1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تعزّ وثوارها يضعون بصماتهم على الثورة اليمنية

١ يناير ٢٠١٢

في مبادرة غير مسبوقة في ثورات الربيع العربي قطع ثوار تعز260 كيلومترا في مسيرة راجلة من مدينتهم جنوب غرب اليمن إلى صنعاء(شمال). تعز معقل الثورة اليمنية، تركيبة المدينة وألوان طيفها السياسي والفكري، تروي أسرار تميزها.

صورة من: Saeed Al Soofi

بعد خمسة أيام على انطلاقها من تعز وصلت إلى العاصمة اليمنية صنعاء، "مسيرة الحياة" الراجلة التي رفعت شعار إسقاط الضمانات التي قدمتها المبادرة الخليجية للرئيس علي عبد الله صالح ورموز نظامه الضالعين في قمع المظاهرات وقتل المتظاهرين السلميين. وقد تجاوز قوامها المليون مشارك بعد أن مرت بخمس محطات رئيسية قبل أن تواجهها القوات الموالية للرئيس صالح بالرصاص على المدخل الجنوبي لصنعاء، بالرصاص فسقط 13 قتيلا وأكثر من 200 جريح، فيما لا يزال عدد آخر مفقودين.

ثوار مدينة تعز حاولوا من خلال "مسيرة الحياة" ان يوجهوا رسالة لخصوصية دور مدينتهم في إشعال الثورة اليمينة منذ عشرة أشهر، وفي تصريح لـدويتشة فيله قال أحمد الصناع، أحد المشاركين في المسيرة أن "توقيع المبادرة، كان انتقاصا من قيمة الثورة واستهانة بدماء الشهداء وأنين الجرحى فقررنا الخروج بمسيرة نوعية لننقل للعالم الحر رفضنا للحصانات ومطالبنا بالقبض على المجرمين وتقديمهم للعدالة"وختم تصريحه بالتأكيد على الاستمرار في النضال السلمي وتقديم التضحيات حتى بناء الدولة المدنية الديمقراطية.

والمتتبعون لمجريات الثورة اليمنية، يرصدون دورا متميزا لتعز وشبابها الذين بصموا الثورة بأسلوبهم وأفكارهم، وهو ما يثير الفضول لمعرفة أسرار مدينة تعز، فلماذا ثوارها هم الأكثر راديكالية؟ ولماذا استهدفتها قوات الرئيس صالح بأعنف ما لديها من أدوات البطش؟ أسئلة يحاول موقع دويتشه فيله البحث عن أجوبة عنها من خلال جولة في تضاريس جغرافيا وتاريخ مدينة تعز وأطيافها السياسية والفكرية.

تعز عاصمة الثقافة في اليمن

وصول مسيرة الحياة إلى العاصمة صنعاءصورة من: dapd

تحتل تعز موقعا متوسطا يتميز بقربه من خليج عدن جنوبا، وميناء الحديدة غربا، كما أن تعز تطل على البحر عبر ميناء المخاء وتشرف على مضيق باب المندب. ولتعز تاريخها الحضاري ومكانتها السياسية والثقافية، فبالإضافة إلى كونها عاصمة للثقافة في اليمن فهي موطن (مخلاف الجند) الذي استقبل أول مبعوث لرسول الإسلام وفيها أول مسجد قي اليمن،(جامع الجند) ،علاوة على أنها كانت العاصمة السياسية والثقافية للدولة الرسولية التي اشتهرت بدعمها للعلم والثقافة،كما كانت العاصمة السياسية لآخر أئمة الدولة الزيدية في اليمن حتى وفاته في 19 أيلول/ سبتمبر1962، وتحتضن تعز حاليا أهم مؤسسة ثقافية في اليمن (مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة).

تعز قاعدة الطبقة الوسطى

وفيما تحتل تعز المرتبة الأولى في الكثافة السكانية، فإنها تحتل أيضا المراتب الأولى في التعليم وشحه الموارد الاقتصادية ولذا ينتشر أبناؤها الأكثر تعليما وثقافة وتحررا من الروابط القبلية، وتواصلا مع الثقافات الإنسانية، وإقبالا على ممارسة الأعمال التجارية والمهنية، في جميع المناطق اليمنية مشكلين نواة الطبقة الوسطى الحاملة لأفكار الثورة والتغيير.

