تشكيل حكومة فرنسية جديدة وسط تنديد اليسار واليمين المتطرف
٢٢ سبتمبر ٢٠٢٤
رغم فوز التحالف اليساري بالانتخابات البرلمانية تتألف الحكومة الفرنسية الجديدة من تيار يمين الوسط بقيادة بارنييه ويلوح بالأفق تصويت يساري وكذلك يميني متطرف بسحب الثقة ونُظمت احتجاجات ضد "حكومة ماكرون-بارنييه" قبل إعلانها.
إعلان
بعدما تولَّت لأسابيع حكومة مستقيلة تصريف الأعمال في أجواء من الفوضى السياسية في فرنسا أُعلِنت -يوم السبت 21 سبتمبر / أيلول 2024- تشكيلة الحكومة برئاسة ميشال بارنييه التي بدأت تطالها الانتقادات منذ لحظة ولادتها. فبعيد إعلان الأمين العام للإليزيه أليكسيس كولر السبت التشكيلة الحكومية الجديدة -وهي يمينية تضم 39 وزيرا- بدأت المعارضة توجه إليها الانتقادات.
وقال رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف جوردان بارديلا إن الحكومة "تؤشر إلى عودة الماكرونية" السياسية و"لا مستقبل لها". ويعتبر التجمع الوطني بيضة القبان في الجمعية الوطنية.
من جهته دعا جان-لوك ميلانشون -زعيم اليسار الراديكالي ورئيس حزب فرنسا الأبية المنخرط في تحالف "الجبهة الشعبية الجديدة" اليساري الفائز بغالبية في الجمعية- إلى "التخلص في أسرع وقت ممكن" من هذه الحكومة. أما رئيس الحزب الاشتراكي أوليفييه فور فندّد مساء السبت بـ"حكومة رجعية تشكل استهزاء بالديمقراطية". وتابع: "موعدنا جلسة التصويت على الثقة" حيث يقول اليسار إنه يسعى للإطاحة بالحكومة في الجمعية الوطنية، علما بأن هذا الأمر يتطلب أصوات اليمين المتطرف.
إعلان
مخاض عسير
ولدت الحكومة بعد 15 يوما من مباحثات مضنية قادها رئيس الوزراء ميشال بارنييه بتكليف منالرئيس إيمانويل ماكرون، بعد مخاض سياسي عسير. ويبدو التوجه اليميني طاغيا في الحكومة. والممثل الوحيد لليسار فيها هو وزير العدل ديدييه ميغو وهو اشتراكي سابق مغمور كان انسحب من الحياة السياسية.
ويتعين على حكومة بارنييه أن تنال الثقة في الجمعية التي أنتجتها الانتخابات التشريعية المبكرة، والمنقسمة إلى ثلاث تكتلات كبرى لا يمكن التوفيق بينها: اليسار الذي حل في المرتبة الأولى في الانتخابات وغير الممثل في الحكومة، ويمين الوسط (معسكر ماكرون) واليمين المتطرف الذي يعد بيضة القبان.
حكومة بارنييه ستواجه تحديات صعبة
وتعقد الحكومة أول اجتماعاتها عصر غد الإثنين 23 / 09 / 2024. ومن المقرر أن يلقي بارنييه خطابه بشأن السياسة العامة في الأول من أكتوبر / تشرين الأول 2024. وتتلخص المهمة الأولى والأكثر إلحاحا لحكومته بتمرير الموازنة، في حين تواجه فرنسا مديونية عامة كبيرة وتستهدفها إجراءات أوروبية بسبب العجز المفرط.
ومن بين الشخصيات البارزة في الحكومة الجديدة: وزير الداخلية الجديد برونو ريتايو الذي يثير حفيظة اليسار والوسطيين، بما في ذلك معسكر ماكرون. ويعتزم ريتايو -المنتمي لليمين الليبرالي المحافظ والمدافع الشرس عن "النظام" و"السلطة" و"الحزم"- اتباع سياسة صارمة بشأن الهجرة، وهو ملف يثير قلق الفرنسيين ويشعل بانتظام سجالات سياسية.
ومن معسكر ماكرون تم تعيين الوسطي جان نويل بارو وزيرا للخارجية. ويتعين على هذا المسؤول الشاب -البالغ 41 عاما والذي سبق أن شغل منصب وزير الشؤون الأوروبية- أن يثبت حضوره سريعا في ساحة دولية متفجرة يطبعها نزاعا أوكرانيا والشرق الأوسط.
وزير الجيوش سيباستيان لوكورنو، حليف ماكرون، هو واحد من القلائل الذين احتفظوا بحقيبتهم، وستكون وزارته واحدة من وزارات قليلة تستفيد من زيادة حادة في الميزانية في سياق من الأزمات الدولية. كذلك احتفظت رشيدة داتي وهي من أصول مغربية، بحقيبة الثقافة. وتعتبر داتي شخصية مثيرة للجدل.
