1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تصريحات بلغيث أخرجت مارد الخلاف الجزائري-الإماراتي من قمقمه

٦ مايو ٢٠٢٥

أثارت تصريحات المؤرخ الجزائري محمد أمين بلغيث عن الهوية الأمازيغية في بلده جدلاً كبيراً، لكنها أزاحت الستار عن خلافات مع الإمارات لأن حديثه كان عبر قناة "سكاي نيوز عربية"، فهل تشهد العلاقات بين البلدين تصعيداً أم تهدئة؟

لقاء عبد المجيد تبون ومحمد بن زايد خلال قمة مجموعة السبع في روما في حزيران/يونيو عام 2024
إلى أين تتجه العلاقات بين الجزائر والإمارات عقب أزمة تصريحات المؤرخ الجزائري محمد أمين بلغيث عبر قناة "سكاي نيوز عربية"؟صورة من: Ludovic Marin/AFP/Getty Images

منذ حديثه عبر فضائية "سكاي نيوز عربية" عن الهوية الأمازيغية في الجزائر، ما زال الجدل بشأن تصريحات المؤرخ الجزائري محمد أمين بلغيث يثير ردود فعل واسعة النطاق على منصات التواصل الاجتماعي.

وباتت أزمة ما صرح به بلغيث عن أن "الأمازيغية هي مشروع صهيوني فرنسي"، بحسب ادعائه، وكأنها كرة ثلج تتدحرج حتى وصلت خارج حدود الجزائر.

وعقب التداول "على نطاق واسع" عبر وسائل التواصل الاجتماعي الخميس (الأول من مايو/أيار 2025) بمقاطع من المقابلة التلفزيونية، أُودع بلغيث، وهو أستاذ جامعي يقول إنه متخصص في شؤون المغرب العربي، رهن الحبس الاحتياطي.

وأودع محمد أمين بلغيث الحبس الاحتياطي إثر فتح تحقيق قضائي ضده "بجناية القيام بفعل يستهدف الوحدة الوطنية بواسطة عمل غرضه الاعتداء على رموز الأمة والجمهورية، جنحة المساس بسلامة وحدة الوطن وجنحة نشر خطاب الكراهية والتمييز"، وفق ما أعلنت نيابة الجمهورية لدى محكمة الدار البيضاء قرب الجزائر العاصمة.

يُشار إلى أنه جرى الاعتراف بالأمازيغية لغة رسمية في الجزائر في عام 2016، وفي عام 2017 تمت إضافة "يناير"، رأس السنة الأمازيغية، إلى قائمة الأعياد الوطنية.

سخط وانقسام جزائري

وأثارت تصريحات بلغيث "الذي زعم أنه "لا يوجد شيء اسمه ثقافة أمازيغية"، انقساماً وموجة سخط في الجزائر، تزايدت حدتها بعد انتشار خبر حبس بلغيث.

فقد انتقد كثيرون القرار، مطالبين بالإفراج عنه تحت وسم #الحرية_للدكتور_محمد_الامين_بلغيث.

في المقابل، دافع رواد التواصل عن قرار الحبس، معتبرين ما تفوه به بلغيث يمس "الوحدة الوطنية" في الجزائر. واعتبر بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر أن تصريحات بلغيث تندرج في السياق نفسه لمواقف أدلى بها الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، المسجون منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

وحُكم على صنصال بالسجن خمس سنوات في نهاية آذار/مارس، بعد تصريحاته في إحدى وسائل الإعلام الفرنسية اليمينية المتطرفة، حيث قال إن الجزائر ورثت أراضي تحت الاستعمار الفرنسي كانت في السابق تابعة للمغرب.

ستار الخلاف مع الإمارات

وتجاوز الجدل بشأن ما صرح به بلغيث فضاء الجزائر ليمتد إلى العلاقات مع الإمارات في ضوء أن تصريحاته كانت عبر قناة "سكاي نيوز عربية" التي تتخذ من أبو ظبي مقراً لها.

وفي تعليق قُرئ في نشرة أخبار الساعة الثامنة مساء الجمعة، حمل التلفزيون الجزائري العام بشدة على الإمارات، متهماً إياها بأنها "تتحول إلى مصانع للفتنة وبث السموم الإيديولوجية". وبحسب القناة الجزائرية، فإن ما وصفته بـ"تصعيد إعلامي خطير" من دولة الإمارات حيث مقر "سكاي نيوز عربية"، "يتجاوز كل الخطوط الحمراء".

كذلك، اعتبرت المحافظة السامية للأمازيغية التابعة للرئاسة الجزائرية، في بيان، أنه "في الوقت الذي تواجه فيه الجزائر تحديات إقليمية ودولية معقدة، لا تزال بعض الأطراف المعزولة تحاول عبثاً زعزعة نسيجها الوطني المتماسك، عبر توظيف خطاب الكراهية والطعن في أحد أعمدة هويتها الأصيلة، المكون الأمازيغي".

ويرى مراقبون أن الغضب الجزائري من الإمارات يعيد إلى الواجهة الخلافات بين البلدين وعلاقات شابها الكثير من الفتور والتوتر في بعض الأحيان.

