تعاطف واسع مع شاب حاول سرقة بنك في المغرب.. والسبب؟
٢٠ أبريل ٢٠١٩
تسود حملة تعاطف مع شاب مغربي حاول السطو على بنك، فرغم أن الشاب كان يحمل سكيناً كبيراً ولم يستسلم إلّا بعد تدخل قوات الأمن، إلّا أن الكثير من المغاربة تعاطفوا معه ووجهوا عدة رسائل للمطالبة بالتخفيف من عقوبته!
إعلان
تداول المغاربة خلال الأيام الماضية فيديو لتدخل أمني لأجل اعتقال شاب كان يحاول السطو على بنك في مدينة طنجة شمال البلاد. ويُظهر الفيديو الشاب وهو يستسلم بعد حديثه مع الشرطة التي اقتحمت باب البنك. ووفق ما تداولته عدة وسائل إعلام، فقد حاول الشاب، الذي كان مسلحاً بسكين يشبه السيف، إرغام العاملين في البنك على تسليمه المال، لكنه فوجئ بإغلاق الباب عليه، ما جعله يحاول كسر الباب دون أن ينجح في ذلك إلى حين وصول الشرطة واعتقاله.
إلّا أن المبرّر وراء السرقة كان سبباً في تعاطف عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع الشاب، إذ ذكر هذا الأخير للشرطة أن والده مصاب بالسرطان، وأنه كان يريد الحصول على المال لأجل علاجه وشراء ما يلزم من أدوية باهظة الثمن. ويقبع الشاب حالياً في السجن، وحددت السلطات يوم 25 أبريل/ نيسان الجاري لأجل البدء في محاكمته.
وقال والد الشاب في تصريح بالفيديو لموقع "اليوم 24" إنه اكتشف إصابته بالسرطان عام 2016، وقد أجرى ذلك العام عملية جراحية، إلّا أن ذلك لم يوقف معاناته، وكان ملزماً بالسفر إلى العاصمة الرباط وشراء أدوية باهظة الثمن، قبل أن تنتهي هذه الأدوية ويعجز الأب عن شرائها أو الحصول عليها من المرافق الطبية رغم استمراره في التنقل إلى العاصمة. وقد كان ابنه الأصغر – الذي حاول سرقة البنك - هو من يساعده في رحلاته بين طنجة والرباط، حيث شهد ما يقع لوالده من إهمال، وفق رواية هذا الأخير.
وتداول العديد من المغاربة تعليقاً موحداً جاء فيه "نطالب ونتوسل لمؤسسة (الشركة البنكية المعنية) أن تتدخل من أجل التنازل عن حقها في المتابعة الجنائية للشاب وتكون سبباً لهذا الشاب في إعادة الإدماج، ونطالب المحسنين المساهمة في علاج والد الشاب من مرض السرطان".
كما تداول آخرون هذا التعليق: "أناشد مدير الشركة المعنية بالتنازل عن الدعوى والعفو عن هذا الشاب وترك النيابة العامة تأخذ مجراها وِفق الضوابط والأحكام المعمول بها بالنسبة للجاني، سعياً للتخفيف عن هذا الشاب الذي لا حول له ولا قوة.. ولعلمكم أن هذا الشاب ليس لديه أي سوابق عدلية. فالدافع وراء هذا الفعل هو مساعدة أبيه بعد أن ضاقت به الأرض بما رحبت".
ويتابع التعليق: "مناشدتنا لكم ليس دفاعاً عن الجريمة. لكن من الجانب الإنساني فقط. تكرماً منكم ونحن على أبواب شهر الغفران (رمضان).. أو إذا تكرمتم أن تتكفّلوا بعملية جراحية لوالده. سيكون بذلك السجن أرحم من أن يرى والده وهو على فراش الموت".
إلا أن العديد من المعلقين رفضوا أن يلجأ الشاب إلى السرقة لأجل تغطية مصاريف علاج والده، ورفضوا بالتالي أيّ حديث عن التخفيف، ومن ذلك ما كتبه أحد المعلّقين: "أنا لست مع تمتيع الشاب بظروف التخفيف. هناك أساليب وطرق أخرى لطلب العون غير السرقة وربما قتل النفس. هذا لا يجوز شرعاً. التعدي على أملاك الناس وحرمات الله لتحقيق أغراض شخصية. إذا كان الأمر كذلك فذلك سيصبح فوضوياً، ومن ابتغى تحقيق غرض فسيسرق ويقتل متحججاً بحاجة ما في نفسه".
وقد أعلن مغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي تطوعهم لمساعدة أسرة الشاب على تحمّل مصاريف العلاج. كما أعلن مشاهير عن توجههم إلى بيت الأسرة لأجل الوقوف معها، وقد فتحت الحالة الصحية لأب الشاب النقاش من جديد حول واقع الرعاية الصحية في المغرب وكمّ المشاكل التي يعانيها المصابون بأمراض خطيرة.
