنفيذ الترحيل الفوري.
وقالت فيزر المنتمية إلى حزب المستشار أولاف شولتس الاشتراكي الديمقراطي، في بيان: "تم إقرار القوانين الأوروبية بالفعل، ونحن الآن نعدل القوانين الألمانية لتتماشى معها". وأضافت أن هذا يبعث بإشارة مهمة في أوروبا بأن ألمانيا تنفذ القوانين الجديدة بسرعة وبشكل شامل. وأكدت: "سنواصل السعي على المستوى الأوروبي من أجل تنفيذ الإصلاح بسرعة في جميع الدول الأعضاء".
وكان تم الاتفاق على إصلاح نظام اللجوء الأوروبي في أيار/مايو الماضي بعد سنوات من الخلاف، وبموجب الإصلاح ستتم إعادة توزيع طالبي اللجوء بين دول الاتحاد الأوروبي من جديد عبر "آلية تضامن". كما ينص الإصلاح على إجراءات لجوء سريعة عند الحدود الخارجية، ومعاملة أكثر صرامة مع الأشخاص المنحدرين من دول تعتبر آمنة نسبيًا.
وينص الإصلاح على أنه يمكن ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين، في ظل ظروف معينة، إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي تعرف باسم الدول الثالثة.
حزمة أمنية
وكانت كتل أحزاب الائتلاف الحاكم في البرلمان الألماني، وهي حزب المستشار أولاف شولتس الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر، اتفقت على ما يسمى بالحزمة الأمنية وذلك بعد مضي سبعة أسابيع على هجوم الطعن القاتل في زولينغن الذي صنفته السلطات الألمانية على أنه "إرهابي". وقال الائتلاف الحاكم في بيان إنه سيقدم تعديلات على مشاريع القوانين القائمة إلى لجنة الشؤون الداخلية في البرلمان يوم الأربعاء المقبل.
المهاجرون السوريون في ألمانيا يخشون تداعيات هجوم زولينغن
04:34
وتتضمن الحزمة الأمنية توسيع نطاق صلاحيات الأجهزة الأمنية. وتهدف التعديلات التي طرحتها فيزر والحزمة الأمنية إلى تعزيز الأمن الداخلي والتعامل بفعالية أكبر مع حركة الهجرة.
من جانبه، قال نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الديمقراط الحر، كونستانتين كوله: "سنعمل على توسيع صلاحيات السلطات الأمنية بشكل معتدل، مع احترام الحقوق الأساسية". وأضاف أنه سيتم تعزيز النظام والسيطرة فيما يتعلق بالهجرة. كما أشار إلى أنه سيتم اتخاذ تدابير في مجال قوانين الأسلحة "لمعالجة الجرائم المتزايدة المتعلقة بالأسلحة البيضاء في ألمانيا".
وأكد كوله: "أهم ما في هذه الحزمة هو تقليل المحفزات الخاطئة في مجال الهجرة في نهاية المطاف". وأوضح أن هذا البند سيظل في إطار اتفاق الحكومة الفيدرالية، والذي يتضمن في الحالة العادية إلغاء صرف إعانات لجوء للأشخاص الذين تقع مسؤولية البت في طلبات لجوئهم على عاتق دولة أوروبية أخرى وفقًا لقواعد دبلن. كما ينص الاتفاق على ضرورة ترحيل الأشخاص المعنيين في مثل هذه الحالات بشكل أسرع.
وكان زعيم المعارضة في ألمانيا فريدريش ميرتس أعرب عن إصراره على إمكانية طرد المهاجرين غير الشرعيين على الحدود، موضحًا أن اتفاق الائتلاف الحاكم على ما يسمى بالحزمة الأمنية غير كاف بالنسبة له، لأنه لا يتضمن على الإطلاق إمكانية الطرد على الحدود.
وقال مرشح التحالف المسيحي للمنافسة على منصب المستشارية خلال كلمة ألقاها في المؤتمر العام للحزب المسيحي الاجتماعي البافاري في أوغسبورغ اليوم إنه لا يريد في الواقع قيادة حملة انتخابية تدور حول الهجرة. وأعلن ميرتس مجددًا عن سعي حزبه لاتخاذ إجراءات حاسمة ضد "الهجرة غير النظامية"، مضيفًا أن هناك عددًا متزايدًا من الشباب الذين وصلوا إلى ألمانيا دون سبب للفرار ويسببون هنا أكبر المشكلات.
م.ع.ح/ف.ي (د ب أ)
أوروبا وبلدان شمال إفريقيا.. لعبة المصالح ومقايضة الهجرة بالمال
تحتاج دول الاتحاد الأوروبي لموافقة دول جنوب المتوسط من أجل وقف الأعداد القياسية للمهاجرين غير النظاميين. ولذلك سعت بروكسل لصفقات تبادل مصالح مع دول كمصر وتونس وموريتانيا، وتفاوض أخرى كالمغرب. اتفاقيات تعرضت لنقد شديد.
صورة من: Hasan Mrad/ZUMA Wire/IMAGO
رئيسة الحكومة الإيطالية تزور تونس للمرة الرابعة
تزور رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني تونس، للمرة الرابعة خلال عام. وتركز مرة أخرى على مكافحة الهجرة غير القانونية. وأكدت مصادر إيطالية قبل هذه الزيارة أن "التعاون في مجال الهجرة يظل جانبا أساسيا في العلاقة بين إيطاليا وتونس". وتأتي الزيارة قبل شهرين من الانتخابات الأوروبية التي تخاض في إطارها نقاشات ساخنة حول الهجرة.
