تعليق رحلات إلى القاهرة ـ تخمينات ونظرية مؤامرة.. والحقيقة؟
ابتسام فوزي
٢٢ يوليو ٢٠١٩
قرار مفاجئ من لوفتهانزا بتعليق رحلاتها لمصر تبعه رفع التعليق بعد ساعات قليلة، وقبل ذلك قرار مشابه من الخطوط البريطانية. وضع مربك أحاطه الغموض ما فتح الباب على مصرعيه أمام التكهنات وأشعل نظرية المؤامرة، لكن ما هي الحقيقة؟
إعلان
في خضم موسم العطلات واستعداد الكثير من المصريين المقيمين بالخارج، للسفر إلى مصر وبعد ساعات من انتهاء استضافة مصر لبطولة كأس إفريقيا، جاء قرار شركة الطيران الألمانية (لوفتهانزا) المفاجئ بتعليق رحلاتها إلى مصر، بعد قرار مشابه من الخطوط البريطانية، ليضع العديد من علامات الاستفهام ويفتح في الوقت نفسه الباب أمام التكهنات والتخمينات.
مواقع التواصل الاجتماعي كانت الساحة الأولى للتساؤل والبحث عن الأسباب وسط غياب أي معلومات واضحة في بيانات شركتي الطيران.
القرارات التي جاءت بعد ساعات من تنظيم مصر لحدث رياضي مهم لم يشهد مشكلات أمنية، ساهمت في ظهور الآراء التي تميل لربط معظم القرارات خاصة القادمة من دول غربية بـ"الرغبة في إيقاف عجلة التنمية في مصر"، دون البحث عن أي أسباب محتملة على الأرض. تفسير يرى الخبير الألماني في الشأن المصري، شتيفان رول، أنه دائما ما يظهر للساحة في مصر مع معظم التطورات. ويقول خبير الشأن المصري بالمعهد الألماني للأمن والسياسة الدولية في حوار مع DW:" عادة ما يسارع المصريون في مثل هذه المواقف إلى دور الضحية، ويتبنوا تفسيرات نابعة من فكرة المؤامرة وهو أمر أراه مستبعد تماما، كما لا يمكنني إيجاد أي سبب يدفع الجانب البريطاني أو الألماني للقيام بهذا".
من جهته عقب الباحث والصحفي البريطاني إيان بلاك على التكهنات المصرية بوجود خلفية سياسية وراء القرار، وقال في تصريحات لـ DW عربية: "من المعروف أن الحكومات الأوروبية غير سعيدة بالوضع السياسي، لكنها ليست ناقدة لهذا الأمر، إذ تركز أكثر على قضايا الهجرة القادمة من الشرق الأوسط والقضايا الأمنية، ولا تعلق كثيرا على القضايا الداخلية سواء في مصر أو في دول أخرى، لذا استبعد الخلفية السياسية للقرار"
وتسبب الغموض الكبير في موقف "لوفتهانزا" تحديدا، والتي أعلنت أولا وقف الرحلات بشكل مؤقت لتعود وتعلن استئنافها في اليوم التالي، في انتقاد شديد للشركتين، لاسيما بسبب غياب الأسباب الواضحة. الخبير الألماني رول، أشار إلى وجود اثنين من التفسيرات، أقربهما للواقع هو إمكانية تهريب قنبلة على متن إحدى الطائرات، لاسيما وأن هذا الأمر حدث بالفعل في حادث الطائرة الروسية في شرم الشيخ عام 2015. وأضاف الخبير الألماني: "حدث منذ هذا الوقت الكثير من التطوير والتحسين (على مستوى المطارات المصرية)، لكن لا يمكن القول ما إذا كان هذا كافيا، ربما حصلت شركات الطيران على معلومات حول وجود خطر من هذا النوع جعلتها تعيد تقييم الوضع الأمني مرة أخرى"، مشيرا إلى أنه رغم الجهود الكبيرة لاستئناف رحلات الطيران بين روسيا ومصر، ورغم عودة رحلات الطيران إلى القاهرة، إلا أن رحلات الطيران العارض للمنتجعات السياحية المصرية مازال معلقا، ما يشير إلى وجود مخاوف لدى الجانب الروسي أيضا.
