تقارير: السويد تسلّم تركيا عضوًا في حزب العمال الكردستاني
٣ ديسمبر ٢٠٢٢
سلّمت السويد عضوًا في حزب العمال الكردستاني إلى تركيا بعد رفض طلب لجوئه، وسط مساع لإقناع أنقرة بالموافقة على انضمام البلد الإسكندنافي إلى الناتو. وتتهم تركيا السويد بتوفير ملاذ آمن لجماعات كردية "إرهابية".
إعلان
رحّلت السويد عضوًا في حزب العمال الكردستاني المحظور إلى تركيا في وقت تضغط أنقرة على ستوكهولم للقيام بمزيد من الخطوات مقابل انضمامها لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، حسبما ذكرت وسائل إعلام رسمية السبت (الثالث من كانون الأول/ديسمبر 2022).
وكان محمود تات، الذي كم عليه بالسجن ست سنوات وعشرة أشهر في تركيا لانتمائه للحزب المحظور، وفر إلى السويد في 2015 لكن رُفض طلبه للجوء. ووصل تات إلى إسطنبول مساء الجمعة بعد أن اعتقلته الشرطة السويدية، بحسب وكالة الاناضول للأنباء. واقتادته الشرطة التركية فور وصوله إلى مطار إسطنبول وأحالته إلى القضاء السبت، على ما ذكرت شبكة "إن تي في" الخاصة.
وفي وقت لاحق قالت وسائل إعلام رسمية تركية إن محكمة تركية قضت بسجن تات.
واتهمت تركيا السويد وفنلندا خصوصًا بتوفير ملاذ آمن لجماعات كردية محظورة تعتبرها أنقرة "إرهابية"، وعرقلت طلبهما للانضمام لعضوية الناتو رغم مذكرة تفاهم بهذا الخصوص في قمة الناتو بمدريد التي عقدت في حزيران/يونيو الماضي.
وتخلت السويد وفنلندا عن عقود من عدم الانحياز العسكري وبدأتا مساعيهما للانضمام للناتو في أيار/مايو في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا. ويتطلب قرار الانضمام للحلف إجماع دول التحالف بقيادة الولايات المتحدة، لكن فقط تركيا والمجر لم تصادقا بعد على العضوية.
وأجرى وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو محادثات ثلاثية مع نظيريه السويدي والفنلندي على هامش اجتماع للناتو في بوخارست هذا الأسبوع. وقال تشاووش أوغلو إن "التصريحات (التي تخرج من السويد) جيدة، التصميم جيد لكننا بحاجة لرؤية خطوات ملموسة". وأعلنت أنقرة أنها تتوقع من ستوكهولم اتخاذ إجراءات بشأن قضايا من بينها تسليم مجرمين وتجميد أصول "إرهابيين".
وزار رئيس الوزراء السويدي الجديد أولف كريسترسون أنقرة في وقت سابق هذا الشهر للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وسط مساع للحصول على موافقة تركيا.
وقال أردوغان خلال مؤتمر صحفي مشترك مع كريستيرسون في أنقرة إن حكومته لا تزال بحاجة إلى تهدئة مخاوف الشعب التركي وتأكيد وجود التضامن في الناتو قبل الانتخابات المقررة في العام المقبل. وأضاف أردوغان: "أعتقد أن صديقي العزيز كريستيرسون سوف يتفهم موقفي في هذه اللحظة"، مضيفًا أن تركيا لا تزال تتوقع خطوات "ملموسة" من السويد، من بينها إعادة بعض المشتبه بهم الذين تعتبرهم أنقرة "إرهابيين".
وقبل ذلك، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، الذي كان قد التقى تشاووش أوغلو وأردوغان في إسطنبول، إن البلدَين ملتزمان بالعمل مع تركيا لمعالجة مخاوف أنقرة، مضيفًا أن الوقت قد حان للترحيب بهما.
م.ع.ح/ع.ج.م (أ ف ب ، رويترز)
تركيا- الاتحاد الأوروبي.. كيف تحوّلت فكرة الانضمام إلى سراب؟
تاريخ من الشد والجذب بين تركيا والاتحاد الأوروبي. أنقرة وضعت الطلب مبكرا قبل إنشاء الاتحاد لكن كانت هناك ملفات شائكة عرقلت عملية الانضمام حتى بات الأمر مستحيلا تقريبا، على الأقل في فترة رجب طيب أردوغان.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
أول اتفاقية مع الجماعة الأوروبية
وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام 1963. وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام 1980.
صورة من: Alfred Hennig/dpa/picture alliance
جمهورية قبرص التركية تعمّق الخلاف
عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام 1983.
صورة من: Birol Bebek/AFP/Getty Images
الاتحاد يتأسس دون تركيا
تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام 1999.
صورة من: picture-alliance/dpa
عهد أردوغان
وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.
صورة من: imago/Depo Photos
شروط كوبنهاغن
وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.
صورة من: Getty Images/AFP/C. Turkel
دولة مسلمة وسط اتحاد مسيحي؟
تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سبباً غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.
صورة من: Reuters/U. Bektas
التفاوض يتعثر مجددا
بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيّر ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/T. Bozoglu
الصراع مع قادة أوروبيين يتفاقم
لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.
صورة من: Adem ALTAN and Ludovic Marin/various sources/AFP