عودة السوريين .. فاديفول يُشعل الجدل داخل الاتحاد المسيحي
وفاق بنكيران د ب أ، أ ب
٣ نوفمبر ٢٠٢٥
بعد زيارته إلى سوريا، خلص وزير الخارجية الألماني إلى "استحالة" عودة اللاجئين طواعية في الوقت الحالي. تصريحاته هذه أثارت حفيظة زملاء حزبه الذين رفضوا اعتبار حجم الدمار "حجة" تحول دون العودة الطوعية أو الإلزامية للسوريين.
وزير الخارجية الألماني أثناء جولة تفقدية في مدينة حرستا بريف دمشق، في 30 من أكتوبر/ تشرين الثاني 2025.صورة من: Marcus Brandt/dpa/picture alliance
إعلان
بعدما أبدى تحفظا حول إمكانية عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، تعرض وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول إلى وابل من الانتقادات من داخل حزبه، الاتحاد المسيحي الديمقراطي.
وكان فاديفول قد شكك عقب زيارته إلىسوريا الأسبوع الماضي، في إمكانية عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم نظرا لحجم الدمار الهائل الذي لحق بالبلاد، وقال وزير الخارجية الألماني خلال زيارته لمدينة حرستا، بضواحي دمشق إنه "لم يشهد شخصيا من قبل مثل هذا القدر من الدمار"، وأضاف: "من الصعب حقا على الناس العيش
بكرامة هنا".
فاديفول في مرمى الانتقادات
هذه التصريحات أثارت حفيظة قسم كبير من الحزب المحافظ الذي ينتمي إليه الوزير نفسه إلى جانب المستشار فريدريتش ميرتس.
غونتر كرينغس، نائب رئيس الكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي، في تصريحات لصحيفة "بيلد" الألمانية، نشرت الاثنين (الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني 2025)، عبّر عن امتعاضه رافضا اعتبار درجة الدمار في سوريا حجة تحول دون العودة "الطوعية أو الإلزامية" للاجئين. وتابع بأنّ الحرب الأهلية السورية "قد انتهت، وأن العودة إلى أجزاء واسعة من البلاد باتت ممكنة لمعظم السوريين الذين غادروها". وأضاف "من سيعيد بناء بلد مدمر إن لم يكن مواطنوه ومواطناته؟".
مطالب باستراتيجية واضحة
الرئيس الإقليمي للحزب المسيحي الديمقراطي في ولاية سكسونيا-أنهالت ووزير الاقتصاد فيها، سفين شولتسه، بدوره، رفض تصريحات يوهان فاديفول، مشددا على "ضرورة العمل على استراتيجية لعودة سريعة لهؤلاء الأشخاص".
ألمانيا واللاجئون.. كيف تغير الحال منذ الترحيب الكبير في 2015؟
أغلبية الألمان كانت في عام 2015 مع استقبال اللاجئين ومنحهم الحماية. ولكن الأمور لم تستمر كذلك، حيث تراجعت نسبة التأييد للاجئين بشكل متسارع اعتباراً من مطلع عام 2016. نستعرض ذلك في هذه الصور.
صورة من: Odd Andersen/AFP/Getty Images
ميركل وعبارتها الشهيرة
"نحن قادرون على إنجاز ذلك". عبارة قالتها المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في هذا المؤتمر الصحفي للحكومة، الذي عقد بتاريخ 31 أغسطس/آب 2015. لم تكن تعرف حينها أن الجملة ستدخل التاريخ الألماني الحديث، وتسبب استقطاباً في البلاد، ويتحول الرأي العام الألماني من مرحب بنسبة كبيرة باللاجئين، إلى تناقص هذه النسبة بمرور السنوات.
صورة من: Imago/photothek/T. Imo
تأييد كبير لاستقبال اللاجئين
حتى مع ارتفاع أعداد طالبي اللجوء إلى ألمانيا من حوالي 41 ألف طلب لجوء في عام 2010 إلى 173 ألف طلب لجوء في 2014، كانت الأغلبية الساحقة من الألمان، في مطلع عام 2015، مع استقبال اللاجئين وتقديم الحماية لهم.
صورة من: Martin Meissner/AP Photo/picture alliance
أول محطة ترحيب
صيف وخريف 2015 شهد ذروة موجة اللجوء الكبيرة. فبعد أخذ ورد على المستوى السياسي الألماني، ومع الدول الأوروبية المجاورة، سمحت ألمانيا ودول أوروبية أخرى بدخول طالبي اللجوء إليها. مئات الآلاف دخلوا البلاد خلال أسابيع قليل. وظهرت صور التعاطف معهم من جانب السكان الألمان. وكان ذلك واضحاً للعيان في محطات القطارات وفي مآوي اللاجئين.
صورة من: Sven Hoppe/dpa/picture alliance
التأييد حتى على مدرجات الملاعب
وحتى على مدرجات ملاعب كرة القدم، في مباريات الدوري الألماني (بوندسليغا)، شاهد العالم عبارات الترحيب باللاجئين، كما هنا حيث رفعت جماهير بوروسيا دورتموند هذه اللافتة العملاقة بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين أول 2015.
وبالمجمل وصل إلى ألمانيا خلال عام 2015 وحده حوالي 890 ألف طالب لجوء.
