تظاهرات 24 أغسطس في مصر- محاولة انقلاب على الشرعية؟
٢١ أغسطس ٢٠١٢في أول جمعة بعد عيد الفطر دعا النائب البرلماني السابق محمد أبو حامد وبعض الشباب أطلقوا على أنفسهم "شباب 24 أغسطس" الى الثورة على "الإخوان المسلمين". ولم تمر إلا أيام قليلة حتى انضمت إلى الدعوة احزاب مثل التجمع ومصر القومي لتعلن مشاركتها في التظاهرات المقررة ليوم الرابع والعشرين من اغسطس/آب الحالي. كما انضم الى هؤلاء حركة "أقباط بلا حدود" و"اتحاد ثوار مصر الأحرار" ونقابة الدعاة المستقلة. فيما أعلنت أحزاب آخرى رفضها المشاركة مثل أحزاب الوفد والدستور والمصريين الأحرار بالإضافة إلى حركة 6 أبريل. ويرى بعض هؤلاء أن الداعين للتظاهر يمثلون بعض „فلول النظام البائد" و يسعون للإنقلاب على الشرعية، فيما يرى آخرون أن تلك التظاهرات قد تشكل الفرصة الأخيرة لإنقاذ مصر من سيطرة الجماعة الإسلامية.
مصادر تمويل الإخوان وضمان احترام شعائر الأقباط
"بعد الأحداث المؤسفة الأخيرة تأكد للجميع أن مصر تمر بأكبر المخاطر على مر التاريخ، لقد أتى الوقت لنقف جميعاً يداً واحدة من أجل مصر في الثورة الثانية يوم 24 أغسطس". إنه مضمون إحدى صفحات الفيسبوك التي اجتذبت حتى الآن أكثر من 15 ألف شخص. وحددت الصفحة مطالب الداعين لتلك التظاهرات في 15 بنداً أبرزها مطلب التحقيق مع قيادات مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان بشأن مصادر تمويلها وحل اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، بالإضافة إلى رفض ما أسموه "تدخلات مكتب الإرشاد في وضع سياسات الدولة" وتقديم ضمانات باحترام شعائر الأقباط وحماية أمنهم.
وتعليقاً على ذلك يقول محمود حسن، وهو أحد الشباب الذين أبدوا نيتهم للمشاركة في تلك التظاهرات، في لقاء مع DW/عربية إن دوافعه في المشاركة تنطلق من منطلق حماية الثورة وتصحيح مسارها. ويضيف حسن: "الإخوان يسعون للسيطرة على مصر ومؤسساتها رويداً رويداً. فهم يقصون المعارضة وذلك ما نود مواجهته قبل فوات الأوان". وتضامن مينا وجدي، الذي يود المشاركة في التظاهرات مع ما ذكره حسن وقال: "ليس هناك أيضاً ضمانات للمسيحيين بل على العكس نشعر الآن أننا في حكم إسلامي. فكلما طل علينا الرئيس أعطى خطبة في الدين". واستشهد وجدي بأحداث دهشور الطائفية قائلاً: "تلك الأحداث هي دليل قاطع بأن مرسي لا يستطيع الحفاظ على أمن المسيحيين في مصر".
انقلاب على الشرعية
على الجانب الآخر، رفضت بعض الأحزاب والحركات تلك التظاهرات. وأعرب يحيى سليمان، العضو المؤسس لحزب العدل عن توقعه بفشل حشد الناس عبر تلك الدعوات. ويوضح سليمان لDW/ عربية ذلك بالقول:
"الشعب لم يتجاوب مع الدعوة بشكل جيد كما إن قرارات مرسي الأخيرة كانت جيدة جدا وأرضت الأغلبية وأعادت الثقة في قدرة الإخوان على إصلاح الأوضاع". ورغم عدم صدور بيان رسمي من الحزب حتى الآن تجاه تلك التظاهرات إلا أن يحيى لا يرى أن حزبه قد يشارك في تلك التظاهرات. ويقول سليمان في حواره مع DW/ عربية: "الدعوة تأتي من بعض أصحاب المصالح التي أصبحت مهدد ة بعد حل المجلس العسكري وفشل الفريق أحمد شفيق في الحصول على مقعد الرئاسة". ويرى سليمان أن اغلب المشاركين سيتظاهرون بدعوى رفض الإخوان والبعض الآخر بدعو الانقلاب على الشرعية وعزل الرئيس المنتخب محمد مرسي. وفي هذا يقول سليمان لDW/ عربية: "حزب العدل يقف ضد المظاهرات المنقلبة على الشرعية".
وعبر عضو مجلس الشورى لجماعة الأخوان المسلمين عادل عليوة في لقاء له مع DW/ عربية عن توقعه بفشل الحشد لتلك التظاهرات. ويرى عليوة أن الداعين لتلك التظاهرات يشكلون "بقايا النظام السابق حيث اهتزت مصالحهم برحيل طنطاوي وعنان". يصرح عليوة قائلا: "قد تكون تلك معركتهم الأخيرة وما يدعون إليه هو إنقلاب على الشرعية". غير أنه يضيف: "في جميع الأحوال التظاهر السلمي حق للجميع ولن نتصدى للمتظاهرين إلا في حال اعتدائهم على مقرات الجماعة أو المنشآت العامة". وأبدى عليوة ثقته في التفاف الشعب حول الرئيس مرسي وعدم الاستجابة لمثل تلك الدعوات.
"التظاهرات تعبر عن توجه في المجتمع يجب احترامه"
من جهته يعتبر فتحي مصيلحي، أستاذ العلوم السياسية في له مع DW/ عربية أن "البلد في حالة استنفار دائم ولا يمكن توقع العدد الذي سيشارك في التظاهرات. لكن في جميع الأحوال هو يعبر عن توجه في المجتمع يجب احترام رأيه". ويستبعد مصيلحي أن يكون "فلول" النظام السابق هم من يحركون تلك التظاهرات "فقد يكون بعض المشاركين منهم غير أن هناك تيارات ثورية تريد أن تعدل مسار الثورة ". ويرى مصيلحي أن بعض مطالب الداعين لتظاهرات 24 أغسطس/آب معقولة خاصة تلك التي تتعلق بتمويل جماعة الإخوان. "الناس يتساءلون من أين التمويل الضخم للجماعة والذي يخلق حالة من عدم التكافؤ مع القوى والأحزاب الأخرى. ثم لماذا الإبقاء على التنظيم بعد تشكيل حزب معلن عنه ورسمي؟".
وعبر مصيلحي عن اعتقاده من أن معاناة بعض الناس بسبب عدم توفر الحاجات الأساسية الحياة بالإضافة إلى "تكميم للأفواه" عبر غلق محطة فضائية أو مصادرة إحدى الصحف قد تكون خلف أسباب للالتفاف حول تلك التظاهرات. ويفسر مصيلحي قائلاً: "الإخوان أعطوا انطباعا بأننا عدنا بخطوات كثيرة إلى الخلف ولن نعيش عصر الحرية الذي كنا نتمناه وهناك إحساس لدى الناس أنهم يسعون إلى السيطرة على كل مفاصل الدولة". واستنكر مصيلحي صدور بعض الفتاوى التي تبرئ قتل التظاهر ضد الإخوان حيث يتعارض ذلك مع المبادئ التي قامت عليها الثورة معتبرا أن „التظاهر السلمي حق للجميع يجب احترامه وهو من أسس الثورة التي نادت بالحرية والعدالة الاجتماعية".