استهداف لسفينة تجارية بثلاثة صواريخ، قبالة الحديدة اليمنية في البحر الأحمر. السفينة، التي كانت وجهتها الإمارات، أكملت طريقها إلى ميناء قريب لتقييم الأضرار.
إعلان
أفادت شركة "أمبري" البريطانية للأمن البحري، الثلاثاء (28 مايو/أيار 2024)، عن تضرر سفينة تجارية جراء استهدافها بثلاثة صواريخ قبالة سواحل الحُديدة غرب اليمن، مشيرةً إلى أن المياه بدأت تتسرب إلى هيكلها.
وقالت "أمبري" في مذكرة إن "سفينة تجارية أبلغت عن تعرّضها لاستهداف بثلاثة صواريخ على مسافة نحو 54 ميلا بحريا إلى جنوب غرب الحُديدة". وأضافت أن السفينة أصدرت نداء استغاثة جاء فيه أنها "تعرضت لأضرار في عنبر الشحن وكانت تتسرب إليها المياه". وأكدت الشركة أنه "بحسب نداء الاستغاثة، فإن السفينة تجنح".
وذكرت مصادر ملاحية يونانية أن السفينة التي تحمل اسم لاكس في طريقها إلى ميناء قريب لتقييم حجم الأضرار. وتتجه السفينة إلى الإمارات العربية المتحدة. ولم ترد شركة جريهيل شيب مانجمنت المشغلة للسفينة ومقرها اليونان بعد على طلب التعليق.
من جانبها، أعلنت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، التي تديرها البحرية الملكية البريطانية، أن سفينة تعرضت لأضرار بعد استهدافها بصاروخ في البحر الأحمر. وأشارت إلى أن "أفراد الطاقم سالمون والسفينة تتجه إلى ميناء العبور التالي".
ومنذ تشرين الثاني/نوفمبر، شنّ المتمرّدون الحوثيون عشرات الهجمات بالصواريخ والمسيّرات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يعتبرون أنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها، ويقولون إن ذلك يأتي دعما للفلسطينيين في قطاع غزة في ظل الحرب الدائرة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وتقود واشنطن تحالفًا بحريًا دوليًا بهدف "حماية" الملاحة البحرية في هذه المنطقة الاستراتيجية التي تمرّ عبرها 12 % من التجارة العالمية. ولمحاولة ردعهم، تشنّ القوات الأمريكية والبريطانية ضربات على مواقع تابعة للحوثيين في اليمن منذ 12 كانون الثاني/يناير. وينفّذ الجيش الأمريكي وحده بين حين وآخر ضربات على منصات صواريخ ومسيّرات يقول إنها معدة للإطلاق.
وليل الاثنين الثلاثاء، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم) في بيان أنها قواتها دمّرت الاثنين "طائرة بدون طيار فوق البحر الأحمر، تم إطلاقها من منطقة يسيطر عليها الحوثيون"، مشيرةً أن أن المسيّرة كانت "تمثل تهديداً وشيكاً للسفن التجارية في المنطقة".
وجاء ذلك بعد ساعات من إعلان الحوثيين تنفيذ ثلاث عمليات ضد سفن تجارية في البحر الأحمر والمحيط الهندي إضافة إلى هجومين على مدمّرتين حربيتين أميركيتين في البحر الأحمر. لكن لم تؤكد أي من وكالات الأمن البحري أو الجيش الأمريكي حصول تلك الهجمات.
ومطلع آذار/مارس، غرقت سفينة محمّلة بأطنان من السماد بعدما أُصيب بأضرار في هجوم صاروخي نفذه الحوثيون. ولا يزال المتمردون يحتجزون سفينة "غالاكسي ليدر" التي استولوا عليها وخطفوا طاقمها في تشرين الثاني/نوفمبر.
وانتقد رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا أحمد عوض بن مبارك، الثلاثاء، هجمات الحوثيين على السفن. فاعتبر خلال منتدى الإعلام العربي المنعقد في دبي في الإمارات، إنهم "يستغلون" القضية الفلسطينية والحرب في غزة لمهاجمة السفن، مشيرًا إلى أن "ممارساتهم في البحر الأحمر (تحصل) قبل سنتين من بدء العدوان في غزة".
ف.ي/ع.ج.م (رويترز، ا ف ب)
باب المندب - مضيق لا تتراجع أهميته الاستراتيجية عبر التاريخ
أعلنت السعودية، أكبر مصدر للبترول في العالم "وقفا مؤقتا" لعبور صادراتها البترولية من مضيق باب المندب بعدما هاجم الحوثيون في اليمن ناقلتي بترول. وتظهر من جديد أهمية أمن باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
أهمية منذ فجر التاريخ
لأن مضيق باب المندب يمثل البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، أحد أهم البحار من الناحية التجارية والاستراتيجية منذ قدم التاريخ، بدأ الصراع للسيطرة عليه وتأمين عبور السفن فيه منذ أقدم العهود، بداية من مصر القديمة (الفرعونية) ومرورا بالإمبراطوريات المتعاقبة، وحتى القوى العظمى والإقليمية في عصرنا الحاضر.
