تشييع جثمان بنظير بوتو وسط غضب شعبي وأعمال عنف تعم باكستان
٢٨ ديسمبر ٢٠٠٧ودع اليوم الجمعة قرابة 100 ألف باكستاني جثمان زعيمة المعارضة بنظير بوتو التي دفنت في مقابر عائلتها بمسقط رأسها في يوم عاطفي وعنيف في بلد يقف على حافة السقوط في حالة من الفوضى. واصطف الآلاف من الأشخاص، بعضهم يبكي وآخرون يضربون رؤوسهم حزنا، في مقبرة عائلة بوتو في مقاطعة لاركانا بإقليم السند جنوبي البلاد لأداء صلاة الجنازة لبوتو التي قتلت بعد ظهر أمس الخميس. وقدر عدد الذين توافدوا على قرية لاركانا سيرا على الاقدام أو على متن الدراجات البخارية وعددا آخر من وسائل المواصلات والنقل لإلقاء نظرة الوداع على مؤيدة الديمقراطية قبل أن تدفن قرابة 100 ألف شخص. وردد المشيعون شعارات مناهضة للحكومة وأخرى مناهضة لاقليم بنجاب المجاور، وهو الإقليم الأكثر غنى في باكستان والذي يعد موطنا تقليديا للصفوة السياسية والعسكرية والمدنية للبلاد.
غضب عارم وأعمال عنف
وواصلت الحشود الغاضبة هجماتها على المباني الحكومية والممتلكات الخاصة في أعقاب اغتيال بوتو، مما قد يهدد بخروج الوضع عن نطاق السيطرة في بعض مناطق باكستان. وشهد إقليم السند جنوبي البلاد المعقل السياسي لبوتو أسوأ موجة من أحداث العنف حيث قتل 25 شخصا على الأقل بينهم شرطيان منذ الليلة الماضية. وذكر مسئولون محليون وتقارير تليفزيونية باكستانية أن مشاغبين مسلحين بالعصي وحتى الأسلحة النارية أحرقوا مئات المركبات وطافوا الشوارع الخاوية في مختلف أنحاء الإقليم متجاهلين النداءات بالهدوء من قبل الرئيس الباكستاني برفيز مشرف. وقال دين محمد أحد السكان المحليين بمنطقة خيربور، حيث قتل ستة أشخاص في أعمال عنف الليلة الماضية، إن "هؤلاء الأشخاص خرجوا عن نطاق السيطرة ويدمرون كل شيء يصادفونه.. والمدينة بأكملها مغلقة وهم يحرقون إطارات السيارات في كل مكان في الشوارع".
وفي منطقة لاركانا اندلعت أعمال عنف، فيما وصل عشرات الآلاف إلى مسقط رأس بوتو في قرية جارهي خودا باكش للمشاركة في جنازتها، وأحرقت الحشود الغاضبة السيارات والدرجات البخارية والمباني وهتفت بشعارات مناهضة للحكومة. وقال مراسل وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) في الموقع إن قوات الأمن أغلقت الطرق المؤدية إلى القرية.
استدعاء الجيش للسيطرة على الموقف
وتجري القوات شبه العسكرية وجنود الجيش الذين يعملون وفق أوامر بإطلاق النار دوريات بشوارع العديد من ولايات إقليم السند حيث قتل أكثر من 11 شخصا في اضطرابات اليوم الجمعة. وقال الميجور أسعد علي المتحدث باسم القوات شبه العسكرية في تصريح بقناة (آج) التليفزيونية إنهم "نشروا 16 ألف جندي عبر الإقليم" مضيفا: "نحاول بهذه القوة المحدودة الوصول إلى أكثر المناطق تضررا. وصرح القائم بأعمال وزير الداخلية حميد نواز خان للصحفيين في إسلام أباد بأنه جرى استدعاء الجيش للسيطرة على الموقف، قائلا إنه "لن يتم السماح لأي فرد بخلق اضطرابات".
وأطلق المئات من المتظاهرين سراح أكثر من 400 سجين في ثلاث مناطق بعد أن شنوا هجمات على ثلاثة سجون وأضرموا النار فيها. وفي كراتشي عاصمة الإقليم، أصبح الوضع أكثر هدوءا اليوم الجمعة بعدما قتل 12 شخصا بينهم شرطيان في الليلة الماضية التي شهدت عنفا في أنحاء متعددة من المدينة الساحلية.
وقال رئيس الشرطة أظهر علي الفاروقي إن "الوضع أكثر هدوءا اليوم... أشعل الأوغاد النيرام في أربع نقاط تفتيش للشرطة وأكثر من 180 مركبة، وألقت الشرطة القبض على أربعين منهم. وأغلقت جميع الطرق البرية التي تربط كراتشي بباقي أنحاء البلاد بعدما علق مسئولو السكك الحديدية خدمة القطارات. وكانت حشود غاضبة اقتحمت العديد من محطات السكك الحديدية وأشعلت النار في قطار، كما أغلقت أيضا عددا من الطرق داخل المدينة وخارجها.
وذكرت تقارير إعلامية محلية أن العديد من المدن والبلدات الأخرى لا تزال تحت سيطرة الحشود الغاضبة، والتي سطت على العشرات من البنوك وماكينات الصرف الآلية. وأشارت تقارير أخرى إلى وجود اضطرابات محدودة أيضا في إقليمي الحدود الشمالية الغربية وبلوشستان. وأصيب 12 شخصا بينهم خمسة من رجال الشرطة إثر اشتباكات مع قوة مكافحة الشغب استمرت لعدة ساعات بعد صلاة الجمعة في منطقة شيخوبورا بإقليم البنجاب. واستخدمت قوات الأمن الهراوات والغاز المسيل للدموع في التعامل مع المتظاهرين الذين رشقوا بالحجارة تجاههم في المقابل. ويجرى حاليا دراسة إمكانية تنظيم إضراب عام في جميع أنحاء البلاد يشهد توقف أنشطة الأعمال وإغلاق المكاتب الحكومية والمدارس.