عيّنت السلطة الفلسطينية مؤخرا حسين الشيخ نائبا لرئيسها محمود عباس، ما يعني أنه قد يكون نظريا خليفة عباس. لكن ما الذي يمكن أن يتغير من خلال هذا التعيين؟ وما موقف إسرائيل من تعيين الرجل المعروف لديها؟ وكيف جاء رد حماس؟
الرئيس وخليفته المحتمل؛ محمود عباس (على اليسار) وحسين الشيخصورة من: Christoph Soeder/dpa/picture alliance/Jonathan Ernst/Reuters pool/AP/dpa/picture alliance
إعلان
من المتوقع أن تشهد منظمة التحرير الفلسطينية تغييرًا للأجيال. فبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" عيّنت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ نائبًا لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. وكذلك عيّنت هذه اللجنة حسين الشيخ، البالغ من العمر 64 عامًا، نائبًا لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية، التي يترأسها حاليًا محمود عباس، البالغ من العمر 89 عامًا.
وهذا المنصب جديد تم استحداثه فقط يوم الخميس الماضي، وذلك بعد موافقة المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية على قرار يقضي بذلك. ومن خلال هذا القرار أصبح من المحتمل بل ومن الممكن أن يصبح حسين الشيخ في المستقبل خليفة عباس في رئاسة السلطة الوطنية الفلسطينية في حال وفاته، أما استقالته فليست واردة على الأقل حاليا، بيد أن هذا التعيين لا يضمن للشيخ الفوز بخلافة عباس: إذ يمكن أيضًا لمرشحين آخرين التقدم لتولي هذا المنصب. ومن أجل خلافته في منصب رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، يجب على اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أن تنتخب رئيسًا جديدًا، كما يقول سيمون إنغلكيس، مدير مكتب مؤسسة كونراد أديناور الألمانية في رام الله.
وحسين الشيخ من المقرّبين جدًا من محمود عباس. وقد أمضى في شبابه أحد عشر عامًا في السجون الإسرائيلية بسبب نشاطاته في حركة فتح. وفي عام 2007 عيَّنه محمود عباس رئيسًا للهيئة العامة للشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية. وهذه الهئية الأخيرة مسؤولة عن الاتصالات والتنسيق مع الحكومة الإسرائيلية. وفي هذه الوظيفة، يرتبط حسين الشيخ بعلاقات وثيقة مع المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. ومنذ عام 2022، يشغل الشيخ منصب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
إعلان
"خطوة إصلاح مهمة"
وعلى الأرجح أن يكون تعيين الشيخ جاء نتيجة ضغط خارجي من دول عربية، وخاصة من المملكة العربية السعودية، بحسب ما ورد في تحليل لقناة الجزيرة الإخبارية القطرية، وأنَّ دولًا أوروبية قد ألحت على ذلك أيضًا. وذكر التحليل أنَّهم أرادوا بهذه الطريقة المساهمة في التغلب على الجمود الطويل الأمد داخل السلطة الفلسطينية وخلق آفاق مستقبلية للضفة الغربية. وأنَّ هذا يهدف أيضًا إلى تعزيز الشرعية الديمقراطية، نظرًا إلى عدم إجراء انتخابات رئاسية أو برلمانية في المناطق الفلسطينية منذ نحو عشرين عامًا.
حملة للجيش الإسرائيلي في رام الله، أبريل/نيسان 2025صورة من: ZAIN JAAFAR/AFP
وهكذا رحَّبت المملكة العربية السعودية بتعيين حسين الشيخ واعتبرته "خطوة إصلاح" مهمة، لا سيما وأنَّ العديد من المانحين الدوليين للسلطة الفلسطينية جعلوا استمرار دعمهم السلطة الفلسطينية مشروطًا بالإصلاحات السياسية والمؤسساتية.
شكوك داخل المجتمع الفلسطيني
بيد أنَّ المجتمع الفلسطيني نفسه ينطر منذ فترة طويلة بعين الريبة والشك إلى السلطة الفلسطينية، التي يحظى عملها بنسبة قبول ضعيفة للغاية، كما أنَّ نسبة كبيرة من الفلسطينيين لا يثقون بعملها. ولذلك فمن المشكوك فيه أن تخلق ترتيبات الخلافة الآن زخمًا يستحق الذكر في المجتمع الفلسطيني، كما يقول سيمون فولفغانغ فوكس، باحث الدراسات الإسلامية في الجامعة العبرية في القدس.
"نظرًا للعلاقة الوثيقة بين عباس والشيخ، يمكن افتراض أنَّ الشيخ يراهن على أجندة عباس نفسها"، كما يقول فوكس: "كلاهما يريدان التنسيق مع الإسرائيليين بقدر الإمكان ومواصلة التعاون الأمني. وهذا هو ما يهم السلطة الفلسطينية في المقام الأول. وهذا أهم بالنسبة لها من الضغط بغية تحسين الظروف المعيشية في الضفة الغربية، والتي أصبحت لا تطاق على نحو متزايد. السلطة الفلسطينية محاصرة في عقدة عدم تقدير جهودها بأي شكل من الأشكال سواء من قبل شعبها أو من قبل إسرائيل".
احتجاجات ضد حماس في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، آذار/مارس 2025صورة من: Habboub Ramez/abaca/picture alliance
موقف حماس
ويأتي تعيين الشيخ في وقت من المحتمل أن تحدث فيه تغييرات حاسمة في قطاع غزة أيضًا، بعد عام ونصف العام من الحرب. فقد صرّح قبل أيام مسؤول فلسطيني بأنَّ حماس يمكن أن تكون مستعدة لتسليم السلطة في قطاع غزة إلى كيان سياسي جديد. ويمكن نظريًا أن تكون السلطة الفلسطينية هذا الكيان.
بيد أنَّ حركة حماس الإسلاموية المسلحة، المصنفة كمنظمة إرهابية في ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأخرى، قد ردَّت بفتور على تعيين حسين الشيخ، حيث قال القيادي الرفيع المستوى في حركة حماس باسم نعيم إنَّ الفلسطينيين يقررون بأنفسهم حول قيادتهم. وأضاف أنَّ "الشعب الفلسطيني ليس قطيعًا حتى يفرض عليه قادات تاريخها مشبوه، ربطت حاضرها ومستقبلها بالاحتلال".
مقتل 25 فلسطينيًا في جنين ومخيمها ونزوح 15 ألفًا آخرين
03:10
This browser does not support the video element.
الموقف الإسرائيلي
كذلك تعارض إسرائيل إمكانية عودة السلطة الفلسطينية إلى حكم قطاع غزة. ويشير ضمن هذا السياق سيمون فولفغانغ فوكس إلى الأحداث المتعلقة بمخيم اللاجئين في جنين بالضفة الغربية. ففي نهاية العام الماضي، قامت السلطة الفلسطينية أولًا بمواجهة "كتيبة جنين" المسلحة. وثم تم التوصل إلى اتفاق يقضي بتسليم الكتيبة أسلحتها واستعادة السلطة الفلسطينية السيطرة على المخيم، الذي قصفته إسرائيل في منتصف كانون الثاني/يناير الماضي بطائرات مسيرة ودمَّرت منازل فيه، وقالت إنَّها تريد بهذه الطريقة محاربة الإرهابيين.
ويضيف فوكس "في الوقت نفسه، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أنَّها لا تثق بإجراءات السلطة الفلسطينية ولا تأخذها أصلًا على محمل الجد. وبهذا فقد أوضحت أيضًا أنَّها ترفض في آخر المطاف فكرة احتمال أن تحكم السلطة الفلسطينية قطاع غزة. وبناءً على هذا فإنَّ هذه الفكرة باطلة أصلًا".
مُنسِّق التعاون الأمني مع إسرائيل: حسين الشيخ في اجتماع لمنظمة التحرير الفلسطينية برام الله، نيسان/أبريل 2025صورة من: Zain Jaafar/AFP/Getty Images
إسرائيل والسلطة الفلسطينية: مفاوضات جديدة غير محتملة
وفي آخر المطاف، من المشكوك فيه أن يكون لتعيين حسين الشيخ أي تأثير يستحق الذكر على العلاقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، كما يقول سيمون إنغلكيس.
وصحيح أنَّ حسين الشيخ معروف في دوائر الأمن الإسرائيلية، "ولكن محمود عباس ما يزال يحكم. ومن غير المحتمل أن يؤدي تعيين نائب لعباس في هذا التوقيت إلى إمكانية حدوث مفاوضات جديدة بين الطرفين".
