تعليق نشاط نادي كرة قدم تونسي بعد هجرة معظم لاعبيه
١٣ أبريل ٢٠٢٣
نتيجة لهجرة أكثر من 30 لاعباً من صفوفه، علّق نادي كرة قدم تونسي نشاطه الرياضي حتى العام المقبل. وتشهد البلاد زيادة كبيرة في محاولات الهجرة عبر البحر في ظل الأزمة الاقتصادية.
إعلان
أعلن نادي "جمعية غار الدماء" لكرة القدم، الناشط في الدرجة الرابعة من الدوري التونسي، تعليق نشاطه بعد أن هاجر أكثر من 30 لاعباً من صفوفه بشكل "غير قانوني" إلى أوروبا.
وقال رئيس النادي جميل مفتاحي لوكالة الأنباء الفرنسية، أمس الثلاثاء، "أوقفنا النشاط وعلقنا اللعب منذ 20 يوماً"، بسبب "تزايد الهجرة غير القانونية بين صفوف الاعبين. إذ خلال السنوات الثلاث الأخيرة هاجر 32 لاعباً من الفريق إلى دول أوروبية".
وبالنسبة للمسؤول، فالسبب وراء هجرة اللاعبين يتمثل في "انعدام الموارد المالية وضعفها، لا نستطيع شراء التجهيزات والأقمصة والأحذية الرياضية"، فضلاً عن أن اللاعبين لا يتلقون أي رواتب أو منح مالية.
وشرح المسؤول أن معظم اللاعبين تتراوح أعمارهم بين 17 و22 عاماً، وأنهم وصلوا إلى أوروبا "إمّا عن طريق البحر في قوارب أو السفر إلى صربيا ثم العبور بشكل غير قانوني إلى دول أخرى".
وأكد المفتاحي أن قرار تعليق النشاط سيتواصل إلى الموسم الرياضي القادم، "إلى أن ننظر في حلّ مع الاتحاد التونسي لكرة القدم".
وتقع مدينة "غار الدماء" على الحدود مع الجزائر في شمال غربي تونس، وهي من المناطق المهمّشة التي تفتقر إلى التنمية وتعتمد على الزراعة بشكل أساسي. لكن يعتبر النادي الرياضي في المدينة "عريقاً"، إذ تأسس قبل أكثر من 100 عام.
وازدادت خلال السنوات الأخيرة حالات هجرة لاعبي كرة القدم التونسيين بشكل "غير شرعي" إلى السواحل الإيطالية. وفي منتصف شباط/فبراير الماضي، هاجر حارس مرمى ناد بالدوري التونسي بطريقة "غير قانونية" عبر البحر إلى إيطاليا.
وأوضح نادي "مستقبل الرجيش" لكرة القدم، الذي كان ينتمي له حارس المرمى خليل الزوالي (19 عاما)، أن السبب وراء قراره بالهجرة كان "الأزمة المالية والظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها النادي".
وتعتبر السواحل التونسية نقطة انطلاق للمهاجرين سواء التونسيين أو القادمين من دول أفريقيا جنوب الصحراء والمتوجهين نحو السواحل الأوروبية وخصوصا نحو إيطاليا، بينما تواجه تونس أزمة اقتصادية حادة أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب.
وتزايدت رحلات الهجرة من تونس خلال الأشهر الأخيرة مع ارتفاع حالات الاعتداء على المهاجرين في البلاد. وفي 21 شباط/فبراير الماضي، ألقى الرئيس التونسي قيس سعيد خطابا أثار غضب المنظمات الإنسانية، قائلا إن وجود "جحافل" من المهاجرين غير الشرعيين من أفريقيا جنوب الصحراء في تونس كان مصدر "عنف وجرائم" وجزء من "مشروع إجرامي" يهدف إلى "تغيير التركيبة السكانية" دولة.
وتستقبل إيطاليا أعداداً كبيرة من المهاجرين الوافدين من تونس عبر البحر الأبيض المتوسط. ووفقاً للأرقام الرسمية، وصل أكثر من 32 ألف مهاجر إلى إيطاليا في العام 2022، من بينهم 18 ألف تونسي.
وفي ليلة الجمعة إلى السبت 8 نيسان/أبريل، شهدت السواحل التونسية مأساة جديدة مع وفاة وفقدان 27 مهاجرا يتحدرون من دول أفريقيا جنوب الصحراء كانوا يحاولون عبور المتوسط على متن قاربين متهالكين.
الهجرة غير الشرعية.. مواقف وأوضاع شركاء أوروبا بشمال أفريقيا
تكثف دول الاتحاد الأوروبي مؤخراً مساعيها من أجل كبح جماح الهجرة غير الشرعية نحو أراضيها، وذلك من خلال عقد شراكات وثيقة مع دول شمال أفريقيا، لكن كيف هي أوضاع ومواقف هذه الدول من أزمة اللاجئين والهجرة غير الشرعية؟
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/GettyImages
مصر: بلد عبور يثير القلق
في السنوات الأخيرة تحولت مصر إلى أحد بلدان العبور إلى أوروبا المثيرة للقلق. ولا توجد أرقام دقيقة من جانب السلطات المصرية عن أعداد اللاجئين والمهاجرين السريين، الذين انطلقوا من السواحل المصرية على متن قوارب الصيد. لكن بحسب الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، فقد انطلقت عام 2016 نحو ألف سفينة تهريب بشر من مصر. كما شكلت مصر كابوساً للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عام 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa
مصر: موقف متحفظ
أثار قرار إقامة مراكز لجوء أوروبية في دول شمال افريقيا، بينها مصر انتقادات المنظمات الحقوقية التي تعنى بشؤون اللاجئين، و تتهم هذه المنظمات نظام عبد الفتاح السيسي بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وأبدت مصر عن موقف متحفظ إزاء إقامة أوروبا مراكز لاستقبال اللاجئين على أراضيها. في المقابل يُشاع أن مصر تسعى للدخول في مساومة مع أوروبا لمنع تدفق المهاجرين إلى أوروبا مقابل مساعدات مالية.
