1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
سياسةشمال أمريكا

تصفية شارلي كيرك ـ مخاوف من عودة فصل مرعب من الماكارثية

٢٢ سبتمبر ٢٠٢٥

هزً مقتل الناشط الأمريكي اليميني المحافظ شارلي كيرك الرأي العام الأمريكي، ما سلط الضوء من جديد على تفاقم العنف السياسي في أمريكا، فيما حذرت صحف ألمانية وغربية من "ماكرثية" جديدة قد تُقوض حرية التعبير في الولايات المتحدة.

ملصق جداري كبير استعدادا لحفل تأبين الناشط الأمريكي المحافظ شارلي كيرك
ملصق جداري كبير استعدادا لحفل تأبين الناشط الأمريكي المحافظ شارلي كيرك (أريزونا، 19 سبتمبر 2025) صورة من: Cheney Orr/REUTERS

تفاقم الجدل في الولايات المتحدة في سياق تداعيات مقتل الناشط اليميني المحافظ شارلي كيرك، خصوصا حول التعديل الأول للدستور الأميركي الذي يكرس حرية التعبير. وهناك من يتهم الرئيس دونالد ترامب بمحاولة استغلال هذه الجريمة لفرض الرقابة على معارضيه السياسيين. فقد أعلن مشرّعون ديموقراطيون عزمهم طرح مشروع قانون في الكونغرس لحماية هذا الحق الدستوري. واتهمت عدد من الشخصيات السياسية وغيرها ترامب بشن حرب على الديموقراطية وحرية الرأي. وذكًروا بحملة قمع الشيوعيين بعد الحرب العالمية الثانية فيما عرف بحقبة المكارثية، باسم السناتور الجمهوري جوزيف مكارثي الذي اتهم عددا من موظفي الحكومة وشخصيات من المجتمع المدني بأنهم شيوعيون يعملون لمصلحة الاتحاد السوفياتي، ليتبين لاحقا أن معظم اتهاماته كانت باطلة.

صحيفة "إل باييس" الإسبانية (19 سبتمبر/ أيلول 2025)، كتبت بهذا الشأن معلقة "على الرغم من أن كثيرين حاولوا إيجاد دوافع سياسية لقاتل تشارلي كيرك، فإن التحقيقات حتى الآن لم تسفر عن نتائج. ومع ذلك، لم يمنع هذا التيار الترامبي من تصعيد خطابه ضد المعارضة وكل تنظيم تقدمي، مما يطرح تساؤلات حول حق مكفول في التعديل الأول دستور الولايات المتحدة ويتعلق بحرية التعبير(..) لقد شهدت الولايات المتحدة في تاريخها عدة فترات من الرعب السياسي الرسمي، استهدفت قمع حرية التعبير. وكانت أكثرها شهرة حملة المطاردة السياسية خلالالحرب الباردةبقيادة السيناتور جوزيف مكارثي (..). من الضروري ألّا يتكرر مثل هذا الأمر. فقد وقفت المؤسسات والمواطنون حينها في وجه هذه التجاوزات. ولا يزال هذا الأمل قائمًا اليوم أيضًا".

بعض أفكار كيرك المثيرة للجدل

في اليوم السابق لمقتله، نشر كيرك مقطع فيديو شنّ فيه هجومًا على ما وصفه بـ"أعداء نمط الحياة الأمريكي"، قائلاً: "أسلوب الحياة الأمريكي بسيط. أريد أن أتزوج، وأشتري منزلًا، وأنجب أطفالًا (...) أرسلهم إلى مدارس جيدة، في أحياء آمنة، دون أن يُلقَّنوا في مدارسهم ترهات المثليين والمتحولين، ودون أن يُجبروا على سماع الأذان الإسلامي خمس مرات في اليوم". رحيل تشارلي كيرك بهذه الطريقة العنيفة زاد من حدة الجدل حوله؛ بين من يراه رمزًا لحماية "القيم الأمريكية"، ومن يعتبره تجسيدًا للكراهية والعنصرية.

إلا أن الحقيقة المؤكدة هي أن صوته، سواء اتفقت معه أم اختلفت، كان حاضرًا بقوة وسط العاصفة الثقافية التي تشهدها أمريكا اليوم. لتعرف على أفكار كيرك يمكن العودة إلى بعض أقواله المثيرة للجدل: ففي 14 يوليو 2023، رد كيرك على تصريح أدلت به نائبة أمريكية من أصول إفريقية قالت إنها استفادت من برنامج للتمييز الإيجابي، حيث يتم إعطاء الأولوية للأقليات. النائبة قالت إنها ربما لم تكن لتُقبل في المدرسة العليا لولا كونها امرأة وسوداء. كيرك ردّ عليها بقسوة قائلاً: "نعلم، ومن الواضح تمامًا، أنك لم تكوني ذكية بما يكفي لتصِلي بجهدك الشخصي."