ويرى الكاتب الإسلامي اليمني مجيب الحميدي أن "الكثافة السكانية جعلت الأجيال الحديثة أمام تحدي البحث عن موارد اقتصادية قادرة على تلبية احتياجاتها، فكان عليها أن تشق طريقها نحو الأمن الاقتصادي إما بالتجارة أو العمل المهني". ويضيف الحميدي" ساعد قرب عدن من تعز على هجرة الكثير من أبناء تعز إليها وتعرفهم على العديد من الحرف والمهن والانخراط بالتجارة، مما ساعدهم على التحرر من السيطرة الأبوية وتعزيز قيم الاستقلالية والفردية وتوليد الحاجة إلى روابط انتماء جديدة للدفاع عن مصالح الأفراد فاتجهوا مبكرا نحو الأحزاب والنقابات المهنية".
ومن جهته، وصف علي الشريف عضو اللجنة الإعلامية للثورة الشبابية تعز بأنها" التجسيد الأكبر لمفهوم المدنية المتحررة من روابط القبلية والمذهبية، مما جعل الفرد أكثر تحررا من روابط الاجتماع الضيقة، ما يؤهل تعز وأبناءها لروابط من الاجتماع أوسع وأكثر استيعابا للهوية الوطنية".

قوات موالية للرئيس صالح تهاجم مسيرة الحياةصورة من: Saeed Al Soofi/DW

ويعزو المحلل السياسي اليمني نبيل البكيري، "راديكالية" ثوار تعز إلى "نسبة الوعي المرتفعة تعليميا وثقافيا وسياسيا" ويرى البكيري أن هذه العوامل هي "من يتحكم بصياغة الثائر التعزي ويصبغه بهذا الشكل الراديكالي". وفي السياق ذاته يرى الأستاذ الجامعي خالد الشيباني، أن راديكالية ثوار تعز ترجع إلى المستوى "التعليمي والثقافي المرتفع بالإضافة إلى انخراط معظم أبناء تعز في الأحزاب السياسية مما جعلهم أكثر إدراكا للعمل السياسي وفهما لمتطلبات العمل الثوري". فيما يرى أستاذ التاريخ بجامعة صنعاء عبد الله أبو الغيث، ذلك في "ارتفاع نسبة الوعي وضعف سيطرة أحزب اللقاء المشترك على ساحة تعز، ما أدى إلى التحرر من قيود الأحزاب حرصاً على التوفيق بين العمل السياسي والفعل الثوري".

تعز في مرمى نيران السلطة

حواجز نصبها رجال الأمن لمنع المتظاهرين للتقدم نحو اقامة الرئيس صالحصورة من: Saeed Al Soofi/DW

كانت مدينة تعز وثوارها منذ نهاية مايو الماضي في مرمى نيران السلطة اليمنية وقوات الرئيس صالح، رغم أن معظم المدن اليمنية ثارت على السلطة وطالبت بإسقاط نظام الرئيس صالح، لكن تعز وثوارها كانا الأكثر عرضة واستهدافا،:ففيما يرى نبيل البكيري أن العنف السلطوي الموجه ضد تعز وأبنائها يرجع إلى "الدور الكبير والمبكر لهذه المدينة تاريخيا وحتى اليوم في إشعال الثورات في اليمن المعاصر وبالتالي يتخيل النظام أنه بقمع تعز وإذلالها سيتمكن من قمع الثورة وإخمادها"، يرى عبد السلام رزاز وزير المياه والبيئة في حكومة الوفاق الوطني، أن غضب السلطة الموجه نحو تعز "ليس لأنها تعز، ولكن أي منطقة تتحفز أكثر نحو التغيير ستكون هدفا لغضب السلطة بدليل ما حصل في الجنوب وصعدة و صنعاء".

ولكن الصحافي اليمني علوي السقاف يعتقد أن العنف السلطوي "كان يهدف إلى جر أبناء تعز لمواجهات مسلحة تؤدي لإفراغ الساحات من الشباب الذين يشكل أبناء تعزغالبيتهم في معظم المحافظات اليمنية ". وفي السياق نفسه يرى مختار جعفر أحد شباب تعز المشاركين في مسيرة الحياة "إن غضب السلطة وقوات صالح على تعز كان هدفه إخماد أهم بؤرة ثورية". ولكن عبد الله أبو الغيث له رأي آخر "بعد اشتعال الثورة الشعبية من تعز كانت السلطة والمعارضة تدركان ان سقوط تعز في يد الثوار سيعني سقوط بقية اليمن، الأمر الذي جعل السلطة تصب جام غضبها على تعز" .

سعيد الصوفي – صنعاء

مراجعة: منصف السليمي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW