تفاؤل مصري بمرحلة ما بعد القذافي رغم المخاوف الأمنية
٢٥ أغسطس ٢٠١١![](https://static.dw.com/image/14980133_800.webp)
تتطلع العديد من دول العالم إلى ليبيا جديدة غير تلك التي حكمها القذافي بقبضة من حديد على مدى أكثر من أربعة عقود . ولعل مصر تعتبر أكثر بلد يهتم الآن بليبيا ما بعد حقبة العقيد أولا بسبب الحدود الممتدة بين البلدين، ومن جهة أخرى بسبب العمالة المصرية الكبيرة في ليبيا، التي كانت في مرات عديدة موضوع مفاوضات وابتزاز من طرف القذافي.
ورغم أن مصر الرسمية كانت مترددة في دعم الليبيين في ثورتهم ضد القذافي، حيث اتخذت موقفا محايدا إلى حد ما خوفاً على رعاياها البالغ عددهم ما يزيد عن المليون ونصف المليون شخص. إلا أن هناك إجماعا مصريا على أن سقوط نظام القذافي ستكون له تداعيات إيجابية على مصر التي خرجت للتو هي الأخرى من ثورة شعبية أطاحت بالنظام. التأثيرات الإيجابية هذه ستهم عدة جوانب على رأسها السياسة والاقتصاد.
مصر لن تخضع بعد الآن لمزاجية القذافي
لطالما عبر سياسيون ودبلوماسيون من جميع دول العالم عن استيائهم من السياسية الخارجية الليبية في عهد القذافي، التي كانت تخضع لمزاجه الخاص. ويمكن القول إن مصر تعتبر من أكثر البلدان التي ذاقت الأمرين من طريقة تعامل القذافي مع الملفات المشتركة بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بمسألة العمالة المصرية في ليبيا، إذ لم يتردد العقيد الليبي في أحيان عديدة في لي ذراع المصريين مستغلا هذا المعطى.
وخلال الثورة الليبية التي اندلعت بعد أسبوع واحد فقط من سقوط النظام المصري نزح مئات الآلاف من العمال المصريين إلى بلدهم تاركين أملاكهم في ليبيا، ليلتحقوا بطابور العاطلين عن العمل في مصر التي تعاني هي الأخرى انفلاتا سياسيا و أمنيا. بيد أن فولكهارد فيندفور، الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط، يعتقد أن مسألة العمالة المصرية في ليبيا كانت تثير مشاكل أحيانا بين البلدين لكنها لم تصل إلى حد ابتزاز مصر. ويقول فيندفور خلال لقائه مع دويتشه فيله "لا أعتقد أن ليبيا كانت قادرة على ممارسة ضغط سياسي على مصر بدليل أن هذه الأخيرة لم يسبق أن ساندت السياسة الخارجية الليبية بل ظلت محايدة دائما إزاء ذلك".
لكن فيندفور يقول إن مصر كانت دائما تراعي في علاقتها مع ليبيا وجود مئات الآلاف من رعاياها هناك. هؤلاء كانوا يتعرضون لمضايقات كثيرة اتخذت أحيانا "أشكالا صبيانية" حسب تعبيره. وينظر الخبير الألماني إلى هذا باعتباره من إيجابيات سقوط القذافي على مصر، إذ أن العلاقات بين البلدين لن تشهد توترات كما في السابق بسبب سوء معاملة العمال المصريين. ويضيف "أي حكومة مقبلة لن ترتكب مثل هذه المضايقات".
تفاؤلات بشأن التعاون الاقتصادي رغم المخاوف الأمنية
وإن كان موضوع العمال المصريين في ليبيا من أهم الملفات الشائكة بين البلدين فإن الملف الأمني لا يقل أهمية بالنظر إلى الحدود الشاسعة بين البلدين، حيث تعتبر مصر أكبر جارة لليبيا. واكتسى هذا الملف أهمية كبرى بالخصوص منذ اندلاع الثورة الليبية وبدء تهريب السلاح إلى مصر عبر الحدود بين البلدين بالإضافة إلى المخاوف من تسلل جماعات مسلحة إلى مصر، وهو ما دفع السلطات المصرية إلى بذل جهود مضاعفة لإحباط محاولات تهريب السلاح.
ويقول الخبير الأمني المصري سامح سيف اليزل إن القوات المسلحة المصرية الموزعة على الحدود مع ليبيا تقوم بضبط المهربين وتتبع سماسرة بيع السلاح. وقال سيف اليزل لدويتشه فيله إنه تم إفشال محاولات تهريب لعدة مرات في الآونة الأخيرة ولم يحصل أن تسللت أي جماعة مسلحة إلى مصر إلى الآن. وبخصوص التعاون الأمني بين البلدين أشار سيف اليزل إلى أن الثوار في ليبيا مشغولون الآن بتحرير أرضهم ولا يملكون الوقت للقيام بمكافحة مثل هذه العمليات لكن القوات المصرية تقوم بالتصدي لها.
وبالرغم من هذه المخاوف الأمنية فإن خبراء اقتصاديين يرون أن مرحلة ما بعد القذافي ستعرف انتعاشا في ما يخص التعاون الاقتصادي بين ليبيا ومصر خاصة فيما يتعلق بإعادة إعمار ليبيا التي تعرضت بنيتها التحتية للتخريب بعد شهور من الصراع بين الثوار والقوات الموالية للقذافي. ويقول سيف اليزل في هذا الإطار إن ليبيا الآن بحاجة إلى العمالة المصرية الفنية ، كما أن الأطباء و المهندسين المصريين سيكون لهم دور مهم فيما يخص مرحلة إعادة بناء ليبيا. و أردف قائلا "الشركات ومقاولات البناء المصرية لها باع طويل في التعامل مع ليبيا التي صارت تحتاج الآن إلى إعادة إنشاء بنيتها التحتية". كما ينتظر أن تستقطب ليبيا آلاف العمال المصريين الجدد وعددا كبيرا من شركات البناء كما أن شركات الإصلاح الزراعي وتصنيع الأسمدة ستستفيد أيضاً من مرحلة إعمار ليبيا.
سهام أشطو
مراجعة: أحمد حسو