وفي 12 يونيو 2024، خلال نقاش حول الشمولية والمحبة المسيحية، رد كيرك على مؤثرة مسيحية قالت إن محبة القريب تشمل الجميع، بما فيهم المثليون، مستشهدة بوصية "أحبب قريبك كنفسك". كيرك اعتمد على تفسير صارم للعهد القديم وقال: "الطريقة التي نُظهر بها الحب للناس هي قول الحقيقة، لا دعم الخطايا. (...) وفي سفر اللاويين، الإصحاح 18، يقول: ‘لا تضاجع رجلًا كما تضاجع امرأة، فهذا رجس ويُعاقب عليه بالرجم.' أنا فقط أذكّر، لأن من يستشهد بالإصحاح 19 عن المحبة، عليه أن لا يتجاهل ما جاء قبله عن قانون الله الكامل فيما يخص القضايا الجنسية".

جريمة سياسية مكتملة الأركان

كان كيرك من أبرز الأصوات اليمينية المحافظة في الولايات المتحدة، واعتُبر من قبل البعض مفجرًا للتوترات الثقافية والسياسية، بينما وصفته وسائل إعلام متعددة بأنه عنصري أو حتى فاشي. لكن كيفما كانت أفكاره، فلا يمكن أن تكون مبررا لمقتله. ومن شأن مقتله تكريس الاستقطاب السياسي وزيادة إضعاف الثقافة الديموقراطية في الولايات المتحدة . صحيفة "برافو" التشيكية قالت في نسختها الإلكترونية (18 سبتمبر) "لا يوجد أي مبرر لقتل تشارلي كيرك، حتى آراؤه التي تميزت بالعنصرية وكراهية النساء والمثلييين، شاب محافظ كان يرفض الإجهاض ويحب الأسلحة، ولكن ذلك لا يمكن تبرير قتله (..) وفي المقابل لكن لا يمكن تبرير حملة مطاردة الساحرات التي تلت تلك الجريمة، ضد كل من لم يتفق مع كيرك وانتقد آرائه، إذ يتم طردهم من وظائفهم، وتُنشر هوياتهم. (..) هذه ليست أفعال أفراد متطرفين تصرفوا بمفردهم، بل هي حملة مطاردة منظمة، هدفها، كما هو الحال دائمًا، كل من هو مختلف".

العنف السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية

02:33

This browser does not support the video element.

صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية (18 سبتمبر) رأت أن الرسائل النصية التي نُسبت إلى المشتبه به في اغتيال كيرك "تشير بوضوح إلى وجود دافع سياسي ناتج عن عملية تطرف تدريجية". وأضافت الصحيفة "ما يجعل الجريمة أكثر إثارة للقلق هو أن الأدلة لا تشير إلى انهيار نفسي، وهو أمر شائع بين الشباب في مثل سنه. الرسائل في معظمها عقلانية، وإن كانت مضللة إلى حد كبير (..) الرسائل تكشف كيف يمكن لشاب نشأ في أسرة محبة وتلقى تربية جيدة أن يُدفع إلى ارتكاب جريمة عنف بدافع سياسي بسبب ما يطالعُه على الإنترنت. وختمت الصحيفة تعليقها بالقول "قد تختلف الآراء حول مشروعية عقوبة الإعدام، ومن المنتظر أن يكشف سير المحاكمة مزيدًا من التفاصيل حول دافع روبنسون وحالته النفسية. لكن الأدلة التي قُدمت الثلاثاء لا تحمل ما يبعث على الطمأنينة في ظل ما تشهده الساحة السياسية من تصاعد في الكراهية".

انتقام ترامب ـ تصنيف حركة أنتيفا "منظمة إرهابية"

في خطوة انتقامية مثيرة، أعلن الرئيس دونالد ترامب (18 سبتمبلر) تصنيف حركة "أنتيفا"، وهو توصيف عام يُطلق على جماعات يسارية متشددة، "منظمة إرهابية كبرى". وكتب ترامب في منشور على منصّته "تروث سوشال" "يسرّني أن أبلغ العديد من الأميركيين الوطنيين أنّني بصدد تصنيف أنتيفا، الكارثة اليسارية الراديكالية المريضة والخطرة، منظمة إرهابية كبرى (..) سأوصي بشدّة أيضا بإجراء تحقيق شامل مع مموّلي أنتيفا وفقا لأعلى المعايير والممارسات القانونية".  ويندد أعضاء هذه الحركة بالعنصرية وقيم اليمين المتطرف التي يرون أنها أقرب الى الفاشية. ولا يتردد أعضاء الحركة في اللجوء إلى العنف بل ويبررونه حينما يقتضي الأمر. وظهرت الحركة في واجهة الأحداث، بعد انتخاب دونالد ترامب للمرة الاولى في 2016، وخصوصا بعد تظاهرة اليمين المتطرف في شارلوتسفيل (فرجينيا) في أغسطس / آب 2017. وكانت سيارة صدمت يومها مجموعة من الناشطين المناهضين للفاشية الذين كانوا يتظاهرون ضد مجموعات من اليمين المتطرف.