صورة من: Getty Images/Hulton Archive
باب الدموع
كلمة المندب في اللغة العربية تعني البكاء والنواح على الميت، ولذلك تُحكى حول سبب تسميته بباب المندب حكايات كثيرة، منها ما يُقال أن أمهات الأفارقة على الجانب الغربي، كن يقفن ينحن على أولادهن، الذين أخذهم العرب عبيدا، إلى الشاطئ الآخر من المضيق.
داخل المياه الإقليمية لثلاث دول
وفقا للقانون الدولي فإن المياه الإقليمية لأي دولة عادة تمتد من ساحلها 12 ميلا بحريا (حوالي 22 كيلومتر) إلى داخل المياه. وبهذا يكون مضيق باب المندب واقعا ضمن المياه الإقليمية لثلاث دول، هي اليمن وجيبوتي وإريتريا، حيث يبلغ عرضه حوالي 30 كيلومتر بين رأس باب المندب شرقا ورأس سيان غربا.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
اليمن والسيطرة على باب المندب
في قلب مضيق باب المندب تقع جزيرة بريم اليمينة، التي تقسمه إلى ممرين بحريين أحدها شرقي ضيق، عرضه أقل من 4 كيلومتر وآخر غربي واسع (حوالي 21 كيلومتر) لكن توجد به أيضا جزر أخرى صغيرة تجعل اتساعه أقل من 18 كيلومتر. ويقول العالم العراقي عبدالزهرة شلش العتابي إن من يسيطر على عدن بالدرجة الأولى وجيبوتي بالدرجة الثانية يسيطر على مضيق باب المندب.
صورة من: Imago/photothek
أهمية استراتيجية
رغم أهميته الاستراتيجية منذ القدم، ازداد مضيق باب المندب أهمية بعد افتتاح قناة السويس في عام 1869، حيث أصبح الطريق الرئيسي للتجارة بين أوروبا وجنوب شرق آسيا بديلا عن طريق رأس الرجاء الصالح. وتعبر المضيق حاليا من الجنوب للشمال والشمال للجنوب نحو 21 ألف قطعة بحرية سنويا.
صورة من: picture-alliance/akg-images
الطريق الرئيسي لناقلات البترول
مع اكتشاف البترول في الجزيرة العربية في ثلاثينات القرن الماضي ازدادت أهمية باب المندب مرة أخرى حيث إنه يربط منطقة الانتاج (الجزيرة العربية) بمناطق الاستهلاك في أوروبا والولايات المتحدة. ويمر منه يوميا ما لا يقل عن 4 ملايين برميل نفط ، حسب الباحث المصري أحمد التلاوي.
صورة من: picture-alliance/dpa
ثغرة أمن قومي لدول عديدة
يشكل أمن مضيق باب المندب مسألة أمن قومي بالنسبة لدول إقليمية مثل مصر وإسرائيل ودول الخليج العربية، خصوصا السعودية. وهناك مخاوف من سيطرة الحوثيين، المدعومين من إيران على المضيق. واعترفت مصر في عام 2016 بوجود قوات بحرية لها في باب المندب "لوقف إمدادات الحوثيين بالسلاح والمواد اللوجستية".ا
صورة من: picture-alliance/dpa
القراصنة الصوماليون
قبل تهديد الحوثيين لأمن باب المندب كان هناك القراصنة الصوماليون، الذين ظهروا بقوة عام 2008، حيث بدأوا في مهاجمة السفن العملاقة في منطقة القرن الإفريقي مهددين الملاحة في باب المندب. غير أن التدخل الدولي جعل القرصنة تتراجع تماما منذ عام 2012.
صورة من: picture alliance/AP Photo/F.Abdi Warsameh
أهمية مزدوجة لدول الخليج
لا شك أن الاقتصاد العالمي يتأثر بأمن المضيق لكن بالنسبة لدول الخليج العربية فإن أمن باب المندب أهميته مزدوجة، فهو منفذ الخليج على أسواق النفط الأوروبية والأميركية، ومن ناحية أخرى فإن تهديد أمنه الآن يأتي من الحوثيين المدعومين إيرانيا. وعندما هاجم الحوثيون ناقلتي نفط سعوديتين أعلنت السعودية (الأربعاء 25/7/2018) وقفا مؤقتا لمرور نفطها في باب المندب. وارتفعت أسعار النفط عالميا.