ساد جدل داخل تركيا، بعد وصف أستاذ في كلية الشريعة في جامعة أنقرة من لا يصلون بأنهم "حيوانات"، وفيما انتقد البعض ظهور هذه الأقوال على تلفزيون تركي رسمي، أعلنت مصادر حكومية بأن تحقيقا سيفتح بالموضوع.
إعلان
أثار باحث تركي في كلية الشريعة في جامعة أنقرة الغضب في تركيا أمس الاثنين (13 يونيو/حزيران 2016)، عندما وصف من لا يؤدون الصلاة بأنهم "حيوانات"، وذلك في برنامج تلفزيوني بمناسبة شهر رمضان. وقال مصطفى عسكر في برنامج بثته قناة "تي ار تي" التلفزيونية التركية الرسمية: "الحيوانات هي من لا تؤدي الصلاة"، معتبرا أن "البشر هم المخلوقات الوحيدة التي تستطيع حني جباهها بشكل يسمح لها بتأدية الصلاة".
ومع تزايد الجدل حول تصريحات عسكر، أعلنت مديرية الشؤون الدينية التركية أنه "من غير المقبول" إهانة الناس باستهداف حريتهم في العقيدة. وقالت المديرية في بيان على حسابها على تويتر إن "مكان وأهمية وقيمة الصلاة في ديننا معروفة للجميع، ولكن من غير المقبول الاستهزاء بالناس وإهانتهم من خلال استهداف حريتهم في العقيدة والعبادة". وأضافت أن تفسير الأستاذ الجامعي للآيات القرآنية "لا يتناسب مع حكمة الإسلام وسماحته".
ماردين التركية- رمز الانفتاح ومهد الحضارات تهددها النزاعات
مدينة ماردين التركية هي مهد العديد من الحضارات. كما تعد منذ قرون رمزا للانفتاح على العالم. غير أن مواجهات الجيش التركي مع حزب العمال الكردستاني، وكذلك الحرب الأهلية السورية تضع المدينة، متعددة الأعراق، أمام اختبار صعب.
صورة من: DW/C. Roman
تقع مدينة ماردين على "طور عابدين" أي "جبل العابدين" في جنوب شرق تركيا، على مقربة من الحدود السورية. ومنذ قرون تختلط في هذه المدينة مختلف الثقافات والأديان، إذ يعيش المسلمون بجوار المسيحيين بشكل سلمي. وبجانب التركية يتكلم الناس هنا اللغة العربية والآرامية والكردية. هذا التنوع جعل ماردين مدينة معروفة، حتى خارج تركيا.
صورة من: DW/C. Roman
يعمل بايرام صائغا للفضة، حيث يقوم بصناعة أساور وأقراط بنقوش فنية مميزة تسمى "تلكاري". وتعتبر مدينة ماردين مركزا لهذه الصناعة التقليدية. لكن الشاب الكردي البالغ من العمر 30 سنة، مستاء من الوضع الحالي ويقول :"هناك إقبال ضعيف، فمنذ بداية الحرب لا يأتي السياح إلى هنا." فمنذ فصل الصيف، تشهد ضواحي مدينة ماردين مناوشات بين حزب العمال الكردستاني والجيش التركي.
صورة من: DW/C. Roman
"أريد أن أعيش في سلام، لكنني لست مستعدا للتخلي عن هويتي ككردي، كما تطالب الحكومة"، يقول بايرام، الذي يزور عائلته كثيرا قدر الإمكان في قرية مجاورة، تشهد مواجهات بين القوات الحكومية والأكراد. الطريق إلى القرية يستغرق 20 دقيقة ولكن: "أحيانا يتم توقيفي ثلاث مرات من قبل الشرطة كأنني مجرم، وهذا فقط لأنني كردي"، على حد تعبيره.
صورة من: DW/C. Roman
يبلغ عدد سكان ماردين نحو 90 ألف نسمة، معظمهم من الأكراد. ويتعاطف كثير منهم علنا مع حزب العمال الكردستاني، الذي يقاتل ضد الجيش التركي منذ أكثر من ثلاثين عاما بهدف إقامة دولة مستقلة. وفي يونيو/ حزيران 2015 فشلت محادثات السلام مرة أخرى. ومنذ ذلك الحين يوجد قتلي يوميا تقريبا.
صورة من: DW/C. Roman
" يجب أن يتوقف الأكراد عن إثارة المشاكل"، يقول إمري، الذي يعمل خبازا. إمري لا يدعم حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، والحاكم في مدينة ماردين، وإنما يؤيد حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ، الذي يرأسه أردوغان. إمري ينتمي إلى الأقلية العربية، الموجودة في تركيا.
صورة من: DW/C. Roman
في أعلى مكان في مدينة ماردين توجد قلعة قديمة يعود تاريخها لآلاف السنين، يطلق عليها"عش النسر". من هنا توالى على الحكم العديد من الملوك والسلاطين: البابليون والفرس والعثمانيون. ومنذ سنوات عديدة كان من المفروض أن يتم ترميم القلعة من أجل جذب المزيد من السياح، لكن أعمال البناء متوقفة، فالجيش التركي يستخدم القلعة كبرج مراقبة ضد حزب العمال الكردستاني.
صورة من: DW/C. Roman
"لن يكون هناك فائز في هذا الصراع"، تقول فيبرونيي أكيول، عمدة المدينة البالغة من العمر 27 عاما. فيبروني من الأقلية الآشورية وهي المسيحية الوحيدة في هذا المنصب في تركيا. وتسعى أكيول في مهمتها للحفاظ على تماسك العديد من المجموعات العرقية المختلفة في المدينة، وتناشد الجميع: "يجب أن تتوقف الحرب، وإلا سنكون جميعا خاسرين - سواء كنا أتراكا أو أكرادا أو آشوريين أو عربا."
صورة من: DW/C. Roman
الحرب الأهلية في سوريا لها انعكاسات أيضا على ماردين. والعديد من المسيحيين يبحثون عن ملجأ في "كيركلار كيليسيسي" أو "كنيسة الأربعين شهيدا". الطائفة الأرثوذكسية السورية تحاول مساعدتهم بتقديم الغذاء، والسكن والمساعدة الروحية. الأموال المخصصة لذلك يأتي جزء كبير منها من جمعيات كنسية أخرى وآشوريين يعيشون بالخارج، لكنها تبقى قليلة رغم ذلك.
صورة من: DW/C. Roman
"كان عندنا اليوم مرة أخرى 100 شخص، ومعظمهم قادمون من بلدة الحسكة الحدودية "، يقول غبريل أكيوز، راعي كنيسة كيركلار. عندما تكون هناك أموال يقوم راعي الكنيسة بتوزيع قسائم للغذاء بقيمة 25 ليرة تركية (حوالي ثمانية يورو). ويقول إن كل لاجئ يحصل على قسيمة واحدة فقط مرة في الشهر ويضيف: "لا يمكننا فعل أكثر من ذلك. المساعدة يجب أن تأتي من الحكومة."
صورة من: DW/C. Roman
عندما يكون الطقس جيدا يمكن رؤية سوريا من البلدة القديمة، فالمدينة تبعد 30 كيلومترا فقط عن الحدود. كثير من السوريين يهربون من الحرب الأهلية و إرهاب تنظيم "الدولة الإسلامية". وكثير منهم يبحثون عن ملاذ آمن في تركيا، حتى في ماردين. وهو ما يشكل اختبارا آخر للتسامح في مجتمع متعدد الأعراق.
صورة من: DW/C. Roman
10 صورة1 | 10
وفي سياق متصل رفض نائب رئيس الوزراء نورالدين كانيكلي التعليق على الجدل الدائر بشأن التصريحات التي أطلقها عسكر. وصرح للصحافيين عقب اجتماع الحكومة أمس الاثنين أنه "لم تتح لنا فرصة مشاهدة التصريحات بالتفصيل". وقال نائب رئيس الوزراء :"إذا كانت تمثل جريمة فإنه سيتم إجراء التحقيقات اللازمة والملاحقات القانونية من قبل المدعين وفي محاكمنا". ويضمن دستور تركيا العلماني حرية العبادة للأتراك من حيث المبدأ، إلا أن العديدين يشتكون من تزايد الأسلمة في ظل حكم الرئيس رجب طيب أردوغان.
من جهته وصف انغين التاي من "حزب الشعب الجمهوري" العلماني المعارض، عسكر بأنه "يُهرف بما لا يعرف". وقال "لقد قرأت القران، ولا توجد أية أو حديث نبوي يقول ما تحدث به عسكر". وانتقد ألتاي سماح مؤسسة إعلامية مهمة مثل (تي ار تي) بظهور عسكر على شاشتها والتكلم عبر الجمهور من خلالها.