الباحث البريطاني الزائر بمركز دراسات الشرق الأوسط بلندن (إل إس إي) أشار إلى أنه لا ينبغي النظر إلى قرار الخطوط الجوية البريطانية بمعزل عن الصورة الكاملة مشيرا إلى أن الخارجية البريطانية أيضا حذرت بشكل متزامن من هجمات إرهابية في مصر، كما أن تقرير من الجانب المصري نفسه كشفت عن قيام مسؤوليين بريطانيين لم تحدد هويتهم، بإجراء اختبارات أمنية في مطار القاهرة. وأضاف بلاك، أن قرار لوفتهانزا، يعزز الانطباع بوجود معلومات ما عن هجوم محتمل مؤكدا: "لا يمكن أن يكون اتخاذ اثنتين من الشركات الكبرى لنفس القرار في توقيت متقارب، مجرد صدفة".
من جانبها انتقدت القاهرة قرار الخطوط الجوية البريطانية وأوضح سامح الحفني رئيس سلطة الطيران المدني (في تصريحات لوسائل إعلام مصرية)، أن القرار هنا انفرادي وبني على معلومات ضعيفة للغاية. وأوضح أن لوفتهانزا اتخذت قرارا مماثلا لشركة الخطوط الجوية البريطانية، مؤكدا أن الخطوط الألمانية راجعت الشركة البريطانية فيما يخص أسباب تعليق الرحلات ثم قامت بنوع من التقييم الأمني وعلى أساس ذلك قررت إعادة التشغيل بعد ثلاث ساعات فقط من القرار.
وبعد ساعات من البحث عن الأسباب المحتملة، ظهرت لقطات مصورة لمشجعين رياضيين في مطار القاهرة في حالة من الفوضى، الأمر الذي جعل البعض يرجع السبب وراء القرارات، للحالة الراهنة في مطار القاهرة، وهو ما نفاه الحفني والذي أكد (في تصريحات لوسائل إعلام مصرية) أن أزمة المشجعين الجزائريين في مطار القاهرة لا علاقة لها بقرار الخطوط الجوية البريطانية، موضحا أن المشكلة كانت في عدم توفير الجانب الجزائري لطائرات لإعادة المشجعين الجزائرين إلى بلادهم.
ورغم أن المعلومات التي يتم الاستناد إليها في مثل هذه القرارات، تكون سرية ولا تخرج إلى العلن، إلا أن التطورات المرتقبة للقضية خلال الفترة المقبلة، ربما يمكنها الكشف عن بعض مما دار في الكواليس.
جولة مصورة في مدن وملاعب كأس أمم أفريقيا بمصر 2019
بعد 60 عاما من استضافتها كأس الأمم الأفريقية أول مرة تستضيف مصر البطولة مجددا. البداية كانت بثلاثة فرق، أما نسخة 2019 فتضم 24 فريقا. واختيرت ستة ملاعب في أربع مدن لاستضافة المباريات. جولة مع الملاعب ولمحات عن المدن.
صورة من: picture-alliance/Ulmer
ملعب أسطوري
يعد استاد القاهرة الدولي ملعبا أسطوريا في مصر وأفريقيا، مثل ويمبلي بإنجلترا وماراكانا بالبرازيل. هنا ركض أساطير الكرة العالمية: بيليه، بيكنباور، زيدان وميسي. وهنا أيضا بكى أساطير الكرة الأفريقية: ميلا، دروغبا وإيتو وغيرهم. بُني الملعب على طراز ملعب ميونيخ الأوليمبي وافتتحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1960، وكان يطلق عليه "استاد ناصر".
صورة من: picture-alliance/Ulmer
مسرح الافتتاح والختام
على استاد القاهرة الدولي اقيمت مباريات افتتاح والختام لثلاث بطولات أمم أفريقية سابقة: 1974، 1988 و2006. ويستضيف هذا الملعب في النسخة 32 مباريات المجموعة الأولى وتضم مصر والكونغو الديموقراطية وأوغندا وزيمبابوي. تقام مباراة الافتتاح بين مصر وزيمبابوي الجمعة 21 يونيو/ حزيران، أما المباراة النهائية للبطولة فتقام على نفس الملعب في 19 يوليو/ تموز. ويتمنى المصريون طبعا أن يكون منتخبهم طرفا فيها أيضا.
صورة من: picture-alliance/empics/BackpagePix
الزمن لا يبقى على حاله
يقع استاد القاهرة الدولي في حي مدينة نصر بشرق العاصمة المصرية، ويبتعد عن مطار القاهرة بنحو 8 كيلومترات. كان يتسع لـ120 ألف متفرج، كأكبر الملاعب اتساعا في مصر وأفريقيا. وحضور هذا العدد من الجماهير كان أمرا معتادا، خصوصا في المباريات المصيرية لمنتخب مصر (الصورة مباراة الجزائر 2009). وبعد تجديد مدرجاته أصبح يتسع رسميا لنحو 74 ألف متفرج، ليحتل المركز الثاني خلف برج العرب، الذي يتسع لـ80 ألف متفرج.
صورة من: picture-alliance/Pressefoto ULMER
مدينة النيل والأهرامات
وإضافة إلى استاد القاهرة الدولي هناك ملعبان آخران في العاصمة المصرية سيستقبلان مباريات مجموعتين من المجموعات الستة بالبطولة. وستكون فرصة رائعة بجانب مشاهدة نجوم الكرة الأفريقية مشاهدة الأهرامات والقيام برحلة نيلية. كما يمكن زيارة المتاحف والآثار الفرعونية والقبطية والإسلامية الكثيرة التي تنتشر في ربوع القاهرة.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/A. Nabil
أقدم الملاعب المصرية
مباريات المجموعة الثانية التي تضم نيجيريا، غينيا، مدغشقر وبوروندي، ستقام على ملعب الإسكندرية، أقدم الملاعب المصرية، والذي افتتحه الملك فؤاد الأول في المدينة الساحلية عام 1929، وأطلق عليه اسمه قبل أن يتغير بعد ثورة يوليو 1952 إلى ملعب البلدية. صممه معماري روسي مستوحيا مدخله من الطابع اليوناني الروماني لمدينة الإسكندرية، كما تعكس أسواره أيضا مظاهر العمارة الإسلامية.
صورة من: DW/A. Essam
الأضواء الكاشفة
كان ملعب الإسكندرية أول ملعب في مصر تنصب فيه الأضواء الكاشفة من أجل اللعب ليلا. وفي فترة الصيف كانت تقام فيه منذ عقود الدورة الصيفية، وهي بطولة ودية بين الأندية المصرية في فصل الصيف وكان يشارك فيها أيضا أندية عربية. أقيمت على الملعب بعض مباريات كأس أفريقيا 2006 وتم تجديد مقاعده لتتسع الآن لـعدد 20 ألف متفرج.
صورة من: DW/A. Essam
عروس البحر
يطلق على الإسكندرية "عروس البحر المتوسط"، ويعدها كثيرون أجمل المدن المصرية. في هذا المكان مثلا "كوبري ستانلي" يستمتع الزوار بمشهد البحر صيفا وشتاء. والاسكندرية مدينة عالمية يعود سكانها لأصول مختلفة، مصرية قديمة ويونانية ورومانية وعربية وأفريقية، وغيرها. وبها قصور صيفية لحكام مصر عبر الزمان أشهرها قصر المنتزه الذي بني نهاية القرن الـ19.
صورة من: picture-alliance /akg-images/H. Champollion
ذكرى أليمة لعشاق الكرة
يقع استاد الدفاع الجوي في التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة. إنه جزء من منشآت قرية أولمبية بناها الدفاع الجوي المصري وافتتح عام 2012، ويسمى أيضا ملعب 30 يونيو، في إشارة إلى ذكرى بناء حائط الصورايخ غربي قناة السويس عام 1970. يتسع الملعب لـ30 ألف متفرج. هنا وقع في 2015 حادث تدافع لجماهير الزمالك راح ضحيته 22 مشجعا. ويستقبل الملعب مباريات المجموعة الثالثة، التي تضم السنغال والجزائر وكينيا وتنزانيا.
صورة من: gemeinfrei
استاد السلام- معلب عسكري ثان
أما المجموعة الرابعة التي تضم المغرب وكوت ديفوار وجنوب أفريقيا وناميبيا فتلعب مبارياتها على استاد السلام، الذي يطلق عليه أيضا اسم ملعب الانتاج الحربي، فهو أيضا تابع للقوات المسلحة المصرية. يقع الملعب في مدينة السلام بشرق القاهرة ويتميز بوجود مهبط للطائرات.
صورة من: DW/A. Essam
"إشادة الفيفا"
افتتح عام 2009 لاستقبال مباريات ببطولة كأس العالم للشباب تحت 20 عاما التي نظمتها. وطبقا لموقع وزارة الانتاج الحربي المصرية يتسع ملعب السلام لـ25 ألف متفرج وبه تجهيزات حديثة مقارنة مثل قاعة المؤتمرات الصحفية وكبائن الترجمة وأماكن مخصصة للإعلاميين والكافتيريات، وتقول الوزارة "تمت الإشادة به من جميع المسئولين المحليين والعالميين وخاصة الاتحاد الدولى لكرة القدم".
صورة من: gemeinfrei
اسقاط اسم مبارك بعد ثورة
مباريات المجموعة الخامسة، وهي الوحيدة التي تضم منتخبين عربيين: تونس وموريتانيا، إضافة إلى مالي وأنغولا ستقام على استاد الجيش بالسويس. من داخل مدرجات الملعب يمكنك أن ترى السفن التي تعبر القناة من وإلى خليج السويس. وتم الانتهاء من بنائه عام 2009 وأطلق عليه في البداية استاد مبارك الدولي، قبل أن يتم تغيير اسمه بعد سقوط مبارك عام 2011. ويتسع الملعب لـ40 ألف متفرج.
صورة من: Getty Images/K. Desouki
شريان التجارة العالمي
سميت قناة السويس على اسم مدينة السويس، ومنذ افتتاحها قبل قرن ونصف (افتتحت عام 1869) أصبحت تلك المنطقة شاهدة على تاريخ العالم الحديث. هنا يمر شريان التجارة العالمي الذي يربط أوروبا بشرق أفريقيا وجنوب أسيا، وهنا وقعت حروب مصيرية، ومن هنا عبرت جيوش خاضت معارك غيرت وجه العالم المعاصر. وعندما أغلقت القناة بعد حرب 1967 عانى العالم حتى إعاد السادات افتتاحها من جديد عام 1975.
صورة من: picture-alliance/akg-images
الكرة عند العاشقين لها
يستضيف ملعب الاسماعيلية مباريات المجموعة السادسة، التي تضم الكاميرون وغانا وبينين وغينيا بيساو إنه ثاني أقدم الملاعب المصرية. افتتح عام 1939 في قلب الإسماعيلية، أحد أجمل المدن المصرية ويتسع لحوالي 18.5 ألف متفرج. هنا تقام عادة مباريات نادي الإسماعيلي العريق، الملقب لاعبوه بالدراويش، الذي يشجعه عشاقه على أنغام "السمسمية" وهي آلة موسيقية تربط بمنطقة القناة التي تضم أيضا السويس وبورسعيد.
صورة من: DW/A. Essam
اعتراض غاني
أفادت أنباء أن غانا اعترضت على هذا الملعب عند القرعة في أبريل/ نيسان، خشية ألا يكون جاهزا قبل انطلاق البطولة. لكن محمد فضل، مدير اللجنة المنظمة، صرح في منتصف يونيو/ حزيران أن الملاعب كلها جاهزة تماما. كما أكد هاني أبو ريدة رئيس الاتحاد المصري للكرة أن كل عوامل نجاح البطولة من ملاعب وفنادق إقامة ووسائل إعاشة متوفرة، مشددا على وجود "دعم كامل من الدولة المصرية لتكون أفضل نسخة في تاريخ القارة".