اليسار -الذي فاز في الانتخابات التشريعية- يندد منذ أسابيع بـ"انتخابات مسروقة" وينتقد، مثل عضو البرلمان الأوروبي من اليسار الراديكالي مانون أوبري، الفريق الذي سيكون، وفقا لها "تحت رحمة اليمين المتطرف".
ونُظم السبت نحو ستين تجمعا في مختلف أنحاء فرنسا، بدعوة من حزب "فرنسا الأبيَّة" وحزب الخضر وجمعيات ومنظمات طلابية وبيئية ونسوية، ضد "حكومة ماكرون-بارنييه".
في باريس قالت فيوليت بورغينيون وهي طالبة تبلغ 21 عاما: "أنا هنا لأن هذا الأمر لا يتوافق مع ما صوتنا لأجله. يمثل رئيس الوزراء حزبا لم يكن لديه أي شيء تقريبا في الانتخابات. أنا قلقة وغاضبة: ما الجدوى من التصويت؟".
وجاء في الدعوة للتظاهر أن رئيس الدولة نصب في ماتينيون "رئيس وزراء يمينيا متشددا ومعاديا للمجتمع ومعاديا للمهاجرين وتاريخه معاد للمثليين" و"لن يتمكن من الحكم إلا باتفاق دائم مع (زعيمة اليمين المتطرف) مارين لوبن". ويعتزم حزب فرنسا الأبية "زيادة الضغط الشعبي" بعد يوم احتجاجي نظم في السابع من سبتمبر / أيلول 2024.
ع.م / م.س ( أ ف ب ، د ب أ)
أبرز الشخصيات في المشهد السياسي الفرنسي بعد الانتخابات
فوز اليسار في الجولة الثانية من الانتخابات الفرنسية المبكرة، شكل مفاجأة كبيرة بعد تصدر اليمين المتطرف في الجولة الأولى. في هذه الجولة المصورة نتعرف على أبرز الشخصيات التي ستلعب دورا في السياسة الفرنسية القادمة.
صورة من: Ludovic Marin/AFP/Getty Images
إيمانويل ماكرون
إيمانويل جان ميشيل فريدريك ماكرون (47 عاما) رئيس فرنسا منذ عام 2017. كان عضوا في الحزب الاشتراكي وتولى حقيبة وزارة الاقتصاد في عهد الرئيس السابق فرانسوا أولاند. في نيسان 2016 ترك الحزب الاشتراكي وأسس حزب الجمهورية إلى الأمام، وهو حزب وسطي ليبرالي، في عام 2022 أصبح اسمه حزب النهضة.
صورة من: Eliot Blondet/abaca/picture alliance
غابريال أتال
تولى غابريال أتال (35 عاما) رئاسة وزراء فرنسا في يناير 2024 ويعتبر أصغر شخص في تاريخ البلاد يتولى هذا المنصب. كان بين عامي 2020 و2022 ناطقا باسم الحكومة، ثم تولى حقيبة وزارة التعليم الوطني والشباب من يوليو/ تموز 2023 حتى تعيينه رئيسا للوزراء. بعد الانتخابات التشريعية المبكرة 2024 التي حل فيها حزبه ثانيا قدم استقالته، لكن ماكرون رفض الاستقالة وطلب منه الاستمرار في منصبه حتى تشكيل حكومة جديدة.
صورة من: Blondet Eliot/Abaca/IMAGO
جان لوك ميلانشون
زعيم حزب فرنسا الأبية اليساري المتطرف، جان لوك ميلانشون (73 عاما) يتمتع بخبرة سياسية طويلة ويعد واحدا من أكثر الساسة الفرنسيين إثارة للجدل. تزعم ميلانشون الجبهة الشعبية الجديدة لقوى اليسار التي احتلت المركز الأول في الانتخابات التشريعية المبكرة 2024. قبل تأسيس حزبه عام 2016 كان عضوا في الحزب الاشتراكي وكان وزيرا للتعليم وترشح للرئاسة في انتخابات 2012 و2017 و2022.
صورة من: Dimitar Dilkoff/AFP/Getty Images
مارين لوبان
مارين لوبان (56 عاما) المحامية السابقة تعتبر زعيمة التيار اليميني المتطرف، تولت رئاسة حزب الجبهة الوطنية من والدها عام 2011 ثم غيرت اسم الحزب إلى التجمع الوطني عام 2018. ترشحت للانتخابات الرئاسية أعوام 2012 و2017 و2022 حيث حلت في المركز الثاني خلف ماكرون. تصدر حزبها الجولة الأولى للانتخابات التشريعية، لكنه أخفق في الجولة الثانية ليحتل المركز الثالث.