موقع قناة "إن.تي.فاو" الألمانية (18 سبتمبر) كتب تقريرا مطولا جاء فيه أن العديد من أنصار ترامب وشخصيات أخرى من اليمين السياسي "انضموا لهذا الخطاب. وقال المستشار السابق لترامب، ستيف بانون "نحن في حالة حرب في هذا البلد". وادعى البودكاستر ديف روبين أن العنف السياسي "مُتجذر في الشيفرة السياسية للتقدميين". أما كبير موظفي ترامب، ستيفن ميلر، فقد أعلن أنه يريد "سحق حركة الإرهاب المحلي" التي تقف وراء المهاجم، "باسم تشارلي". وذلك رغم عدم وجود أي مؤشرات حتى الآن على أن روبنسون كان له شركاء في الجريمة. نائب الرئيس، جي دي فانس، كان أكثر تحديدًا وهدد مؤسسات ليبرالية مثل "مؤسسة المجتمع المفتوح" التي يموّلها جورج سوروس، ومؤسسة فورد، وذلك أثناء تقديمه لإحدى حلقات بودكاست كيرك من البيت الأبيض. وادعى فانس أن العنف السياسي ليس مشكلة من الجانبين، بل هو في الأساس مشكلة "أقلية قوية على الهامش اليساري"، وتحدث عن ما أسماه "شبكة من المنظمات غير الحكومية".

حرية التعبير وحظر "جيمي كيميل لايف"

بعد ضغوط شديدة، اضطرت شبكة "إيه.بي.سي" المملوكة لوالت ديزني (18 سبتمبر) إلى توقيف برنامج "جيمي كيميل لايف" بعد تعليقات من مقدمه حول اغتيال تشارلي كيرك أثارت تهديدا من رئيس أعلى هيئة أمريكية لتنظيم الاتصالات ضد ديزني. ترامب رحب بالقرار، فيما هاجم عدد من أعضاء الكونغرس الديمقراطيين هذا القرار، قائلين إن حرية التعبير تتعرض لهجوم. وقال متحدث باسم شبكة إيه.بي.سي بدون تفاصيل "سيوقف البرنامج إلى أجل غير مسمى". وتعرض كيميل، الذي انتقد ترامب مرارا في برنامجه الكوميدي، لانتقادات شديدة بسبب تعليقات أدلى بها حول اغتيال كيرك. وقال كيميل في برنامجه يوم الاثنين "وصلنا إلى مستويات منحدرة جديدة خلال نهاية الأسبوع، حين حاولت عصابة (لنجعل أمريكا عظيمة مجددا) بشكل يائس تصوير هذا الشاب الذي قتل كيرك على أنه ليس منهم، وفعل كل ما في وسعهم لتحقيق مكاسب سياسية من الحادثة". وأثارت تعليقات كيميل رد فعل من رئيس لجنة الاتصالات الاتحادية بريندان كار الذي حثّ هيئات البث المحلية على وقف بث برنامج "جيمي كيميل لايف". وأشار كار إلى أن اللجنة قد تفتح تحقيقا وأن هيئات البث قد تواجه غرامات أو تُسحب تراخيصها في حال وجود نمط من التعليقات المُحرفة.

وبهذا الصدد كتب موقع "تاغسشاو" التابع للقناة الألمانية الأولى مقالا مطولا شمل ردود الفعل في الولايات المتحدة (18 سبتمبر) "اشتعلت الأجواء في الأوساط الفنية الأمريكية بعدما ألغيت حلقة من برنامج جيمي كيميل الشهير، في خطوة وُصفت بأنها قمعٌ صارخ للحرية الفنية ولحرية التعبير وفي بيان ناري، قالت نقابة كتّاب السيناريو الأمريكية  "ما وقعناه ، رغم صعوبته أحيانًا، هو اتفاق يحررنا باختلاف آرائنا. العار على من في الحكومة ممن نسوا هذه الحقيقة الجوهرية." وأضاف البيان محذرًا: "كلماتنا هي التي صنعت ثرواتكم. إسكاتنا ليس خسارة لنا فقط، بل فقر للعالم بأسره." نقابة الممثلين وصفت بدورها القرار بأنه "شكل واضح من أشكال القمع والانتقام، يهدد الحريات الأساسية للجميع (..) هوليوود اليوم ليست فقط ساحة فن، بل معركة شرسة من أجل الكلمة الحرة".

تحرير: يوسف بوفيجلين

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW