"تسونامي" الأطفال البدناء وغير الأصحاء في ألمانيا
٢٧ مايو ٢٠١١"أتناول فيتامينات وأذهب للمدرسة سيراً على الأقدام"، بهذه الجملة تبدأ الطفلة "آنا" متحدثة عن مجريات يومها. "آنا" تلميذة في إحدى المدارس الابتدائية في مدينة كولونيا الألمانية. غير أن الواقع هو أن واحداً من كل خمسة أطفال في ألمانيا مصاب بالبدانة، وهذه النسبة آخذة في الازدياد. لكن، ما هو مستوى وعي الأطفال بشأن الأغذية الصحية؟ يقول أغلب الخبراء أنه متدني للغاية، ناهيك عن قلة ممارسة الرياضة بشكل منتظم. والنتيجة هي تزايد الأمراض بين الشبيبة، تلك الأمراض التي يظل الكثير منها مرافقاً لهم بقية حياتهم.
وعن ذلك يقول ديتليف غايس، خبير الأغذية لدى الاتحاد الألماني لأطباء الأطفال والشبيبة في مدينة كولونيا: "للأسف يتأثر الأطفال بشدة بالإعلانات التي تروج للأغذية غير الصحية التي يرون غيرهم يتناولها وهو ما يجعل بعض هؤلاء يكافح طويلاً ضد ما تعود عليه من العادات الغذائية الصحية". ويرى الخبير الألماني أن تمويل النظام الصحي في ألمانيا يواجه خطر الانهيار. ويقول في هذا الإطار: "هناك تسونامي في طريقه إلى نظامنا الصحي.. لقد ظلت الدراسات والبرامج الصحية التي اعتمدت حتى الآن، بلا نجاح لأنها تعالج المشاكل الصحية متأخراً لدى الأطفال..".
دراسات موسعة
ومن أجل هذا الغرض شُرع الآن بدراسة موسعة شملت الأطفال أنفسهم وذلك للمرة الأولى واستطلعت عاداتهم الغذائية، وما يأكلونه ولماذا يأكلونه وعدد مرات تناولهم مشروباً غازياً أو حلوى أو رقائق البطاطس المقلية، وما إذا كانوا يتناولون وجبة ساخنة وعدد مرات هذا التناول، وما إذا كانوا يتناولون طعامهم أثناء مشاهدتهم التلفاز أم مع أسرتهم. كما تناولت الدراسة دور الرياضة في حياة هؤلاء الأطفال.
واُختيرت مدارس التلاميذ المشاركين في الدراسة بشكل عشوائي، وشملت الدراسة تلاميذ من الصف الثاني والثالث الابتدائي، واستطلعت آراؤهم كتابياً. ومن المنتظر أن تتوفر بقية بيانات الدراسة بحلول العطلة الصيفية وأن ينتهي الخبراء من إعداد النتائج النهائية أواخر عام 2011. وأكد فريدهلم غوتهوف من اتحاد حماية الطفل في ألمانيا أن "من حق الأطفال التمتع بأقصى قدر ممكن من الصحة وما يرتبط بها من التغذية السليمة والمعلومات.. وذلك حسب ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الطفل". ورأى جوتهوف أن الواقع غير ذلك وأن صحة الأجيال القادمة لم تعد شيئاً بديهيا في ألمانياً وأن المواد الغذائية الأكثر شيوعاً بين الأطفال تمثل خطراً على صحتهم.
توصيات لأصحاب القرار السياسي
وبغية عرض توصيات الدراسة على أصحاب القرار السياسي في ألمانيا تعاون اتحاد حماية الطفل في ألمانيا والقائمين على هذه الدراسة بشأن سبل وذلك من أجل اعتماد برامج ملائمة لتحسين صحة الأطفال في ألمانيا. وأكد كلاوس بلاستر أن: "هذه النتائج الجديدة المأخوذة من أفواه الأطفال مهمة جداً" وعبر عن أمله في أن تكشف هذه المعلومات النقاب عن عدم تحرك الفتيات والفتيان بالشكل الكافي وما هي الرياضة التي يمكن أن تثير اهتمامهم وتجعلهم يتحركون وما إذا كانوا يجلسون من وقت لآخر مدة أطول من اللازم أمام التلفاز والكمبيوتر. كما يأمل بلاستر في أن تكشف الدراسة عن أن الأمر برمته ليس متعلقاً "فقط" بالصحة الجسمانية "بل إن الحركة والرياضة أمران هامان أيضاً في تطور الشخصية".
ويرى الخبراء المعنيون أن الوقت يمر وأنه كان من الضروري التعرف قبل 15 عاماً على المشكلة التي تواجه ألمانيا بهذا الشأن وأن تمويل النظام الصحي في ألمانيا يواجه خطراً حقيقياً، حسبما أوضح غايس الذي أضاف: "الأطفال المفرطون في السمنة سيصبحون يوماً ما بالغين يعانون من مشاكل مرضية متنوعة.. لقد ظهرت بالفعل مؤشرات على وجود ارتفاع هائل في السكتة الدماغية المبكرة وأمراض القلب والدورة الدموية والسكر من النوع الثاني".
(ع.غ/ د ب أ)
مراجعة: حسن زنيند