تقارب سعودي تركي في اليمن.. هل سيكون على حساب الإمارات؟
١١ مارس ٢٠٢١
إعلان الحوثيين إسقاط طائرة تركية الصنع يعزز تكهنات حول دعم تركي للسعودية في اليمن يشمل إرسال مرتزقة سوريين للقتال ضد القوات الحوثية، ما خلفيات التقارب التركي السعودي وهل سيكون على حساب الإمارات؟
إعلان
رغم أن الإدانات التركية للهجمات الصاروخية التي يشنها حوثيو اليمن على السعودية ليست جديدة، إلا أن إدانتها الأخيرة للهجوم الحوثي على منشآت نفطية بالقرب من مدينة الدمام السعودية يوم الأحد (السابع من آذار/مارس) تحمل نكهة مختلفة.
ففي حين كانت البيانات القليلة السابقة تقتصر على الإدانة فحسب، كان البيان الأخير "أكثر دفئاً"، إذ عبرت وزارة الخارجية التركية عن "قلق بالغ إزاء الهجمات التي استهدفت أراضي المملكة العربية السعودية"، وأضاف: "نعبر عن تمنياتنا بالسلامة للمملكة العربية السعودية الشقيقة حكومة وشعباً". ويبدو أن تغير اللهجة في صياغة البيان يعود إلى اتفاق أنقرة والرياض نهاية العام الماضي على تحسين العلاقات الثنائية بينهما والتي تعكرت بشكل خاص بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول، فضلاً عن الخلافات الإيديولوجية التاريخية بين الطرفين وصراعهما على النفوذ في المنطقة.
بيان الإدانة التركي جاء بعد يومين من إعلان الحوثيين إسقاط طائرة "تجسسية" تركية الصنع في الأجواء اليمنية، كما أعلن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين على تويتر.
وكانت السعودية قد وقعت العام الماضي عقداً مع شركة "فيستل" التركية للصناعات الدفاعية بقيمة 200 مليون دولار، وذلك في إطار التصنيع المشترك لطائرات مسيّرة من طراز "كاريال"، كما كشفت مصادر إعلامية تركية.
وقد يكون حزب التجمع اليمني للإصلاح (المحسوب على الإخوان المسلمين) هو صلة الوصل بين تركيا والسعودية في اليمن، فالسعودية تتعاون مع الحزب القريب إيديولوجياً من الحكومة التركية في نزاعها مع الحوثيين، كما يشارك الحزب في المعارك الأخيرة بمنطقة مأرب.
ورغم أن مسألة مشاركة تركيا في حرب اليمن إلى جانب السعودية لاتزال في إطار التكهنات، وسط غياب مصادر رسمية حتى الآن، إلا أن ذلك قد لا يكون مستبعداً، إذا أخذنا في الاعتبار التدخلات التركية الأخيرة في كل من ليبيا وإقليم ناغورني كاراباخ، والتي أرسلت إليهما تركيا إمدادات عسكرية ومرتزقة سوريين تابعين لها أيضاً.
وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أكد العام الماضي تجنيد الاستخبارات التركية مرتزقة سوريين في شمال سوريا لإرسالهم إلى حرب اليمن. وبحسب مدير المرصد، رامي عبدالرحمن، فإن عناصر الاستخبارات التركية قاموا بتشكيل غرفة عمليات في مدينة عفرين السورية لإرسال مرتزقة المعارضة السورية التابعة لتركيا إلى اليمن. وأضاف عبدالرحمن أن المرتزقة الذين يقبلون الذهاب إلى اليمن يحصلون على 500 دولار كدفعة مقدمة ليحصلوا بعد ذلك على راتب شهري يبلغ 900 دولار.
مسائيةDW : جولة وزير الخارجية التركي في الخليج.. ما أهدافها؟
36:23
تقارب على حساب الإمارات؟
وكانت مصادر يمنية مقربة من تركيا تحدثت نهاية العام الماضي عن تقارب بين تركيا والسعودية في اليمن، إذ نقلت مواقع يمنية عن وزير النقل السابق في حكومة هادي، صالح الجبواني، والمعروف بقربه من تركيا، وجود "تحالف وشيك بين السعودية وتركيا في اليمن"، مشيراً إلى أن التحالف الجديد "يستهدف إنهاء أطماع عيال زايد (الإمارات)" في المنطقة. وأشار حساب "مجتهد" أيضاً أن قبول تركيا الطلب السعودي بمساعدتها في اليمن جاء "بشروط تغيظ الإمارات"، دون أن يكشف عن تلك الشروط.
وكانت وكالة "بلومبيرغ" قد ذكرت في تقرير لها أن الإمارات تريد تحسين العلاقات مع تركيا بشرط أن تتخلى تركيا عن دعم جماعة الإخوان المسلمين، لكن الوكالة أشارت إلى أن التحركات الإماراتية تجاه تركيا "مؤقتة بالنظر إلى خلفية التوترات طويلة الأمد والصراع على النفوذ".