أعده للعربية: رائد الباش
السلطة الفلسطينية.. مسار متعثر نحو تحقيق هدف الدولة المستقلة
تأسست السلطة الفلسطينية عام 1994 بموجب اتفاقية أوسلو الأولى، لتكون هيئة حكم ذاتي انتقالي نحو دولة فلسطينية مستقلة، لكنها فشلت في تحقيق ذلك، وسط تجمد مؤسساتها وانقسامات وصراعات داخلية وضغوط خارجية، ورفض إسرائيلي.
صورة من: Justin Lane/epa/dpa/picture alliance
ملف الاعتراف بالدولة الفلسطينية من جديد في الجمعية العامة
يرتقب أن تدعم الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة 10 مايو أيار 2024، المساعي الفلسطينية من خلال الاعتراف بأحقية دولة فلسطين في العضوية الكاملة بالمنظمة الدولية وإحالة الطلب مجددا لمجلس الأمن الدولي "لإعادة النظر في الأمر بشكل إيجابي". وتفيد تقارير بأن أيرلندا وإسبانيا وسلوفينيا ومالطا تنتظر التصويت وتدرس الاعتراف بدولة فلسطينية على نحو مشترك في 21 مايو أيار.
صورة من: Shannon Stapleton/REUTERS
الولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد اعتراف كامل بدولة فلسطينية
منعت الولايات المتحدة الخميس (18 أبريل/ نيسان 2024) قرارا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يمنح دولة فلسطين المراقبة العضوية الكاملة في المنظمة الدولية. وصوتت 12 دولة عضو في مجلس الأمن لصالح القرار، واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضده، وامتنعت بريطانيا وسويسرا عن التصويت. وأدانت السلطة الفلسطينية في بيان الفيتو الأمريكي، فيما رحبت به إسرائيل.
صورة من: Yuki Iwamura/AP/picture alliance
الفيتو الأمريكي كان متوقعا
قدّمت الجزائر، بصفتها العضو الممثّل للمجموعة العربية في مجلس الأمن، مشروع قرار يوصي الجمعية العامة بـ"قبول دولة فلسطين عضواً في الأمم المتحدة". وأعلنت البعثة الدبلوماسية المالطية التي تتولّى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي لنيسان/أبريل أنه سيتم التصويت على مشروع القرار على الرّغم من أنّ الولايات المتّحدة، التي تتمتّع بحقّ الفيتو، عبّرت صراحة عن معارضتها له.
صورة من: Yuki Iwamura/AP/picture alliance
اتفاقية أوسلو عام 1993..مرحلة التأسيس
تأسست السلطة بموجب اتفاقية أوسلو الأولى - اتفاقية إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي- التي تم توقيعها في واشنطن بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في سبتمبر/أيلول 1993.
صورة من: Avi Ohayon/GPO
الاعتراف المتبادل وسلطة منتخبة
نص الاتفاق على بنود أبرزها اعتراف متبادل بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وإعلان مبادئ تحقيق السلام وانسحاب إسرائيلي تدريجي من الضفة الغربية وقطاع غزة. لكنه نص أيضا على تشكيل سلطة فلسطينية تكون منتخبة وتتمتع بصلاحيات محدودة.
صورة من: J. David Ake/AFP/Getty Images
اتفاقيات تفصيلية لاحقة مع إسرائيل
بُني على اتفاقية أوسلو توقيع اتفاقيات أخرى بين السلطة وإسرائيل سواء لأغراض سياسية أو اقتصادية أو أمنية. في 29 أبريل/نيسان 1994، جرى توقيع "بروتوكول باريس" ليمثل الشق الاقتصادي لاتفاقية أوسلو. وفي أكتوبر / تشرين أول 1998، جرى توقيع "مذكرة واي ريفر" وبعدها "اتفاقية المعابر" في عام 2005.
صورة من: Palestinian Presidency /Handout/AA/picture alliance
هيكل السلطة الفلسطينية
يتألف هيكل السلطة الفلسطينية من المؤسسة التشريعية (المجلس التشريعي) ومؤسسات تنفيذية مثل الرئاسة ومجلس الوزراء بالإضافة إلى أجهزة أمنية أبرزها "قوات الأمن الوطني" و "الأمن الوقائي".