صورة من: DW/M. Hashem
ليبيا: هاجس بدون حل
تعد ليبيا واحدة من أهم دول عبور المهاجرين واللاجئين السريين نحو أوروبا. ظلت موجة الهجرة المتدفقة من هذا البلد تمثل هاجساً للزعماء الأوروبيون، الذي لم ينجحوا لحد الآن في إيجاد حل له. في عام 2008 اُبرم اتفاق أوروبي ليبي لمكافحة الهجرة مقابل 500 مليون دولار. وكان الزعيم الليبي معمر القذافي قد تنبأ بتدفق ملايين المهاجرين لأوروبا وطالب آنذاك بروكسل بدفع خمسة مليارات يورو سنويا لليبيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Küstenwache Lybien
ليبيا: موقف رافض
في عام 2017 وصل حوالي 150 ألف مهاجر إلى أوروبا عبر المتوسط. و من أجل كبح جماح هذا التدفق اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي على خطة جديدة وكان أهم مقترحاتها إقامة مراكز خارجية لاستيعاب المهاجرين في دول شمال أفريقيا. وقوبل هذا المقترح الأوروبي بالرفض من أغلب دول شمال أفريقيا، بينها ليبيا، التي أعلنت رفضها لأي إجراء يتعلق بإعادة المهاجرين السريين إليها.
صورة من: AP
تونس: ارتفاع عدد الرحلات غير الشرعية
بالرغم من تشديد الحكومة اليمينية الشعبوية في إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي من استقبال قوارب المهاجرين ومراكب المنظمات الناشطة لإنقاذ المهاجرين في البحر، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت موجة رحلات هجرة غير شرعية انطلقت من السواحل التونسية باتجاه ايطاليا. فبحسب أرقام للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية، فإن 3811 مهاجرا تونسيا سري وصلوا السواحل الإيطالية هذا العام حتى نهاية آب/أغسطس.
صورة من: DW
تونس: رفض معسكرات المهاجرين
لا يختلف موقف تونس عن موقف دول شمال أفريقيا الرافضة لقرار تقديم الاتحاد الأوروبي المزيد من الدعم المالي لدول شمال أفريقيا مقابل المساعدة في التصدي للهجرة غير الشرعية من خلال إقامة معسكرات للمهاجرين.
صورة من: dapd
الجزائر: أكبر دول المنطقة
الجزائر هي أكبر دول منطقة شمال افريقيا، التي يعبرها المهاجرون باتجاه البحر المتوسط نحو أوروبا. ولا توجد إحصاءات رسمية جزائرية بشأن عدد المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين، غير أن تقريرا نشرته في عام 2015 منظمة "ألجيريا ووتش" (غير حكومية)، استنادا إلى الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، وضع الجزائر في المرتبة التاسعة بين الدول المصدرة للهجرة غير الشرعية عبر الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي .
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Batiche
الجزائر ترفض مراكز الاستقبال
تتعاون الجزائر مع الاتحاد الأوروبي في ملف الهجرة غير الشرعية، وذلك عن طريق إعادة المهاجرين السريين القادمين من دول جنوب الصحراء إلى وطنهم، إذ رحلت خلال الأربع والخمس سنوات الماضية حوالي 33 ألف مهاجر و لاجئ أفريقي إلى بلدانهم بجنوب الصحراء. كما ترفض الجزائر من جانبها بناء مراكز لإيواء المهاجرين الأفارقة على أراضيها.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
المغرب: عودة الهجرة بقوة
عرفت السواحل الإسبانية هذا العام تدفقاً لما يعرف بـ "قوارب الموت" التي تنطلق من الطريق البحرية بين إسبانيا والمغرب والجزائر. فمن أصل 74.501 مهاجرسري وصلوا أوروبا بحراً، استقبلت إسبانيا لوحدها حوالي 43 بالمئة منهم (32.272)، وذلك في الفترة بين الأول من كانون الثاني/ يناير و12 أيلول/سبتمبر 2018، ممّا يجعلها الوجهة الأولى للهجرة السرية عبر البحر الأبيض المتوسط.
صورة من: picture alliance/AP Photo
المغرب: حسابات سياسية ومالية
منذ سنوات يحاول الاتحاد الأوروبي إبرام اتفاق مع المغرب بخصوص عودة المهاجرين من دول افريقيا جنوب الصحراء. ولكن المغرب يرفض ذلك لأسباب سياسية ومالية، أهمها أن ذلك يتعارض مع مسعى المغرب لتقوية علاقاته مع الدول الأفريقية جنوب الصحراء، والاستفادة منها اقتصادياً من خلال شراكات تجارية، وأيضاً لدعم موقف المغرب في النزاع حول الصحراء الغربية.