صورة من: Slim Abid/AP/picture alliance
اتفاقية مع تونس
وكانت تونس وقعت في تموز/يوليو 2023 مذكرة تفاهم مع المفوضية الأوروبية لكبح موجات الهجرة المنطلقة من سواحلها وجرى تعميم الخطوة مع موريتانيا ومصر لاحقا. وأشارت رئيسة المفوضية الأوروبية، التي زارت تونس مع رئيسي وزراء إيطاليا وهولندا، إلى أهمية التعاون في مجال مكافحة عصابات تهريب البشر وإدارة الحدود والبحث والإنقاذ عبر تمويل بقيمة 100 مليون يورو هذا العام.
صورة من: Freek van den Bergh/ANP/picture alliance
ثلثا المهاجرين يصلون إيطاليا عبر تونس
ومن بين أكثر من 150 ألف مهاجر وصلوا إلى السواحل الإيطالية القريبة في 2023، انطلق قرابة ثلثي العدد من سواحل تونس وأغلبهم من سواحل صفاقس التي تضم الآلاف من مهاجري دول إفريقيا جنوب الصحراء، والحالمين بالوصول إلى دول التكتل الأوروبي الغني. وتوفي أكثر من 1300 مهاجر قبالة سواحل تونس عام 2023، أي ما يفوق نصف عدد الوفيات في البحر المتوسط، المصنف كأخطر الطرق البحرية للهجرة غير النظامية.
صورة من: Ferhi Belaid/AFP/Getty Images
اتفاقية مع مصر
رئيسة المفوضية الأوروبية زارت القاهرة أيضا، برفقة رؤساء حكومات بلجيكا وإيطاليا واليونان. ووقعت اتفاقية مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بهدف إقامة شراكة مع السلطات المصرية لمساعدة هذا البلد الغارق في أزمة اقتصادية خطيرة، والذي يقع على حدود حربين في قطاع غزة والسودان، وحيث يوجد نحو 9 ملايين مهاجر ولاجئ - بما في ذلك أربعة ملايين سوداني و 1,5 مليون سوري - بحسب المنظمة الدولية للهجرة.
صورة من: Dati Bendo/dpa/EU Commission/picture alliance
مساعدات لموريتانيا مقابل التعاون في مجال الهجرة
كما وقعت موريتانيا مع بروكسل إعلانا للتعاون المشترك بينهما في مجال محاربة الهجرة غير النظامية يشتمل على نقاط متفرقة منها منع المهاجرين من التدفق نحو السواحل الأوروبية، وخاصة إسبانيا، وإعادة المهاجرين الموريتانيين غير النظاميين. والتعاون في مجال اللجوء، ومساعدة موريتانيا على إيواء طالبي اللجوء الأجانب على أراضيها مع احترام حقوقهم الأساسية. ولقي الاتفاق انتقادات واسعة في موريتانيا.
صورة من: BORJA PUIG DE LA BELLACASA/AFP
العبور من المغرب
يعتبر المغرب أحد أهم الوجهات للعبور إلى الاتحاد الأوروبي. إلا أن الرباط تشدد رقابتها على المنفذين البريين في سبتة ومليلة، إضافة للعبور بحرا. واعترضت السلطات المغربية 87 ألف مهاجر حاولوا الانطلاق من المغرب إلى أوروبا في 2023، وأنقذت 22 ألف مهاجر تقطعت بهم السبل في البحر أثناء محاولة العبور.
صورة من: Bernat Armangue/AP Photo/picture alliance
تقارب إسباني مغربي
التقارب الأوروبي مع المغرب تدفع به خصوصا إسبانيا، التي أعلنت في مارس/آذار 2022 تأييد موقف المغرب فيما يتعلق بالصحراء الغربية. وزار رئيس الوزراء الإسباني سانشيز المغرب أكثر من مرة. وعملت الرباط ومدريد على توثيق التعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية. واحتلت قضية الهجرة موقعا مهما في المحادثات.
صورة من: /AP Photo/picture alliance
سعي أوروبي لاتفاق قريب مع المغرب
هناك اتفاقيات ثنائية بين دول أوروبية والمغرب بخصوص الهجرة. ولكن هناك مفاوضات تجريها المفوضية الأوروبية مع الرباط، منذ سبع سنوات، ومن المقرر أن يتم التوقيع على الاتفاق نهاية 2024. التعاون مع المغرب ثمنه ليس ماليا، وإنما سياسي، بحسب مصادر أوروبية مطلعة، كما نقلت صحيفة "كرونه" النمساوية، حيث تشترط الرباط دعم بروكسل بخصوص الصحراء الغربية. وفي المقابل، يدعم المغرب السياسة الأوروبية المتعلقة باللاجئين.
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/GettyImages
انتقادات حقوقية لهذه الاتفاقيات
انتقد نواب في البرلمان الأوروبي "الوضع الكارثي للديموقراطية وحقوق الإنسان في مصر". كما تعرضت مذكرة التفاهم مع تونس لانتقادات من قبل اليسار الذي يدين "استبداد" الرئيس التونسي سعيد، والانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون من جنوب الصحراء في بلده.
ودان المجلس الأوروبي للاجئين "الاتفاقات المبرمة مع الحكومات القمعية".
صورة من: Mahmud Turkia/AFP
تبقى ليبيا
ومع هذه الاتفاقيات المتتالية مع دول شمال إفريقيا للحد من الهجرة غير النظامية، تبقى دولة واحدة بمثابة العقدة أمام المنشار. حيث تستغل ميليشيات مسلحة في ليبيا الانقسام في البلد، لتحقق ثروات طائلة من خلال تهريب المهاجرين على قوارب مكتظة باتجاه اليونان وإيطاليا. وعجزت الجهود الأوروبية حتى الآن عن إيجاد حل للمعضلة، التي تفاقمت في يونيو/حزيران 2023 مع تسجيل واحد من أكبر حوادث غرق المهاجرين على الإطلاق.