صورة من: MUHAMMED MUHEISEN/AP/picture alliance
رام الله مقر السلطة
اتخذت السلطة الفلسطينية من مدينة رام الله بالضفة الغربية مقرا لمؤسساتها الرئيسة الثلاثة وهي الرئاسة والحكومة والمجلس التشريعي. وتهيمن حركة فتح ذات التوجه العلماني على منظمة التحرير، التي تعد المكون الرئيسي في السلطة.
صورة من: AFP/F. Arouri
1996 ..أول انتخابات
جرت أول انتخابات في عهد السلطة في يناير / كانون الثاني عام 1996 لانتخاب أعضاء المجلس التشريعي وتحت إشراف دولي بمشاركة 88% من الناخبين الذين يحق لهم التصويت في غزة و70% في الضفة الغربية.
صورة من: ENRIC MARTI/AP/picture alliance
وفاة عرفات وبدء حقبة أبو مازن
توفي ياسر عرفات، أول رئيس للسلطة، في نوفمبر / تشرين الثاني 2004. وخلفه محمود عباس "أبو مازن" في رئاسة منظمة التحرير ورئاسة السلطة بعد فوزه بالانتخابات. لاقى وصول عباس إلى السلطة ترحيبا من إسرائيل ودول غربية بسبب انتقاده لأعمال العنف خلال "الانتفاضة الثانية" على النقيض من عرفات.
صورة من: Awad_Awad/dpa/picture-alliance
انتخابات 2006.. فوز حماس
مثل فوز حركة حماس، التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا ودول أخرى على قائمة الإرهاب، بأغلبية المقاعد في الانتخابات التشريعية لعام 2006 مفاجأة للسلطة ومنظمة التحرير. وفي 28 مارس/آذار 2006، تولى إسماعيل هنية ـ رئيس المكتب السياسي لحماس حاليا ـ رئاسة الحكومة.
صورة من: Mohamed Hams/EPA/picture alliance/dpa
2007.. طرد السلطة من غزة
عقب ذلك، توترت العلاقة بين فتح وحماس حيث خاض الفصيلان مواجهات مسلحة لفترة قصيرة قبل طرد السلطة من غزة عام 2007. ومنذ ذلك الوقت أصبح القطاع تحت إدارة حركة حماس، التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا ودول أخرى على قائمة الإرهاب.
صورة من: Hatem Moussa/AP/picture alliance
تعطل إجراء انتخابات
لم تعقد أي انتخابات رئاسية منذ انتخاب محمود عباس في عام 2005 كما لم تعقد انتخابات برلمانية منذ عام 2006. ولم يعقد المجلس التشريعي الفلسطيني أي جلسة منذ عام 2007. ومع انتهاء فترة ولايته التي استمرت أربع سنوات في عام 2009، اعتبرت حماس محمود عباس رئيسا غير شرعي.
صورة من: Safadi/dpa/picture-alliance
تدني نسبة التأييد
حسب استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في شهر مارس / آذار الماضي، اعتبر 63% من المشاركين في الضفة الغربية وغزة أن السلطة تشكل عبئا على الفلسطينيين. وذكر الاستطلاع أن 84% يريدون استقالة محمود عباس.
صورة من: Abbas Momani/Getty Images/AFP
تنامي الضغوط على السلطة
تتعرض السلطة لضغوط دولية متنامية في أعقاب هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول وما تلى ذلك من عمليات عسكرية إسرائيلية في قطاع غزة. يتزامن هذا مع انتقادات واسعة النطاق للسجل الحقوقي للسلطة والفساد داخل أجهزتها.
صورة من: Ayman Nobani/dpa/picture alliance
طلب نيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة
في الثالث من أبريل/نيسان 2024 جددت السلطة الفلسطينية طلبها نيل "العضوية الكاملة" في الأمم المتحدة، وهو الطلب الذي كانت قد قدّمته السلطة في 2011. وتتمتّع فلسطين منذ نهاية 2012 بصفة "دولة مراقب غير عضو في الأمم المتّحدة". وترفض إسرائيل "حل الدولتين" وأي " اعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية ".