تطبيق لمرضى الهوس الاكتئابي
٢٩ أبريل ٢٠١٥يأمل الأطباء والعلماء في استغلال الهواتف الذكية، التي باتت جزءاً من حياة الإنسان اليومية، لمساعدة مرضى الهوس الاكتئابي. العلماء في معهد كارلسروهه للتكنولوجيا طورا تطبيقاً يعمل كنوع من نظام الإنذار المبكر للكشف عن حالات الهوس أو الاكتئاب. ويقوم التطبيق بقياس الحالة النفسية لكل فرد على حدة وإرسالها إلى طبيبه المختص.
يوجد على الهاتف الذكي مؤشرات قياس مختلفة: أحدها يقيس عدد المكالمات التي تلقاها المريض، ومؤشر آخر يقيس مدة المكالمة. وثالث يقيس عدد الأرقام التي اتصل بها وعدد الرسائل النصية القصيرة التي تلقاها أو أرسلها. وهناك مؤشر لقياس سرعة حركة المريض ومدى نشاطه. وعن ذلك يقول الدكتور إيمانويل سيفيروس من مستشفى الأمراض ثنائية القطب في دريزدن: "يتم عن طريق نظام تحديد المواقع GPS قياس عدد الكيلومترات، التي تحركها المريض. كما يتم قياس عدد ساعات نومه".
وقياس النوم مهم، لأن المريض المصاب بالهوس لا ينام كثيراً خلال نوبة الهوس. وهذه البيانات تساعد الأطباء في معرفة الحالة النفسية القادمة للمريض وهل ستكون نوبة هوس أم نوبة اكتئاب. وهذا يساعد الطبيب في تقديم المساعدة اللازمة وخاصة الأدوية.
مساعد صامت
bيجري حالياً فحص التطبيق على 40 مريضاً، وفي شهر حزيران/ يونيو القادم سيجري العلماء دراسة جديدة تستغرق عاماً ونصف العام عن كل مريض وبمشاركة خمس جامعات ألمانية. وسيحصل المرضى على هواتف ذكية مزودة بالتطبيق ويتم جمع كل البيانات الممكنة عنهم. وفي حال وصول بيانات إلى الطبيب عن حدوث تغيرات لدى المريض، يقوم الطبيب بالاتصال به أو إرسال رسالة نصية إليه.
يعتقد كثيرون أن نوبات الهوس مرتبطة في الدرجة الأولى بتقلبات المزاج الحادة، يقول سيفيروس، لكن هذه هي نصف الحقيقة كما يرى، ويضيف: "في نوبات الهوس يزداد نشاط المريض ويشعر بوجود طاقة في جسمه أكثر من المعتاد. كما تزيد لديه الرغبة بالتواصل مع الآخرين والحديث معهم". وهذا ما يجعل المريض يعتقد، عند إصابته بنوبة هوس، أن كل شيء ممكن وأن باستطاعته فعل كل شيء.
المبالغة في القدرات الذاتية هي الصفة الرئيسية لهذا المرض: "كثيراً ما يبحدث، أن يستقيل هؤلاء المرضى من وظائفهم أو أن ينهوا علاقتهم الزوجية أو أن يغامروا باستثمارات محفوفة بالمخاطر. وهكذا يفقدون علاقاتهم وصداقاتهم"، يشرح الدكتور سيفيروس، ويضيف: "للأسف هذه هي القاعدة وليس الاستثناء".
مثل هذه النوبات قد تستمر لعدة شهور، وهي فترة كافية لتدمير حياة أي إنسان بشكل كامل. وغالباً لا يستطيع مرضى الهوس الاكتئابي التحكم في تصرفاتهم وسلوكهم خلال النوبات. وفجأة يجدون أنفسهم وحيدين ولا يملكون شيئاً.
ثقب أسود
تقلبات المزاج الحادة هي من الصفات الملازمة لمرضى الهوس الاكتئابي، الذين يعانون من اضطراب ثنائي القطب. تارة يشعر المريض بنشوة عارمة وتارة يشعر بيأس عميق ويرى كل شيء قاتماً، وهذان الشعوران يتناوبان حياته. "المرضى المصابون بنوبات اكتئاب حاد يفكرون كثيراً بالانتحار. وبعضهم قد يصاب بما يسمى بالانتحار (الموسع)، وهذا يعني أن ينتحر مع أقرب الأشخاص إليه، لخوفه من أنهم لا يستطيعون العيش بدونه أو يمكن أن يصيبهم مكروه في غيابه. ولا يقتل المريض في هذه الحالة أشخاصاً غرباء"، يقول الدكتور سيفيروس.
ويضيف الطبيب، الذي يرأس قسم الأمراض ثنائية القطب في دريزدن: "في عالم الاكتئاب لا يوجد حلول، يوجد مشاكل فقط. وفي عالم الهوس لا يوجد مشاكل، يوجد حلول فقط".
تطبيق الهواتف الذكية هذا يهدف إلى مساعدة هؤلاء المرضى وإدخال توازن في حياتهم وسلوكهم وتنبيه الطبيب بشكل مبكر كي يقدم المساعدة قبل فوات الأوان.