صورة من: Yves Herman/REUTERS
جوردان بارديلا
كان اسم الشاب جوردان بارديلا (28 عاما) رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، الأكثر تداولا لتولي رئاسة وزراء فرنسا بعد الجولة الأولى للانتخابات التشريعية المبكرة 2014، حيث تصدر حزبه نتائجها. لكن بعد هزيمة حزبه في الجولة الثانية لم يعد اسمه يذكر. لكن سيبقى لحزبه دور وتأثير كبير في البرلمان.
صورة من: Julien de Rosa/AFP
فرانسوا أولاند
الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا أولاند (70 عاما) الزعيم السابق للحزب الاشتراكي، عاد إلى واجهة المشهد السياسي بعد ترشحه للانتخابات التشريعية 2024 وفوزه ضمن قائمة الجبهة الشعبية الجديدة على مرشحي التجمع الوطني وحزب "الجمهوريون" في دائرته الانتخابية. صحيح أنه ليس مرشحا لرئاسة الحكومة، لكن من المتوقع أن يكون له دور في السياسة الفرنسية وخاصة الخارجية.
صورة من: Reuters/Laurent Dubrule
أوليفييه فور
زعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور (55 عاما) كان له دور واضح في تأسيس الجبهة الشعبية الجديدة وأول شخص يتحدث باسمها في المناظرات الانتخابية. تولى قيادة الحزب عام 2018 ويتمتع بخبرة سياسية جيدة إذ تولى بعض المناصب السياسية. ويعد هذا المحامي السابق من مرشحي اليسار البارزين لرئاسة الحكومة القادمة.
صورة من: Aurelien Morissard/AP/picture alliance
مارين تونديلير
دعت زعيمة الخضر مارين تونديلير (37 عاما) في وقت مبكر إلى تأسيس جبهة يسارية وطنية ضد اليمين المتطرف. وبرزت كصوت قوي في حملة الجبهة الشعبية الجديدة خلال هذه الانتخابات التشريعية. وهي معروفة بانتقادها الحاد لتحالف ماكرون وتقول إنه شبيه باليمين المتطرف. تولت قيادة حزب الخضر في أواخر عام 2022.
صورة من: Abdul Saboor/REUTERS
فابيان روسيل
تولى فابيان روسيل (55 عاما) قيادة الحزب الشيوعي الفرنسي عام 2018 بعد انتخابه نائب في البرلمان عام 2017. لكنه فقد مقعده في الانتخابات المبكرة 2024 لصالح مرشح من التجمع الوطني اليميني المتطرف. لم يكن حضوره لافتا خلال الحملات الانتخابية للجبهة الشعبية الجديدة، لكن هذا الصحافي السابق سيبقى على رأس الحزب الشيوعي الفرنسي.
صورة من: Andrea Savorani Neri/NurPhoto/picture alliance
إريك سيوتي
تولى إريك سيوتي (59 عاما) زعامة حزب "الجمهوريون" اليميني المحافظ آواخر عام 2022. وقد أثار جدلا في الحزب بدعوته إلى إقامة تحالف مع التجمع الوطني اليميني المتطرف، وهو ما أثار انقساما في الحزب وغضب المكتب السياسي الذي طرده من الحزب، لكن القضاء أبطل قرار الطرد.
صورة من: Eric Gaillard/REUTERS
رافائيل غلوكسمان
يرى بعض المراقبين أن رافائيل غلوكسمان (44 عاما) النائب في البرلمان الأوروبي عن الحزب الاشتراكي، من المرشحين البارزين لرئاسة الحكومة الفرنسية القادمة بعد فوز الجبهة الشعبية الجديدة اليسارية. وصرح قبل الانتخابات أن الشيء المهم هو "التغلب" على التجمع الوطني، وأن السبيل الوحيد إلى ذلك هو "وحدة اليسار". وهو صحافي سابق وكان مستشار للشؤون الخارجية والأوروبية للرئيس الجورجي السابق ميخائيل سكاشفيلي.
صورة من: Coust Laurent/ABACA/IMAGO
لوران بيرغر
الزعيم العمالي المعتدل لوران بيرغر (55 عاما) رئيس نقابة (سي أف تي دي CFDT) يعبر زعيما نقابيا بارزا وكان له دور بارز في توجيه الإضرابات التي شهدتها فرنسا بعد الإصلاحات في قطاع السكك الحديدية، وكان بيرغر من الداعين لإنهاء الإضرابات وقال "العمل النقابي ليس مجرد إضرابات". وهو معروف بمناهضته للتجمع الوطني اليميني المتطرف.