1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تعديل المناهج في سوريا ـ توجه لفرض فكر أحادي في بلد متعدد؟

محمد فرحان
٣ يناير ٢٠٢٥

عاصفة من الانتقادات أثارها قرار الإدارة السورية الجديدة بتعديلات في المناهج الدراسية. نشطاء وخبراء وصفوا القرار بـ "المتهور" وشككوا في توجهات السلطة الجديدة، مذكِّرين بأن في سوريا مذاهب وطوائف وأديان متعددة يجب مراعاتها.

تللاميذ إحدى المدارس في جمشق أثناء طابور الصباح (15/12/2024)
أثارت تعديلات بعض المناهج بسوريا الكثير من الجدلصورة من: Ammar Awad/REUTERS

لم يمض الكثير من الوقت حتى قامت الإدارة السورية الجديدة بإدخال تعديلات على مناهج دراسية في البلاد بعد أقل من شهر على سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد.

وتضمنت التغييرات، بحسب بيان نشرته وزارة التربية والتعليم على صفحتها على موقع "الفيسبوك"، حذف أي إشارة تدل أو تشيد بشخصيات تعود إلى النظام السوري السابق أو حتى بعض العبارات مثل "حماة الديار عليكم سلام" من النشيد الوطني، وأيضا حذف العبارات المتعلقة بالآلهة في كتب التاريخ والفلسفة.

وعزت وزيرة التربية والتعليم في الحكومة الجديدة ذلك إلى أن هذه العبارات "تحتوي على معلومات مغلوطة تهدف إلى تعزيز الدعاية لنظام الأسد المخلوع وترسيخ قواعد حزبه".

وقال وزير التربية والتعليم نذير القادري في بيان نشرته وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا"، "ما تم الإعلان عنه هو تعديل لبعض المعلومات المغلوطة التي اعتمدها نظام الأسد البائد في منهاج مادة التربية الإسلامية، مثل شرح بعض الآيات القرآنية بطريقة مغلوطة، فاعتمدنا شرحها الصحيح كما ورد في كتب التفسير للمراحل الدراسية كافة."

انتقادات واسعة

ومنذ نشره،  أثار القرار انتقادات غاضبة واسعة النطاق على منصات التواصل الاجتماعي ما بين ساخر على بعض التعديلات وبين متسائل عن أسباب قيام الحكومة باتخاذ مثل هذه القرارات رغم كونها "حكومة تسيير أعمال".

يُشار إلى وزارة التربية والتعليم السورية لم تذكر الجهات التي اختارت حذف أو تعديل مثل هذه العبارات، فيما لم تذكر أيضا الأسباب وراء القرار، لكنها اكتفت بالقول بأنه جاء "بناء على مقتضيات المصلحة العامة".

وفي محاولته تسليط الضوء على بعض الأسباب، قال د. أحمد جاسم الحسين الذي عاد إلى التدريس بكلية الآداب في جامعة دمشق بعد سقوط الأسد، "يريد أصحاب القرار أن يثبتوا لجمهورهم أن القرار بيدهم وأنهم سيتركون بصمتهم في مختلف الأماكن والاتجاهات".

وفي مقابلة مع DW عربية، قال جاسم، الذي كان يقيم في هولندا، "هناك أيضا أسباب استراتيجية أو إيديولوجية تكمن وراء هذه القرارات. هذه القرارات كانت ملائمة لمحافظة ذات طابع ديموغرافي أو حتى فكري مثل محافظة إدلب، لكن على مستوى سوريا، هذا الموضوع له إشكالياته وتبعاته."

وكانت المدارس في سوريا قد فتحت أبوابها في منتصف الشهر المنصرم مع إزالة صور بشار الأسد وعلم حزب البعث والعلم السوري واستبدالها بعلم الثورة.

وشملت التغييرات في المناهج التعلمية أيضا استبدال كلمة "قانون العدل" بكلمة "شرع الله" و"أصحاب الديانات السماوية" بـ "أتباع الشرائع السماوية" واستبدال "أن يبذل الإنسان روحه في الدفاع عن وطنه" بـ"أن يبذل الإنسان روحه في سبيل الله"، وحذف "السلطة العثمانية الغاشمة".

وقد أثار ذلك الكثير من المخاوف ولكن أيضا بعض التهكم؛ إذ قالت مستخدمة على صفحة الوزارة "أهم شيء لاغين (إلغاء) الدروس اللي فيها جور العثمانيين". وقال آخر "نحن آراميون وكنعانيون وآشوريون وحثيون وعرب وأكراد وسريانيون.. طمس تاريخنا وأساطير أجدادنا ما قبل الإسلام مرفوض جملة وتفصيلا".

قرارات "غير شرعية"

وترى رقية الشاعر، الناشطة السياسية المقيمة في السويداء، أن الحكومة الحالية "غير مخولة باتخاذ قرارات بتغيير المناهج التعليمية كونها حكومة إنقاذ أو حكومة مؤقتة. يعني قراراتها تعتبر غير شرعية".

وفي مقابلة مع DW عربية، أضافت "السرعة في اتخاذ قرار تغيير المناهج التعليمية وتزوير المعلومات التاريخية، خاصة ما يخص المرأة، يدل على الرغبة في تثبيت الفكر الذي تحمله هذه الحكومة.. حكومة اللون الواحد.. حكومة إسلاموية ذات فكر سلبي متطرف".

وتعيش في سوريا تاريخيا أقليات عرقية ودينية بما في ذلك المسيحيون والأرمن و الأكراد و الشيعة. وينتاب الكثير من أبناء هذه الأقليات، القلق من أن أي حكم إسلامي قد يفرض عليهم أسلوب حياة مغاير.

وقبل سقوط الأسد، كان أبناء الأقليات ومنهم المسيحيون، يمارسون عباداتهم بحرية، فيما برزت حماية الأقليات في سوريا ضمن مصادر القلق الرئيسية التي أعرب عنها دبلوماسيون وخبراء مؤخرا.

فقد أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن على أن الولايات المتحدة تدعم حكومة لا تقصي أحدا تحترم حقوق الأقليات وتمثلها ولا توفر "قاعدة للجماعات الإرهابية".

وعلى وقع ذلك، يقول خبراء إن الإدارة الجديدة بقيادة أحمد الشرع الذي يتزعم "هيئة تحرير الشام"، تدرك حاليا أن طريقة تعاملها مع الأقليات تخضع لتدقيق شديد.

وسعت الهيئة فور وصولها إلى السلطة إلى طمأنة الأقليات في سوريا، لكن يبدو أن قرار تعديل مناهج دراسية أثار قلق البعض.

وفي ذلك، قالت الناشطة السورية رقية الشاعر "هذه الحكومة جاءت بصراحة لتثبيت الحكم الإسلامي والعقيدة الإسلامية. نحن لسنا ضد الدين، ولكن ضد فرض أي عقيدة بالإجبار، وخاصة على سوريا التي تحتوي على مذاهب وطوائف وأديان متعددة، غير المذهب السني وغير الدين الإسلامي."

ماذا بعد؟

وقالت الشاعر إنه يتم التحضير "لرفع مطالب من قبل المعلمين رفضا لهذه القرارات، وقد يتم التصعيد في مراحل لاحقة في حال أصرت هذه الحكومة على قراراتها". واضافت "في السويداء، هناك تحركات لتنظيم وقفات احتجاجية في الساحة العامة للتنديد بهذه القرارات."

من جانبه، طالب د. أحمد جاسم الحسين، الأستاذ بكلية الآداب في جامعة دمشق، الوزارة بالتراجع عن قرارها.

وقال في حديثه إلى DW عربية إن "هذه القرارات تتسم بالتعجل وغير موفقة وغير حكيمة، لكن نعوّل على الحكومة. هذه الحكومة سبق وأصدرت أكثر من قرار، وحين وجدت أن هذا القرار أثار غضب الجمهور تراجعت عنه. وهذا أمر إيجابي".

وأضاف "من الحكمة ألا تثير الحكومة غضب العامة في هذه المرحلة. إدارة سوريا الجديدة ما زالت في طور التشكل. من الحكمة التأني وعرض مثل هذه القضايا على لجان. ومن الحكمة أن يكون لدى الحكومة شخصيات تكنوقراط وخبراء".

 

محمد فرحان كاتب ومحرر في القسم العربي لمؤسسة DW
تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW