تعليق: قضاء مصر المطيع للنظام!
٢٨ أبريل ٢٠١٤ القضاء المصري لا يعرف التوازن ولا الرحمة: فبعد أحكام الإعدام بحق 529 من أتباع جماعة الإخوان المسلمين في آذار/مارس الماضي، تصدر الآن أحكام بإعدام 683 شخصا، ضمنها حكم سياسي شديد الحساسية ضد محمد بديع، مرشد جماعة الإخوان. جاء الحكم بعد اتهام المدعى عليهم بالتجمهر وقتل أحد رجال الشرطة في أعقاب إسقاط الرئيس السابق محمد مرسي على يد الجيش. يعطي الأمر إنطباعا غريبا بأن القاضي على قناعة بأن نحو 1200 شخص لهم علاقة مباشرة بالحادث.
ورغم أن الأحكام الـ 491 السابقة تحولت الآن لأحكام بالسجن المؤبد، وحتى إن توقعنا تخفيف الأحكام الجديدة في درجات تقاض أخرى، إلا أنه من الواضح أننا بصدد محاكمة شكلية سياسية هدفها الترهيب، لا يعرفها المرء إلا عبر نماذج ديكتاتورية خالصة.
مصر ليست ديكتاتورية خالصة بعد، لكنها دولة خاضعة لحكم يزيد استبدادا من قبل الجيش وبالكاد تضع اعتبارا للديمقراطية ودولة القانون بالرغم من كل مُثل وقيم الثورات العربية، ناهيك عن الكرامة الإنسانية فوضع المدعى عليهم بطريقة روتينية داخل أقفاص يوضح من الناحية الشكلية البحتة أن السلطة هنا لا تنبع من الشعب بل من نظام يسعده وجود قضاء مطيع. حتى الرئيس الأسبق حسني مبارك نفسه لم ينجح في وضع قضاة بلده في قبضته بهذا الشكل.
يكشف حكم قضائي آخر صدر أيضا اليوم الإثنين (28 نيسان/أبريل) أن الأمر لا يتعلق بعدالة بل بنوع من أنواع فوز نظام على قوى المعارضة، إذ أصدرت إحدى المحاكم قرارا بحظر حركة 6 أبريل. وعلى العكس من جماعة الإخوان، لا يوجد تشكك في الفكر الديمقراطي لهذه الحركة التي تضم نشطاء علمانيين ويساريين وليبراليين ساهموا بجزء كبير في إسقاط نظام مبارك وانتقدوا تنامي سلطة الجيش. ومن الواضح أن مثل هذه القوى السياسية عادت لتصنف داخل أوساط أصحاب النفوذ كأعداء للدولة. يوَلِد مثل هذا المناخ المجتمعي التكهنات بالمزيد من العنف، أما الاستقرار السياسي والتقدم فيبدو هنا ضربا من الخيال، الأمر الذي يجعل مصر مع الأسف مهددة بالمزيد من التدهور الاقتصادي.