صورة من: picture-alliance/G. Chai von der Laage
الرافضون لاستبقال اللاجئين أقلية في 2015
بنفس الوقت كان هناك رافضون لسياسة الهجرة والانفتاح على إيواء اللاجئين، وخاصة من أنصار حركة "بيغيدا" (أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب)، الذين كانوا يخرجون في مسيرات، خصوصاً في شرق البلاد، للتعبير عن رفضهم لاستقبال اللاجئين. كما كانت تخرج مظاهرات مضادة لحركة "بيغيدا" وداعمة لاستقبال اللاجئين.
صورة من: Reuters/F. Bensch
ليلة الانعطاف الكبير
وبقي الرأي العام منفتحاً على استقبال اللاجئين حتى ليلة حاسمة، مثلت علامة فارقة في قضية الهجرة واللجوء في ألمانيا. فبينما كان العالم يودع عام 2015 ويستقبل 2016، والاحتفالات السنوية تقام أيضا في المدن الألمانية، وردت أنباء متتالية عن عمليات تحرش بالكثير من الفتيات في موقع احتفال برأس السنة في مدينة كولن (كولونيا). أكثر من 600 فتاة تعرضن للتحرش والمضايقات.
صورة من: DW/D. Regev
تعليق لم الشمل لحملة الحماية المؤقتة
من تلك اللحظة بدأ المزاج العام في التغير وأخذ حجم التأييد لاستقبال اللاجئين يتراجع في الرأي العام الألماني. وبدأ التشديد في قوانين الهجرة واللجوء، كتعليق لم الشمل لمدة عامين للاجئي الحماية الثانوية (المؤقتة)، بموجب القانون الذي صدر في ربيع عام 2016، والذي صدر في عهد وزير الداخلية آنذاك توماس دي ميزير.
صورة من: Getty Images/AFP/J. McDougall
الهجوم على سوق عيد الميلاد في برلين 2016
وقبل أن يودع الألمان عام 2016 بأيام قليلة، أتت كارثة جديدة صدمت الرأي العام: هجوم بشاحنة على سوق لعيد الميلاد في العاصمة برلين، نفذه اللاجئ التونسي سميح عمري. 13 إنسان فقدوا حياتهم في الهجوم، وأصيب 63 آخرون. حصيلة مؤلمة ستترك ندوباً في المجتمع.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
حزب البديل يدخل البرلمان للمرة الأولى
استفاد من هذه الأحداث حزب البديل لأجل ألمانيا اليميني المناهض لسياسة الهجرة واللجوء الحالية والرافض لاستقبال اللاجئين كلياً. ليدخل الحزب البرلمان الألماني لأول مرة في تاريخه، محققاً المركز الثالث في الانتخابات البرلمانية الاتحادية التي أقيمت في سبتمبر/أيلول 2017، بنسبة 12.6 بالمئة.
صورة من: Reuters/W. Rattay
استمرار الاستقطاب
شهدت السنوات اللاحقة استمرار الاستقطاب في المجتمع، خصوصاً مع بعض الهجمات التي نفذها لاجئون، بدوافع إرهابية. أمر قلص الدعم الشعبي للهجرة. إلى أن تراجعت الشعبية، وبات قرابة ثلثي الألمان في استطلاعات الرأي يريدون استقبال أعداداً أقل من اللاجئين أو وقف استقبالهم كلياً.
صورة من: Sean Gallup/Getty Images
10 صورة1 | 10
وكانتوزارة الداخلية الألمانية، التي يقودها الوزيرألكسندر دوبرينت المنتمي للحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، قد قررت مؤخرا عدم السماح بما يعرف بـ"رحلات الاستطلاع" للاجئين السوريين. ويعني ذلك أن من يسافر إلى وطنه يخاطر بفقدان وضع الحماية الذي يتمتع به. و"رحلات الاستطلاع" هذه فكرة اعتمدتها الحكومة السابقة بهدف التحضير لعودة محتملة.
إعلان
صراع داخل البيت الواحد؟
ولأن الانتقادات هذه صادرة بشكل رئيسي من الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، الحليف الأصغر داخل الحزب المحافظ، نفى الأمين العام للحزب المسيحي الديمقراطي، كارستن لينيمان، وجود أي خلاف داخل التحالف المسيحي المحافظ حول الأمر. وقال في تصريحات لقناة "إيه آر آدي": "هذا صراع وهمي"، مؤكدا أن دوبرينت وفاديفول يتفقان في الرأي، وقال: "نقوم بالترحيل. يجب علينا بالطبع ترحيل مرتكبي الجرائم".
"صراع وهمي" كان التوصيف الذي استخدمه أيضا المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفان كورنيليوس، معلقا على النقاش الدائر في تصريحات لصحيفة "بيلد". وأوضح أن الحكومة تعمل على تحقيق "استقرار سريع في سوريا لتهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين"، وتابع بأن "الاستقرار والعودة وجهان لعملة واحدة". كما ردد في هذا السياق، ما سبق أن صرح به الوزير فاديفول في دمشق بوضوح، حين قال "يجب ترحيل" مرتكبي الجرائم إلى سوريا.
تحرير: صلاح شرارة
إدوار حنا: نحن لا نعيد إعمار مبانٍ.. بل نعيد تعريف بلد