زاد التوتر في جرادة المغربية بعد اعتقال شابين إثر احتجاجات بدأت بعد وفاة عمال في مناجم للفحم. السكان يطالبون ببديل اقتصادي لمصدر رزقهم الأساسي واطلاق المعتقلين. بالصور: مراحل الاحتجاجات في جرادة منذ بدايتها.
صورة من: Getty Images/AFP/STR
موت أشعل احتجاجات
بدأت الاحتجاجات بمدينة جرادة (شمال شرق المغرب) في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2017. فبعد وفاة أربعة أشخاص في حوادث عرضي في أحد المناجم، خرج العديد من سكان المدينة محتجين في مظاهرات سلمية مطالبين ببدائل اقتصادية لمدينتهم التي لم تعد فيها فرص عمل منذ إقفال الدولة لمناجم الفحم عام 1998.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Senna
التنديد بـ"التهميش"
المتظاهرون من سكان جرادة لا يطالبون بغير إيجاد بديل اقتصادي عن مناجم الفحم. كما أنهم يطالبون الجهات المسؤولة بإعفائهم من دفع فواتير الماء والكهرباء، والعمل على محاسبة المسؤولين في المنطقة منذ إيقاف مصدر عيشهم الأساسي. "الرغيف الأسود" يُنسب للقمة العيش التي يحصل عليها العمال من الكدح بمناجم الفحم الأسود.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Senna
"مناجم الموت"
يعيش المئات من سكان جرادة من العمل في "مناجم الموت" العشوائية وغير القانونية، والتي باتت مصدر رزق لهم وفي نفس الوقت مهددة لحياتهم. وقد عبر المحتجون عن رفضهم للأوضاع من خلال الاعتصام، وتنظيم مسيرات سلمية وشن إضرابات عامة. كما رفعوا رايات البلد ورددوا النشيد الوطني في مرات عديدة.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Senna
وعود معلقة؟
مع اندلاع الشرارة الأولى للاحتجاجات السنة الماضية، ذهب وفد رسمي رفيع المستوى إلى جرادة. وكان سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية قد أعلن، بعد زيارته للمدينة ضمن الوفد، عن مجموعة من القرارات الحكومية المهمة والعاجلة لاحتواء غضب الإقليم ككل. لكن الوضع لم يعرف تحسناً رغم الوعود المقدمة، حسب ما صرح به المتظاهرون، مما دفع بهم إلى الخروج من جديد.
صورة من: Fabrice Coffrini/AFP/Getty Images
اعتقالات وتوتر
أدى اعتقال السلطات شابين يوم السبت (10 مارس/ آذار 2018) إلى تصاعد التوتر بالمدينة. وخرج السكان في تظاهرات كبرى للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، هذا في الوقت الذي خيم فيه إضراب عام على المدينة. وقد تحولت المظاهرات إلى مواجهات بينهم وبين القوات والأجهزة التابعة للدولة فيما بعد.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Senna
من الظالم ومن المظلوم؟
فوجئ المتظاهرون حين خروجهم للتظاهر السبت (10 مارس/آذار 2018) بوجود 500 من عناصر الدرك تقريباً في رقعة احتجاجهم، حسب ما نقلته وكالة رويترز. إذ قاموا بمحاصرتهم ودهسوا شاباً كما أصيبت امرأة بشكل بليغ. وفي هذا السياق، قالت السلطات المحلية لمدينة جرادة إن عدداً من المتظاهرين أحرقوا خمس سيارات تابعة للقوات العمومية وتسببوا في أضرارا جسيمة لعربات أخرى، كما أشارت إلى وقوع إصابات بين صفوف القوات الحكومية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
تهديد ووعيد!
أصدرت وزارة الداخلية المغربية يوم الثلاثاء (13 مارس/ آذار2018) بياناً، فحواه أنها مستعدة "للتعامل بكل حزم مع التصرفات والسلوكيات غير المسؤولة". كما أكدت "انطلاقاً من صلاحياتها القانونية، على أحقيتها في إعمال (تطبيق) القانون من خلال منع التظاهر غير القانوني بالشارع العام والتعامل بكل حزم مع التصرفات والسلوكيات غير المسؤولة".
صورة من: Getty Images/AFP/STR
مواجهات دامية
شهدت المدينة مواجهات يوم الأربعاء (14 مارس/ آذار 2018)، ما أسفر عن سقوط جرحى في صفوف الشرطة وتوقيف 9 أشخاص "سوف يتم تقديمهم أمام العدالة". ووصل عدد الإصابات البليغة إلى عشرة، حسب ما صرح به مصطفى الخلفي، الناطق باسم الحكومة المغربية. في حين صرح مسؤول محلي لوكالة الأناضول التركية أن الرقم تجاوز 180 إصابة، غالبيتها من القوات الحكومية.
إعداد: مريم مرغيش