وأكدت "بلومبيرغ" في تقرير آخر أن الإمارات العربية تعمل على تقليص دورها في الصراعات الخارجية، وتسريع وتيرة التخلي عن السياسات التي اتبعتها بعد الربيع العربي عام 2011 ، لأسباب من بينها وجود إدارة جديدة في الولايات المتحدة.
واستشهدت "بلومبيرغ" بخفض الإمارات الدعم العسكري واللوجيستي لخليفة حفتر في ليبيا، وتفكيك أجزاء من قاعدتها العسكرية بميناء في إريتريا، بالإضافة إلى إجلاء قوات ومعدات كانت تستخدمها قوات التحالف في اليمن. وربطت الوكالة بين هذا التحرك وبين وصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض وما يعنيه ذلك من إعادة ضبط للعلاقات مع الحلفاء الخليجيين. وكان بايدن أشار إلى أنه سيكون أقل تسامحاً مع انخراط حلفاء الولايات المتحدة في صراعات تقوض أهداف واشنطن.
م.ع.ح
هؤلاء حاصرتهم قضية مقتل خاشقجي وأحرجتهم أمام الرأي العام
شخصيات كثيرة عبر العالم ترغب في نهاية قضية خاشقجي بأسرع وقت نظراً لكمّ الإحراج الذي تتعرض له، لكن مع كلّ تسريب جديد تعود القصة للحياة من جديد. من هم هؤلاء الذين حاصرتهم القضية؟
محمد بن سلمان
هيأ ولي العهد السعودي كلّ شيء لأجل قيادة السعودية خلفاً لوالده، ورغم ثقل الملّفات المتهم بتورطه بها، كحرب اليمن وحملة الاعتقالات الواسعة، إلّا أن اغتيال خاشقجي في قنصلية بلاده وضع الأمير الشاب في مرمى الانتقادات، خاصة مع تسريبات السي أي إيه التي استنتجت أن العملية جرت بموافقته. ولا تستبعد عدة تقارير إعلامية، إقدام القصر السعودي، في حال اشتداد الضغوط عليه، على عزل ولي العهد من منصبه.
صورة من: picture-alliance/AP/A. Nabil
عادل الجبير
اختفى الجبير تماماً في قضية خاشقجي، رغم أن الأمر يتعلّق بقنصلية هو المسؤول عنها سياسياً. تعوّد المتتبع على كثرة تصريحات وزير الخارجية الشاب في دفاعه عن القصر الملكي، لكن صمته أعطى رسالة بوجود أوامر عليا بضرورة تجنب التعليق في قضية خاشقجي. أول تصريح من الجبير في القضية كان: "القيادة السعودية خط أحمر"، ويبدو أن الرجل يحسب ألف مرة قبل الإدلاء بأيّ كلمة كي لا يجد نفسه في دائرة الإعفاء أو المحاسبة.
صورة من: Reuters/W. Kurniawan
بلاط بن سلمان
رغم كل ما قدمه المستشار سعود القحطاني، من قيادته لأدوات الدعاية الإلكترونية وردوده "العدائية" على خصوم ولي العهد، ورغم اضطلاع أحمد العسيري بمهام التواصل في حرب اليمن ثم انتقاله للمخابرات بناءً على رغبة بن سلمان، إلّا أنهما كانا في الصفوف الأولى لمن تمت التضحية بهم في قضية خاشقجي. غير أن حظهما العاثر جعل تنحيتهما من منصبيهما غير ذات قيمة، فتداعيات القضية لم تتوقف.
صورة من: Getty Images/AFP/F.Nureldine
الإعلام السعودي
أسئلة كثيرة تُطرح حول طريقة تعامل وسائل الإعلام السعودي مع القضية. تماهت أولا مع الإنكار الرسمي، وحمّلت المسؤولية لإيران وقطر والإخوان، ولما بدأت السعودية الاعتراف بوقوع الجريمة، بذل الإعلام ذاته جهدا كبيرا لمحاولة إقناع الرأي العام برواية شكّك فيها الكثيرون، في وقت استغل فيه الإعلام القطري القضية لـ"تصفية" حسابات بلاده مع الرياض. (في الصورة وليد إبراهيم مالك مجموعة إم بي سي).
صورة من: picture-alliance/abaca/Balkis Press
عبد الرحمن السديس
يعرف المسلمون خطيب المسجد الحرام في مكة بصوته المنتشر في أشرطة قراءة القرآن، لكنهم فوجؤوا به يقرأ خطباً سياسيةً تدافع عن ولي العهد بشكل غير مسبوق. وجد السديس تفسيراً لقضية خاشقجي بالقول إن هناك محاولة لاستفزاز مشاعر مليون مسلم، لكن ليس السديس لوحده في هذا السياق، فالمؤسسة الدينية السعودية برمتها تدافع عن سياسات القصر، وعبّرت على الدوام عن مواقف لصالح حكام البلاد.
صورة من: picture-alliance/AP Images/M. Elshamy
دونالد ترامب
فضائح كثيرة حاصرت الرئيس الأمريكي واستطاع الإفلات منها، لكن مطرقة خاشقجي تدق في رأسه منذ عدة أسابيع. الضغط في الولايات المتحدة يدفع بترامب إلى تحديث تصريحاته حول القضية، ما أدى إلى تناقضه أكثر من مرة في الأجوبة. يعلم ترامب أن الانصياع للضغوط قد يكلفه خسارة علاقته مع ابن سلمان، ومن ثمة خسارة صفقات مالية ضخمة، لذلك يحاول إيجاد صيغة وسطية لا تضرب تحالفه مع السعوديين في مقتل.
صورة من: Reuters/K. Lamarque
جاريد كوشنر
صهر ترامب وأحد مستشاريه. يُعرف بكونه أحد أبرز أصدقاء ابن سلمان في الخارج. تقول تقارير الإعلام الأمريكي إنه يشكّل الوسيط المهم بين ابن سلمان وترامب، وإنه دافع على الدوام عن الرياض في دهاليز السياسة الأمريكية ووجد الكثيرمن الأعذار لولي العهد السعودي، لكنه يبدو أنه لم يستطع إيجاد الأعذار المناسبة في قضية خاشقجي، بل بات كوشنر، وفق تقارير إعلامية، يتهرب من التواصل المباشر مع ابن سلمان حول القضية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/E. Vucci
محمد بن زايد
راهن ولي العهد الإماراتي على محمد ابن سلمان، لأجل محاصرة الإسلام السياسي والنفوذ الإيراني ووقف تداعيات الربيع العربي، لكن مهندس السياسات الإماراتية لم يدل بمواقف في قضية خاشقجي، فهل تخلّى تماماً عن حليفه الشاب؟ عمق الشراكة بين الرجلين تجعل كل واحدٍ منهما يحتاج للآخر في مثل هذه الملفات الحساسة، لكن الزلزال الذي أحدثه مقتل خاشقجي قوي جداً ووصلت شظاياه إلى أبعد ما تخيله أصحاب العملية.
صورة من: picture-alliance/AA/B. Algaloud
عبد الفتاح السيسي
منذ صعوده إلى الرئاسة، والسيسي يمثل حليفاً استراتيجيا للسعودية، خاصة في المعركة ضد الإخوان. يراهن السيسي على المساعدات السعودية لتحسين أوضاع بلدٍ يعاني اقتصادياً، وفي المقابل لا يبخل بأيّ شكل من الدعم السياسي للرياض. لكن دفاعه عنها جاء محتشما في قضية خاشقجي. يعي السيسي أن سقوط بن سلمان سيؤثر سلباً على حكمه لمصر، لكنه لا يريد رفع النبرة في جريمة ستضيف المزيد من السواد لسيرته الحقوقية .
صورة من: picture-alliance/Xinhua/MENA
إيمانويل ماكرون
كجل زعماء الغرب، يرفع الرئيس الفرنسي شعار حقوق الإنسان في تعامله مع الشرق، لكن عندما يتعلّق الأمر بالسعودية، التي تشتري ملايين اليوروهات من أسلحة فرنسا، يجد ماكرون مبرّرات الاقتصاد والتعاون الاستراتيجي لاستمرار العلاقة. وحتى عندما تعالت الأصوات بوقف صادرات الأسلحة رداً على جريمة خاشقجي، رّد ماكرون بحدة عكست موقفه الصعب، لكنه حاول الاستدراك بالتأكيد على خطورة جريمة خاشقجي.
صورة من: Imago/Belga/E. Lalmand
تيريزا ماي
قبل أشهر، خرج عشرات المتظاهرون للضغط على رئيسة الوزراء البريطانية حتى توقف صفقات الأسلحة خلال استقبالها لابن سلمان، لكنها رفضت التفريط في تحالف لندن والرياض. تواجه ماي أياما صعبة بسبب دعوات لسحب الثقة منها، لذلك لا ترغب بإضافة صداع جديد يخصّ قضية خاشقجي، وحاولت تقديم ردٍ قوي بوصف اعتراف السعودية الأول في القضية بالفاقد للمصداقية، غير أن مثل هذه التصريحات لم تشف غليل معارضيها.
صورة من: Reuters/H. Nicholls
بنيامين نتنياهو
انتظرت القيادة الإسرائيلية لعقود موقفا معتدلا من السعودية إلى أن جاء عهد ابن سلمان الذي لم يمانع بحق إسرائيل في الوجود. لذلك تشكّل أزمته الحالية مشكلاً لدى بنيامين نتنياهو الذي لا يرغب حتماً في عزل أمير يتقاسم مع إسرائيل الكثير من الأهداف، منها "صفقة القرن" ودورها في مشروع نيوم، والوقوف في وجه المشروع الإيراني بالمنطقة، وتقزيم دور حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية المقاتلة.