أسباب "لامنطقية" للتوتر بين الجزائر والإمارات

وشهدت منصات التواصل الاجتماعي حالة من التصعيد والهجوم بين رواد التواصل الاجتماعي في كلا البلدين.

وفي مقابلات عديدة، حاولت DW عربية استطلاع آراء خبراء من الإمارات، لكنهم تحفظوا على التعليق، عازين ذلك إلى عدم الإلمام بأسباب التصعيد الأخير من قبل الجزائر ضد الإمارات بعد تصريحات بلغيث.

وقال خبير جزائري، طلب عدم الكشف عن هويته لحساسية الأمر، في مقابلة مع DW عربية إن أسباب التوتر يكتنفها الكثير من "اللامنطقية".

وشهدت السنوات الماضية توترات بين البلدين تجلت في الآونة الأخيرة في لهجة حادة من مؤسسات وقنوات جزائرية ضد الإمارات.

وجاء ذلك رغم محاولات حكومتي البلدين إلى رأب الصدع، ففي قمة مجموعة السبع في روما في حزيران/يونيو عام 2024، جرى أول لقاء بين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره الإماراتي محمد بن زايد آل نهيان. واعتبر هذا اللقاء بمثابة محاولة "لكسر الجليد" بين البلدين، لكن لم يعقبه الكثير من الإجراءات الملموسة التي تعيد العلاقات الثنائية إلى مسارها الطبيعي.

"خلافات متعددة"

ويرجع خبراء هذا الخلاف إلى عدم التوافق بين أجندات السياسة الخارجية لكلا البلدين، خاصة في السودان و ليبيا وأيضاً قضية الصحراء الغربية.

وفي ذلك، قال الدكتور حسني عبيدي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف، إن العلاقات ما بين الإمارات والجزائر "عرفت مراحل متعددة، وكذلك مختلفة من خلال طبيعتها وعمقها. كانت مرحلة حكم بوتفليقة من أحسن المراحل أو لنقل إنها الفترة التي وصلت فيها العلاقات إلى ذروتها". وفي مقابلة مع DW عربية، أضاف "يمكننا القول بأن الخلاف الجوهري هو خلاف يتعلق بقضايا دولية؛ إذ فهو ليس خلافاً واحداً وإنما خلافات متعددة".

ويأتي هذا التوتر رغم أن العلاقات بين البلدين تضرب بجذورها إلى عقود عديدة؛ حيث تعود إلى سبعينيات القرن الماضي مع افتتاح سفارة الإمارات بالجزائر في 1974 وسفارة الجزائر بأبوظبي في 1975.

ومع مجيء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم، توطدت العلاقات بين البلدين في كافة المجالات.

وفي تعليقه، قال حسني عبيدي إنه خلال حقبة بوتفليقة "تعمقت العلاقات الثنائية ما أدى بالدولتين إلى الاستثمار في العديد من المجالات، حيث استثمرت الإمارات في العديد من القطاعات بما فيها القطاعات العسكرية، وكان رئيس الأركان (الجزائري) آنذاك يتردد باستمرار إلى معرض السلاح الذي تنظمه أبو ظبي". لكن العلاقات بين البلدين "بعد ذهاب بوتفليقة باتت تنحو نحو سلبياً"، بحسب عبيدي.

مستقبل العلاقات: تصعيد أم تهدئة؟

من جانبه، يرى مدير برنامج شمال إفريقيا في "مجموعة الأزمات الدولية" ريكاردو فابياني أن المصالحة بين البلدين "تتطلب لفتة رمزية وواضحة من أبو ظبي لتهدئة الجزائر".

وفي مقابلة مع DW عربية، أضاف "تعتقد الجزائر أن الإمارات تتآمر ضدها، وأن الثقة بين البلدين في أدنى مستوياتها. إذا لم تعالج الإمارات هذه المخاوف كما ينبغي، فستظل الجزائر تشعر بالريبة من نفوذ أبوظبي وتحركاتها في شمال أفريقيا والساحل."

وقد ينذر ذلك بمزيد من التصعيد بين البلدين، لكن الباحث السياسي حسني عبيدي يرى أن الجزائر وأبو ظبي سوف "يعملان على تحييد هذه الخلافات وعدم الاستمرار فيها".

وأضاف في حديثه إلى DW عربية "هناك رغبة في عدم التصعيد من كلا البلدين لأن الاستثمارات الإماراتية ما زالت مستمرة في الجزائر. وليس من مصلحة الجزائر أن تفتح كذلك جبهة مع دولة مهمة جداً بالنسبة للجزائر، ومهمة جداً في العالم العربي".

وأشار إلى أن تزايد حدة التوتر مع الإمارات لن يصب في صالح الجزائر، قائلاً: "أي تصعيد سيؤثر سلباً بالتزامن مع خلافات الجزائر مع فرنسا من جهة وخلافاتها مع دول الساحل". وأضاف "الجزائر في نهاية المطاف سوف تسعى لاحتواء الأزمة، انتظارا لتحسينها في المستقبل".

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW