تطور مفاجئ .. ترامب يدعو إلى التصويت لصالح نشر وثائق إبستين
وفاق بنكيران أ ف ب، رويترز، د ب أ
١٧ نوفمبر ٢٠٢٥
في تطور مفاجئ، دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمهوريين في مجلس النواب إلى التصويت لصالح الإفراج عن ملفات إبستين، بعدما كان من أشد الرافضين لذلك، قائلاً: "ليس لدينا ما نخفيه".
عند زيارته إلى المملكة المتحدة منتصف أيلول/ سبتمبر الماضي، عرضت صور ترامب مع إبستين في العديد من الأماكن العامة، إيحاء بتورط محتمل للرئيس الأمريكي في هذه القضية. صورة من: Phil Noble/REUTERS
إعلان
دعا رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب أمس الأحد (17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025)، أعضاء الحزب الجمهوري في مجلس النواب إلى التصويت لصالح الإفراج عن الملفات المتعلقة برجل الأعمال الراحل جيفري إبستين المدان بارتكاب جرائم جنسية، متراجعا بذلك عن موقفه الرافض لمثل هذه الخطوة، وهو ما كلفه صدعا بينه وبين قاعدته الانتخابية في حركة "لنجعل أمريكا قوية مرة أخرى".
كتب ترامب على منصة تروث سوشيال إنه "يجب على الجمهوريين في مجلس النواب التصويت لصالح الإفراج عن ملفات إبستين،لأنه ليس لدينا ما نخفيه". وأضاف "لقد حان الوقت لتجاوز هذه الخدعة الديمقراطية التي ارتكبها مجانين اليسار المتطرف لصرف الانتباه عن النجاح الكبير الذي حققه الحزب الجمهوري، بما في ذلك انتصارنا الأخير في قضية 'إغلاق الحكومة' الذي تسبب فيه الديمقراطيون".
وطالما اتهم ترامب الديمقراطيين باختلاق "خدعة إبستين" بعد ظهور رسائل إلكترونية أشار فيها إبستين نفسه إلى أن ترامب "كان على علم بشأن الفتيات".
ما هي الدوافع؟
لم يقدم ترامب في منشوره الأسباب التي دفعته إلى تغيير موقفه، لكن ما هو معلوم أن رسالته أعقبت منشورا لرئيس مجلس النواب مايك جونسون عبّر فيه عن اعتقاده أن التصويت على نشر وثائق وزارة العدل في قضية إبستين سيصب في مصلحة الرئيس و"سيضع" حدّاَ للاتهامات التي تدعي صلته بانتهاكات إبستين تجاه فتيات قاصرات والاتجار بهن.
في ذات الوقت، بدا التحرك في المعسكر الجمهوري متسارعا، حتى أنّ إرو خانا، النائب الديمقراطي وأحد الرعاة الأصليين للعريضة الداعية للتصويت على نشر الملفات، توقع أن يصوت أكثر من 40 جمهوريا لصالح نشر الوثائق، وهو ما سيمنح حتما الغالبية، فالجمهوريون لهم 219 مقعدا، مقابل 214 للديمقراطيين في الكونغرس.
إعلان
سحب الثقة من أشد المؤيدين
بدا الاحتقان المتنامي بين ترامب وقاعدته الجمهورية، جليّا حين قام بسحب دعمه للنائبة مارغوري تايلور غرين من ولاية جورجيا قبل يومين. وغرين تعد من أشد مؤيديه، لكنها وجهت انتقادا لاذعا الأسبوع الماضي للجمهوريين بخصوص طريقة تعامل الحزب مع ملفات إبستين، ما دعل ترامب يسحب ثقته منها.
وفي منشوره الأخير، ألمح ترامب إلى أن "بعض أعضاء الحزب الجمهوري يجري استغلالهم، ولا يمكننا أن نسمح بحدوث ذلك".
يذكر أنه ومنذ أن ظهرت رسائل إلكترونية تشير ضمنيا إلى "معرفة مسبقة" لترامب بجرائم إبستين، طلب الرئيس الأمريكي من وزيرة العدل بام بوندي ومكتب التحقيقات الفدرالي التحقيق في روابط بين إبستين وقيادات الحزب الدمقراطي وعلى رأسهم الرئيس الأسبق بيل كلينتون، إلى جانب رئيس جامعة هارفارد السابق لاري سامرز الذي شغل منصب وزير الخزانة في عهد كلينتون.
استسلام للضغوط؟
بالنسبة لترامب، كانت ولازالت قضية إبستين هذه أكبر تحدٍّ يواجهه على الإطلاق منذ توليه رئاسة البيت الأبيض للمرة الثانية. فقد تحولت القضية إلى "هوس" لدى أنصاره قبل معارضيه، وسط اعتقاد راسخ لديهم أن القضية يشوبها التعتيم من أجل "حماية" نخبة نافذة وثرية. وانتحار إبستين في العاشر من آب/اغسطس 2019 في زنزانته وهو ينتظر محاكمته، في ظروف غامضة أججت نظريات المؤامرة هذه.
في المقابل، أثناء حملته الانتخابية، كان ترامب قد صرح بأنه سينشر "على الأرجح" الملفات المرتبطة بالقضية. ولكن منذ توليه المنصب، شعر العديد من أنصاره بأنه "نقض وعده".
يذكر أن ترامب وقبل دخوله عالم السياسة، خالط إبستين، وتوجد صور مشتركة لهما. لكن الرئيس الأمريكي يقول إنه قطع علاقته به منذ سنوات.
هل تعلم أين تبدأ سلطات الرئيس الأمريكي وأين تنتهي؟
يمثل سيد البيت الأبيض أعلى سلطة سياسية على المستوى العالمي، هذا ما يعتقده كثيرون. لكن الأمر ليس بهذه البساطة. فسلطات الرئيس الأمريكي ليست مطلقة، إذ هناك آخرون يشاركونه القرار.
صورة من: Klaus Aßmann
هذا ما ينص عليه الدستور
يُنتخب الرئيس لأربع سنوات يمكن تمديدها في أقصى حد لفترة ثانية. هو رئيس الدولة ورئيس الحكومة. وبذلك فهو يقود أيضاً الجهاز الحكومي المكون من نحو أربعة ملايين شخص تقريباً، بمن فيهم أعضاء القوات المسلحة. ومن واجبات الرئيس أن ينفذ القوانين التي يسنها الكونغرس. وبصفته أعلى رتبة دبلوماسية في الدولة يمكنه أن يستقبل سفراء الدول وبالتالي الاعتراف بتلك الدول.
صورة من: Klaus Aßmann
المراقبة من خلال " التحقق والتوازن"
تتداخل السلطات الثلاث فيما بينها، وهي بذلك تحد من صلاحيات بعضها البعض. ويحق للرئيس العفو عن محكوم عليهم بالإعدام، ويسمي قضاة المحكمة العليا شريطة موافقة مجلس الشيوخ. كما يضطلع بتسمية وزراء إدارته والسفراء ولكن أيضاً بعد التشاور مع مجلس الشيوخ وشريطة موافقته. وبهذا يتحقق للسلطة التشريعية أحد سبل مراقبة السلطة التنفيذية.
صورة من: Klaus Aßmann
القوة الكامنة في "دولة الاتحاد"
يجب على الرئيس أن يبلغ الكونغرس بشؤون الدولة. وهو ما يفعله مرة كل عام في ما يسمى بـ "خطاب حالة الأمة". لا يحق للرئيس أن يقدم مشاريع قوانين للكونغرس ولكن بوسعه أن يبرز أهم المواضيع كما يراها من خلال الخطاب. فيمارس نوعاً من الضغط على الكونغرس أمام الرأي العام. ولكن هذا أكثر ما يمكنه فعله.
صورة من: Klaus Aßmann
يمكنه أن يرفض
عندما يعيد الرئيس مشروع قانون إلى الكونغرس دون التوقيع عليه يكون قد مارس حقه باستخدام حق الفيتو لرفض المشروع. وليس من حق الكونغرس أن يبطل هذا الفيتو إلا بأكثرية الثلثين في مجلسيه. وحسب المعلومات المستقاة من مجلس الشيوخ حدث هذا في تاريخ الولايات المتحدة مئة وإحدى عشرة مرة في أكثر من ألف وخمسمائة مرة اُستخدم فيها حق النقض، أي بنسبة سبعة في المئة.
صورة من: Klaus Aßmann
مناطق رمادية في تحديد السلطة
لا يوضح الدستور ولا توضح قرارات المحكمة العليا مدى سلطة الرئيس بشكل نهائي، إذ يمكن للرئيس أن يستخدم حق الفيتو مرة ثانية من خلال خدعة، حيث يقوم الرئيس في ظروف معينة بـ "وضع مشروع القانون في جيبه"، ويعني بذلك أنه يستخدم ما يعرف بـ "فيتو الجيب" فيصبح المشروع بذلك لاغيا ولا يحق للكونغرس إسقاط هذا الفيتو وقد تم استخدام هذه الحيلة الدستورية أكثر من ألف مرة في تاريخ الولايات المتحدة.
صورة من: Klaus Aßmann
إرشادات بطعم الأوامر
بإمكان الرئيس أن يرشد موظفي الحكومة إلى طريقة القيام بواجباتهم. وتعامل هذه الأوامر المسماة بـ "الأوامر التنفيذية" معاملة القوانين. وليس ضرورياً أن توافق عليها أي هيئة دستورية. ومع ذلك ليس بوسع الرئيس أن يفعل ما يحلو له، إذ بإمكان المحاكم أن تبطل مفعول هذه الأوامر أو بإمكان الكونغرس أن يسن قوانين تبطل مفعولها. وبإمكان الرئيس التالي أن يلغيها بكل بساطة.
صورة من: Klaus Aßmann
التحايل على الكونغرس...
من حق الرئيس التفاوض على اتفاقيات مع حكومات أخرى ويتوجب أن تحصل هذه على موافقة مجلس الشيوخ بثلثي أعضائه. ولتفويت الفرصة على مجلس الشيوخ لرفض الاتفاقيات يقوم الرئيس بإبرام اتفاق حكومي يُسمَى "اتفاقية تنفيذية" ولا تحتاج إلى موافقة مجلس الشيوخ حينها. وتسري هذه الاتفاقيات ما دام الكونغرس لم يعترض عليها أو يسن قانوناً يبطل مفعولها.
صورة من: Klaus Aßmann
... حينها يجب التراجع
الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية ولكن قرار الحرب يعلنه الكونغرس. وليس من الواضح ما مدى إمكانية أن يزج الرئيس بالقوات في مواجهة مسلحة دون الحصول على موافقة الكونغرس. في حرب فيتنام رأى الكونغرس أنه قد تم تجاوز خط أحمر بدخول هذه الحرب وتدخل إثر ذلك قانونياً. هذا يعني أن الرئيس قادر على الاضطلاع بهذه الصلاحيات إلى أن يتدخل الكونغرس.
صورة من: Klaus Aßmann
المراقبة النهائية
إذا ما استغل رئيس منصبه أو قام بعمل يعاقب عليه القانون، يمكن لمجلس النواب في هذه الحالة أن يشرع في إجراءات عزل الرئيس. وقد حدث ذلك حتى الآن ثلاث مرات دون أن تكلل أي منها بالنجاح. ولكن هناك إمكانية أقوى من ذلك لثني الرئيس عن قرار ما. الكونغرس هو المعني بالموافقة على الموازنة ويمكنه أيضاً أن يوقف تدفق المال. أوته شتاينفير/ و.أ