تضامن واسع مع الأقباط في مصر ضد تهديدات القاعدة
٤ نوفمبر ٢٠١٠
التهديد الذي وجهه ما يسمى بتنظيم "دولة العراق الإسلامية" المرتبط بتظيم "القاعدة" للكنسية القبطية في مصر لقي إدانة وإستنكار من مختلف الأطراف في مصر الإسلامية منها قبل المسيحية، كما أنه دفع بالسلطات المصرية إلى تشديد الإجراءات الأمنية المحيطة بالكنائس في البلاد التي يمثل المسيحيون فيها نسبة عشرة في المئة من سكانها البالغ عددهم 78 مليون نسمة وهي اكبر طائفة مسيحية في الشرق الأوسط. وتم توجيه التهديد للطائفة الارثوذكسية بمصر حيث اتهمها تنظيم "القاعدة" باحتجاز امرأتين اعتنقتا الإسلام. فما مدى جدية هذه التهديدات وما مغزاها؟
تهديدات "ورقية" لا أهمية لها
اعتبر أحمد الخطيب، الكاتب المصري المتخصص في شؤون الإسلام السياسي، أن هذه التهديدات ليس لها أي مضمون وقال في حوار مع دويتشه فيله "لا أتصور أن لهذه التهديدات أهمية حقيقية، فالمعروف أن القاعدة ليس لها وجود في مصر، سواء تنظيميا أو حتى على مستوى المتعاطفين. القاعدة أطلقت بيانا ورقيا، أصدره ربما شخص موتور، هو تهديد في الهواء، على أرض الواقع لن يكون له أي أثر على الأرض، وإن كانت جميع أجهزة الدولة قد تم استنفارها".
ورجح الخطيب أن يكون تنظيم "القاعدة" قد أراد بهذا التهديد "دغدغة مشاعر بعض العوام"، لكنه استبعد حدوث ذلك، قائلا إن الدولة أخذت على عاتقها التعامل مع البيان بشكل جدي، "حتى وإن كان فقاعة في الهواء".
"القاعدة" أرادت ركوب موجة الأحداث الأخيرة في مصر
وحول توجيه "القاعدة" خطابها لأول مرة لمسيحيي الشرق ودلالات ذلك، قال الخطيب،: "ربما وجهت القاعدة بيانها للكنيسة المصرية تحديدا على خلفية بعض الأحداث التي جرت مؤخرا، وهي أحداث تكبر وتصغر مثل كرة الثلج لكنها تذوب بشكل سريع. لعلهم أرادوا ركوب الأحداث، لكن برأيي فإن الوقت الذي اختاروه غير موفق لأن الأزمة تلاشت بشكل سريع".
ويرى الخطيب أن تنظيم "القاعدة" أنهك وهزم منذ 3 سنوات، سياسيا وعسكريا وإعلاميا، ولم يعد له أي وجود سوى بعض القذائف الفارغة هنا وهناك. وأوضح أن "القاعدة عمليا لم يعد لها وجود سوى في أفغانستان وباكستان، لكن في العالم العربي ليس لها أي أرضية أو وجود عسكري لا في مصر ولا المنطقة ولا غيرهما، بل لم يعد أحد يعتنق أفكار القاعدة إلا فيما ندر".
"أسيرات الأديرة" ذريعة من ذرائع "القاعدة"
وفي الوقت الذي اعتبر فيه بطريرك الأقباط الأرثوذكس البابا شنودة الثالث أن التهديد كان "شر" حوله الله إلى "خير"، في إشارة إلى ما وصفه بـ "تعاطف" الجهات الدينية والسياسية والأمنية، رأى عبد المعطي بيومي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن مصر "لم تكن في حاجة لتهديد القاعدة أو لأي أزمة أخرى كي يدرك الجميع مدى الترابط بين نسيج شعبها الواحد". وأضاف "لكننا كنا في حاجة لإثبات أن المسلمين هم الأسرع استجابة في الدفاع عن أخوانهم المسيحيين، إذا ألم بنا وبهم شر مستطر".
وأوضح بيومي في تصريحات لـ "دويتشه فيله" : "كنا مختلفين حول بعض الأمور، مثال كلام بعض رجال الدين المسيحي حول القرآن، وهو ما أدى إلى خلاف في وجهات النظر، لكنه كان مجرد اختلاف فكري، بدليل أنه ما أن توجهت القاعدة بتهديداتها لهم، كان الأزهر هو أول من أعلن دفاعه عن المسيحيين. كما أعلنت طوائف المسلمين جميعا أنهم سيدافعون عن الكنائس، وحتى كل من اختلف مع الأنبا بيشوي، كانوا أول من أعلنوا عزمهم الدفاع عن الكنيسة القبطية".
واتفق العميد الأسبق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر مع الخطيب في أنه لا يرى لتهديدات "القاعدة" قيمة كبيرة، وقال "إن السلطات المصرية، بغض النظر عن تهديدات القاعدة أو غيرها، تعنى بحراسة بيوت العبادة سواء كانت المساجد أو الكنائس". وحول السبب الذي ساقه بيان ما يسمى بـ"دولة العراق الإسلامية" ومطالبته الكنيسة المصرية بتحرير "مسلمات أسيرات في الأديرة"، قال بيومي إن هذه مجرد "ذرائع يضفيها تنظيم القاعدة على تصرفاته".
أميرة محمد
مراجعة: عبده جميل المخلافي